بلادنا بين مطرقة الحرب وسندان الكوارث الطبيعية
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
أحمد الملك
تتلاحق الكوارث في هذه البلاد المنكوبة، فيما حكام الساحل مشغولون باستقبال (المغنيات) الداعمات لاستمرار الحرب والاحتفال بالانتصارات الوهمية ونهب كل ما تبقى من موارد. فنظام الفلول في بورتسودان يستمد شرعيته من الحرب ويعتاش على ريع الكوارث.
تجار الحروب وتجار الإغاثة .يرفضون الذهاب للتفاوض مع القوات التي صنعوها بأنفسهم وقوّوا شوكتها، لأن التفاوض قد يفضي الى نهاية الحرب ونهاية الحرب ستفضي الى زوال ملكهم، وعودة الفلول الى مربع المحاسبة عن جرائم الثلاثة عقود والتي أشعلوا الحرب طمعا في تفاديها، تلك الجرائم التي قادت إلى الوضع الذي تعيشه بلادنا الآن من حرب وكوارث.
السيول والأمطار الكثيفة تمسح قرى كاملة من الوجود، سدود وشوارع تذوب مثل قطع البسكويت، البنية التحتية التي تم إنجازها في فترة الفساد الانقاذية، لم يكن الغرض منها انشاء بنية تحتية حقيقية تصمد لسنوات وتكون سندا لتنمية حقيقية متوازنة تدعم السلام والاستقرار في هذه البلاد، كانت الانشاءات في العهد الخراب مجرد أبواب يتم فتحها للعمولات والرشاوي وتوزيع القروض على شركات محاسيب التنظيم.
أذكر انني سمعت من موظف عمل في وزارة الخارجية في فترة السبعينات والثمانينات، وكان مسئولا عن العطاءات التي يتم عن طريقها توريد احتياجات الوزارة من أدوات مكتبية وغيرها، قال أنه كان يقوم مع اللجنة المنوط بها فحص العطاءات، بتقييم الطلبات ومن ثم يقوم برفع توصية إلى الوكيل لقبول أقل عطاء من حيث القيمة المادية يستوفي في الوقت نفسه الشروط المطروحة في اعلان العطاء. لكن الأمر تبدل مع بزوغ(فجر) الإنقاذ الكاذب، أصبحت الأوامر تأتي بقبول عطاءات جهات معينة (شركات المحاسيب) ويكون العطاء في الغالب هو اعلى عطاء من حيث التكلفة واقلها من حيث جودة المواد! كانت تلك البداية التي تناسلت وعمت كل شيء حتى عم الخراب الوطن كله! لذلك ليس بمستغرب أن تذوب الكباري في الماء وتنشق الطرق أمام السيول بفضل عصا الفساد والتنمية العشوائية!
والمدهش أن نفس هذا الخائن الذي نهب الوطن وتلاعب في كل شيء فيه، وافشى العنصرية وأحيا نيران عصبية القبيلة، وفرّط في الأرض وفصل الجنوب، هو من يوزع صكوك الوطنية الآن! ويقود معركة (الكرامة) ضد المليشيا التي صنعها بنفسه ليس فقط حربا على الشعب، لكنه يستخدمها الآن كعدو في حربه على شعبنا وثورته. لذلك يحارب ليلا ونهارا ضد أية بادرة سلام قد تحقن الدماء وتعيد السلام والاستقرار في هذه البلاد.
بدلا من أن يبادر بقبول مبادرات السلام، ينحني البرهان أمام عاصفة الفلول الذين يهددون علنا بإستبداله، وأمام أحلامه بالبقاء في العرش الذي حلم به والده، ويسعى في تعيين حكومة ستكون حتى وان استعان فيها بأشخاص مستقلين مجرد دمية في يد الفلول. ليحرز بها شرعية فقدها بتآمره مع الفلول على ثورة ديسمبر المجيدة. حكومة تفتقد لأية شرعية مثل مجاس سيادته الذي تبدل كله ولم يصمد فيه عضو سواه! ، لتقود التفاوض وتحفظ بقاء الفلول في المشهد.
