صناع السياسات بالمركزي الأميركي يلمحون لخفض الفائدة مع تباطؤ سوق العمل
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
أجمع عدد من صناع السياسات في مجلس الفدرالي الأميركي، الخميس، على دعم خفض أسعار الفائدة اعتباراً من الشهر المقبل، وذلك بعد أن انخفض التضخم كثيراً عن مستوياته المرتفعة وتباطؤ سوق العمل الأميركية، غير أن أحدهم أشار إلى أنه ليس في عجلة من أمره لتيسير السياسة النقدية.
وقال رئيس الفدرالي في فيلادلفيا باتريك هاركر خلال مقابلة مع رويترز "بالنسبة لي، أعتقد أننا بحاجة إلى بدء هذه العملية (خفض الفائدة) إذا لم تكن هناك أي مفاجأة في البيانات التي سنراها من الآن وحتى ذلك الحين".
وأضاف "أعتقد أن الطريق الصحيح هو تبني نهج بطيء ومتناسق لخفض أسعار الفائدة".
بدورها، تبنت رئيسة الفدرالي في بوسطن سوزان كولنز نبرة مماثلة، مشيرة إلى دعمها المحتمل لخفض أسعار الفائدة في اجتماع السياسة للبنك المركزي الأميركي الشهر المقبل.
وقالت كولنز في مقابلة "أعتقد أنه من المناسب البدء قريباً في تيسير السياسة النقدية". وأضافت أن التضخم تراجع "كثيراً" وأن سوق العمل في حالة جيدة.
لكن رأيهما يختلف بعض الشيء مع رأي رئيس الفدرالي في كانساس جيف شميت، إذ إنه من أكثر صناع السياسات في البنك المركزي الأميركي ميلاً للتشديد النقدي.
وقال شميد في مقابلة مع شبكة CNBC "هناك بعض حزم البيانات التي ستصدر قبل سبتمبر"، في إشارة إلى اجتماع السياسة لمجلس الاحتياطي الاتحادي في 17 و18 أيلول. وأضاف "هناك مجال للتفكير في الاتجاه الذي سنسلكه بدءاً من هنا.. أعتقد بصراحة أن لدينا الوقت".
غير أنه قال أيضاً "هناك حاجة للنظر بجدية أكبر" في ارتفاع في معدل البطالة في الآونة الأخيرة، إذ بلغ 4.3 % في تموز.
وتابع "سأترك البيانات تظهر إلى أين نتجه... أتفق مع عدد من زملائي على أنكم قد تريدون التحرك ربما قبل أن يصل التضخم إلى 2%.. لكن أعتقد أن من المهم حقاً جعل 2% مستوى مستداماً".
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبدأ البنك المركزي الأميركي في خفض سعر الفائدة القياسي في اجتماعه القادم، في ظل ما يشعر به معظم
مسؤولي المجلس من تفاؤل على خلفية بيانات التضخم الإيجابية وتنامي القلق بشأن قوة سوق العمل.
يستهدف المجلس تضخماً سنوياً عند 2% قياساً بمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، واعتماداً على هذا المقياس، بلغ التضخم 2.5% في تموز.
يُتوقع أن يبدأ رئيس الفدرالي الأميركي جيروم باول الفصل المقبل في معركته ضد التضخم يوم الجمعة، حيث يُتوقع أن يهيئ السبيل لأجواء خفض أسعار الفائدة، مع تقديم تطمينات للمستثمرين حول قدرة صانعي السياسة النقدية على تفادي تباطؤ اقتصادي حاد.
يأتي هذا الخطاب المرتقب في الاجتماع السنوي للفدرالي في جاكسون هول بولاية وايومنغ، في وقت حاسم للبنك المركزي الأميركي وسوق سندات الخزانة البالغة قيمتها 27 تريليون دولار.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المرکزی الأمیرکی أسعار الفائدة سوق العمل أعتقد أن
إقرأ أيضاً:
هل هناك انهيار وشيك في سوق العمل الأميركي؟
أشار تقرير لمجلة إيكونوميست المتخصصة إلى أن القلق المحيط بسوق العمل الأميركي -رغم وجاهة بعض مؤشراته- قد لا يكون انعكاسا دقيقا للواقع الاقتصادي الفعلي، فبينما تتسارع مكاسب أسواق الأسهم بفعل موجة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يزداد شعور الأميركيين بأنهم "خارج اللعبة"، وأن النمو يسير في اتجاه لا يستفيد منه المواطن العادي، وهو ما يجعل التباعد الملحوظ بين خلق الوظائف والنمو الإجمالي مصدرا للانزعاج.
وفي هذا الجو المتوتر عمد مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعين متتاليين، في خطوة وصفها رئيس المجلس جيروم باول بأنها "إدارة للمخاطر"، في حين يدفع عضو المجلس كريستوفر وولر باتجاه تخفيضات أسرع في اجتماع 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري دعما لسوق يرى أنه بدأ يضعف.
ومع ذلك، تشدد المجلة على أن نبرة الكآبة المنتشرة قد تكون مبالغا فيها، وأن كثيرا من المخاوف لا تعكس صورة البيانات الكاملة.
عقد من المكاسب يسبق موجة القلق الحاليةوتذكّر "إيكونوميست" بأن العمال الأميركيين عاشوا خلال العقد الماضي واحدة من أكثر الفترات قوة في تاريخ سوق العمل، إذ بقيت البطالة قرب أدنى مستوياتها منذ نصف قرن، باستثناء أشهر جائحة كورونا التي شكلت اضطرابا استثنائيا.
