حيفا على خط النار.. استنفار رسمي وسكان يتحدون الخوف
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
مع احتمال تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله، تواجه حيفا، المدينة الساحلية الشمالية، خطر التعرض لقصف مكثف قد يصل إلى مئات الصواريخ يوميا، ويمتد لأسابيع، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وبينما تتخذ السلطات تدابير وقائية تحسبا لأي تصعيد محتمل، كإخلاء المناطق الصناعية من المواد الخطرة، أفادت الصحيفة أن سكان المدينة بدوا، الأحد، غير مكترثين بالوضع، متأرجحين بين عدم الاكتراث والاستسلام للقدر.
يقول إيال ليفكوفيتش، 42 عاما، الذي يملك مكتبة بالمدينة: "لقد تعبت من القلق. مهما سيحدث سيحدث. أنا هنا، ومكتبتي مفتوحة".
بدوره، يدرك شاي هوفري، 49 عاما، صاحب متجر الأدوات المنزلية في سوق تلبيوت بحيفا، إمكانية تعرض المدينة لهجوم صاروخي كبير.
وبعد أن عاش من حرب 2006، حين أمطر حزب الله حيفا بالصواريخ، يقول هوفري: "إيماني يخفف قلقي. أثق بحماية الله. لكن حتى لو لم أكن مؤمنا، فقد تعبنا من القلق المستمر. خزنّا ما يكفي منذ أشهر، والآن نحن في مرحلة تجاوزنا فيها الخوف".
وتأتي حالة التأهب بإسرائيل بعد أن تعهدت إيران وحليفها اللبناني حزب الله بالرد على مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران والقائد العسكري لحزب الله، فؤاد شكر، في بيروت، مصدّرة تهديدات قال عنها رئيس بلدية حيفا يونا ياهاف علناً إنها ذات مصداقية.
وقال ياهاف لـ"القناة 12"، الجمعة، متحدثا عن حسن نصر الله، زعيم حزب الله: "للأسف، أصدقه. في كل مرة هدد فيها بضرب مكان ما في مدينتي، تم ضربه. لذلك أستمع إليه وأجهز الأماكن التي يهدد بها لجعلها جاهزة قدر الإمكان".
وأضاف ياهاف أن البلدية ألغت العديد من الفعاليات العامة لتجنب التجمعات الكبيرة.
وقالت قيادة الجبهة الداخلية في جيش الدفاع الإسرائيلي في فيديو للخدمة العامة بعد عمليات الاغتيال إنها لم تصدر توجيهات جديدة لمنطقة حيفا.
وقيادة الجبهة الداخلية هي الجناح في الجيش الإسرائيلي الذي يهتم بحماية المدنيين في الحالات الطارئة وأوقات الحروب، ويشمل ذلك أيضا الكوارث الطبيعية.
واقتصرت الاحتياطات الأمنية الأخيرة، التي وجهتها قيادة الجبهة الداخلية، نقل بعض المواد الكيميائية الخطرة خارج المجمعات الصناعية شمال مركز المدينة والميناء، بما في ذلك مطار حيفا وحول مصفاة النفط بازان وحتى مصنع شتراوس للآيس كريم بالقرب من عكا، والذي أغلق مؤقتا بسبب خزانات الأمونيا التي يضمها، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وبحسب الصحيفة، يستذكر سكان حيفا القدامى، مثل هوفري، حرب 2006 بوضوح. وفي ظل التوترات الأخيرة، تتوقع السيناريوهات العسكرية الإسرائيلية هجمات أكثر كثافة ودقة في حال نشوب حرب جديدة مع حزب الله.
وتضم حيفا، التي يقطنها نحو 280 ألف نسمة، 110 ملجأ عاما بحالة جيدة، إضافة إلى مئات الملاجئ الخاصة داخل المباني السكنية. منذ أحداث 7 أكتوبر، بنى العديد من السكان ملاجئ خاصة في منازلهم.
ومع بداية الصراع الحالي، هرع الإسرائيليون لتخزين المؤن والمستلزمات وغيرها من السلع المتعلقة بالطوارئ . ومع ذلك، يبدو أن هذا التهافت على التخزين قد تراجع مؤخرا، حسبما عاينت الصحيفة الإسرائيلية.