انها المؤامرة التي بدأت بالابقاء اللجنة الأمنية للديكتاتور المخلوع لتكون جزءا من المشهد بعد سقوطه، وكان خطأ قوى الحرية والتغيير انها لم تستمع لنصيحة المناضل الشهيد علي محمود حسنين في عدم التفاوض مع العسكر الا على التسليم فقط.
لقد سعت قوى الحرية والتغيير برغم ذلك إلى محاولة رفع الأنقاض واستعادة الدولة من براثن التنظيم النازي الاسلاموي، فنجحت في رفع اسم السودان من قوائم الإرهاب، وحقق الاقتصاد بعض التحسن رغم الحرب الضروس التي شنتها الدولة الكيزانية العميقة، نجاح الحرية والتغيير والإصرار على تصفية النظام القديم، وكشف فساده الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا، كان هو السبب الرئيسي لوقوع الانقلاب واشعال التنظيم للحرب حين فشل الانقلاب.
انه الكارثة الحقيقية التي حاقت بهذه البلاد، والتي ما لم يتم تداركها ستودى بهذه البلاد إلى مزيد من التشرذم. فحتى في غمار هذه الحرب العبثية، يستمر التنظيم في هوايته المفضلة: تجييش الكتائب والمليشيات التي لن تقود الا إلى اشعال المزيد من النيران والفتن التي تهدد بقاء هذه البلاد موحدة، وتهدد ما تبقى من تماسك نسيجها الاجتماعي.
أحمد الملك
#لا_للحرب
#نعم_لكل_جهد_وطني_لوقف_الحرب_العبثية
ortoot@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه البلاد
إقرأ أيضاً:
التنظيم والإدارة يستقبل سفراء الدول الآسيوية لعرض التجربة المصرية في الإصلاح الإداري
استقبل المهندس حاتم نبيل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة اليوم الخميس، سفراء الدول الآسيوية المعتمدين لدى مصر برئاسة سفير سنغافورة دومينيك جو كيان سوي عميد السلك الدبلوماسي الآسيوي، بحضور السفير أحمد شاهين مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية، وذلك في إطار التنسيق والتعاون بين وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة،
وتناول المهندس حاتم نبيل التطور التي تشهده عملية الإصلاح الإداري في مصر بدعم من القيادة السياسية، والدور المنوط بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في تنفيذ خطة الإصلاح الإداري.
كما استعرض المهندس حاتم نبيل جهود الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في تطبيق معايير الحوكمة والشفافية والفرص المتساوية للتعيينات في الوظائف الحكومية من خلال تنفيذ منظومة مركزية الكترونية متكاملة تتيح التقدم لهذه الوظائف وإجراء الاختبارات بدون تدخل بشري، والتي تتم في مركز تقييم القدرات والمسابقات التابع للجهاز، حيث يتولى المركز ايضاً مهام التدريب للعاملين والمرشحين للوظائف القيادية بمؤسسات الدولة، مبرزا حرص الجهاز على توفير فرص متساوية للأشخاص ذوي الإعاقة مع غيرهم من المتقدمين للوظائف، وذلك بإجراء الاختبارات في قاعات مجهزة مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة بالمركز، تطبيقاً لنص القانون الذي حدد نسبة 5% من الوظائف الحكومية للأشخاص ذوي الإعاقة.. وتم خلال اللقاء بث حي للاختبارات التي تجري في نفس اليوم بمركز تقييم القدرات والمسابقات.
وأكد المهندس حاتم نبيل تطلع الجهاز للتعاون وتبادل الخبرات مع الأجهزة المماثلة في الدول الآسيوية.
ودار خلال اللقاء نقاش موسع، أشاد خلاله السفراء بالتجربة المصرية في مجال الإصلاح الإداري خاصة مع تشابه الظروف في مصر مع الدول الآسيوية، معربين بدورهم عن اهتمامهم بإيجاد اطر للتعاون مع بلدانهم في هذا المجال وتحقيقاً للاستفادة المشتركة من أفضل الممارسات.