عربي21:
2025-08-13@03:42:14 GMT

مرارة اغتيال أنس الشريف وزملائه

تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT

لم يكن هناك ما هو مؤلم أكثر، بعد اغتيال الاحتلال الإسرائيلي لستة صحافيين فلسطينيين بصاروخ حوّلهم إلى أشلاء داخل خيمتهم في ساحة مستشفى الشفاء في غزة، سوى أن تخرج بعض الصحافة الغربية بعناوين وتقارير عن الحدث هي، بلا مواربة ولا تردد، قمة النذالة.

«مقتل إرهابي متنكّر بزي صحافيي غزة»… هكذا عنونت صحيفة «بيلد» الألمانية مقالها عن الحدث مع صورة أنس الشريف مراسل «الجزيرة» في غزة الذي اغتيل مع زميله محمد قريقع والمصوّرين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، إلى جانب الصحافيين الفلسطينيين مؤمن عليوة ومحمد الخالدي.



هكذا وبكل بساطة تتبنى هذه اليومية واسعة الانتشار اتهامات جيش الاحتلال بأن أنس الشريف مقاتل مع حركة «حماس»، مع أن كل المنظمات العالمية المدافعة عن حرية الصحافة قالت إن هذا الجيش لم يقدّم الأدلة على صحة هذا الاتهام.

وكما قالت إيران خان المقرّرة الأممية الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير فإن إسرائيل لو كان لديها فعلا مثل هذه الأدلة لنشرتها على نطاق واسع لكن ذلك لم يحصل، فيما قالت فرانشيسكا ألبانيزي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالأراضي الفلسطينية المحتلة إن من «الطبيعي» اتهام أنس الشريف بأنه عنصر من «حماس» وذلك لتبرير استهدافه ليس إلا.

سقطة مهنية وأخلاقية أخرى يقع فيها هذه المرة مراسل «البي بي سي» في القدس جون دونيسون، الذي وإن أشار إلى أن جيش الاحتلال قدّم «أدلة قليلة» على اتهامه لأنس الشريف بـ«الإرهاب»، إلا أن ذلك لم يمنعه من القول إن هناك إشكالا، حسب رأيه، في النسبة والتناسب لأن هذا الجيش بقتله الشريف قتل آخرين لا اتهامات وجّهت إليهم بالعلاقة مع «حماس»!!.

لم يجد ريكاردو غوتيرش الأمين العام لاتحاد الصحافيين الأوروبيين، عندما سئل عن الحادثتين، سوى أن يعبّر عن امتعاضه من ممارسات كهذه، لكن ذلك يجب ألا يحجب عنا أهمية الموجة الواسعة من التنديد العالمي بحادثة الاغتيال التي رفعت عدد ضحايا مثيلاتها إلى 238 صحافيا في أقل من عامين، وهو رقم مفجع لم يحصل في أي حرب سابقة، بما في ذلك الحربان العالميتان.

لقد أعربت كبرى الاتحادات والنقابات الصحافية العالمية عن تنديدها بهذه الممارسات الإسرائيلية المنفلتة من كل قانون أو إنسانية، كما أعرب عديد السياسيين في العالم عن مواقف مماثلة، باستثناء الولايات المتحدة التي لم يبق لإسرائيل من حليف في العالم سواها تقريبا. في المؤتمر الصحافي للرئيس ترامب الاثنين وبعد عملية الاغتيال، لم يشر ولو بكلمة واحدة إلى ما جرى. الأدهى والأمر أن لا أحد من الصحافيين والمراسلين تجرّأ وسأله عن هذه الجريمة بعد أن جرى اختيار مسبق لمن يمكنه طرح سؤال.

صدق وهو الكذوب نتنياهو حين اعترف في مؤتمره الصحافي الأخير بخسارة الإعلام أمام الرأي العام الدولي، لكن ذلك لا يعني بحال استعدادا لأي تعديل لسياساته العدوانية فهو يرى، وغلاة المتطرّفين المتحالفين معهم، أن المشكلة هي في تعاملهم مع الإعلام العالمي وفي الرسائل التي يوجهونها إليه، والأناس الذين يتحدثون إليه، أو ممن يدلون بتصريحات خرقاء، وليست في ممارساتهم الوحشية وقتلهم اليومي للمدنيين الأبرياء وتجويع الناس حد الموت وخاصة من الأطفال.

ما يخيف أكثر في توقيت هذا الاغتيال أنه يأتي «تحضيرا لمجزرة كبيرة في مدينة غزة يريدونها أن تكون بلا صوت ولا صورة» كما صرح بذلك محمد أبو سلمية مدير مستشفى الشفاء، لكن لا يبدو أن ذلك سيفت في عضد الصحافيين الفلسطينيين الذين ما زالوا يواجهون الموت وهم يقومون بنقل معاناة أهاليهم إلى العالم.

هم الوحيدون القادرون على ذلك اليوم طالما أن إسرائيل تمنع دخول الإعلام الدولي إلى غزة بدعوى الخوف على سلامة العاملين فيه، وكأنها تقول للعالم كله «دعونا نتعامل فقط مع هؤلاء الصحافيين الفلسطينيين لأننا قادرون على تصفية الكثير منهم ساعة نشاء وهو أمر من الصعب جدا أن نفعله مع الأمريكيين والأوروبيين وغيرهم!!».

واضح جدا، وبشكل لم يعد يحتمل الجدل، أن إسرائيل لا يردعها إلا موقف أمريكي حازم، وهذا لم يحدث ولن يحدث، وبالتالي لم يبق سوى سلاح العقوبات الذي بدأت بعض الدول الغربية في اللجوء إليه تدريجيا وبخطوات محتشمة، لكن التطور الأبرز يبقى إعلان صندوق الثروة السيادي النرويجي توقعه التخلي عن المزيد من الاستثمارات بالشركات الإسرائيلية كجزء من مراجعته المستمرة بسبب الإبادة الجماعية في قطاع غزة وما يجري الضفة الغربية.

المؤلم والمشين في هذا السياق، أن الأصوات الحرة تطالب العالم كله بمثل هذه العقوبات لردع العدوان في وقت تواصل فيه دول عربية علاقاتها التجارية والاقتصادية مع دولة الاحتلال وكأن شيئا لم يكن، بل وتعقد صفقات جديدة كبرى كصفقة الغاز المصرية بـ35 مليار دولار، مع أنه كان بالإمكان على الأقل، ومن باب أضعف الإيمان ليس أكثر، تأجيلها إلى ما بعد انتهاء العدوان على غزة، كحركة ضغط رمزية لتجنب الإحراج في أهون الأحوال. يا إلهي.. حتى هذا بات متعذّرا؟!! يا للعار.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه اغتيال الاحتلال غزة غزة اغتيال الاحتلال انس الشريف مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أنس الشریف

إقرأ أيضاً:

ارتفاع حصيلة الشهداء الصحافيين في غزة إلى 238 شهيداً

الجديد برس| أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم الاثنين، عن ارتفاع عدد الشهداء من الصحافيين إلى 238 منذ بدء الإبادة الإسرائيلية، وذلك عقب استشهاد الصحافي محمد الخالدي متأثراً بإصاباته جراء الغارة التي استهدفت محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة. وأوضح المكتب في بيانه أن الخالدي، الذي كان يعمل مع منصة ساحات، هو الشهيد السادس الذي ارتقى في المجزرة المروعة التي ارتكبها الاحتلال بقصف مباشر لخيمة الصحافيين قرب المستشفى، إلى جانب كل من: أنس الشريف ومحمد قريقع (مراسلا قناة الجزيرة) إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة (مصوران صحافيان) محمد نوفل (مساعدهم الإعلامي) وفي وقت سابق، أدان نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ هذه الجريمة، واصفاً استهداف الصحافيين بأنه جريمة حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، داعياً المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بحرية الصحافة إلى تحرك عاجل لمحاسبة الاحتلال ووقف جرائمه. وأشار البيان إلى أن أنس الشريف ومحمد قريقع واصلا نقل مشاهد القصف والدمار منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، رغم التهديدات وحملات التحريض الإسرائيلية، حيث فقد الشريف والده في قصف منزله بمخيم جباليا في ديسمبر/كانون الأول 2023. ونشرت إدارة صفحة الشريف على منصة “إكس” وصيته المؤثرة التي كتبها في أبريل/نيسان الماضي، وجاء فيها: “أوصيكم بفلسطين درة تاج المسلمين.. أوصيكم بأطفالها المظلومين، لا تنسوا غزة وكونوا جسوراً للتحرير”. ويشن الاحتلال الاسرائيلي، بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية على غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها، ما أسفر حتى الآن عن 61,430 شهيداً و153,213 جريحاً، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، ونزوح مئات الآلاف، ومجاعة أودت بحياة 217 شخصاً، بينهم 100 طفل.

مقالات مشابهة

  • “هند رجب” تلاحق قتلة الصحفي أنس الشريف وزملائه في المحكمة الجنائية الدولية
  • “هند رجب”: 6 من قادة العدو الصهيوني مسؤولون عن قتل الصحفي أنس وزملائه
  • مدير مكتب الجزيرة بتونس: اغتيال الشريف وزملائه تمهيدا لغزو غزة في صمت
  • ارتفاع حصيلة الشهداء الصحافيين في غزة إلى 238 شهيداً
  • بيان لـحزب الله بعد اغتيال الصحافيين في غزة‎.. هذا ما جاء فيه
  • الجزيرة: اغتيال أنس الشريف وزملائه محاولة لإسكات الأصوات
  • العربية لحقوق الإنسان: اغتيال الشريف جريمة إسرائيلية ممنهجة لإسكات الحقيقة
  • حماس: اغتيال الشريف وقريقع جريمة وحشية لكتم صوت غزة قبل مجزرة كبرى
  • "الأورومتوسطي": اغتيال الصحفيين الشريف وقريقع تمهيد لمذبحة كبرى يخطط لها الاحتلال