محللون: نتنياهو يخشى الاحتجاجات وقد يبدي مرونة بصفقة التبادل
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
القدس المحتلة – يرقب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصاعد الاحتجاجات الجماهيرية وتداعيات الإضراب الاقتصادي الشامل الذي أعلن عنه اتحاد النقابات العمالية "الهستدروت" دعما لمنتدى عائلات المحتجزين في قطاع غزة للضغط على حكومته لإبرام صفقة تبادل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وأتى الإضراب الذي أعلن عنه رئيس "الهستدروت" أرنون بار ديفيد، بالتزامن مع تصعيد مظاهرات عائلات الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية بغزة، الذي انضمت إليه حركات سياسية ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب من معسكر المعارضة، وذلك بعد اعتراف الجيش الإسرائيلي بالعثور على جثث 6 محتجزين أسرى داخل نفق في رفح أمس الأحد.
وشمل الإضراب، الذي بدأ عند الساعة السادسة من صباح اليوم الاثنين، كافة المرافق الاقتصادية والتجارية والخدماتية والوزارات الحكومية والمواصلات العامة ومطار اللد "بن غوريون" وشركات التكنولوجيا والمدارس والمحاكم والجامعات والقطاع الصحي والمجالس والبلديات.
نقطة تحولبدت مشاهد الاحتجاجات -التي تُعتبر الأوسع منذ بدء "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة- وكأنها نقطة تحول في الحراك الهادف لإسقاط حكومة نتنياهو، التي فشلت في تحقيق أهداف الحرب وترفض التوصل لصفقة تبادل تضمن إعادة الأسرى.
ووسط تصاعد الغضب الجماهيري ضد حكومة نتنياهو، عكست هذه الحالة عمق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، وعززت الانقسام والاستقطاب السياسي والحزبي وتصدع الإجماع الذي كان داعما للحرب في أشهرها الأولى، مع تأكيد القناعات أن نتنياهو ضحى بالمحتجزين الأسرى في سبيل البقاء على كرسي رئاسة الوزراء.
وتعتقد الكاتبة الإسرائيلية سيما كدمون أن قضية العثور على جثث المحتجزين الستة ستكون نقطة تحول في كل ما يتعلق بالحراك من أجل إبرام صفقة تبادل وباستمرار الحرب على غزة، مشيرة إلى أن الإضراب الشامل وإمكانية تمديده يعكسان حالة الخلافات على أهداف الحرب والانقسام بشأن استمرارها.
وفي مقال لها بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، قالت كدمون إن "الشعور بالخذلان وحالة الضياع ومشاعر الذنب ترافق المجتمع الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكذلك الغضب من سلوك ونهج الحكومة التي قدمت سجلا من البؤس والغموض والتراخي في مفاوضات صفقة التبادل وهو بمثابة حكم على المحتجزين بالإعدام".
في نهاية المطاف، تقول كدمون إن أي شخص يدرك أنه لم يتم تحقيق أي من الأهداف التي قُدمت لهم في بداية الحرب تقريبا.
وتتابع "ربما تكون حماس قد قُوضت لكنها لم تُهزم، والنصر لم يكتمل، والمحتجزون يقبعون في أنفاق الأسر بغزة، علاوة على آلاف النازحين من منازلهم وأراضيهم التي احترقت ودمرت بشكل لا يمكن التعرف عليه، وعليه أتى الإضراب وتصاعدت الاحتجاجات لعلها تكون نقطة تحول".
تمرد وعصيانوحيال هذه التحولات، يولي يهودا شاروني محلل الشؤون الاقتصادية في الموقع الإلكتروني "والا" أهمية بالغة للإضراب الشامل، لكنه اعتبره "مجرد وسيلة" لتنفيس الغضب الشعبي التي لن تنجح إلا في حال استمرار الإضراب لعدة أيام وتصعيد الاحتجاجات حتى الوصول للعصيان المدني، وهو العنصر الوحيد الكفيل بإلزام نتنياهو بقبول الصفقة وإعادة المحتجزين، برأيه.
