علي جمعة: الاعتماد على الأسباب شرك وتركها جهل
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
يتجلى الله سبحانه وتعالى في كل شئ حولنا، ففي كل شئ آية تدل على أنه الواحد الأحد، فالتجلي الإلهي هو أنه عز وجل وراء كل أمر: فعال لما يريد، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وفي هذا السياق قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق أن التجلي الإلهي يجعل الإنسان مستحضرا لله في كل شيء، في كل سكنة، في كل حـركة، وعندما تقرأ كتــاب (الحِكَم) للإمام ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تجدها كلها مبنية علىٰ هذا، علىٰ أنه لا حول ولا قوة بي، ولا لي، وإنما الحول والقوة لله، وبالله، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وأن الأمر كله بيد الله.
الاعتماد على الأسباب شرك وتركها جهل
وأضاف جُمعة أنه مع ذلك فإن الاعتماد علىٰ الأسباب شرك، وترك الأسباب جهل، ولما أن أراد النبي ﷺ أن يخرج إلىٰ أُحُد (خالف بين درعيه) [أبو داود] أخذاً بالأسباب، فأخذ ﷺ بالأسباب ليعلمنا المنهج الأمثل في التعـامل مع كون الله تعالىٰ، حتىٰ علمنا أن حقيقة التوكل الأخذ بالأسباب، فقال لنا ﷺ: «لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا» [الترمذي].
وتابع جمعة أن العلماء قالوا أنها تغدو وتروح أخذاً بالأسباب، لم تمكث في وكناتها، بل أخذت بالسبب، فراحت ورجعت، فرزقها المولىٰ -سبحانه-، فقوله: (تَغْدُو وتَرُوح) يشير إلىٰ وجود حركة، فهي إذن لا تترك الأسباب، وكأن الحق سبحانه يربي الأكوان كلها علىٰ التأدب بأدب الله في الأخذ بأسبابه، التي أوجدها وخلقها في كونه، ويعلمنا أيضا: أن المؤمن رغم أخذه بالأسباب، إلا أنه لا يعتمد عليها، فالفلاح يلقي الحب، ثم يدعو ويقول: (يا رب)، هذا هو المسلم الذي أقام حضارة، يؤمن فيها بالتجلي الإلهي.
وأشار جُمعة أن التجلي الإلهي مبني أيضا علىٰ أن الحق سبحانه له أسماء، وأسماء الله الحسنىٰ مائة وثلاثة وخمسون اسما في القرآن الكريم، ومائة وأربعة وستون اسماً في السُنّة المطهرة، فمع حذف المكرر منها تكون أسماؤه -سبحانه- مائتين وعشرين اسما، وهي تمثل: (منظومة القيم) التي عاشها المؤمنون، بعضها للجمال، وبعضها للجلال، وبعضها للكمال، فالجمال مثل: (الرحمن، الرحيم، العفو، الغفور، الرءوف).
صفات الجلال والكمالوالجلال مثل: (المنتقم، الجبار، العظيم، شديد المحال، جل جلال الله).
والكــمال: (الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الضار، النافع، المعز، المذل، السميع، البصير).
وهناك أيضا ما يسمونه بـ (الأسماء المزدوجة): فـ (الأول الآخر) معا كلاهما اسم ، و(الضار النافع) اسم، و(الظاهر الباطن) اسم؛ لأنه بهما الكمال المطلق لله رب العالمين.
وانتهى جُمعة إلى أن هذه المنظومة التي توصلك إلىٰ: "التخلي ، والتحلي ، والتجلي"، الأول: أن تخلي قلبك من القبيح، ثم تحليه بالصحيح، ثم يحدث التجلي، فيتجلىٰ الله بأنواره وأسراره علىٰ قلبك، فتخرج من دائرة الحيرة إلىٰ دائرة الرضا، { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاعتماد على الأسباب شرك الأسباب
إقرأ أيضاً:
العمرة حكمها وفضلها وشروط وجوبها.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن العمرة في اللغة هي الزيارة، واعتمر في اللغة بمعنى زار. غير أن معناها الشرعي غلب في الاستعمال على معناها اللغوي.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن العمرة هي زيارة بيت الله الحرام زيارة محرم مشتملة على طواف وسعي وباقي أركان وواجبات العمرة، وقد شرع الله العمرة في السنة السادسة من الهجرة على الراجح، وأما الحج فقد شرع في سنة تسع أو عشر على الراجح كذلك.
حكم العمرة
اختلف الفقهاء في حكم العمرة، فمنهم من قال بوجوبها، ومنهم من قال بندبها فقط، ومنهم من فرق بين المكي وغيره، فأوجبها على غيره، ولم يوجبها على المكي، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها واجبة على المكي وغيره بدليل قوله تعالى : {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } فالأمر بالإتمام معناه الأداء والإتيان بهما كما في قوله تعالى : {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} أي ائتوا بالصيام، تفسير من ذهب إلى وجوب العمرة كما نقله القرطبي وغيره.
والراجح أن العمرة واجبة، للآية المذكورة، وقد بوب البخاري باباً في صحيحه بعنوان «باب وجوب العمرة وبيان فضلها» وروى عن عبد الله بن عمر قوله : «ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة» [صحيح البخاري] وقال ابن عباس رضي الله عنهما : «إنها لقرينتها في كتاب الله ثم تلا قوله تعالى : {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ... الآية » [صحيح البخاري].
وفي إحدى روايات حديث جبريل عندما سأل النبي ﷺ عن الإسلام فقال : «أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وان تقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة وأن تتم الوضوء وتصوم رمضان قال فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم قال نعم قال صدقت» [صحيح ابن خزيمة].
شروط وجوب العمرة
فيشترط لوجوب العمرة : العقل والإسلام ، والبلوغ والحرية ، والاستطاعة، والاستطاعة شرط لفرضية العمرة فقط ، لكن لا يتوقف عليها سقوط الفرض عند من يقول بفرضية العمرة أو وجوبها ، فلو اعتمر من لم تتوفر فيه شروط الاستطاعة صحت عمرته وسقط الفرض عنه.
فضل العمرة
للعمرة فضائل عديدة، وخصال حميدة، وآثار عظيمة، ومن أبرز فضائل العمرة تكفير الذنوب واستجابة الدعوات فقد ورد في ذلك المعنى أحاديث كثيرة منها : ما رواه أبو هريرة -رضى الله عنه- عن رسول الله ﷺ أنه قال : «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما , والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» [أخرجه أحمد ، وابن حبان] . وما رواه أبو هريرة -رضى الله عنه- أيضا عن رسول الله ﷺ أنه قال : «الحجاج والعمار وفد الله , إن دعوه أجابهم , وإن استغفروه غفر لهم» [ابن ماجة ، والبيهقي في الشعب].
وجوه أداء العمرة
1- إفراد العمرة : وذلك بأن يحرم بالعمرة أي : ينويها ويلبي - دون أن يتبعها بحج - في أشهر الحج, أو يحج ثم يعتمر بعد الحج, أو يأتي بأعمال العمرة في غير أشهر الحج فهذه كلها إفراد للعمرة.