"تحدي أكبر"وفي مقابل "حالة الهدوء الحذر" التي تطبع هذه المدينة الإسرائيلية، يكشف تحليل لصحيفة "هآرتس"، أن تهديد إيران الوشيك لإسرائيل سيشكل تحديا أكبر من هجومها السابق في أبريل الماضي.
وأوضح المصدر ذاته، أن إسرائيل قد تواجه هجمات محتملة من كل اتجاه.
واعتبرت أن حزب الله يشكّل تهديدا خاصا نظرا لقربه الجغرافي وامتلاكه ترسانة ضخمة من الأسلحة، تشمل صواريخ وقذائف وطائرات مسيّرة، بعضها ذات دقة عالية.
وفي ظل هذا الوضع، تضيف "هآرتس" سيكون نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي أمام تحدٍ غير مسبوق، يفوق بكثير ما واجهه في أبريل الماضي".
وأوضحت الصحيفة، أن المسؤولين الأمنيين لا يتوقعون أن تتراجع إيران وحزب الله والمنظمات الأخرى في المحور الذي تقوده إيران عن تهديداتها بالانتقام، مشيرة إلى أنهم "يتنبأون بأن الهجمات ستحدث قريبا، وستركز على المنشآت العسكرية والدفاعية في شمال ووسط إسرائيل".
وبينما تؤكد التقييمات الاستخباراتية، أن إيران وحزب الله لا زالتا غير مهتمين حاليا بحرب إقليمية شاملة، تقول "هآرتس"، إن "الخوف هو أن يؤدي تبادل الضربات بين الجانبين، من خلال هجوم إيراني، رد إسرائيلي (..) إلى تصعيد يصعب إيقافه".
وأفاد الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن سياسة الدفاع لدى قيادة الجبهة الداخلية لم تتغير"، موضحا أنه يرد بذلك على "تقارير مختلفة وشائعات" تحدثت عن وضع البلاد في حال تأهب.
وأعلن المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، ومسؤولون آخرون كبار في الجيش والحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، مرارا أن البلاد مستعدة لمواجهة أي هجوم.
لكن المتحدث باسم الجيش لاحظ أن الحماية "ليست كاملة"، وقال "لهذا السبب، مطلوب من كل مواطن أن يعرف التعليمات مهما كان مكان وجوده، وأن يكون يقظا".
وأعلن أيضا أن قيادة الجبهة الداخلية أطلقت الأحد نظاما جديدا لتحذير السكان عند حصول طارئ.
وأوضح أن "التحذير سيتم إرساله على الهواتف الجوالة في المنطقة المهددة"، لافتا إلى أن "ذلك سيتم من دون الحاجة الى استخدام تطبيق، ومن دون أي خطوة يقوم بها المواطن".
تعزيزات أميركية وجهود دبلوماسيةوفي سياق متصل، عززت الولايات المتحدة منظومتها العسكرية في المنطقة، ونشرت مزيدا من السفن الحربية والطائرات المقاتلة لحماية جنودها وحليفتها إسرائيل.
ومن المتوقع أن يصل قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، إلى إسرائيل، الاثنين، لوضع اللمسات الأخيرة على الاستعدادات مع الجيش الإسرائيلي قبل الهجوم المحتمل من إيران وحزب الله، بحسب تصريحات مسؤولين إسرائيليين لأكسيوس.
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، اجتماعا مساء الأحد مع وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورؤساء الجيش وأجهزة الاستخبارات.
وتحدث غالانت أيضا، الأحد، مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.
وتزامنا مع هذه التطورات المقلقة، تعمل دول أخرى في المنطقة أيضا لتفادي أي صعيد دراماتيكي، وتسعى جاهدة لمحاولة منعه.
وفي إطار جهود دولية تبذل لنزع فتيل انفجار إقليمي محتمل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني عبد الله الثاني، الأحد، إلى تجنب تصعيد عسكري في الشرق الأوسط "بأي ثمن".
وزار وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، طهران، الأحد في أول زيارة في نوعها منذ ما يقرب من عقد.
