موقع 24:
2025-11-05@14:31:32 GMT

النيجر وتحدي الطامعين في أفريقيا

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

النيجر وتحدي الطامعين في أفريقيا

الصراع على الموارد الأفريقية الهائلة، واستغلالها لغير صالح شعوبها، يمثل حالة متكررة في التاريخ الحديث، سواء إبان الفترة الاستعمارية أو ما بعدها.

أوضاع روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي قبل 23 عاماً مضت ليست هي أوضاعها الراهنة

النضال من أجل رفعة إفريقيا وضمان مواردها ليس وليد التطورات الأخيرة

حيث استقل كثير من الدول رسمياً، لكن الغالبية منها ظلت تحت تأثير الدول الاستعمارية، عبر أدوات ثقافية واقتصادية ومالية كثيرة.

الأكثر من ذلك أن استقلال بعض الدول لم يكن يعني نهاية المطاف، حيث تورطت دول كثيرة في فخ الاستقطاب بين حلفي: "وارسو" بقيادة الاتحاد السوفياتي، و"الناتو" بقيادة الولايات المتحدة، ما دفع بعضها -لا سيما جنوب الصحراء- إلى أشكال من الحروب الأهلية بين حكومات اعتُبرت امتداداً لنفوذ الدول الاستعمارية، وبين حركات مسلحة طرحت أفكاراً ثورية أقرب إلى الأطروحات الاشتراكية في صيغتيها السوفياتية أو الصينية آنذاك.. وكثير من تلك الحروب الأهلية امتد لسنوات طوال، وشهد تدخلات خارجية لا حصر لها، وأهدر موارد هائلة وقُتل في سبيلها الآلاف.

كثير من أدبيات العلاقات الدولية التي تناولت بحث تلك الحروب الأهلية الأفريقية إبان الحرب الباردة، كالحرب الأنغولية 1995– 1991، وهي المثل الصارخ، والحرب الإريترية في إثيوبيا، وغيرهما كثير، ركز على مفاهيم نظرية متباينة، من قبيل حروب بالوكالة والحروب الثورية، والجيوش الشعبية، والجيوش الثورية، وجميعها كان يدور حول فكرة مركزية، وهي تأثير الصراع بين إطارين أيديولوجيين متنافرين أشد التنافر على قمة النظام الدولي، على أوضاع البلدان المستقلة حديثاً، والتي لم تكن مؤسساتها السياسية ونخبها الفكرية قد نضجت إلى الحد الذي يسمح لها بإدارة رشيدة لدولة ناشئة ومليئة بالمشكلات والطموحات، والثمن الذي يدفعه الشعب من موارده واستقلاله، وتأثير القوى الخارجية على ديمومة الصراع، وهدر موارد كل أطراف الصراع بلا استثناء.

وفي السياق ذاته، كان لسقوط الاتحاد السوفياتي عام 1989 تأثيره الكبير في تعديل توجهات كثير من الصراعات نحو التسويات السياسية، وقبول الشراكة في الحكم، نتيجة فقدان الموارد والمساندة -لا سيما العسكرية- لأحد أطراف الصراع من قبل روسيا الجديدة، والتي استبعدت من قاموسها السياسي في تلك الفترة الدعم والمساندة لأسباب أيديولوجية، وركزت على تنمية مصالحها مع الغرب، وإثبات تخليها عن الأفكار الاشتراكية، وتبني علاقات المصالح، في الوقت ذاته الذي مارس فيه الغرب سياسة قامت على التفرد واستغلال الموارد الإفريقية، متسلحاً بانسحاب روسيا من مواقع نفوذها السوفياتية السابقة، وانكفائها على الذات.

أوضاع روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي قبل 23 عاماً مضت ليست هي أوضاعها الراهنة.. فتبنيها إستراتيجية بناء المصالح مع الغرب، في ضوء تداعيات الحرب في أوكرانيا، بات أثراً بعد عين. وحتى ما قبل الحرب الأوكرانية، فإن موسكو -سواء كان ذلك حقيقة أو مجرد افتراض في عقل صانع القرار- قد تولدت لديها أسباب مختلفة، منها أن الغرب يستهدف تقسيم البلاد على المدى المتوسط، واستنزاف مواردها ومحاصرتها على المدى القريب.. ولذا فليس هناك سوى الخروج من هذا الحصار، وبناء مراكز نفوذ في مواقع مختلفة، وعلى رأسها أفريقيا، وتوظيف كل الآليات الرسمية وغير الرسمية، والعمل على ضعضعة النفوذ الغربي في البلدان التي تتوفر فيها أسباب عدم الرضا على ذلك النفوذ.

وساعدها على ذلك أن مشاعر الغضب تجاه الرموز الغربية -كفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا- تنتشر في كثير من الدول الإفريقية، غرب القارة ووسطها، وتزدهر فيها مقولات الاستغلال الغربي والتجني على الحقوق الوطنية، وهناك قوى سياسية وغير سياسية تتبنى هذه المشاعر، وتعمل على تحويلها إلى سياسة عملية لتصحيح تلك الأوضاع.

