تقرير أمريكي يسلط الضوء على النفاق الحوثي ودعايته المضللة
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
وصف تقرير أمريكي حرب الولايات المتحدة على المليشيا الحوثية بالحرب الخاطئة، واضعا العديد من الأسئلة حول أسباب عدم قصف الحوثيين حتى يخضعوا ويوقفوا هجماتهم ضد الملاحة الدولية.
التقرير الذي نشرته مجلة "فورين أفيرز" الجمعة 2 أغسطس الجاري، تطرقت فيه الكاتبة ألكسندرا ستارك إلى طبيعة الدعم الإيراني للمليشيا الحوثية في تنفيذ هذه الهجمات وكيف تنظر القيادة الحوثية إلى معادلة المعركة وتستغل القضية الفلسطينية ومواجهتها العسكرية لإسرائيل والغرب في صنع حرب دعائية على نطاق واسع.
وتقول الكاتبة إن القصف وحده لن ينجح في إخضاع المليشيا الحوثية ما دامت إيران تزودها بالسلاح والخبراء لتصنيعه محليا، وأن تدمير القدرات العسكرية للحوثيين يجب أن ترافقه حملات لمواجهة الحرب الدعائية التي تشنها وسائل إعلامهم لتصوير أنفسهم كأبطال للقضية الفلسطينية والوقوف في وجه إسرائيل وأمريكا وبريطانيا.
وإزاء الضربات التي تشنها القوات الأمريكية والبريطانية على مواقع الحوثيين تحت مظلة تحالف الازدهار، تقول ألكسندرا ستارك إن الحوثيين في الواقع يعتقدون على الأرجح أنهم يربحون هذه الحرب، مضيفة: "ليس بالضرورة الحرب على الأرض، بل حرب المعلومات". وفي تأكيد على حجم انكشاف الخطاب الإعلامي المضلل للمليشيا الحوثية على المستوى الإقليمي والدولي، تشير الكاتبة إلى اعتقاد الحوثيين بأن القتال ضد الولايات المتحدة وإسرائيل يشكل جزءاً أساسياً من الطريقة التي يعرّفون بها أنفسهم لكي يتطابقوا مع شعارهم "الموت لإسرائيل، الموت لأميركا!". كما توضح أنهم نجحوا فقط في استخدام العنف لتصوير أنفسهم باعتبارهم المدافعين عن الفلسطينيين، وإظهار أهميتهم كعضو رئيسي في "محور المقاومة" الإيراني، بغض النظر عن خسائرهم جراء توسيع نطاق حربهم ضد إسرائيل وأمريكا، حيث ينظرون إلى هذه الحرب باعتبارها مبادرة للعلاقات العامة، وأنها تستحق كل الدماء والأموال المهدرة فيها.
وحول عدم إخضاع المليشيا الحوثية بالقصف العسكري، ترى الكاتبة أن المشكلة بالنسبة للولايات المتحدة هي أنها ركزت كثيرًا على الأبعاد العسكرية للصراع، مشيرة إلى أن الحوثيين كانوا قبل 7 أكتوبر، يكافحون من أجل تعزيز سلطتهم على الأراضي التي يسيطرون عليها وصرف الانتباه عن سجلهم السيئ في الحكم. وقد وجدوا في الانخراط في الحرب ضد إسرائيل ومهاجمة الشحن التجاري في البحر الأحمر فرصة لإنقاذ أنفسهم ومحاولة اكتساب شرعية محلية وإقليمية، رغم أن استمرار انخراطهم في هذه الحرب وإهمال مشاكل الداخل بدأ يثير الكثير من غضب اليمنيين.
كما أوضحت الكاتبة أن استمرار الحوثيين في الانخراط في الحرب ضد إسرائيل وأمريكا وضع خصومهم المحليين- التحالف المناهض للحوثيين في اليمن- في موقف دفاعي، حيث يبذل قصارى جهده لإدانة تصرفات الحوثيين في حين يواصل ترديد الدعم الخطابي الذي يقدمه الحوثيون للفلسطينيين.
وحذرت الكاتبة من أن التباهي الحوثي بأن حربهم ضد إسرائيل أدى إلى زيادة المقاتلين في صفوفهم بأكثر من 100 ألف جندي، حيث أن هذا العدد لا يخلو من أطفال اعتادت المليشيا على تجنيدهم بالتغرير واستخدامهم كدروع بشرية.