ويعتقد المحلل الاقتصادي أن نتنياهو لا يهمه مصير الأسرى ولا مصير الاقتصاد الإسرائيلي، قائلا إن ما قد يدفعه إلى تغيير موقفه هو "نزول جماهيري إلى الشوارع وضغط هائل على أعضاء الكنيست من الليكود، للتمرد".
ووفقا له، فإن نتنياهو -الذي تحول إلى رهينة لسياسات أحزاب اليمين المتطرف والشركاء في الائتلاف الحكومي- عهد المستقبل السياسي والاقتصادي إلى رئيس "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، ورئيس "عظمة يهودية" إيتمار بن غفير، و"كل ذلك من أجل أهداف شخصية واعتبارات سياسية".
ولفت إلى أن الوضع الاقتصادي المتأزم جراء استمرار الحرب لا يحرك نتنياهو، "فمن أجل البقاء السياسي هو مستعد لزيادة العجز بالموازنة العامة، وتحدي شركات التصنيف الائتماني الدولية".
وفي ظل تصاعد الاحتجاجات، يرى شاروني أنه لا يزال هناك عدد من أعضاء الكنيست الذين قد يدفعون إلى إجراء تصويت على حجب الثقة عن الحكومة، أو الضغط لتحديد موعد للانتخابات، إلى جانب تشكيل حكومة وحدة وطنية، مثلما دعا لذلك رئيس حزب "شاس" الحاخام أرييه درعي.
مخاوف وقلق
وتحسبا لتداعيات الاحتجاجات السياسية وخطوات الإضراب التصعيدية على المشهد الحزبي، يقول مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" ميخائيل هاوزر طوف إن "نتنياهو يرقب التطورات، ويخشى أي محاولة للتمرد بالليكود قد يقودها وزير الدفاع يوآف غالانت".
ويضيف أن مسؤولين كبارا في محيط نتنياهو اعترفوا بأنه "قلق"، على حد تعبيرهم، من احتمال تزايد الاحتجاجات بشكل كبير في الشارع الإسرائيلي وانضمام غالانت إليها، حيث سيكون من المستحيل الاستمرار في إدارة ملف المحتجزين بالطريقة نفسها التي كانت عليها من قبل.
وأشار إلى أن نتنياهو -الذي يخشى اتساع دائرة الاحتجاجات قبالة منزله وديوان رئيس الوزراء- لم يحسم قراره بعد بشأن صفقة التبادل، ويجري مشاورات محدودة مع مقربيه، حيث سيتخذ قراراته وفقا لكثافة المظاهرات وتصاعدها في الأيام المقبلة.
وعزز وزير كبير من الليكود هذا الطرح، ونقل مراسل الشؤون السياسية عن الوزير قوله "من غير السار الاعتراف بذلك، لكن نتنياهو لن يقدم صفقة إلا عندما تكون الشوراع مغلقة وحالة من العصيان المدني، وهو الآن يخشى بن غفير وسموتريتش أكثر من عائلات المحتجزين".
يُشار إلى أن نقابة العمال "الهستدروت" التي تقود الإضراب، تأسست في عام 1920 بوصفها منظمة تهدف إلى توفير استجابة شاملة لاحتياجات العمال اليهود الذين هاجروا إلى "أرض إسرائيل"، وبوصفها أداة صهيونية لبناء الاستيطان اليهودي في فلسطين التاريخية، إذ إن المؤسسات التي أنشأها قبل "قيام" إسرائيل اعتُبرت مؤسسات "الدولة على الطريق وحجرها الأساس".
واكتسبت الهستدروت قوة كبيرة وأصبحت هيئة اقتصادية تمتلك جزءا كبيرا من الاقتصاد الإسرائيلي ومن المؤسسات التعليمية والصحية الكبرى، بالإضافة إلى تمثيل معظم العاملين في الاقتصاد وسوق العمل البالغ تعدادهم نحو 4.5 ملايين مستخدم، بحسب بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نقطة تحول إلى أن
إقرأ أيضاً:
هدية ذهبية عالمية لـ سحر إمامي المذيعة الإيرانية التي واجهت القصف الإسرائيلي على الهواء مباشرة
لم تغادر سحر إمامي، المذيعة الشجاعة، المسرح حتى أثناء قصف إسرائيل لمقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.
وهذا ما دفع لاعب الرماية الإيراني الشهير جواد فروغي، لإهداء الميدالية الذهبية التي حصل عليها في أوليمبياد طوكيو، لسحر إمامي، حيث قدّمت سحر إمامي أداءً شجاعًا مُتباهيةً ومُهددةً خلال العدوان على الإذاعة والتلفزيون الإيراني، وأصبحت رمزًا للمرأة الإيرانية الشجاعة.
شجاعة مذيعة تلفزيونية جديرة بالثناء خلال قصف هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية من قبل إسرائيل.. فمن تكون سحر إمامي، مقدمة البرامج والمذيعة في قناة خبر التلفزيونية التي كانت حديث العالم اليوم؟
في لحظات الخطر، حين يغمر الغبار استوديوهات البث التلفزيوني المباشر وتهتز الأرض تحت وطأة القصف، تبرز أسماء قليلة كرموز للصمود والشجاعة، من بين هؤلاء، سحر إمامي، المذيعة الإيرانية التي واجهت قصفًا إسرائيليًا على مبنى التلفزيون الرسمي أثناء بث مباشر، لتصبح رمزًا للالتزام المهني والإصرار.
وُلدت سحر إمامي عام 1985 في قلب طهران، حيث بدأت حياتها بطموح أكاديمي بعيدًا عن عالم الأضواء.
درست الهندسة الزراعية، تخصص علوم الأغذية، في جامعة مرموقة، لكن شغفها بالتواصل والتأثير قادها إلى مسار مختلف تمامًا.
في عام 2008، وبدون خبرة مسبقة أو علاقات في الوسط الإعلامي، اجتازت اختبار أداء للانضمام إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني. تتذكر إمامي تلك اللحظة: «كنت متوترة للغاية، لكن نصيحة بسيطة من مخرج – (تخيلي أنك تتحدثين لنفسك) – غيرت كل شيء».
انطلقت مسيرتها في برنامج «نعود إلى الوطن» على قناة طهران نتورك، حيث قدمت فقرات معرفية بأسلوب هادئ وواثق. في يونيو من العام نفسه، انتقلت إلى شبكة الأخبار، لتبدأ رحلة طويلة مع البث الإخباري، حيث أثبتت قدرتها على التأقلم مع التحديات والضغوط.
شجاعة تحت النار
في 16 يونيو 2025، وأثناء تقديمها بثاً مباشراً على قناة خبر، تعرض مبنى التلفزيون الإيراني لقصف إسرائيلي مفاجئ. غمر الغبار الاستديو، واهتزت الكاميرات، لكن إمامي حافظت على رباطة جأشها.
وجهت كلمات قوية قبل أن تضطر للهروب للنجاة بحياتها: «صوت المعتدي على تراب الوطن هو صوت ضد الحق والحقيقة»، وفي لحظة مؤثرة، رددت «الله أكبر» ثلاث مرات، معبرة عن صمودها وإيمانها.
لم تكتفِ بالنجاة، بل عادت إلى البث من استوديو آخر، مكملة مهمتها بثبات نادر، هذا العمل البطولي أكسبها إشادات واسعة من زملائها الذين أطلقوا عليها لقب «المرأة الحديدية»، بينما احتفى بها الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي ولقبوها بـ «الزينبية» و«صوت الحقيقة»، مستلهمة من رمز الصمود الإسلامي السيدة زينب، و«صوت الحقيقة» لثباتها في نقل الحقائق تحت الضغط.
هذه الألقاب تعكس تأثيرها العميق على المشاهدين، حيث أصبحت رمزاً للشجاعة التي لم تكن مجرد لحظة عابرة، بل هى تجسيد لمسيرة مهنية حافلة بالالتزام والمهنية.
رحلة إمامي من الهندسة إلى الإعلام لم تكن تقليدية. تقول: «تخصصي في الهندسة لا علاقة له بعملي، لكنني اخترت ما أحب»، بدأت بتقديم فقرات معرفية في برنامج «نعود إلى الوطن»، وهو البرنامج الذي تصفه بأنه الأقرب إلى قلبها لأنه كان أول تجربة بث مباشر لها.
تواجهت مع تحديات حفظ النصوص والتحدث بطلاقة، لكنها طورت أسلوباً سلساً وهادئاً مع الوقت، لاحقاً، قدمت برنامج «صبح بخبر»، حيث أظهرت قدرة فائقة على التعامل مع متطلبات الإعلام الإخباري السريع. خضعت إمامي لاختبارات صارمة للانضمام إلى شبكة الأخبار، شملت تقييم الأداء الحي وردود الفعل تحت الضغط.
تقول: «كنت أحاول حفظ النصوص، لكنني تعلمت مع الوقت أن أتحدث بطبيعية الآن، حتى لو أخطأت، أواصل بهدوء»، هذا الأسلوب جعلها واحدة من أبرز المذيعات في إيران.
تتميز إمامي بأسلوبها الفريد في اختيار الملابس، حيث تفضل الألوان الزاهية مثل الأحمر والأخضر الفاتح، بعيداً عن الألوان الداكنة التقليدية في الإعلام الإخباري. ترى أن الألوان المبهجة تضفي إيجابية على المشاهدين، وتقول: «الألوان الزاهية تغير مزاج الجمهور للأفضل».
تلتزم إمامي بقواعد الحجاب الصارمة، مع الحفاظ على لمسة شخصية تميزها، أما المكياج، فهو يقتصر على الإخفاء الخفيف للعيوب، حيث تتجنب استخدام مستحضرات بارزة مثل الكحل أو أحمر الشفاه، وفقاً للمعايير الإعلامية الإيرانية.
سحر إمامي متزوجة من صحفي ولديها ابن، لكنها تحافظ على خصوصية حياتها الأسرية بعيداً عن الأضواء.
المذيعة الزميلة الشجاعة سحر إمامي تعود على الهواء بعد دقائق من العدوان الاسرائيلي على مبنى الإذاعة و التلفزيون الإيراني وبينما كانت على الهواء
كل التحية والتضامن pic.twitter.com/QFBGPpw9L7
— ramia al ibrahim – راميا الابراهيم (@ramiaalibrahim) June 16, 2025
رغم عروض عمل أكثر ربحية، اختارت الإعلام بدافع الشغف وليس المال، وفي مقابلة سابقة، أعربت عن طموحها للعمل في المجال السياسي والإخباري، مع إبقاء الباب مفتوحاً لاحتمالية التمثيل مستقبلاً، تقول: «أحب الإعلام، لكنه ليس كل شيء، أطمح لتقديم المزيد في المجال السياسي».
سحر إمامي ليست مجرد مذيعة، بل صارت أيقونة إعلامية في إيران في لحظات الخطر، أثبتت أن الإعلام رسالة تتطلب قلباً جريئاً ومن استوديوهات طهران إلى مواجهة القصف على الهواء مباشرة، تركت إمامي بصمة لا تُنسى، حيث ألهمت النساء والإعلاميين على حد سواء.
بأسلوبها الهادئ وثباتها اللافت، تواصل إمامي نقل الحقيقة، مؤكدة أن الصوت الحر لا يمكن إسكاته، حتى في أحلك الظروف.
كلمات أخيرة تؤمن بها سحر إمامي منذ أول تجربة بث مباشر لها: «الإعلام ليس مجرد وظيفة، بل رسالة. أحب ما أفعل، وسأواصل مهما كانت التحديات».
المصري اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتساب