ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وتحدث فيها عن الإمام السيد موسى الصدر في ذكرى تغييبه مشيرا إلى أن "الإمام الصدر أكد قيمة الإنسان بالصيغة السياسية أو الإنسان المواطن، كقيمة حاكمة فوق الطوائف، وفي هذا المجال كان يعتقد أن المشتركات الحقوقية يجب أن تكون فوق الخصوصيات الطائفية، إذا كنا نريد تكوين بلد يليق بكرامة شعب الله ورعيته".

  وتابع: "من هنا خاض الإمام الصدر حربا مكلفة ضد الاقطاعيات، وأيضا كان يعتقد أن القوانين التي تزيد الطبقة الثرية ثراء والطبقة الفقيرة فقرا ليست أكثر من إبادة جماعية باسم القانون، وبنفس الوقت حذر فيه من الإنسان المجرم والطاغية والمستبد والمهووس بالسلطة أو الثروة أو القتل على الهوية، وكان له موقف كبير من الحرب الأهلية، وهو الذي أسس لمقولة العائلة الواحدة، وهو الذي كان يقول من يربح الحرب الأهلية يخسرها، ولا شيء أخطر على لبنان من النزعة الطائفية، كان يدعو الكنيسة والمسجد لتكريس المشتركات الأخلاقية، التي تزيد من لحمة الشراكة بين رعية الله".   وأضاف: "أما بخصوص موقف الإمام الصدر من القدس وفلسطين، فمواقفه تاريخية، حيث أصر على أن القدس بكل مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وفلسطين بكل طوائفها ومدنها، تعتبر قضية القضايا، وطالما حذر من العقل والنزعة والتراث اليهودي، لأنه تراث يقوم على الغدر والمكر والقتل والعدوان والفظاعات". ولفت إلى "أن إسرائيل أسوأ من الشيطان (وهي كلمة شهيرة للإمام الصدر)، وذلك لأن الشيطان لا يملك إلا الوسوسة فقط، فيما عقل إسرائيل يعيش عقدة الوسواس الوحشي القهري الذي لا يشبع من القتل والغدر والإبادة. ولذلك، باشر بتأسيس أفواج المقاومة اللبنانية "أمل"، مع تقديمه ثقافة المقاومة بطريقة تجمع كل الطوائف والعقول، وله في هذا المجال مواقف قل نظيرها. ولأنه يؤمن بالقضية الفلسطينية تحول إلى ضامن وطني في هذا البلد للقضية الفلسطينية. إلا أنه لم يرتض للثورة الفلسطينية أن تضيع في زواريب لبنان، وهذا كلفه أثمانا غالية".   أضاف: "ولأن الحديث عن الإمام الصدر يطول أكتفي بإصراره على تأمين بيئة مقاومِة، وثقافة مقاومة، وثروة مقاومة، ومدرسة أخلاقية تليق بأجيال المقاومة، وبنفس الوقت أصر على بناء الاقتصاد المقاوم، والعائلة الوطنية المقاومة، والإعلام المقاوم، والسياسات الوطنية المقاومة، وأكد في هذا المجال أن الأنبياء والأولياء مثلوا أعلى صيغ المقاومة وأشرف معانيها وأدوارها".    وتوجه المفتي قبلان "للقوى السياسية والدينية بل لكافة الشعب اللبناني" :"إن تاريخ الإمام الصدر تاريخ إنسان وبلد وشراكة أخلاقية وإنسانية وسياسية، وهو الشخصية التاريخية التي حذرت من السرطان الإسرائيلي والمشروع الأميركي".   وأكد "أن المقاومة أكبر الضمانات السيادة الوطنية ليس في لبنان فقط، بل في لبنان وفلسطين وكل مناطق التهديد السيادي. واليوم البلد والمنطقة فوق صفيح ساخن، وسط مشروع أميركي صهيوني يريد ابتلاع لبنان وفلسطين وباقي المنطقة".
 
وأشار الى أن "المطلوب من المطبخ الوطني الاهتمام بالأولويات الوطنية، وليس بأولويات واشنطن التي تتعامل مع لبنان من خلال مصالح تل أبيب، ومن الواضح أن نتنياهو يريد مكاسب سياسية وهو يراوغ بشدة، وعينه على "تطويل" مدة الحرب على غزة، وتسخين كل الجبهات بخلفية زج واشنطن والأطلسي في حرب المنطقة".
 
وتابع : وللمرة الألف، أعود وأقول: ما تقوم به المقاومة اليوم مصلحة وطنية استراتيجية، ولا بديل سياديا عن المقاومة وتضحياتها التاريخية".
 
ووجه قبلان خطابه، الى "اليونيفيل :"التجول في جبهة المواجهة وقراها وبين بيوتها خلسة وبلا مصاحبة الجيش اللبناني هذا عمل جواسيس، ولن نقبل بأي قوة جاسوسية في البلد مهما كانت صفتها الأممية، فالأمم المتحدة ومؤسساتها ومجالسها لا قيمة لها ولا صدقية لها، ولا أمان لها، فلبنان محمي بمقاومته وشعبه وجيشه وليس بقوات أممية تمارس الجاسوسية الخبيثة. فلسنا بحاجة أبدا لقوات أممية تعمل لصالح الموساد. والجيش اللبناني وقائد الجيش اللبناني مطالب بوضع حد لليونيفل، وموقفنا جاد للغاية وليس للدعاية والتسويق الإعلامي".
 
وللأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية، قال المفتي قبلان:"الدعارة تكتسح بيروت والمناطق بشكل لا سابق له على الإطلاق، وخدمة "التيك توك" الصينية وشبيهاتها بات حانة للدعارة والتجارة الإباحية ومافيا الجنس وصيد الأطفال وتجارة الأعضاء البشرية، ولا بد من تقييد هذا الموقع وأشباهه أو إغلاقها، فالقيم الأخلاقية وحماية أسرنا خطوط حمر لا نقبل بتجاوزها، الحكومة اللبنانية مسؤولة عن حماية الأخلاق في البلد، وكثرة النوم مضرة، فلن نسمح بتسليع لبنان وتحويله إلى حانات فلتانة".
 
أما على مستوى فلسطين، فقد اعتبر "أن الطغيان العسكري الذي تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية هو برسم مصر والأردن وقطر والإمارات، ولا يحتاج الصهيوني "بن غفير" إلا للأسمنت والحجارة من بعض الدول العربية كي يبني كنيسه اليهودي في باحات المسجد الأقصى، ولمن يهمه الأمر أقول: أقدام إسرائيل ترتجف، وجدران كيانها تتفسخ، ويد المقاومة هي الأقوى، والمستقبل لمحورها، وليس لإسرائيل وداعميها، ولبنان لن يكون إلا وطن الشرف والكرامة والسيادة الوطنية".

وختاما ، خاطب "الإخوة المسيحيين" في لبنان :"أنتم لستم شركاء بل إخوة قلب وقيم دين وإنسان، ولبنان لن يكون إلا وطن العائلة الوطنية، التي تتشكل منها كل طوائفه".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الإمام الصدر فی هذا

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: عالم اليوم يمر بظروف حرجة وأزمة أخلاقية عاصفة

أصدرت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر العدد الجديد من مجلتها الشهرية «منبر الوافدين»، في إطار إصداراتها الإعلامية الهادفة إلى تثقيف وتوعية الطلاب الوافدين. 

شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز دعم التعاون الديني.. صورالأزهر صوت الحق.. دعم جزائري لمواقف الإمام الأكبر تجاه فلسطين

وتصدّر غلاف العدد صورة تجمع فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس الثاني، تحت العنوان الرئيس: «شرائع الأديان سلام الأوطان». كما تضمن العدد مقالًا لفضيلة الإمام الأكبر بعنوان: «الأوطان تشتاق إلى سلام دائم وعيش لا عنف فيه ولا إرهاب».

وفي مقاله، أكد الإمام الأكبر أن عالم اليوم يمر بظروف حرجة وأزمة أخلاقية عاصفة، حتى غدت معاني المحبة والسلام استثناءً في ظل سيطرة الأنانية والكراهية والصراع، مشيرًا إلى أنه: «لا يكاد يوجد وطن إلا وهو يشتاق إلى سلام دائم وعيش لا عنف فيه ولا إرهاب». وأعرب فضيلته عن أسفه الشديد لاتهام الأديان زورًا بأنها مصدر الإرهاب، مشددًا على أن السلام لن يعمّ العالم إلا إذا تعاونت المؤسسات الدينية وقادتها يدًا بيد على صناعته، مذكرًا بنداء الأزهر منذ أكثر من سبعين عامًا بضرورة إحلال السلام بين رجال الأديان أنفسهم، ثم بينهم وبين المفكرين وأصحاب القرارات المصيرية، قبل نشره بين الناس كافة.

كما ضم العدد مقالًا للدكتور عباس شومان، رئيس مجلس إدارة المنظمة، أوضح فيه أن إرادة الله تعالى اقتضت اختلاف البشر في أديانهم ومعتقداتهم ومذاهبهم، ومنح الإنسان حرية الاختيار ليحاسب كل فرد أمام خالقه. 

وأكد أن القرآن الكريم والسنة النبوية وجّها البشرية إلى العيش في إطار وحدة إنسانية قائمة على المساواة والعدل والتقوى، بعيدًا عن أي تمييز عرقي أو ديني. وأضاف أن القيم الإنسانية العليا (كالعدل والرحمة والتسامح والوفاء بالعهد وحب الأوطان) ليست حكرًا على فئة بعينها، مشددًا على أن الالتزام بتعاليم الأديان الحقة يعزز قيم المواطنة ويحقق الانسجام المجتمعي، لتظل راية الوطن مرفوعة بسواعد جميع أبنائه مسلمين وغير مسلمين، في ظل عدالة تصون الحقوق وتُعلي الواجبات.

وتناول الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، في مقاله مفهوم المواطنة في المجتمع متعدد الديانات، مبينًا أنها تقوم على دمج جميع أفراد المجتمع – على اختلاف معتقداتهم – في نسيج الوطن الواحد، بما يتيح لهم المشاركة الفاعلة في الحياة العامة والمساهمة في تنمية مجتمعاتهم. وأشار فضيلته إلى جهود الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر في نشر قيم الوسطية والاعتدال وتصحيح المفاهيم المغلوطة، مستشهدًا بـ«وثيقة الأخوة الإنسانية» التي وقّعها الإمام الأكبر مع الراحل قداسة البابا فرنسيس واعتمدتها الأمم المتحدة، فضلًا عن تأسيس بيت العائلة المصرية بالتعاون مع الكنيسة المصرية.

كما نشرت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر وعميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، مقالًا أوضحت فيه أن الرسالات السماوية جاءت لإطفاء نيران الصراع، وأن شرائعها وضعت نظامًا متكاملًا للسلام يبدأ من العقيدة ويتجسد في السلوك، مؤكدةً أن الأديان لم تكن يومًا سببًا في إراقة الدماء، بل كانت صوتًا يدعو إلى الرحمة والتعقل والعدل.

واختُتم العدد بمجموعة من المقالات التي خطّها الطلاب الوافدون، عبّروا فيها عن جوهر وسطية الشرائع السماوية ورسالتها في إرساء التعايش المشترك، والعمل معًا على ترسيخ قيم السلام والعدل والمحبة بين الشعوب على اختلاف أديانها وثقافاتها، مؤكدين أن رسالة الأديان تقوم على بناء الإنسان ونشر الطمأنينة والوئام، بما يجسد رؤية الأزهر في تعزيز الحوار الحضاري وترسيخ أسس التفاهم بين الأمم.

طباعة شارك الأزهر الوافدين الإمام الأكبر البابا تواضروس شيخ الأزهر الأديان

مقالات مشابهة

  • بالصورة.. إليكم شعار الذكرى الـ47 لتغييب الإمام موسى الصدر
  • إشادة أممية وشراكة وطنية لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025–2032
  • المفتي: ثورة الذكاء الاصطناعي من أكبر التحديات التي عرفها العصر الحدي
  • المفتي قبلان استقبل بهاء الحريري: لمنع الفتنة السياسية والطائفية
  • شيخ الأزهر: عالم اليوم يمر بظروف حرجة وأزمة أخلاقية عاصفة
  • عون: سنتعرض لضغوطات لكن مصلحة لبنان فوق كل اعتبار
  • باسم نعيم : نتنياهو يواصل “الأكاذيب” التي اعتاد عليها منذ بداية الحرب
  • مصلحة الأبحاث الزراعية تحذر من أمطار رعدية وسيول محتملة اليوم
  • خريس: للسيادة العادلة التي تصون إنجازات المقاومة
  • قبلان: لا للعبة الإستسلام الوطني