من جهتها، دعت مجموعة السبع، الاثنين، إلى ضبط النفس وخفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، قائلة إن الأحداث الأخيرة "تهدد بإذكاء نيران صراع أوسع نطاقا في المنطقة".
ودعت المجموعة في بيان "جميع الأطراف مرة أخرى إلى التوقف عن الانخراط في دوامة العنف الانتقامي المدمر الحالية، وخفض التوتر والمضي بشكل بناء نحو خفض التصعيد".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قیادة الجبهة الداخلیة إیران وحزب الله فی المنطقة حزب الله
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي أمام اتهامات بالإبادة الجماعية في غزة.. أدلة متزايدة ورفض رسمي
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا، للصحفي إيشان ثارور قال فيه إنّ: "منظمتان إسرائيليتان بارزتان في مجال حقوق الإنسان (بتسيلم وأطباء من أجل حقوق الإنسان)، أصدرتا هذا الأسبوع، تقريرين منفصلين يشرحان أن أفعال إسرائيل في قطاع غزة ترقى إلى مستوى إبادة جماعية".
وبحسب المقال الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "تقييماتهما قد توافقت مع الاستنتاجات التي سبق أن توصل إليها عدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية الرائدة، والحكومات الأجنبية، والباحثون في دراسات الإبادة الجماعية خلال 21 شهرا".
وتابع: "منذ ذلك الحين، ألحق الجيش الإسرائيلي أضرارا أو دمّر معظم مباني غزة، وسوى معظم أحيائها بالأرض، وشرّد السكان الفلسطينيين في القطاع مرارا وتكرارا من خلال أوامر الإخلاء والقصف المتواصل. قُتل أكثر من 60 ألف شخص، وفقا للسلطات الصحية المحلية، وتنتشر المجاعة بين السكان الناجين، وفقا لمراقبي الأمم المتحدة، حيث يعانون من: مجاعة واسعة النطاق وسوء تغذية وأمراض".
وقالت المنظمتان الحقوقيتان الإسرائيليتان، وفقا للمقال نفسه، إنّ: "سلوك إسرائيل خلال الحرب وخطاب العديد من القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين يُظهران "نية متعمدة من صناع القرار الإسرائيليين لاستهداف جميع سكان غزة بدلا من استهداف المقاتلين فقط، وتدمير حياة الشعب الفلسطيني"، كما أفاد مراسلو واشنطن بوست. ودعا هؤلاء القادة الإسرائيليون، من بين أمور أخرى، إلى حرمان المدنيين في غزة من الغذاء والماء والتطهير العرقي للقطاع".
إلى ذلك، قالت مديرة منظمة بتسيلم، يولي نوفاك: "لكل إبادة جماعية في التاريخ مبرراتها، على الأقل في نظر مرتكبيها: الدفاع عن النفس في وجه خطر وجودي، وحرب لا خيار فيها، وضحايا 'جلبوها على أنفسهم'".
وأوضح المصدر أنّ: "تهمة "الإبادة الجماعية" تُعتبر تهمة مُثقلة ومُحفوفة بالمخاطر، خاصة عند استخدامها ضد دولة نتجت عن تجربة الهولوكوست. صاغ هذا المصطلح المحامي البولندي رافائيل ليمكين عام 1944 لتفصيل مشروع النازيين المنهجي لقتل اليهود، وتم تعريفها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن الإبادة الجماعية كجريمة تحمل "نية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".
وأردف: "تعتقد الحكومات التي اتهمت إسرائيل في محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية، أن هناك أدلة كافية تُظهر أن إسرائيل تنوي جعل حياة الفلسطينيين في غزة مستحيلة. وفي هذا الرأي، يدعمهم عددٌ متزايد من علماء الإبادة الجماعية. في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أصدر معهد منع الإبادة الجماعية، الذي يحمل اسم ليمكين، بيانا حذّر فيه من "استخدام لغة الإبادة الجماعية الواضحة على جميع مستويات المجتمع الإسرائيلي تقريبا".
في السياق نفسه، كتب الخبير الاجتماعي الرائد في مجال الإبادة الجماعية ومؤلف كتاب "ما هي الإبادة الجماعية؟" الصادر عام 2007، مارتن شو، الأسبوع الماضي، أنّ: "العديد من القادة والصحفيين الغربيين عازمون على "تجنب استخدام كلمة 'إبادة جماعية' بأي ثمن عند تقييم أفعال إسرائيل"، ويرجع ذلك جزئيا إلى حساسية هذه الكلمة".
لكن شو جادل بأنّ: "تراكم البؤس والمعاناة في غزة على مدى 21 شهرا الماضية، والجهود الفوضوية التي تبذلها مبادرة مدعومة من إسرائيل لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ انهيار وقف إطلاق النار قصير الأمد في آذار/ مارس، تعني أنّ: سد إنكار الإبادة الجماعية التفسيري قد انهار تماما".
وتصدر المؤرخ البارز للهولوكوست في جامعة براون، عمر بارتوف، عناوين الصحف، قبل أسبوعين، بمقال رأي في صحيفة "نيويورك تايمز" جادل فيه بأن إبادة جماعية تحدث في غزة. في مقابلة لاحقة مع شبكة سي إن إن أوضح بارتوف أنه "اعتقد في البداية أن إسرائيل ربما ترتكب جرائم حرب، وليس إبادة جماعية".
واستدرك: "لكن تطبيق سياسات معاقبة جميع سكان غزة "تفاقم بشكل كبير" في الأشهر التالية، على حد قوله، كما أن تدمير إسرائيل للبنية التحتية المدنية والمستشفيات والمتاحف والجامعات، وأي شيء من شأنه أن يُمكّن السكان بعد الحرب من إعادة بناء أنفسهم، في غزة، يعزز أيضا تهمة الإبادة الجماعية".
بارتوف ليس الوحيد. ففي حزيران/ يونيو، قالت رئيسة الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، ميلاني أوبراين، وهي رابطة تضم أكثر من 700 باحث، في مقابلة إن "ما يحدث في غزة يُمثل إبادة جماعية" ويندرج ضمن التعريفات القانونية للجريمة التي حددتها اتفاقية الإبادة الجماعية ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
أيضا، كتب تانر أكام وماريان هيرش ومايكل روثبرغ، الأكاديميون الذين ساعدوا في تأسيس شبكة أزمة دراسات الإبادة الجماعية والمحرقة، التي انضم إليها أكثر من 400 باحث بعد إطلاقها في نيسان/ أبريل، في مقال رأي بصحيفة الغارديان هذا الأسبوع أنّ: "المسؤولين الإسرائيليين وحلفاءهم برروا العنف الإبادي ضد الفلسطينيين بمساواتهم بين حماس والنازية، مستغلين ذكرى المحرقة لتعزيز العنف الجماعي بدلا من منعه".
في أيار/ مايو، أجرت صحيفة NRC الهولندية استطلاعا لآراء سبعة باحثين بارزين في مجال الإبادة الجماعية، والذين أجمعوا على أن إبادة جماعية تحدث في غزة. كان المؤرخ الإسرائيلي ومدير برنامج دراسات المحرقة والإبادة الجماعية في جامعة ستوكتون في نيوجيرسي، راز سيغال، من أوائل الباحثين في هذا المجال الذين أشاروا إلى الإبادة الجماعية، محذّرا بعد أسبوع واحد فقط من عملية 7 أكتوبر من أن "حالة إبادة جماعية نموذجية" تتكشف في غزة.
وختم المقال بالقول: "جادل دانيال بلاتمان وآموس غولدبرغ، مؤرخا دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في الجامعة العبرية في القدس، في وقت سابق من هذا العام، بأن المحاسبة بالنسبة لإسرائيل ستتجاوز بكثير حدود الأكاديميا".
وكتبا في صحيفة "هآرتس" العبرية، في كانون الثاني/ يناير: "بمجرد انتهاء الحرب، سيتعين علينا نحن الإسرائيليين أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة، حيث سنرى انعكاس مجتمع لم يكتفِ بفشله في حماية مواطنيه من هجوم حماس القاتل، وإهمال أبنائه وبناته الأسرى، بل ارتكب أيضا هذا الفعل في غزة، هذه الإبادة الجماعية التي ستلطخ التاريخ اليهودي من الآن فصاعدا وإلى الأبد. علينا أن نواجه الواقع ونفهم عمق الرعب الذي ألحقناه".