د. محمود السعيد يكتب: ثلاثة تحديات أمام الحكومة
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
فى 3 يوليو 2024 أدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بعد ما يقرب من شهر من استقالة حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، وجاء تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى وتغيير نحو ثلثى عدد الوزراء من الوزارة المستقيلة. وضمت المجموعة الاقتصادية القسم الأكبر من التعديل الحكومى، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر منذ فترة ليست بالقليلة.
والحكومة المصرية الجديدة، خصوصاً المجموعة الاقتصادية فيها، تواجه تحديات كبيرة، حيث تفاقمت الأزمة الاقتصادية بسبب عوامل وصدمات خارجية بدأت بتداعيات جائحة كورونا، وهى أزمة اقتصادية أكثر من كونها أزمة صحية، وتلتها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية التى أدت لانفجار أسعار الغذاء والطاقة، وأخيراً الصراع فى غزة وتداعياته الاقتصادية على مصر.
وبالنظر إلى حجم هذه التحديات الاقتصادية فإن على المجموعة الاقتصادية أن تتبنى استراتيجيات شاملة وأن تبذل جهوداً مستمرة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى. وفى هذا المقال سنحدد أهم وأبرز ثلاثة تحديات اقتصادية أمام الحكومة المصرية وبعض المقترحات التى يمكن تبنيها حتى يشعر المواطن بجهود التنمية.
التحدى الأول، وهو الأهم والأصعب، هو ارتفاع معدلات التضخم غير المسبوقة والتى أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين، مما زاد من حدة الفقر ووسَّع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. والسبب المباشر فى ارتفاع الأسعار بهذا الشكل هو تعرُّض مصر للصدمات الخارجية مثل جائحة كورونا وأزمة روسيا وأوكرانيا والحرب فى غزة واستقبال النازحين من الدول المجاورة بسبب الحروب الأهلية فى السودان واليمن وسوريا، والذى أثر على أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة الطلب عليها.
ومصر تتعرض لهذه الصدمات لأن اقتصادها يعانى اختلالات هيكلية منذ ما يزيد على ستين عاماً بسبب عدم الاهتمام بالإنتاج فى قطاعات الصناعة والزراعة والاعتماد على سد الاحتياجات بالاستيراد من الخارج، ما أدى إلى تأثر مصر بشدة بالأزمات الاقتصادية العالمية.
أما التحدى الاقتصادى الثانى فهو ضرورة توفير العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، حيث عانت مصر خلال العامين الماضيين من نقص حاد فى العملات الأجنبية نتيجة تراجع إيرادات السياحة والصادرات وتحويلات المصريين فى الخارج ومؤخراً قناة السويس، ما أثر على استيراد السلع الأساسية وساهم بشكل كبير فى ارتفاع معدلات التضخم.
ونعود هنا أيضاً للحديث عن اختلال هيكل الاقتصاد المصرى الذى تحول تدريجياً خلال الستين عاماً الأخيرة إلى اقتصاد أقرب للاقتصاد الريعى لا يعتمد على الإنتاج والتشغيل والتصدير، بل يعتمد على موارد ريعية مثل موارد السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج وقناة السويس، وهى موارد تمثل النسبة الأكبر من الدخل القومى المصرى، ولذلك تأثر هذا الدخل كثيراً بالأزمات العالمية.
والتحدى الثالث هو زيادة معدلات البطالة، حيث أدت الأزمات الاقتصادية إلى ارتفاع معدلاتها، وهو ما يفرض على الحكومة الجديدة تبنِّى سياسات فعالة من أجل توفير فرص عمل للشباب، خصوصاً مع الزيادات غير المسبوقة فى أعداد السكان وزيادة الطلب على فرص العمل.
بالطبع هناك تحديات أخرى كثيرة تواجه الحكومة الجديدة، مثل: الانتهاء من سياسة تخفيف الأحمال، زيادة الرقعة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية، تطبيق المبادئ المعلنة فى وثيقة ملكية الدولة، العمل على تصحيح الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى وتحويله إلى اقتصاد منتج، تغيير الثقافة السائدة منذ سبعينات القرن الماضى، وهى ثقافة الاستهلاك، إلى ثقافة الإنتاج.. إلخ، ولكن فى رأيى أن التحديات الثلاثة المشار إليها هى الأبرز ويجب أن توليها الحكومة الجديدة الأولوية القصوى.
ولمواجهة هذه التحديات، يجب أن تتبنى الحكومة الجديدة استراتيجيات ناجعة، ومنها على سبيل المثال: تبنى سياسات اقتصادية تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار، مثل تسهيل الإجراءات الجمركية والضريبية وتحفيز الصناعات المحلية من أجل توفير البديل المحلى للمنتج الأجنبى. أيضاً هناك ضرورة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تُعتبر قاطرة التنمية فى الدول النامية وأحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادى، ولذا يجب أن تعمل الحكومة الجديدة على توفير التمويل والدعم الفنى لهذه المشروعات.
كما يجب على الحكومة الاستمرار فى سياسات الدعم وتحسين الخدمات الاجتماعية عن طريق تعزيز برامج الدعم الاجتماعى مثل تكافل وكرامة وغيرها من البرامج، وذلك لتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتخفيف الأعباء عن كاهل الأسر المصرية التى تأثرت بشدة من الأزمة الاقتصادية. أيضاً يجب أن يكون هناك استراتيجية لجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال توفير بيئة استثمارية مستقرة وآمنة، وخاصة ما يتعلق باستقرار سعر صرف الجنيه المصرى فى مقابل العملات الأجنبية، مما يسهم فى تعزيز النمو الاقتصادى وتوفير فرص عمل جديدة.
