الحكومة الأردنية: الشرائع والقوانين سقطت في الحرب على غزة
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
قال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور مهند مبيضين إن الشرائع والقوانين سقطت في الحرب على غزة، والموقف الأردني الثابت بقيادة الملك عبد الله الثاني مستمر لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتقديم العون والمساعدة للأشقاء في فلسطين.
وأضاف، خلال رعايته الندوة التي نظمتها الشبكة القانونية للنساء العربيات، بالتعاون مع الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة اليوم /السبت/، بعنوان "بين الواجب المهني والوطني صحفيو غزة أنموذجا"، أن الجهود الإغاثية الأردنية مستمرة في التخفيف عن الأهل في القطاع، سواء من خلال الإنزالات الجوية التي تنفذها القوات المسلحة الأردنية، أو عبر الجسر البري من خلال الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، إضافة لتقديم المدد الصحي من خلال المستشفيات الميدانية الأردنية في القطاع والضفة الغربية.
وأشار وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، إلى أن الصحفيين في غزة يتعرضون إلى إبادة جماعية، ومجازر، واستهدافات واضحة مخالفة للقوانين والأعراف الدولية المطالبة بتوفير حماية للصحفيين في وقت الحرب.
ولفت إلى أن الإعلام هو الذي يوفر الصورة الواضحة، والكاشفة الحقيقية لهذه المجاز، مؤكدا أن الحديث عن الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة، مهم جدا لتعزيز السردية الواضحة في مواجهة خطاب الاحتلال عالميا.
وتابع المبيضين قائلا: "الشرائع والقوانين سقطت في هذه الحرب، فمن يتحدث عن الحريات هو من يمارسها"، مؤكدا أن الحرب اختبار للصحافة الغربية، وهناك الكثير من الصحفيين في وسائل إعلام غربية قدموا استقالاتهم نتيجة السردية غير الحقيقية لما يجري في غزة.
وشدد على أن استهداف الجامعات والمدارس والكنائس والمساجد كشف عن العقلية التي طالما أرادت أن تضع لها جدارا فاصلا عن العالم، "لأنها لا تعترف بكل القوانين الدولية، فالقتل كان للجميع، والقصف الذكي وغير الذكي لا يفرق بين الأطفال والشيوخ والقصف للجامعات كان عن قصد".
وأشاد بدور الإعلام المهم في تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة، قائلا: "لولا الإعلام لما عرفنا عن هذه الجرائم التي راح ضحيتها 170 صحفيا فلسطينيا، وعائلات كاملة ارتقت شهداء"، مطالبا بوقفة جادة وحازمة من المجتمع الدولي لوقف الاعتداء على الصحفيين والحد من استهدافهم.
وأثنى المبيضين على الدور الأردني وتكريم الإعلامية الراحلة شرين أبو عاقلة، مشيرا إلى أن الأردن مستمر بتكريمه لكامل الجسد الصحفي لما قدم من صورة حقيقية عن عظم الجرائم التي ترتكب في غزة.
اقرأ أيضاًالحكومة الأردنية تؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية
عاجل.. استقالة الحكومة الأردنية تمهيدا لتعديل وزاري
رئيس بلدية مادبا الأردنية: نتطلع لمزيد من التعاون والتنسيق مع مدن مصر التاريخية والسياحية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الحكومة الأردنية وزير الاتصال الحكومي وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الحکومة الأردنیة على غزة
إقرأ أيضاً:
النهود فتحت جراح القلب ودفقت
سقطت مدينة وسقط رجال من جبل حيدوب.
أين اختفى الوالي؟ ومن اختطف أمين الحركة الإسلامية؟
من سلّم صغاره للغول؟
حينما تشتدّ الظلمات وتغشى العيون غمّة، ويتمدد جرح القلب عميقًا، نمدّ الخطى نحو دار المجاذيب ونرتشف مرّ الكلام من قبس تلك النار:
“جدار الدجى أعمى عيوني،
وفي يدي تساقط مصباح بدمع مبدّد،
أين بلادي؟ كل وجه رأيته قناع،
وأخشى صدق وجهي المجرّد.”