ما يحدث في بعض البلدان الإفريقية منذ عقدين على الأقل، كتعزيز علاقاتها مع روسيا ومن قبل مع الصين، وتماديها في الابتعاد عن الغرب، هو نتيجة طبيعية لعدم توازن العلاقات بين تلك الدول الإفريقية والقوى الغربية، وإن بدرجات مختلفة.. فـ النيجر التي شهدت أحدث الانقلابات ضد النفوذ الفرنسي، توفر لفرنسا يورانيوم بقيمة 150 مليون دولار سنوياً، في حين كميته التي تقترب من 8 آلاف طن لتشغيل 56 مفاعلاً في 18 محطة نووية، تقدر قيمتها السوقية بما يقرب من 3 أضعاف الثمن المدفوع.

وحين تحدث الرئيس إبراهيم تراوري رئيس بوركينا فاسو -وهو الذي قاد الانقلاب في بلاده قبل أقل من عام- أمام الرئيس الروسي بوتين والقادة الأفارقة المشاركين في قمة روسيا- إفريقيا في بطرسبورغ نهاية يوليو (تموز) الماضي، لخص تلك الأسباب التي تدفع بلاده وبلاداً إفريقية أخرى للوقوف أمام الغرب، باعتبار ذلك سياسة المواجهة ضد الطامعين في أفريقيا، بما في ذلك الأفارقة الذين يتصرفون كدُمى وتابعين للإمبرياليين والمستعمرين، بدلاً من أن ينهضوا لمعالجة مشكلات شعوبهم، ويوفروا لهم الدواء والغذاء والحياة الكريمة.

كلمة تراوري دفعت كثيرين في بلده لاستقباله كزعيم قوي واضح الرؤية، ولديه إصرار على تحدي الذين يحاصرون بلاده، سواء كانوا أفارقة أو غيرهم.. وقد يجد محللون أن ما قاله تراوري -وهو القادم للحكم عبر انقلاب عسكري- ليس سوى خطاب شعبوي يثير مشاعر البسطاء، ويلقي بأسباب أزمة بلاده التنموية على آخرين، ويطرح نفسه كزعيم تحرري، وهو ليس كذلك.. وهنا فالمسألة ليست ما يقوله محللون من هنا أو هناك رغم وجاهته الظاهرية، بل ما يتفاعل معه الشعب.

والمؤكد أن مبدأ النضال من أجل رفعة إفريقيا، وضمان مواردها الهائلة لنهضة شعوبها، ليس وليد التطورات الأخيرة، وهناك زعماء أفارقة تاريخيون رفعوا ذلك المبدأ، ودفعوا حياتهم من أجله، ومنهم توماس سانكارا، الزعيم التاريخي لبوركينا فاسو، الذي قُتل على يد عسكريين.

والمؤكد أيضاً أن التحدي الحقيقي ليس في رفع مبدأ أو شعار ينال رضا المجتمع بفئاته المختلفة، بل في تحويله إلى سياسات تنتج ثماراً في الواقع، تحوله إلى حياة كريمة تشيع العدل والمساواة.

ولذا فإبراهيم تراوري وقادة مالي والنيجر، ومن قبل تشاد، ليس أمامهم سوى إثبات أن ما قاموا به ليس فقط لغرض تحدي الغرب والمستعمرين القدامى وحلفائهم الأفارقة، بل لنهضة شعوبهم بالعمل والإنتاج والعدل.. ولا يهم هنا أن يأتي الدعم من روسيا أو الصين أو غيرهما، بل بالسياسات الرشيدة والحوكمة وتنمية الموارد لصالح الجميع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة کثیر من

إقرأ أيضاً:

موسكو: تصرفات الغرب غير العقلانية أدت لانهيار الاتفاق النووي مع إيران

قال ممثل روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف إن انهيار الاتفاق النووي مع إيران جاء بسبب تصرفات غير عقلانية من جانب الغرب.

 

وأشار أوليانوف إلى أنه منذ مارس 2022 ارتكب المشاركون الغربيون في خطة العمل الشاملة المشتركة، بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، العديد من الأخطاء الجوهرية التي أدت في النهاية إلى طريق مسدود.

 

وأضاف أن الأوروبيين تخلوا فعليا عن مفاوضات إعادة العمل بالاتفاق النووي في ربيع عام 2022، وحذت الولايات المتحدة حذوهم بعد بضعة أشهر، مشيرا إلى أن هذا حدث في الوقت الذي كانت فيه مفاوضات إعادة العمل بالاتفاق النووي تدخل مرحلتها النهائية.

 

وشدد على أن الأوروبيين تسببوا مرارا في تصعيد التوترات حول البرنامج النووي الإيراني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 

وتابع: "القرارات التي قدموها، نظرا لتكوين عضوية مجلس الحكم، نالت أغلبية الأصوات، لكنها استفزت طهران على الفور للرد. تكرر هذا الأمر مرارا. ويمكن القول إن الموقف الغربي كان ولا يزال غير عقلاني تماما".

 

 

من ناحية أخرى، قال الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون إن التفاوض هو الخيار الوحيد المتاح أمام لبنان في ظل استمرار التوترات الإقليمية، مشددا على أن "لغة التفاوض أهم من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا".

 

وأوضح عون، في بيان للرئاسة، أن السياسة تقوم على ثلاث أدوات أساسية هي الدبلوماسية والاقتصاد والحرب، مضيفاً: لا تؤدي الحرب إلى نتيجة، فإن النهاية تكون دائما بالتفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف، بل مع عدو".

 

وأشار الرئيس اللبناني إلى أن مصلحة لبنان يجب أن تبقى فوق كل اعتبار، داعياً مختلف القوى السياسية والدينية والأمنية إلى تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الفئوية.

 

وفي حديثه عن الوضع الداخلي، أكد عون أن الحكومة الحالية تعمل على تنفيذ إصلاحات نوعية انعكست إيجابا على المؤشرات الاقتصادية، متوقعا أن يحقق الاقتصاد اللبناني نمواً بنسبة 5 بالمئة بنهاية العام الجاري.

 

كما شدد على أن "لبنان لا يمكنه محو تراكمات 40 عاما بين ليلة وضحاها"، مضيفا أن العمل جار لمعالجة ملف العلاقات مع سوريا، وأن "الأمور باتت أكثر وضوحا مع وجود نوايا جدية ومتبادلة"، مشيرا إلى قرب تشكيل لجان مشتركة للبحث في ترسيم الحدود وعودة النازحين السوريين.

 

 

 

من جهة أخرى، صرح علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، قائلًا إن المبعوث الأمريكي توم باراك أدرك صعوبة نزع سلاح حزب الله في لبنان، الأمر الذي دفعه لإطلاق تهديدات صريحة.

 

وأوضح لاريجاني أن باراك تحدث بشكل استفزازي وصريح قائلا: "إما أن تلتزموا بما نطلبه أو ستواجهون الهجوم من إسرائيل".

 

وأضاف أن الولايات المتحدة سبق وأن منحت لبنان مهلة 60 يوما لتطبيق مجموعة من المطالب، من بينها نزع سلاح حزب الله، لكنه أدرك صعوبة فرض هذه الشروط، الأمر الذي دفعه لإطلاق تهديدات صريحة. 

 

وقال لاريجاني: "السيد باراك، الذي يتحدث بسهولة ويفصل نواياه، قال عند وصوله لأول مرة إن أمامكم 60 يوما، وعليكم نزع سلاح لبنان وما إلى ذلك، لكنه أدرك بعد ذلك أن هذا غير ممكن، فغضب وشتم عدة مرات. كما قال مؤخرا: "إما أن تستمعوا إلى ما نقوله أو أنتم تعلمون"، أي أننا سنطالب إسرائيل بضربكم".

 

وفي آخر زيارة لتوم براك لبيروت، وصف لبنان بأنه "دولة فاشلة" تعاني من أزمات سياسية واقتصادية حادة، وأشار إلى أن الجيش اللبناني يواجه نقصا شديدا في الموارد المالية والبشرية، بينما يتمتع حزب الله بإمكانات مالية تفوق تلك المخصصة للجيش الرسمي، مما يعكس اختلالا خطيرا في التوازن داخل البلاد.

 

وخلال حديثه في منتدى حوار المنامة، شدد براك على ضرورة تحرك القيادة اللبنانية بسرعة لحصر سلاح حزب الله ودعا اللبنانيين إلى اللحاق بركب المفاوضات والحفاظ على حدودهم. كما أشار إلى أن إسرائيل مستعدة للوصول إلى اتفاق حدودي مع لبنان، لكنها قد ترد داخل الأراضي اللبنانية حسب التطورات، محذرًا من استمرار تهديد آلاف الصواريخ المنتشرة في جنوب لبنان لأمن إسرائيل.

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • النيجر تعتقل 3 صحفيين بتهمة المساس بالنظام
  • الشرق الأوسط في مرايا الغرب
  • روسيا: الغرب يعتمد الجمود في التعامل مع الملف الأوكراني
  • حقوق الإنسان بعد الطوفان.. سقوط القناع عن أقدس شعارات الغرب
  • روسيا والصين تؤكدان على مواصلة تعزيز التعاون في جميع المجالات
  • الهلال يهزم الغرافة ويواصل صدارة دوري أبطال آسيا
  • ترامب باتهامات جديدة لـ«روسيا والصين».. كيف كان الردّ؟
  • موسكو: تصرفات الغرب غير العقلانية أدت لانهيار الاتفاق النووي مع إيران
  • موسكو: الغرب أرسل إلى أوكرانيا نصف تريليون يورو منذ 2022
  • مدفيديف: الغرب أرسل 500 مليار يورو لأوكرانيا ونظام كييف سرقها