وأخيراً يجب التركيز على دور القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية، حيث إنه من المفترض أن يلعب القطاع الخاص دوراً محورياً فى تعزيز النمو الاقتصادى ومواجهة التحديات الحالية. فيجب التركيز على السياسات التى تدعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتوفير التسهيلات اللازمة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فى مشروعات البنية التحتية والصناعات التحويلية، واستغلال المبادئ الأساسية فى وثيقة ملكية الدولة من أجل تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار والمساهمة فى عملية التنمية.
وأخيراً فإنه على الرغم من التحديات الكبيرة التى تواجه الحكومة بتشكيلها الجديد، يبقى هناك الأمل الكبير والتفاؤل فى قدرتها على تجاوز هذه الأزمات إذا ما بذلت الجهود المستمرة لتعزيز الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، فالتحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر يمكن أن نعالج أسبابها من خلال الجهود المخلصة والمتواصلة واستراتيجيات جريئة وفعالة من الحكومة الجديدة تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل الاعتبارات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحكومة الاقتصاد المصري الاقتصاد الحکومة الجدیدة القطاع الخاص یجب أن
إقرأ أيضاً:
ريال مدريد يواصل سياسة الصفقات المجانية.. ويحدد ثلاثة أهداف لضربات محتملة في صيف 2026
يواصل نادي ريال مدريد الإسباني العمل وفق إستراتيجية مدروسة تهدف إلى تعزيز صفوفه بصفقات من العيار الثقيل دون دفع مقابل مادي، عبر التعاقد مع لاعبين تنتهي عقودهم مع أنديتهم، في إطار انتقالات حرّة. ويبدو أن نجاح صفقة النجم الإنجليزي ترينت ألكسندر أرنولد، الذي انضم إلى صفوف الميرنجي خلال صيف 2025 قادمًا من ليفربول بعد نهاية عقده، قد فتح الباب أمام المزيد من التحركات المشابهة مستقبلًا.
ريال مدريد يواصل سياسة الصفقات المجانيةوبحسب ما كشفت عنه صحيفة "ماركا" الإسبانية، فإن إدارة ريال مدريد قد بدأت بالفعل وضع قائمة أولية تضم ثلاثة لاعبين بارزين، تنتهي عقودهم في صيف عام 2026، وذلك تمهيدًا للتفاوض معهم مبكرًا من أجل ضمهم مجانًا حال عدم تجديد ارتباطهم بأنديتهم الحالية.
كوناتي هدف رئيسي من قلب دفاع ليفربولعلى رأس الأسماء التي يراقبها ريال مدريد يأتي المدافع الفرنسي إبراهيما كوناتي، لاعب ليفربول الإنجليزي، الذي ترى فيه الإدارة المدريدية خيارًا مثاليًا لتعزيز الخط الخلفي، خاصة في ظل معاناة الفريق من تكرار الإصابات في مركز قلب الدفاع، ووجود احتمالات كبيرة لرحيل بعض العناصر الأساسية خلال الفترات المقبلة.
ويُعتبر كوناتي واحدًا من أكثر اللاعبين الذين يجمعون بين الخبرة الدولية والمهارة الدفاعية العالية، كما يتمتع بسرعة وقوة بدنية لافتة، الأمر الذي يجعله خيارًا استراتيجيًا ضمن خطط النادي الملكي لإعادة هيكلة دفاعه على المدى البعيد.
محمد علي بن رمضان يسجل رقمًا إيجابيًا في ظهوره الأول مع الأهلي أمام إنتر ميامي حازم إمام ينتقد مشهد ركلة جزاء الأهلي أمام إنتر ميامي ويؤكد: شخصية المدرب هي الفيصل كريستيان موسكيراالاسم الثاني على رادار ريال مدريد هو كريستيان موسكيرا، مدافع نادي فالنسيا الشاب، الذي خطف الأنظار في الدوري الإسباني بأدائه الصلب وتحركاته الذكية داخل منطقة الجزاء. ويُنظر إلى موسكيرا كأحد المواهب الواعدة في "الليغا"، ما يجعل منه خيارًا مستقبليًا مثاليًا لتعزيز الخطوط الخلفية للنادي الأبيض.
وتولي إدارة الميرنجي أهمية كبيرة لتدعيم الفريق بعناصر شابة تُعزز من التوازن بين التجربة والطموح، ولا سيما مع تزايد التحديات في البطولات المحلية والقارية خلال المواسم القادمة.
مايلز لويس سكيليأما ثالث الأسماء التي استقرت عليها إدارة ريال مدريد فهو مايلز لويس سكيلي، الظهير الأيسر الموهوب في صفوف أرسنال الإنجليزي، والذي تألق بشكل لافت خلال الموسم المنقضي سواء في الدوري الإنجليزي الممتاز أو في دوري أبطال أوروبا، حيث أظهر قدرة هجومية كبيرة، وتميز بتمريراته الدقيقة وانطلاقاته السريعة على الجناح الأيسر.
ورغم التقارير التي أشارت في وقت سابق إلى تجديد عقد سكيلي مع أرسنال، إلا أن النادي الملكي لا يزال يأمل في استغلال أي فرصة محتملة لضم اللاعب في صيف 2026، خصوصًا إذا لم يتم تفعيل بنود التمديد أو قرر اللاعب خوض تجربة جديدة خارج إنجلترا.