شهدت بنغلاديش تحولا دراميا في مسارها السياسي مع سقوط حكومة الشيخة حسينة، رئيسة الوزراء التي حكمت البلاد لعقود. هذا الحدث لم يكن مجرد انقلاب سياسي داخلي؛ بل كانت له أصداء دولية واسعة، حيث سعت القوى العالمية إلى التعبير عن مواقفها وسط حالة من الترقب والحذر. لكن ما يثير القلق في هذه المرحلة ليس فقط مصير حسينة، بل مستقبل بنغلاديش ذاته في ظل هذا الفراغ السياسي.



أولويات السياسة الدولية: المصالح قبل المبادئ؟

في أعقاب سقوط الحكومة، رأينا مواقف دولية تتراوح بين دعم صريح للشعب البنغلاديشي، ودعوات لضبط النفس وتجنب العنف. الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أكدت التزامها بحقوق الديمقراطية، لكنها في الوقت نفسه أشادت بدور الجيش في "ضبط النفس"، مما يطرح تساؤلات حول موقف واشنطن الحقيقي من التطورات في البلاد؛ هل هو دعم للديمقراطية كما تدعي، أم محاولة لضمان استقرار يخدم مصالحها الاستراتيجية في جنوب آسيا؟

بنغلاديش، التي حققت تقدما اقتصاديا واجتماعيا ملحوظا في السنوات الأخيرة، تجد نفسها الآن على مفترق طرق
الهند، الجارة العملاقة لبنغلاديش، بدت مترددة في موقفها، وهو ما يعكس مخاوفها من تداعيات هذا التغيير على أمنها الإقليمي. ودعت لضمان أمن أقلياتها في بنغلاديش ما يعكس قلقا مشروعا، لكنه لا يخفي حقيقة أن الهند تتطلع إلى الاستفادة من هذا التحول لتعزيز نفوذها في دكا. ويذكر أن الهند هي الدولة التي تقوم بالاعتداء المسلمين، والهجوم عليهم وحرمانهم من حقوقهم الديمقراطية والإنسانية، مجردة من كل معاني الإنسانية، ولكنها تنشط في حين لآخر لحقوق الهندوس المقيمين في بنغلاديش، مع أن بنغلاديش وأهلها يقومون بحفظ أرواح وممتلكات الأقليات بكل احترام منذ القديم.

الصين: شريك استراتيجي أم مستفيد من الفوضى؟

الصين، من جانبها، أبدت قلقها من فقدان الاستقرار في بنغلاديش، لكنها لم تتردد في التذكير بعلاقاتها الاستراتيجية مع البلاد. مع توقيع 21 مذكرة تفاهم بين البلدين في تموز/ يوليو الماضي، يبدو أن بكين مستعدة للعب دور أكبر في مستقبل بنغلاديش، سواء كان ذلك عبر دعم حكومة انتقالية أو عبر تعزيز نفوذها الاقتصادي. في ظل التنافس الجيوسياسي بين الهند والصين في جنوب آسيا، قد تجد بنغلاديش نفسها في موقع تفاوضي ضعيف، ما لم يتمكن قادتها من استعادة الاستقرار بسرعة.

مصير بنغلاديش لا يجب أن يظل رهينة للمصالح الإقليمية أو الدولية، هناك حاجة ملحة لأن تتخذ البلاد خطوات جريئة نحو تحقيق نظام سياسي شفاف وديمقراطي يعكس طموحات وتطلعات شعبها
المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أعربت عن استمرار دعمها لبنغلاديش، لكن تلميحها إلى مراجعة القروض الممنوحة للبلاد يشير إلى شكوك في قدرتها على الصمود في وجه هذه الأزمة. سقوط حكومة حسينة قد يفتح الباب أمام فترة من عدم الاستقرار الاقتصادي، خاصة إذا استمرت الاحتجاجات والعنف.

بنغلاديش، التي حققت تقدما اقتصاديا واجتماعيا ملحوظا في السنوات الأخيرة، تجد نفسها الآن على مفترق طرق. المجتمع الدولي مدعو ليس فقط لدعم الشعب البنغلاديشي في سعيه لتحقيق انتقال سلمي وديمقراطي، بل أيضا للضغط من أجل تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين عن العنف والانتهاكات التي رافقت سقوط الحكومة. في هذا السياق، يبدو أن الشعب البنغلاديشي يراهن على تحقيق مستقبل أفضل بعيدا عن الاستقطابات السياسية والمصالح الدولية.

في النهاية، مصير بنغلاديش لا يجب أن يظل رهينة للمصالح الإقليمية أو الدولية، هناك حاجة ملحة لأن تتخذ البلاد خطوات جريئة نحو تحقيق نظام سياسي شفاف وديمقراطي يعكس طموحات وتطلعات شعبها. المجتمع الدولي قد يلعب دورا داعما، لكن الرهان الأكبر يبقى على البنغلاديشيين أنفسهم في تحديد مستقبلهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بنغلاديش الشيخة حسينة الهند الاحتجاجات احتجاجات الهند بنغلاديش الشيخة حسينة مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

بتوجيهات الشيخة فاطمة بنت مبارك .. التنمية الأسرية تطلق دليل لنحمي كبارنا بحب

بتوجيهات من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أطلقت مؤسسة التنمية الأسرية اليوم دليل "لنحمي كبارنا بحب"، الذي يهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الرعاية القائمة على الاحترام لكبار المواطنين، وتسليط الضوء على الممارسات التي تضمن لهم حياة كريمة.
جاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي نظمته المؤسسة في مركزها بأبوظبي، تزامناً مع اليوم العالمي للتوعية بشأن معاملة المسنين، لتأكيد الدور المحوري للأسرة في توفير بيئة آمنة وداعمة تعزز صحتهم النفسية والجسدية، وترسخ قيم الوفاء والعطاء بين الأجيال.
حضر المؤتمر الصحفي، سعادة مريم محمد الرميثي، مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية، وسعادة عبد الرحمن البلوشي، مدير دائرة التخطيط الاستراتيجي والتطوير المؤسسي بمؤسسة التنمية الأسرية، وسعادة سعيد الغفلي، مدير دائرة الخدمات المساندة في مؤسسة التنمية الأسرية، وسعادة وفاء آل علي، مدير دائرة تنمية الأسرة في المؤسسة التنمية الأسرية، وعدد من الخبراء الاجتماعيين في المؤسسة، وعدد من الشركاء الاستراتيجيين، والجهات الشريكة، وممثلي وسائل الإعلام، وكبار المواطنين.
وفي كلمتها، قالت سعادة مريم محمد الرميثي، إن دليل "لنحمي كبارنا بحب" يجسد التزام المؤسسة الراسخ تجاه كبار المواطنين، ويُعد مرجعاً توعوياً يسلط الضوء على السلوكيات العاطفية غير المقصودة التي قد تؤثر سلباً فيهم، وأوضحت أن الدليل يقدم بدائل إيجابية تعزز التواصل الإنساني وتساهم في بناء بيئة أكثر أماناً ودفئاً لهم، مضيفة: "إننا اليوم لا نطلق دليلاً فحسب، بل نجدد العهد تجاه من سبقونا في العطاء، ونرسخ ثقافة الرفق والتقدير في كل بيت ومؤسسة".
وأشارت الرميثي إلى أن احترام هذه الفئة وتقديرها هو نهج راسخ مستلهم من رؤية القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومن فكر سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات" وحرصها الدائم على احتواء وتقدير من أسهموا في بناء الوطن.
وشددت سعادتها على أن المؤسسة تسعى من خلال الدليل إلى ترسيخ بيئة قائمة على التقدير الحقيقي لتجارب وحكمة كبار المواطنين، وإبراز أهمية التواصل الفعال معهم والاستماع لاحتياجاتهم دون افتراضات مسبقة، بما يعزز شعورهم بالقيمة والانتماء.
وأكدت أن الدليل يراعي خصوصيات المرحلة العمرية لهذه الفئة، ويهدف لتحسين جودة حياتهم عبر إشراكهم في القرارات الأسرية وتوفير فرص للتفاعل الاجتماعي المثمر.
واختتمت قائلة: نهدي هذا الدليل لكل من يدرك أن رعاية كبارنا ليست مجرد واجب اجتماعي، بل فعل وعي وإنصاف وعاطفة ناضجة، هو رسالة محبة تُترجم إلى ممارسات يومية تعيد إليهم ما يستحقونه من مكانة تليق بهم"، مثمنة جهود فريق العمل وممثلي وسائل الإعلام على دورهم في دعم هذه المبادرة.
وعقب المؤتمر، انطلقت فعاليات مصاحبة شملت مناقشات عامة حول محاور الدليل، واستعراض برنامج تدريبي بعنوان "الخطوات الاستباقية نحو حماية كبار المواطنين"، بالإضافة إلى ورشة عمل حول حقوقهم ولعبة تفاعلية مبتكرة لترسيخ مفاهيم الدليل.

أخبار ذات صلة الشيخة فاطمة تهنئ قرينات ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك برعاية الشيخة فاطمة بنت مبارك.. الإمارات تستضيف منتدى النساء البرلمانيات لبرلمان البحر الأبيض المتوسط المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • البعثة الأممية تعلن دعمها تشكيل حكومة جديدة وموحدة
  • الخارجية العراقية : العدوان الصهيوني الخطير يعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي ويستوجب ردًا دوليًا عاجلًا (تفاصيل)
  • “الهجرة الدولية”: أكثر من 100 ألف مهاجر عادوا إلى أوطانهم طواعية من ليبيا
  • تعز.. وقفة حاشدة تنديدا بالعدوان على غزة وللمطالبة بوقف الحرب
  • سقوط صاروخ على الهواء مباشرة.. إيران تطلق صواريخ باليستية وتبدأ ردها على إسرائيل
  • ليلة سقوط رجال المرشد.. هل تنجح إيران في الثأر لجنرالاتها من إسرائيل؟
  • تأكيدًا لمكانتها المتزايدة في المحافل الدولية.. تجديد انتخاب المملكة عضوًا في اللجنة الإدارية بمجلس الحبوب الدولي
  • أبرز المواقع الإيرانية النووية والعسكرية التي قصفتها إسرائيل
  • المملكة تعرب عن تعازيها ومواساتها للهند في ضحايا حادث سقوط الطائرة المدنية
  • بتوجيهات الشيخة فاطمة بنت مبارك .. التنمية الأسرية تطلق دليل لنحمي كبارنا بحب