لا يمكن أن تكون قراءتنا لعملية اغتيال "إسماعيل هنية" بطهران، في أحد أوجهها منفصلة عن بقية الأوجه التي يجب أن نذكرها حتى تكتمل الصورة، ومن أجل ذلك سنجيب عن بعض التساؤلات الهامة بدءا بتأمين مقر الإقامة لشخصية بحجم وأهمية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، التي تحارب منذ ما يزيد عن 9 أشهر دولة احتلال لديها أقوى جيوش المنطقة وفي ظهرها الجيش الأمريكي وجهاز استخباراته مع غيره من أجهزة الإستخبارات الغربية والعربية ممن يخدمون الاحتلال! ولا بد من ذكر أبعاد العملية بالنسبة لـ"بنيامين نتنياهو" ومآربه من تلك العملية الخطيرة لجميع الأطراف المتداخلة في هذا الملف، مع ذكر استراتيجية المقاومة الفلسطينية في الفترة القادمة بعد إتاحة الفرصة لها لرفع سقف التنسيق مع الدولة الإيرانية -صاحب الضيافة ومكان الاغتيال- والتنسيق كذلك مع وكلائها في المنطقة، وسيندم الاحتلال الصهيوني على تلك الخطوة الحمقاء -بعد انتهاء سكرة الفرحة- لأنه بذلك قد قدم مبررات التنسيق وعلى أعلى مستوى بين المقاومة وبقية الأطراف داخل الإقليم!

جاءت عملية الاغتيال في أحد منازل كبار المحاربين القدماء التابعة للحرس الثوري الإيراني بمثابة تحد كبير لإيران ورافعا وبشكل قسري -لا خيار فيه!- لسقف رد الفعل الوجوبي لطهران، وتتمة لما بدأته الدولة الإيرانية من تغيير لقواعد الاشتباك مع الاحتلال الصهيوني، لكننا أمام ثمّت تساؤلات هامة وضرورية نحتاج الإجابة عليها حول رسائل وأبعاد العملية الخطيرة بالنسبة لجميع أطراف المعادلة.

.

جاءت عملية الاغتيال في أحد منازل كبار المحاربين القدماء التابعة للحرس الثوري الإيراني بمثابة تحد كبير لإيران ورافعا وبشكل قسري -لا خيار فيه!- لسقف رد الفعل الوجوبي لطهران، وتتمة لما بدأته الدولة الإيرانية من تغيير لقواعد الاشتباك مع الاحتلال الصهيوني
1- هل إيران بلد مستباح؟!

الحقيقة أن نجاح الصهاينة في تنفيذ عدد من عمليات الاغتيال داخل الأراضي الإيرانية، بعضها لعلماء ومسئولين نوويين والبعض الآخر قادة في الحرس الثوري وفيلق القدس بخلاف عمليات الاستهداف للمنشآت النووية الإيرانية وانتهاء باغتيال "إسماعيل هنية"، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يضع علامات الاستفهام حول مدى الاختراق الأمني الذي نجح الصهاينة في تحقيقه داخل دولة لديها حالة من التوترات الأمنية والتعبئة المستدامة؛ تجعلها في حالة من اليقظة التي لا تصح معها أي خروقات أمنية، وعلى الأقل لا يصح تكرار بعض الأخطاء حتى يتم اغتيال شخصية هامة بحجم رئيس المكتب السياسي لحماس، فالأمر يحتاج إلى وقفة!

2- هل ستُكَّفر إيران عن ذلك الاختراق الخطير الذي أدى إلى قتل "هنية"؟

ليس لديها خيار آخر! رغم كل المساعي الحثيثة التي يقودها الوزير اليهودي "بلينكن"، وإن وجوب حدوث رد فعل قاس من طهران يُكفِّر عن الكارثة التي أدت إلى نجاح استخبارات العدو الصهيوني وبمساعدة المتطرفين الإنجيليين من الإدارة الأمريكية؛ هو أقل ما يمكن فعله للتكفير عن حالة الارتخاء التي أدت إلى اختراق الأجواء الإيرانية واستباحة أراضيها واغتيال شخصية رفيعة المستوى بحجم "إسماعيل هنية"..

3- هل الإدارة الأمريكية متورطة في عملية اغتيال "هنية"؟!

لا شك في ذلك! مهما حاولت الخارجية الأمريكية ومن خلال وزيرها ذو الملامح الباردة "أنتوني بلينكن" التبرؤ من العملية أو الادعاء بأن الأمر شكّل مفاجأة لأمريكا! فالأمر كما قال أحد المسئولين الإيرانيين أن إسرائيل لا تستطيع تنفيذ مثل تلك العملية إلا بما تقدمه أمريكا لها -سرا- من معلومات استخباراتية ومساعدات لوجستية لتنفيذ المهمة على أكمل وجه، فالتنسيق الأمني والاستخباراتي بين أمريكا وإسرائيل على أعلى مستوى، كما حدث في أمر الرصيف البحري لسواحل غزة والذي جرى تدشينه بمزاعم تقديم مساعدات إنسانية لأهل القطاع، وافتضح الأمر فيما بعد حينما انكشفت نية الأمريكان في استخدام الرصيف البحري كرافعة لكسر المقاومة والوصول إلى المحطات الرئيسة للأنفاق والإمساك بالخيط الرفيع للأسرى الإسرائيليين في قبضة المقاومة، ولكنهم فشلوا.

عوامل رئيسة دفعت المجرم "بنيامين نتنياهو" لاتخاذ مثل ذلك القرار؛ بعضها يعود لدولة الاحتلال، وهي عدم وجود توازن رعب بين دولته وبين دول المنطقة، ولعودة اليد الباطشة والاستباقية لدولة الاحتلال بالنسبة لجميع القوى في المنطقة العربية. وهناك سبب رئيس لإقدام نتنياهو على اتخاذ ذلك القرار وهو المتعلق بمستقبله السياسي
4- هل جاءت الفرصة للمقاومة للقيام بأكبر عملية تنسيق في المنطقة مع إيران وأذرعها؟!

جاءت عملية اغتيال "إسماعيل هنية" بعد أقل من يومين من اغتيال القيادي البارز بحزب الله "فؤاد شكر" في الضاحية الجنوبية لبيروت، لتؤكد وجوب التنسيق العملياتي من ناحية الخطط والتسليح والعمليات الخاطفة من أجل توجيه ضربات قاسية ومؤلمة للعدو الصهيوني بكافة الطرق وباستخدام أحدث الوسائل المستخدمة في حرب العصابات وفي استنزاف العدو وحرمان قطعانه الإجرامية من العيش بأمان في فلسطين المحتلة.. أظن الفرصة قد أصبحت مواتية!..

5- ما هي مآرب بنيامين نتنياهو من إقدامه على تنفيذ تلك العملية الخطيرة؟!

ثمّة عوامل رئيسة دفعت المجرم "بنيامين نتنياهو" لاتخاذ مثل ذلك القرار؛ بعضها يعود لدولة الاحتلال، وهي عدم وجود توازن رعب بين دولته وبين دول المنطقة، ولعودة اليد الباطشة والاستباقية لدولة الاحتلال بالنسبة لجميع القوى في المنطقة العربية. وهناك سبب رئيس لإقدام نتنياهو على اتخاذ ذلك القرار وهو المتعلق بمستقبله السياسي، لإزاحة المفاوضات من طريقه بل وسحقها إلى الأبد حتى لا تمثل أي ضغوط عليه في المستقبل القريب بل والبعيد! ولخلق حالة تعبئة قوية في الداخل الإسرائيلي وصناعة بطولة متوهمة لشخصه وسكرة من السعادة للمجتمع القبلي الصهيوني وعلى رأسهم شركاء نتنياهو في الحكومة، والذين ترضيهم وتمتعهم مثل تلك الحالات من عمليات الاغتيال والتي تطال قادة بحجم رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اغتيال حماس نتنياهو الإيرانية إسماعيل هنية إيران حماس نتنياهو اغتيال إسماعيل هنية مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس المکتب السیاسی بنیامین نتنیاهو لدولة الاحتلال إسماعیل هنیة عملیة اغتیال فی المنطقة ذلک القرار

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يزعم اغتيال عنصر من حماس بغارة على جنوب سوريا

زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتيال عنصر في حركة المقاومة الإسلامية حماس، في سوريا، في غارة  على منطقة مزرعة بيت جن جنوب البلاد.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل شخص جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب سوريا،.

وأورد المرصد "قتل شخص جراء استهداف إسرائيلي من طائرة مسيرة، لسيارة كانت تقله مع آخرَين قرب مزرعة بيت جن في ريف دمشق الجنوبي الغربي، بالقرب من الحدود الإدارية مع محافظة القنيطرة" في جنوب البلاد.

وشنّت دولة الاحتلال مئات الغارات الجوية على سوريا عقب إطاحة فصائل معارضة بالرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، مؤكدة أن هدفها الحؤول دون وقوع ترسانة الجيش السابق في أيدي السلطات الجديدة. كما توغل جيشها بريا في المنطقة العازلة في هضبة الجولان المحتلة.



ونفذت بين الحين والآخر غارات طالت من وصفتهم بأنه "عناصر في فصائل فلسطينية تنشط في سوريا".

من جانبها، تعتبر دمشق أن تواصل الغارات يهدف الى "تقويض تقدم سوريا واستقرارها"، مجددة التأكيد أن "سوريا لم ولن تشكل تهديدا لأي طرف في المنطقة".

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يزعم اغتيال عنصر من حماس بغارة على جنوب سوريا
  • فيديو.. إسرائيل تكشف تفاصيل عملية اغتيال محمد السنوار
  • الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يوااصل تنفيذ سياسة تدمير ممنهجة في كافة القطاع
  • “حماس”: المقاومة تدير حرب استنزاف و”نتنياهو” يبحث عن وهم النصر المطلق
  • جريمة اغتيال جبانة.. حماس تنعى أسعد أبو شريعة الأمين العام لحركة المجاهدين
  • أخبار العالم | المقاومة الفلسطينية تعلن عن عملية نوعية ضد الاحتلال في غزة.. وألمانيا تكشف تفاصيل جديدة عن عملية «شبكة العنكبوت» الأوكرانية ضد روسيا.. وولي العهد السعودي يعلن نجاح موسم الحج
  • عمليات نوعية لمجاهدي المقاومة في غزة والضفة تؤلم جيش العدو الصهيوني
  • قيادة لجان المقاومة في فلسطين: اغتيال “أبو شريعة” يزيدنا إصراراً على مواصلة الجهاد
  •  الاستخبارات الإيرانية تحصل على وثائق استراتيجية خاصة بالكيان الصهيوني
  • “كمين العيـد”.. عملية نوعية للمقاومة تحصد جنود نخبة من جيش الاحتلال