وخلال تلك الفترة ارتفعت الأجور بوتيرة مكنت الأسر الأميركية -خاصة الأقل دخلا- من تحقيق مكاسب حقيقية غير مسبوقة، إذ تشير البيانات إلى ارتفاع الأجور الحقيقية لأدنى الفئات دخلا بنسبة 19% منذ 2015، مقابل 11% فقط للفئات الأعلى دخلا، في تحوّل نادر قلب اتجاهات التفاوت لصالح الطبقات الدنيا.
لكن، ورغم هذه المكاسب فإن التضخم يبقى عند 3%، وهو مستوى أعلى من هدف الفدرالي البالغ 2% منذ نحو 5 سنوات، مما يعزز شعور الأسواق بأن السياسة النقدية لا تزال في موقع الدفاع أمام مخاطر تباطؤ غير محسوم.
ترى "إيكونوميست" أن مصدر القلق يتوزع على 3 مسارات متشابكة:
إعلان مؤشرات تتراجع ببطء ولكن بثباتفعدد الوظائف الشاغرة ينخفض بصورة تدريجية منذ عامين تقريبا، والبطالة ترتفع هامشيا.
وتنبه المجلة إلى أن سوق العمل يميل إلى التدهور بسرعة إذا تجاوز عتبة معينة، مما يجعل صانعي السياسات يفضلون التحرك مبكرا تفاديا لانحدار يصعب إيقافه.
خطط واسعة لتسريح موظفينرغم عدم ظهور انهيار في بيانات التوظيف الحكومية فإن شركات كبرى مثل أمازون وفيرايزون أعلنت خططا لتسريح عشرات الآلاف من الموظفين.
ويؤكد مؤشر تسريح الموظفين لدى شركة تشالنجر جراي آند كريسماس أن هناك قفزة إلى أعلى مستوى خلال أكثر من عقد باستثناء الجائحة، في حين تكشف إشعارات قانون وارن -التي تُلزم الشركات الكبيرة بإعلان نوايا التسريح مسبقا- عن ارتفاع إضافي، وهو ما يعزز الانطباع بأن الشركات تتحرك قبل أن تظهر البيانات الرسمية التراجع الفعلي.
تشاؤم شعبيثقة المستهلك الأميركي "شبه منهارة" منذ موجة التضخم بعد الجائحة كما تقول "إيكونوميست"، وزاد الوضع سوءا خلال الأشهر الأخيرة، إذ أصبح الأميركيون يقدرون احتمالية إيجاد وظيفة خلال 3 أشهر بأقل من النصف، وهو مستوى أقل تشاؤما حتى مما كان عليه الوضع في ذروة الجائحة.
لكن البيانات العميقة تروي قصة مختلفة تماما
تقدم "إيكونوميست" قراءة مضادة تجعل المخاوف أقل صلابة:
البطالة لا تزال منخفضة تاريخيافمعدل البطالة عند 4.4% يبقى أقل بكثير من متوسط ما شوهد خلال 3 أرباع الفترة الممتدة منذ 1948، وبالإضافة إلى ذلك فإن معدل التوظيف بين الفئة العمرية 25-54 عاما يستقر عند نحو 80%، وهو تقريبا أعلى مستوى تاريخي لهذه الفئة.
وتشير التعديلات الأخيرة لبيانات الوظائف إلى أن المخاوف التي ظهرت في الصيف لم تكن دقيقة، إذ أضيفت في سبتمبر/أيلول 119 ألف وظيفة جديدة، مقابل توقعات لم تتجاوز 50 ألفا.
ويعتمد المستثمرون على "قاعدة سام" (Sahm rule) لرصد احتمالات الركود المبكر، صحيح أنها لامست "منطقة الخطر" لفترة وجيزة في أغسطس/آب 2024، لكن البيانات الأحدث تُظهر تباطؤا تدريجيا لا يقترب من العتبة التي تُعد مؤشرا على ركود وشيك.
الزخم الاقتصادي لا يزال قويا للغايةتقديرات "ناو كاست" للتنبؤات الاقتصادية لدى فرع الفدرالي في أتلانتا تتوقع نموا قويا خلال الربع الثالث.
وأسواق الأسهم محلقة، وأسواق الدين تُسعّر احتمالات متدنية جدا للتعثر، أما الأجور فتبقى في مسار صلب، مما يجعل انهيارا مفاجئا في سوق العمل "غير منطقي اقتصاديا ما دام الاقتصاد الكلي في مساره".
ضباب ترامب يخف تدريجياوتذكر "إيكونوميست" أن جزءا من التردد في التوظيف يعود إلى حالة عدم اليقين التي خلفتها سياسات الرئيس دونالد ترامب من رسوم جمركية مشوشة إلى تغييرات واسعة في قواعد التأشيرات والترحيل، وهي حالة بدأت تتراجع حدتها تدريجيا، مما يعزز استعداد الشركات لإعادة التوظيف اعتمادا على صورة أوضح للسياسات في 2026.
وعلى الرغم من التوتر في الأسواق والشعور الشعبي بالفزع من سوق وظائف منهارة فإن المجلة ترى أن الطفرة الممتدة لعقد كامل في سوق العمل الأميركي لا تزال تملك المزيد من الزخم، وأن المؤشرات العميقة لا تدعم سيناريو الانهيار الوشيك.
إعلان