من ناحية أخرى تقول الكاتبة إن الحوثيين يعتقدون أن شعبيتهم ترتفع في ظل استمرار هجماتهم تحت شعار دعم فلسطين ومحاربة إسرائيل، في الوقت الذي يراهنون فيه على ارتفاع تكاليف المواجهة العسكرية بالنسبة لأمريكا وإسرائيل وبريطانيا. وتضيف: "في الواقع، تبنى الحوثيون فكرة أنهم "تحت الهجوم" من الولايات المتحدة وأنهم يواجهون الإمبريالية، وهي رسالة مجربة وحقيقية يتم نشرها، في كثير من الأحيان بفعالية كبيرة، من قبل الأنظمة الاستبدادية القمعية، ساخرة من قول زعيمهم بإصرار على أنه "شرف عظيم ونعمة أن نواجه أميركا بشكل مباشر".
وتتابع: "لكي نكون واضحين، لا يحتاج المرء إلى التعاطف مع أهداف الحوثيين لفهم ما تحاول الجماعة تحقيقه بحملتها الإعلامية. إن حكم الحوثيين عنيف وقمعي، وليس لديهم أي ادعاء مشروع بتمثيل الشعب اليمني. والواقع أن هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر تجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للشعب اليمني، الذي يعاني بالفعل من التداعيات الإنسانية لحرب مدمرة عصفت بالبلاد لعقد من الزمان. ولكن فهم ما يحاول الحوثيون تحقيقه -ولماذا يعتقدون أنهم منتصرون- يمكن أن يساعد الولايات المتحدة في تطوير سياسة فعالة لمواجهتهم".
وفي حين تعتقد الكاتبة أن تصعيد الولايات المتحدة لحربها العسكرية ضد الحوثيين قد يؤدي إلى خسائر مدنية كبيرة، فهي تدعو إلى أن أفضل فرصة للولايات المتحدة لردع هجمات الحوثيين هي إيجاد طرق لإدارة حملة إعلامية خاصة بها لمواجهة رسائل الحوثيين.
وتوضح أنه طالما يعتقد الحوثيون أنهم يفوزون في حرب المعلومات، فمن المرجح أن يستمروا في هجماتهم. ولذلك فإن تحييد الدعاية الحوثية هو أفضل طريقة لردع هجمات الجماعة، وترى أن الطريقة الأكثر مباشرة لإبطال مفعول خطابهم التعبوي، هي التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام في غزة. وتتابع: "بمجرد أن يتم تطبيق وقف إطلاق النار، فإن ذلك من شأنه أن يقلل إلى حد كبير من قوة رسائلهم من خلال القضاء على مصدر ضخم من مصادر التظلم والقلق الشعبي".
كما تعتقد ألكسندرا ستارك أن أنواعا أخرى من الرسائل المضادة للدعاية الحوثية يمكن أن تنجح في إضعاف الجماعة. وتضرب مثالا بما فعله قائد حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور، كريس هيل، خلال نشر حاملة الطائرات لمدة تسعة أشهر في البحر الأحمر، حيث أطلق هيل مبادرة على وسائل التواصل الاجتماعي كانت رسائلها متفائلة وتسلط الضوء على الرجال والنساء الذين يخدمون على متن سفينته وإضفاء الطابع الإنساني على طاقمه. ترى ستارك أن هذا الأسلوب أثبت فعاليته بشكل خاص في مكافحة التضليل الحوثي، خاصة عندما نشر الحوثيون مزاعم كاذبة بأنهم أغرقوا حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور على وسائل التواصل الاجتماعي، وتضخمت هذه المزاعم من خلال حسابات موالية لروسيا والصين.
وتعلق ستارك على ذلك بالقول: من خلال العمل ببساطة كصوت موثوق يصور الحياة اليومية على متن أيزنهاور، أثبت هيل أن السفينة كانت على ما يرام. ورغم أن رسائله لا شك أنها موجهة إلى الجمهور الأميركي، إلا أنها لا تزال تنتشر في نفس بيئة وسائل التواصل الاجتماعي التي تنتشر فيها الكثير من الدعاية الحوثية. ومن خلال دحض الرسائل التي يرسلها الحوثيون ومناصروهم، يمكن لمثل هذه المنشورات أن تلعب دوراً مهماً في مكافحة التضليل.
وتؤكد على أن الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون فعّالة أيضاً في إظهار الضرر الذي تسببه هجمات الحوثيين، وتسليط الضوء على نمط القمع والنفاق الحوثي، وإظهار أن الجماعة لا تساعد الناس بل تؤذيهم. مقترحة أن تشمل الرسائل الأميركية أيضاً كيف اعتقل الحوثيون موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في يونيو الماضي، وكيف جعلوا بهذه العملية الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للعديد من الأسر اليمنية التي تعتمد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
كما تؤكد على أن تبادل المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي حول الضرر الذي يلحقه الحوثيون باليمنيين العاديين من شأنه أن يساعد في إظهار نفاق الجماعة، بما في ذلك الأثر البيئي والاقتصادي لقصف وإغراق السفن في المياه البحرية اليمنية. وأيضا يمكن أن تؤدي حملة المعلومات المضادة للحوثيين إلى تقليل الفوائد التي يعتقدون أنهم يحصلون عليها بشكل كبير، وجعل الأمر أقل جدوى بالنسبة لهم.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی الولایات المتحدة ضد إسرائیل یمکن أن من خلال
إقرأ أيضاً:
طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحرب
"يبدو الأمر كما لو أن زلزالا دمّر مدينة غزة، هناك الكثير من الأنقاض التي تملأ الشوارع بحيث يصعب المشي، من المستحيل أن تمر سيارة بسهولة"، بهذه الكلمات لخص جراح العيون محمد مسلّم لصحيفة لوموند الفرنسية الأوضاع في غزة بعد انتهاء الحرب التي استمرت لعامين كاملين.
وقالت لوموند إن الدكتور مسلّم (40 عاما) كان في حالة من الذهول عند دخوله غزة، وهي صدمة عاشها كل من دخل المدينة من جيرانه وأصدقائه، كما أكد للصحيفة في حوار عبر الهاتف.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الدويري يحذر العائدين لشمال غزة من مخلفات جيش الاحتلالlist 2 of 2نصف مليون يعودون إلى غزة وأرقام صادمة عن الدمار الهائلend of listوأضاف الطبيب "حيثما وليت وجهك ترى أنقاضا في كل مكان".
وتابعت أن الدكتور مسلّم اضطر الشهر الماضي لمغادرة منزله بغزة رفقة زوجته وأطفاله الـ3 بسبب القصف الإسرائيلي الذي لم ينقطع، ولجأت الأسرة إلى منطقة قريبة، لكن شدة القصف دفعتهم إلى المغادرة "بقلوب مكسورة، وشعور بأننا لن نرى مدينتنا مرة أخرى".
وانتهى به الأمر باستئجار شقة باهظة الثمن في دير البلح، في وسط القطاع، مع عائلته وبينهم والداه المسنّان اللذان يحتاجان إلى رعاية طبية.
عاد الدكتور مسلّم -تتابع لوموند- إلى غزة مشيا على الأقدام مع آلاف النازحين بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار، ليفاجأ بالوضع الكارثي للمدينة، وتساءل في حديثه للصحيفة "كيف سنقوم بالإصلاح في غياب الأسمنت؟ في أي ظروف سنعيش في ديارنا؟ أين سيعود أولئك الذين لم يعد لديهم منازل؟".
وندد مسلّم بسياسة العقاب الجماعي والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة خلال عامين من الحرب التي شنتها إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 67 ألف شخص، بحسب ما صرح به للوموند.
لم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا.
وتساءل "ماذا فعل سكان غزة ليُعرضوا للتشريد والدمار والقصف على هذا النطاق؟".
من بين القتلى، يفكر محمد مسلّم في الطاقم الطبي الذي قُتل في الغارات الإسرائيلية، كما لا تغيب عن باله صور الجرحى في غزة الذين عالجهم.
إعلانوصرح للوموند قائلا "في أحاديثنا بين الأصدقاء، نقول غالبا إن معركة جديدة تنتظرنا بعد انتهاء هذه الحرب، هذه المعركة هي التي يجب خوضها للتغلب على المعاناة الهائلة التي عانيناها، وعلى الحزن على أحبائنا الذين قُتلوا، ولإعادة بناء غزة، وللحصول على حقوقنا مثل عدم العيش تحت الحصار، ولإعادة حياتنا إلى مسارها الطبيعي".
استهداف الأطر الطبيةوإلى حدود أغسطس/آب الماضي ذكرت الإحصائيات الفلسطينية أن ثلثي المستشفيات باتا خارج الخدمة، وتقلصت أجهزة التشخيص والعمليات بشكل كبير، في حين اختفت الأدوية الضرورية من رفوف الصيدليات، تاركة أكثر من 300 ألف من ذوي الأمراض المزمنة في مواجهة مباشرة مع الجوع والمرض.
وأضافت وزارة الصحة في غزة وقتها أن 6 آلاف و758 من ذوي الأمراض المزمنة توفوا منذ بداية الحرب، نتيجة انقطاع العلاج أو منعهم من السفر لتلقيه.
كما سجلت المراكز الصحية 28 ألف حالة سوء تغذية خلال العام الجاري، ويدخل يوميا نحو 500 شخص المستشفيات بسبب مضاعفات الجوع.
ولم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا. كما اعتُقل 361 من الطواقم الطبية، ولا يزال 150 منهم رهن الاعتقال، بينهم 88 طبيبا.