(1)
حلمت البارحة، بين الضَّغث والوسن والكابوس والجاثوم، بكل الذين أحبهم.
آه، كم أنا حزين ونادم لذلك؛ إذ من الواضح للغاية أن نومهم كان سيئاً أيضاً.
(2)
اخترعَ الغرقى البحر، والشُّعراء ابتدعوا الحكاية.
(3)
لم يعُد الميلاد قادراً على مَضْغِك مثل قيثارة على بطن الأم، ولا الصَّلوات على غفرانك كما في دروس الخوف.
(4)
جاء الحُبُّ اعتذاراً متأخراً جداً بعد سنوات طويلة من وقوع القلب بين كَلِمَةٍ ووجه.
ليت لو كان لاعتذار الحُبِّ حَرْفٌ وقَسَمَة.
(5)
أتوسَّد ذراعك في البرزخ، فقط (أقطن في برزخٍ آخر).
(6)
تبقَّت لنا موجة أخرى (ينبغي عدم الذهاب إليها).
(7)
شقائي هو اللغة. واللغة أسوأ من مجرَّد امتيازٍ طفيف أمام أناس لا يزالون يموتون قصفاً، وجوعاً، وخيانة.
(8)
الموت لا يُسعِف أحداً (مهمَّته الكفالة، أحياناً فقط).
(9)
ليت خلف هذه النَّافذة نافذة (ليت خلف النافذة خيولٌ وقصائد).
(10)
شيء مفزع أن كل هذه التفاهة تتأسس وتتمأسس من دون أن نكون قادرين على فعل شيء إزاء ذلك.
وما هو مفزع أكثر أن الآخرين يقولون الشيء ذاته.
(11)
لا تعتقدي أني الأندلس في الليل (عباءتك ظرف زمان).
(12)
هَلِلويا: لقد وَصَلَ كل ذلك السَّراب الذي كنا ننشد به المسيح.
(13)
أسعى إليك مُبَرَّرَاً من الخطايا، وحيداً من الذِّكريات، منبوذاً من الطُّرقات، معزولاً من الآثام، بريئاً من الحليب، مغسولاً من الدَّنس والأرجاس والبَرَد، غائباً في القمصان، متبرِّما من الأوسمة، مُنَزَّهاً عن المطارات، كي لا أقول لك أي شيء.
أستطيع، مع كل ذلك، أن أقول لك نظرتي الأخيرة.
(14)
ألتَمِسُ لكِ الخطيئة.
(15)
أنتِ الشَّكوى، والماء في آخر الرُّكبَة.
(16)
مِثْلَ منقار تبلِّله الرَّغبات، والزَّغب، والهجرات، مَثَلُ ذلك.
(17)
النَّاس أسوياء في هذا المساء، وما من أحد يساوي شيئاً، والليل طويل.
(18)
القبرُ حقٌّ ينبغي انتزاعه ولو بالأظافر والأضراس، وليس مِنَّة أو هِبَة من أحد (صار عليَّ القلق الوجيه حتَّى حول ذلك).
(19)
أحدِّثكِ في مرآة (وجهكِ يطفو كثيراً على العالم حين نلتقي).
(20)
بسرعة، بسرعة أكبر أيها الموت (لم يعد مقنعاً أن تسرع نحونا وتبطىء إليهم).
(21)
الهيولى أنتِ، وقد استنطقتها.
(22)
الأمُّ معطفٌ تالف. الأب يحكي ولا يحسن الحياكة.
(23)
كم هو وافرٌ وغزيرٌ ذلك الأب (يزيد عن نسله، يفيض من أمِّه، يتضاءل في أحفاده، ويذهب إلى الحقل لوحده).
(24)
الحياة فائض غير ضروري للكآبة (ينبغي إعادة النَّظر في هذه العبارة لأجل أن تكون دقيقة أكثر).
(25)
لا تخاطبهم. خير لك أن تبقى في الإشارة والعلامة.
(26)
كنتُ قد تنكَّرتُ في العرس، وكان أن تنكَّر لي الياسمين، وأتذكَّر الباقي.
(27)
لا تذهب إلى تلك الجزيرة النائية في أعلى الأرخبيل. ليس هناك من سائح وحيداً، ولا قمر حزيناً، ولا سُفُنٍ مُحطَّمةٍ على ضلوعك.
ابتدعَ جلجامش نبتةً وجزيرة أخرى.
(28)
لا أخاف الموت، أخشى السَّقف.
(29)
لا أحد يستطيع فهم عذاب الطِّفل في الموت (الشُّعراء والرِّوائيون يأتون لاحقاً فقط، وبعد فوات التَّعبير).
(30)
منذ اللحظة الأولى أدركتُ أني لا أستطيع محبَّة تلك المرأة، ولا تبرير هذا المطر.
(31)
لم أكن أستنجد. كنت أحاول لفت الانتباه إلى الضحيَّة القادمة، فحسب.
(32)
كم هي سعيدة تلك البلاد: لا تصلح للحُبِّ، ولا للموت.
(33)
حُرٌّ أنا (كنتُ حُرَّاً في المرة الفائتة أيضاً).
(34)
حتَّى هذا (أيضاً) سوف يقتلنا.
(35)
لأنك الفجيعة
لأنني هناك
لأن الريح على السرير
لأن الفؤاد على الريح
لم أكن أريد أن أتذكرك
لأن نهديك هما أكثر الأرانب والقطط حناناً على الأرض
تذكرتك
(36)
رئتي في كل ضلوع هذه السفينة الغارقة.
(37)
المتبقي هو الكامل.
(38)
أنا أرنب جَفُولٌ ومذعور بالسَّليقة (ولا أريد أن أكون أسداً، ولا أرغب في أن أكون الحقيقة).
(39)
الخطوة جبل. الجبل صاعقة. الطريق ينبغي أن يكفَّ عن كونه طويلاً. الحياة قصيرة. الموت سحابة من هناك.
(40)
اشبكي أصابع يدك اليمنى بأصابع يدي اليسرى، ضُمِّيهما حد الطَّقطَقة الباهتة (وا أسفاه، صار الجسر قريباً).
(41)
العزلة ولادة (اختياريَّة، هذه المرَّة).
(42)
كُن مُهَذَّباً حين تتوسَّط الشمس كبد الليل.
(43)
أما الآن، فَمن ينتظرُ مَن: أبو الطِّيب المتنبي، أم سيف الدَّولة الحمداني، أم كافور الإخشيدي، أم قصيدة النَّثر؟
(44)
في التحقيقات (خاصة التي تبدأ عند منتصف الليل، والتي يتناوب فيها اثنان من الدَّهاقنة البُدناء الذين يعرفون كل شيء عن العالم): لا تنظر إليه في العينين مباشرة. دَعْهُ يبحث عن بصره (وإلا لماذا يُخالِجُ النَّافذة المغلقة بنظرة صارمة كلما أخفقَ في الحصول على جوابٍ يُرضي معطياته ومعلوماته)؟
كأنَّ المسكين يتعقبُّ حريَّته، وكان المسكين يبحث عن حُرِّيَّته.
(45)
أحببتكِ أكثر حين تركتِني إلى النَّجمة.
(46)
أمضي (إلى هناك) وأُبالي (هنا وهناك).
(47)
ملائكة النِّسيان تهبط ولا تروح.
(48)
لن يكذبوا مرَّة أخرى (ولهذا سيَكرهونك من جديد، وبصورة أكبر في هذه المرَّة).
(49)
يقول لي: أنت الشخص الوحيد في العالم الذي ليست لديه أيَّة أسرار.
أقول له: كأنَّ الليل عرفني، أخيراً.
(50)
ألف درب، وخطوة ونصف (وليس كما قال لينين: «خطوتان إلى الأمام، خطوة إلى الخلف»).
(51)
يا ثيودور أدورنو (وكل الألمان الذين نحبُّ): كتابة الشِّعر بعد غزَّة بربريَّة.
(52)
لكل شيء نهاية. كلا، كل شيء نهاية.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کل شیء
إقرأ أيضاً:
هل يقبل قيام الليل قبل الفجر بـ 5 دقائق؟
هل يقبل صلاة قيام الليل قبل الفجر بدقائق؟ سؤال أجاب عنه الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بالبث المباشر المذاع على صفحة دار الإفتاء عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
وأجاب "ممدوح"، قائلًا إن من صلى قيام الليل قبل الفجر بوقت قصير فهذا يعتبر من قيام الليل، مادام وقت الفجر لم يدخل.
وأضاف أن صلاة قيام الليل تكون فى الثلث الأخير من الليل، ومن صلى قيام الليل قبل الفجر فلا حرج لأن الليل يكون مستمر بذلك حتى وقت دخول الفجر، والعبرة ليست بالأذان ولكن بدخول وقت الفجر، فالأذان هو منبه أن وقت الفجر قد دخل.
صلاة قيام الليل قبل أذان الفجر بعشر دقائق، فعن حكمها قال الدكتور عمرو الورداني مدير إدارة التدريب أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه في حال قام الشخص بأداء صلاة قيام الليل قبل أذان الفجر بعشر دقائق، فإنه يكون بذلك قد صلى قيام الليل أي أن من صلى صلاة قيام الليل قبل أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر بعشر دقائق يُعد من قيام الليل أي صلاة قيام الليل صحيحة، وذلك لأن الليل ينتهي بخروج الفجر.
صلاة قيام الليل قبل أذان الفجر بدقائق وحكمها، قال الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من قام بأداء صلاة قيام الليل قبل الفجر بربع صلاة ساعة أو بوقت قصير فهذا يعتبر من قيام الليل طالما أن وقت الفجر لم يدخل، منوهًا بأن صلاة قيام الليل تكون فى الثلث الأخير من الليل، ومن أدى صلاة قيام الليل قبل الفجر فلا حرج عليه، لأن الليل يكون مستمر بذلك حتى وقت دخول الفجر، والعبرة ليست بالأذان ولكن بدخول وقت الفجر، فالأذان هو منبه أن وقت الفجر قد دخل.
عدد ركعات صلاة قيام الليل
عدد ركعات صلاة قيام الليل ليسَ لصلاةِ قيام الليل عددٌ مخصوصٌ من الرَّكعات؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة، فقيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين»، وعن عدد ركعات صلاة قيام الليل فالأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة؛ أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا فعل النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلِّم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة».
عدد ركعات صلاة قيام الليل ففيها قد اختلف الفُقَهاء في الأكثر من عدد ركعاتها، فقال الحَنَفيّة: أكثرُها ثماني ركعات، وقال المالكيّة: أكثرُها اثنتا عشرة ركعة، وقال الشَّافعيَة: لا حصرَ لعدد رَكَعاتها، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الصَّلاَةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِرْ».
أسرار قيام الليل
وقد علم العارفون أنَّ قيامَ الليل مدرسةُ المخلصين، ومضمارُ السابقين، وأنّ الله تعالى إنما يوزّع عطاياه، ويقسم خزائن فضله في جوف الليل، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويحرم منها الغافلون والنَّيام، وما بلغ عبدٌ الدرجات الرفيعة، ولا نوَّر الله قلبًا بحكمة، إلاّ بحظ من قيام الليل.
والسرُّ في ذلك أن العبد يمنع نفسه ملذّات الدنيا، وراحة البدن، ليتعبّد لله تعالى، فيعوضه الله تعالى خيرًا مما فقد، وذلك يشمل نعمة الدّين، وكذلك نعمة الدنيا، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وأربعة تجلب الرزق: قيام الليل، وكثرة الاستغفار بالأسحار، وتعاهد الصدقة، والذكر أول النهار وآخره".
وقال: "ولا ريب أنَّ الصلاة نفسها فيها من حفظ صحة البدن، وإذابة أخلاطه، وفضلاته، ما هو من أنفع شيء له، سوى ما فيها من حفظ صحة الإيمان، وسعادة الدنيا والآخرة، وكذلك قيام الليل من أنفع أسباب حفظ الصحة، ومن أمنع الأمور لكثير من الأمراض المزمنة، ومن أنشط شيء للبدن، والروح، والقلب".
ولهذا لا تجد أصح أجسادًا من قوَّام الليل، ولا أسعد نفوسًا، ولا أنور وجوهًا، ولا أعظم بركة في أقوالهم، وأعمالهم، وأعمارهم، وآثارهم على الناس، وقوَّام الليل أخلص الناس في أعمالهم لله تعالى، وأبعدهم عن الرياء، والتسميع، والعجب، وهم أشدّ الناس ورعًا، وأعظمهم حفظًا لألسنتهم، وأكثرهم رعاية لحقوق الله تعالى، والعباد، وأحرصهم على العمل الصالح.
ولا بد من تذكرة أخيرة، وهي أنه "صلى الله عليه وسلم" لم يترك هذه السُّنَّة قطُّ في حياته، لا في مرض، ولا في كسل، ولا في غيره، وهي سُنَّة قيام الليل، حيث روى أبوداود - وقال الألباني - صحيح: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، يَقُولُ: قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".
وكان ينصح أصحابه بالحفاظ عليه، وعدم التذبذب في أدائه، حيث روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرِو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِيّ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ».
وتتحقَّق هذه السُّنَّة بصلاة ركعتين أو أربع، أو أكثر، في أي وقت من بعد صلاة العشاء، وإلى قبل صلاة الفجر، وقد أراد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لجميع المسلمين أن يؤدوا هذه السُّنَّة، فجعل الأمر سهلًا على الجميع، فلم يشترط طول القيام، إنما نصح أن نصلي قدر الاستطاع، حيث روى أبو داود - وقال الألباني - صحيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ».