طلبة مغاربة يُطلقون عريضة لوقف التطبيع مع الاحتلال.. هل تستجيب الحكومة؟
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
من أجل إسقاط تطبيع العلاقات بين المغرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي، أطلق طلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، "عريضة وطنية"، لمُطالبة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ورؤساء الجامعات والمؤسسات، بالتّراجع الفوري عن ما وصفوه بـ"اتفاقيات التطبيع المشؤومة".
ومنذ إطلاق العريضة، التي يُعرّفها القانون المغربي، بكونها "طلبا مكتوبا يتضمّن مطالب أو مقترحات"، يوجّهه مواطنات ومواطنون إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان، لاتّخاذ ما يرونه مناسبا من إجراءات؛ تفاعل معها عدد متسارع من رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، عبر حثّ معارفهم على التوقيع عليها، من خلال إعادة نشرها في حساباتهم، أو التفاعل معها بالتعليق والمشاركة.
وجاء في مقدّمة "العريضة" الموجّهة أساسا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ورؤساء الجامعات وكافّة المؤسسات المشاركين في التطبيع: "نحن طلاب المغرب الأحرار، نوجه هذه العريضة لمن يهمهم الأمر لنعبر عن استيائنا الشديد من خطوات التطبيع المتسارعة مع الاحتلال الصهيوني داخل مجموعة من الجامعات المغربية".
"فمنذ توقيع اتفاقية التطبيع المشؤوم في دجنبر 2020، وقّعت الوزارة الوصية وبعض الجامعات و المؤسسات الجامعية مجموعة من الاتفاقيات ضدا عن إرادة كل مكونات الجامعة المغربية، الذين يرفضون التطبيع ويناضلون ضد الاختراق الصهيوني للمجالات والفضاءات الحيوية والاستراتيجية وفي مقدمتها التعليم العالي والبحث العلمي" بحسب النص الذي رافق العريضة.
هل من مستجيب؟
أكّد مطلقوا العريضة بأنّ "هذا الطوفان التطبيعي يعكس درجة الاختراق الصهيوني للجامعة المغربية، ويظهر حجم انخراط المطبعين في حملة تبييض صفحة مجرمي الحرب، ثم إن اتفاقيات الشراكة مع الكليات والجامعات الصهيونية، والتضييق على الأنشطة والفعاليات المتضامنة مع القضية الفلسطينية يعارض الإجماع الطلابي والشعبي المغربيين الداعم للقضية".
وأضافوا بأن "التطبيع" يعتبر: "مجرّد سباحة عكس التيار الطلابي المتنامي يوما بعد يوم الذي يعبر عن رفضه الانخراط في حملة تزوير الواقع والتاريخ، أو الوقوف في موقع محايد تجاه جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة"، مطالبين الوزارة الوصية وكل "الجامعات المتورّطة" بـ"إلغاء كل اتفاقيات الشراكة والتعاون مع الجامعات والمؤسسات التابعة للكيان الصهيوني".
كذلك، طالبوا بـ"رفع الحصار والتضييق المفروض على حق الطلبة المغاربة في التعبير عن دعمهم و مساندتهم لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والحياة والعيش الكريم فوق أرضه كاملة من البحر إلى النهر".
وفي حديث خاص لـ"عربي21" قال صابر إمدنين، وهو الكاتب الوطني لـ"الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، إن "العريضة أتت في سياق مجموعة من الخطوات التي قام بها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ السابع من أكتوبر، حيث نظّم في 12 جامعة، وأكثر من 40 مؤسسة، ما يزيد عن 300 نشاط نضالي احتجاجي تواصلي وعلمي داعم لطوفان الأقصى؛ بحكم أن الاتحاد يعتبر القضية الفلسطينية مركزية، وقضية وطنية، ومن أولويات اشتغاله، وكل هذه الأمور موثّقة داخل الموقع الرسمي لاتحاد طلبة المغرب".
وتابع: "في بداية التطبيع كان هناك نقاشا بكونه سيكون هادئا وفقط إرجاع للعلاقات الطبيعية، فإذا بنا نجد أنه طوفانا للتطبيع في عدد من المجالات بينها علمي وتكنولوجي وفلاحي وعسكري، هذا ما ظهر فوق السطح وما خفي كان أعظم"، مردفا بأنه "على المستوى الأكاديمي انخرطت عدد من الجامعات للأسف في التطبيع، ضدا في كافة الأصوات المناهضة له، فكان موقفهم واضحا حتى قبل من حرب الإبادة الجارية على قطاع غزة، وقبل شلالات الدماء القائمة".
وأبرز الكاتب الوطني للاتحاد، في حديثه لـ"عربي21" أنه "عوض أن يستمع النظام المغربي إلى الأصوات الشعبية التي تخرج في مسيرات شبه يومية، في احتجاجات عارمة، لتُناهض التطبيع، حيث أنه شعبيا يمكن القول إن التطبيع قد أسقط، وكذلك داخل الجامعات المغربية؛ نرى أنه بات حاليا معزولا عن نبض الشارع"، مشيرا إلى أنّ العريضة حصدت أكثر من ألف توقيع فقط خلال الساعة الأولى من نشرها.
وختم حديثه بالقول إن: "الهدف الأول هو إسقاط التطبيع، لكونه خطراً على وطننا وعلى النسيج المجتمعي، إذ إن المشروع الصهيوني هو مشروع تخريبي واستيطاني توسّعي، وأن الغرض من التطبيع هو اختراق الفضاءات الحيوية والاستراتيجية مثل التعليم العالي. ونحن من خلال العريضة، وأيضا كافة النضالات والفعاليات التي نعمل عليها، نقوم بالدفاع عن الوطن".
"الخطوات التطبيعية المشؤومة"
رصد السّاهرون على العريضة، جُملة ممّا وصفوها بـ"أبرز الاتفاقيات والشراكات والخطوات التطبيعية المشؤومة"، انطلاقا من:
_ المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء: 4 آذار/ مارس 2021، وقعت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء وكلية الإدارة في جامعة تل أبيب على اتفاق تطبيعي يهدف إلى "تعزيز التعاون الدولي بين الطرفين في مجالات البحث والعلوم".
_ جامعة محمد السادس متعددة التخصصات: آب/ غشت 2021، حيث وقعت عقد تعاون مع جامعتي القدس العبرية وجامعة بن غوريون، لتبادل الخبرات ومشاريع البحث العلمي.
_ اتفاقية شراكة بين وزارتي التعليم العالي في المغرب وكيان الاحتلال: آيار/ ماي 2022، حيث وقع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف الميراوي، اتفاقية تطبيع مع إسرائيل، هدف الاتفاق إلى توسيع التعاون بين جامعات ومراكز أبحاث البلدين وربط التواصل بين الطلبة والباحثين في المجال.
_ جامعة عبد المالك السعدي: أيلول/ شتنبر 2022، حيث وقعت جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، مذكرة تفاهم مع جامعة حيفا الإسرائيلية، تشمل التعاون في العلوم البحرية وفي ميادين الزراعة المائية المستدامة والتكنولوجيات البحرية والبحوث الإيكولوجية.
_ الجامعة الدولية بالرباط: تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، التوقيع على اتفاقية شراكة علمية بين الجامعة الدولية للرباط وجامعة بن غوريون ببئر السبع، بهدف تطوير وتكريس التعاون العلمي والأكاديمي بين الجامعتين من خلال الأنشطة الأكاديمية.
_ الجامعة الأورومتوسطية بفاس: آذار/ مارس 2023، وقعت الجامعة الأورومتوسطية في فاس، والجامعة العبرية بالقدس اتفاقية بهدف التعاون في مجال التدريب والابتكار البحثي.
_ جامعة ابن طفيل: 15 تشرين الثاني/ نونبر 2021، زيارة الضابط الصهيوني المسمى سيمون ساكيرا لجامعة ابن طفيل ولقائه بنائب رئيس الجامعة حول مشروعه المسمى “المدارس الكبرى للسلام”.
_ جامعة ابن زهر: 17 حزيران/ يونيو 2022، حيث دعي طلبة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، إلى “ندوة علمية” ليفاجأ الجميع بكونها نشاطا تحضره مؤطرة مقيمة بكيان الاحتلال بحضور ممثل سفارة الاحتلال داخل المغرب
_ معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة: 10 كانون الأول/ دجنبر 2022، حفل انطلاق المشاريع المهيكلة لمركب البستنة بمشاركة وفد صهيوني مكثف.
_ المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث: شباط/ فبراير إلى 07 مارس 2023، أعمال تنقيب عن حفريات أثرية بالمعبد اليهودي "تكاديرت" بمشاركة باحثين من جامعات إسرائيلية.
_ جامعة الأخوين: 10 تموز/ يوليوز 2024، زيارة طلاب من جامعة الأخوين الكيان الصهيوني ضمن ما يسمى جمعية شراكة، بالتزامن مع استمرار الإبادة الجامعية في قطاع غزة.
ولم يتوقف الأمر عند إبرام اتفاقيات التطبيع بل وصل إلى منع مجموعة من الأنشطة الطلابية الداعمة للقضية الفلسطينية أبرزها:
_ جامعة ابن طفيل: 12 نيسان/ أبريل 2022، حيث منع تنظيم النسخة الخامسة من ملتقى القدس، وتوقيف الدراسة وإغلاق جميع مؤسسات الجامعة طيلة أيام الملتقى، وقمع واعتقال العشرات من المشاركين.
_ جامعة عبد المالك السعدي: 20 آذار/ مارس 2024، حيث منع تنظيم النسخة السادسة من ملتقى القدس، وتوقيف الدراسة وإغلاق جميع مرافق مؤسسات الجامعة أيام 20 و21 و22 و23 آذار/ مارس 2024.
_ جامعة محمد السادس ببنجرير: 12 تموز/ يوليوز 2024، إلغاء حفل التخرج الذي اعتزم طلبة كلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية من خلاله تجسيد أشكال تعبيرية رمزية تضامنية مع القضية الفلسطينية، كارتداء كوفيات وشارات والتضامن مع غزة من خلال خطابات التخرج.
_ جامعة محمد الخامس بالرباط: 12 تموز/ يوليوز 2024، إلغاء حفل التخرج الذي اعتزم طلبة شعبة اللغة العربية من خلاله تجسيد أشكال تعبيرية رمزية تضامنية مع القضية الفلسطينية.
_ المدرسة العليا للتكنولوجيا الدار البيضاء: 13 تموز/ يوليوز 2024، حيث رفض عميد كلية العلوم بنمسيك بالدار البيضاء، توشيح طالبة متفوقة في المدرسة العليا للتكنولوجيا، بسبب ارتدائها للكوفية الفلسطينية.
تجدر الإشارة إلى أنّ طلبة المغرب، لا يزالون مستمرّين في محاولاتهم بالضغط على النظام من أجل إسقاط التطبيع؛ وقبل العريضة، كان ما يقارب 1300 طالب وطالبة وخرّيج وخرّيجة من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، قد وجّهوا، رسالة، إلى الإدارة، للمطالبة بقطع العلاقات مع الشركاء الإسرائيليين.
إلى ذلك، تتصاعد الأصوات المغربية، الغاضبة، من كافة الفئات المجتمعية، منذ انطلاق عدوان الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة المحاصر، للمطالبة بـ"إسقاط التطبيع" ووقع "حرب الإبادة على غزة"، وذلك عبر جُملة مبادرات، وكذلك احتجاجات عارمة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المغرب الفلسطينية غزة الطلبة المغاربة قطاع غزة المغرب فلسطين غزة قطاع غزة الطلبة المغاربة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التعلیم العالی والبحث العلمی القضیة الفلسطینیة طلبة المغرب جامعة محمد یولیوز 2024 مجموعة من جامعة ابن قطاع غزة من خلال
إقرأ أيضاً:
جامعة فرنسية تلغي تسجيل طالبة فلسطينية بسبب منشورات.. ووزراء يتدخلون
أعلنت جامعة العلوم السياسية في مدينة ليل شمال فرنسا، الأربعاء، عن إلغاء تسجيل طالبة من قطاع غزة، على خلفية منشورات قيل إنها "معادية للسامية" نشرتها على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، في قرار أثار تدخلات رسمية من عدة وزارات فرنسية وسط تصاعد الجدل حول الحريات الأكاديمية ومعايير الاستضافة للطلبة الدوليين.
ورغم أن الجامعة لم تكشف عن هوية الطالبة ولا طبيعة المنشورات التي استندت إليها، فقد أكدت في بيان نشرته عبر منصة "إكس" أن "المحتوى الذي نُشر يتعارض بشكل مباشر مع قيم المؤسسة".
وأضافت: "تحارب جامعة العلوم السياسية في ليل جميع أشكال العنصرية ومعاداة السامية والتمييز، وترفض أي دعوات للكراهية ضد أي فئة سكانية".
وبحسب البيان، فقد تم اتخاذ القرار "بعد التشاور مع عدة جهات حكومية، من بينها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي"، التي سارع وزيرها فيليب بابتيست إلى وصف تصريحات الطالبة بـ"المتطرفة"، قائلاً: "لا ينبغي أن تستقبل فرنسا طلاباً دوليين يبررون الإرهاب أو الجرائم ضد الإنسانية أو معاداة السامية، سواء أتوا من غزة أو من أي مكان آخر".
Un reportage diffusé sur RMC le 28 juillet dernier a évoqué l’accueil à Sciences Po Lille, à partir de septembre prochain, d’une étudiante internationale originaire de Gaza. — Sciences Po Lille (@ScPoLille) July 30, 2025
تحقيق داخلي وتدخلات أمنية
وفي تطور لافت، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أن عملية التدقيق في منشورات الطالبة "لم تعمل كما ينبغي"، وطالب بفتح تحقيق داخلي في الجامعة لضمان عدم تكرار ما وصفه بـ"الخلل".
من جانبه، صعّد وزير الداخلية برونو ريتايو الموقف، بإعلانه أنه وجّه طلباً لإغلاق حساب الطالبة على منصات التواصل، كما أمر محافظ منطقة الشمال بإحالة القضية إلى القضاء. وأكد المحافظ لاحقاً أنه رفع الملف إلى المدعي العام في محكمة ليل، واصفاً تعليقات الطالبة بأنها "لا تُحتمل".
Présente sur notre territoire, en raison d’une procédure d’entrée pour laquelle notre ministère n’est pas compétent, une étudiante palestinienne a tenu des propos inacceptables et inquiétants.
J’ai immédiatement demandé de faire fermer ce compte haineux, et donné instruction au… https://t.co/uONrjoEekl — Bruno Retailleau (@BrunoRetailleau) July 30, 2025
وأوضحت تقارير إعلامية أن الطالبة كانت قد وصلت إلى فرنسا في إطار مسار دبلوماسي، بناءً على توصية من القنصلية الفرنسية العامة في القدس، وتم إيواؤها مؤقتًا في سكن مدير المعهد بانتظار تخصيص مسكن جامعي لها.
يأتي هذا القرار في سياق حملة أوسع تستهدف أصواتًا أكاديمية وثقافية ناقدة للسياسات الإسرائيلية في فرنسا. ففي وقت سابق، تعرضت ندوة طلابية في "المدرسة العليا للأساتذة" إلى حملة تشهير واسعة النطاق على خلفية استضافتها مؤلفي كتابين بعنوان "ضد معاداة السامية واستغلالاتها" و"اللا صهيونية: تاريخ يهودي". وقد دفعت الحملة إدارة المدرسة إلى تأجيل الجلسة التالية لأجل غير مسمى.
كما أُلغي مؤتمر كان من المقرر أن يُلقيه مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، باسكال بونيفاس، في جامعة فيلتانوز بضواحي باريس، بقرار من رئيس الجامعة "لأسباب أمنية"، بعد ضغوط شديدة من جهات مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي.
ويُعرف بونيفاس بانتقاداته للصهيونية، وقد واجه مراراً اتهامات بمعاداة السامية رغم تأكيده على التمييز بين اليهودية كدين، والصهيونية كأيديولوجيا سياسية.
يثير هذا الحراك الرسمي والجامعي المتسارع تساؤلات جدية في الأوساط الحقوقية والأكاديمية حول حدود حرية التعبير في فرنسا، لا سيما حين يتعلق الأمر بطلاب أو أكاديميين ينتقدون سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
وتشير منظمات حقوقية إلى تزايد استخدام تهمة "معاداة السامية" لتكميم الأفواه، ووصم الأصوات الداعمة لفلسطين، في وقت تتزايد فيه الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، وسط تواطؤ رسمي غربي وصمت دولي.