تأمّلت في الظل الواقف وما زاد، وحدّقت في حروف نداء كتبها الدكتور بشير آدم رحمة بقلب ملهوف، لم تصرفه مأساته الخاصة بفقدان فلذة كبده الذي لا يُعرف عنه نبأ: هل قُتل أم في أغلال السجن يُصبّ على رأسه العذاب؟ مأساة وطن نشأ فيه وعلى حبه شاب، وفي ترابه تسيل الآن الدموع قبل الدماء.
النهود في الأسر، تحت أحذية البغاة، تئن من وطأة الألم ووحشة الظلمة وقسوة المغتصبين للأرض والنساء والرجال. المتوحشون في دار حمر أحالوها إلى أرض خراب، كما قال تولستوي. يدْمع القلب، ويوسف عمارة أبوسن يرسم بحروفه مأساة ذلك الشيخ الأسير الذي بات كعصفور كبير في يد طفل صغير.
عيون الناظر عبد القادر منعم منصور يلمع فيها بريق شموخ وكبرياء أجداده، يستلقي على ذراعه ولا يستوضح السبب، والأعياء و”غلب” الزمان ومحنة الدنيا تضع ناظر عموم دار حمر أسيرًا في يد مليشيا آل دقلو، بعد أن رفض الخروج من النهود، واستقبل الموت برصاص الجنجويد، وفضّل البقاء في “دار منعم ود منصور” بدلًا من النجاة بجسده وجرح كبريائه.
بنات دار حمر يُوطأْن بأقدام عبيد آل دقلو، وبعض الخونة من أهل الدار يبيعون شرف الغشيميات والغريسيات والدقاقميات، فمن لا شرف له لا يعرف قيمة الشرف عند الأخوات والأمهات.
يطلق بشير آدم رحمة النداء لأبناء دار حمر لإغاثة التائهين في القيزان، والأعمى حامل الكسيح، والناس في فزع وجزع وخوف من دعاة الديمقراطية المفتَرى عليها، وقادتها الذين يسرقون حليّ النساء ويأكلون من مدّخرات القرى ويقتلون برصاص أصم الصغار والكبار، وهم يرفعون شعارات “حرية سلام وعدالة” و”آل دقلو خيار الشعب.”
بشير رحمة ينادي دار حمر، وكل السودان اليوم دار حمر.
ويوسف عمارة أبوسن يُوجع القلوب بمقال لم يُكتب قبله وربما لا يُكتب بعده، عن الناظر منعم منصور الذي وضعه “الأشاوس” في السجن داخل بيته، ينظرون إليه نظرة المغشيّ عليه من الموت، ومنعم منصور هو من يسجن سجانه:
يا فارس النهود المنو الخصيم متورّع
تقدّل بالمكارم وبالنصر مدرّع
يا مطر الضراع الساقي البلد ومترّع
مات عبد القادر منعم أكثر من موته، ورجال حمر تُسفك دماؤهم في الصباح وعند العشيات، وعبد القادر ينظر إلى السجّان بعين الأسد المحاط بأعمدة الحديد، يتمنّى صعود روحه، وكأنّه يتذكّر حال عكير الدامر الذي هدّه المرض فقال آخر أبيات حياته:
كيف أمسيتِ يا المزنة أم سحابًا شايل
وشِن سويتي في السلْمة وبلاد ناس نايل
واحدين في الخلا وواحدين بسقوا الشايل
معاكِ سلامة يا الدنيا أم نعيمًا زايل
٢
سقطت النهود وحفرت جرحًا عميقًا في كل قلب تهفو نفسه لكردفان ويمدّ خطاه للأمل القريب وأشواق كثيرة قُصرت.
سقطت النهود ولاذ الناس بالفرار، لا تعرف مَن يأتيك ولا مَن تأتيه.
سقطت معها قيم ومروءة وأحلام بأن تبقى مدينة العلم والنور صامدة في وجه الزمان الشين.
لكن النهود ليست الفاشر، والفاشر لا تشبه النهود. صمدت الفاشر لأن سوس السياسة لم ينخر عظمها، والخيانة لا تعرف لها مكانًا، ولأن حكّام الفاشر منها وحاكم النهود عليها.
الحكّام ثلاثة كما يقول ابن خلدون: حاكم مِنّا أي جاء بإرادة الناس، وحاكم فيهم أي بغلبة السلطان، وحاكم عليهم بسنان السلاح.
وحين اشتجرت دار حمر وما بقي من دار المسيرية، كان إجماع أغلب أهل الديار على ضابط متقاعد خدم في جهاز الأمن والمخابرات، صالح سليمان، لكن حكّامنا في بورتسودان لم يعجبهم ذلك، وكان خيارهم واليًا لا يُعرف له مكان، رفض الانسحاب مع الجيش، لا فراسة ولا رغبة في القتال، بل لسبب غامض اختفى في “حلال” وقرى دار حمر.
حار الصحافي خالد بخيت: ماذا يكتب عمّا حدث في النهود والوالي يرفض العودة مع القوات المسلحة إلى الأبيض؟
تتمدد علامات الاستفهام: من دردوق إلى السعاتة الدومة، هل لغياب الوالي ما قبله وما بعده؟
حكومة الوالي نفسها تحيط بها الشكوك.
بل أمين الحركة الإسلامية اختُطف من قبل المليشيا، تبسّم في وجه خاطفيه الذين صلّى بهم العصر جماعة وركب معهم.
وأين وزير المالية الذي كان يسهر الليل مع إخوانه من المؤتمر السوداني وهم له كارهون؟
عادت بنا الأحداث إلى ودمدني، واجترار ما حدث دون اعتبار، ولم نقرأ كتاب الفاشر التي عجزت المليشيا عن اختراق مجتمعها وزرع عملائها، بينما النهود سقطت سياسيًا قبل أن تسقط عسكريًا، سقطت بالخيانة وبالتساهل والتغافل.
٣
الآن، بعد أن سقطت النهود، ليس مهمًا كيف يسترد الرجال البلاد التي فقدوها، فهذا شأن عسكري نثق فيه كامل الثقة بجيشنا.
نحن هنا نجيب على السؤال: لماذا نسترد النهود؟
لأنها عاصمة كردفان الثانية بعد الأبيض، ولأنها أرض الرجال الشجعان، ولأنها النهود: العطر الذي يغسل رشح الجرح النازف ويمسح ظلّ الآهة من شفاهنا.
بعد سقوطها جفّت الكلمات، لا خليفة نناجيه، ولا جنرال يسمع صوت أنين المرأة الحبلى على ظهر حمار أعرج.
شعب كردفان قادر على تحرير النهود، وهي أرض شعب كريم، لا حارة ولا زقاق.
لا شيء يقف أمام عودة النهود التي تردّ لكردفان كرامتها المهدورة وشرفها المخدوش، وتعيد لنا ولو مؤقتًا فرحًا سُرق منا.
النهود هي مطمورة غلّة الدخن، ومخازن الفول السوداني، وزيوت المأمون، وهي الضأن الحمري في السودان والسواكني عند عرب الخليج.
تعود النهود من أجل الإنسان أولًا، والصمغ العربي ثانيًا، ومن أجل فنقوقه، والسعاتة، وطقنوه، وصقع الجمل، وعيال بخيت، ودونكي المناخر، ومن أجل طمبور دار حمر، وتوية دار حمر، ودلوكة قليصة، وودملكي، ومن أجل أبوزبد المرين، وحتى يستريح كباشي سيد الزوق وديني ود دردوق، نحضر خضار السوق.
سنحضر النهود وإن تأخرت خيولنا، وليتنا نجد من أفسد الأرض وهلك الضرع وجعل أعزّة أهل النهود أذلّة، وكذلك يفعلون.
????*يوسف عبد المنان*