جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-13@07:33:25 GMT

رحلة بناء الهُوية والمواطنة

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

رحلة بناء الهُوية والمواطنة

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

الهوية والمواطنة مفهومان أساسيان في تشكيل المجتمعات الحديثة؛ حيث يُسهمان في بناء الشخصية الفردية والجماعية، وتحديد الانتماءات والقيم التي تجمع أفراد المجتمع؛ فالهوية تُعبر عن الخصائص الفريدة التي تميز الفرد أو المجموعة، مثل اللغة، الدين، الثقافة، والتقاليد.

والهوية ليست مجرد انعكاس لماضينا؛ بل أيضًا توجيه لمستقبلنا، وتشكل الهوية الوطنية جزءًا من الهوية الشخصية للفرد؛ حيث ترتبط بمكان ولادته، تاريخه، وثقافته، والمواطنة هي العلاقة بين الفرد والدولة، وتتضمن حقوقًا وواجبات.

المواطنون يشاركون في بناء المُجتمع، ويحصلون على حماية الدولة ومزاياها، وفي المقابل، يلتزمون بالقوانين ويُشاركون في الحياة العامة، وتساهم المواطنة الفاعلة في تعزيز الديمقراطية والتعايش السلمي.

وتؤدي وزارة التربية والتعليم دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز قيم المواطنة من خلال المناهج الدراسية التي تُعد الوسيلة الرئيسية لتحقيق هذا الهدف، ويتعرف الطلبة من خلال المناهج على تاريخ بلادهم وجغرافيتها، بالإضافة إلى القيم والتقاليد التي تشكل هويتهم الوطنية. وفي إطار جهودها المستمرة لتعزيز هذه القيم، استحدثت وزارة التربية والتعليم هذا العام منهجًا خاصًا يُركز على تعليم الناشئة مفاهيم الهوية والمواطنة، مما يُسهم في بناء جيل واعٍ بتراثه وثقافته وقادر على المُشاركة الإيجابية في المُجتمع.

بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لتعزيز الهوية الوطنية وقيم المواطنة، إلا أنَّ هناك تحديات تعترض هذه الجهود، ومن أبرز هذه التحديات تأثير العولمة وانتشار تكنولوجيا المعلومات، التي قد تؤدي إلى تآكل بعض جوانب الهوية الوطنية نتيجة للتعرض المكثف لثقافات وقيم خارجية، وأركز هنا على وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تساهم في تشكيل الآراء، نشر المعلومات، وبناء العلاقات الاجتماعية. لكن تأثيرها يتجاوز ذلك ليشمل جوانب أعمق تتعلق بالهوية والمواطنة، وتلعب هذه المنصات دورًا معقدًا في تشكيل وتغيير الهوية الفردية والجماعية، وفي الوقت نفسه، تؤثر بشكل كبير على ممارسات المواطنة وسلوكيات الأفراد داخل المجتمع، ويتطلب الأمر هنا توازنًا دقيقًا في ذلك، ويأتي هنا دور الوالدان في غرس هذه القيم في نفوس أبنائهم، حيث تبدأ رحلة بناء الهوية والمواطنة في الأسرة قبل أن تتعزز في المدرسة والمجتمع.

وتمارس الأسرة دورًا حيويًا في تكوين الهوية الوطنية وغرس قيم المواطنة في نفوس الأبناء. من خلال التربية السليمة والتوجيه المُستمر، ويمكن للوالدين تشكيل جيل واعٍ يعتز بهويته الثقافية والدينية، ويفهم دوره كمواطن فاعل في بناء المجتمع والوطن. بالتالي، فإنَّ التعاون بين الأسرة والمدرسة والمجتمع هو المفتاح لضمان تنمية هوية وطنية قوية ومواطنة إيجابية لدى الأجيال القادمة.

في الختام.. إنَّ الهوية والمواطنة ركيزتان أساسيتان في تشكيل المجتمعات المتماسكة والمزدهرة، ومن خلال تعزيز الهوية الوطنية والفخر بالتراث الثقافي، يتم تمكين الأفراد ليصبحوا جزءًا فاعلاً في بناء مجتمعهم. وفي الوقت ذاته، تُعزز المواطنة روح المسؤولية والتعاون بين الفرد والدولة، مما يسهم في استقرار وتطور المجتمع. ومع التحديات المتزايدة الناتجة عن العولمة والتكنولوجيا الحديثة، يصبح دور كل من الأسرة والمدرسة والمجتمع أكثر أهمية في الحفاظ على توازن الهوية والمواطنة، لضمان تنشئة أجيال تدرك قيمها وتشارك بإيجابية في مستقبل وطنها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

موزة السعدية تفوز بالمركز الثاني لـ"جائزة اليونسكو لتعليم المواطنة العالمية"

باريس- العُمانية

فازت الدكتورة موزة بنت علي السعدية بالمركز الثاني في جائزة اليونسكو لتعليم المواطنة العالمية لعام 2025م في نسختها الأولى عن مبادرتها: " المواطنة الرقمية من أجل متعلمين ممكنين" من بين 154 ترشيحًا من 76 دولة وذلك في حفل أقيم في مقر منظمة اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس.

وانطلقت مبادرة الدكتورة موزة السعدية استنادًا إلى الإطار المفاهيمي المطوَّر في بحث الدكتوراه، وتهدف إلى تعزيز الوعي بالمواطنة الرقمية في البيئات التربوية بمختلف مستوياتها، من خلال ترسيخ المعارف والمهارات والقيم اللازمة للتعامل الأخلاقي والآمن والمسؤول مع العالم الرقمي وربطها بالهُوية الوطنية.

وشملت جهودها في تنفيذ حلقات عمل تدريبية تستهدف طلبة التعليم المدرسي والعالي وأخصائي المناهج والمعلمين والمشرفين ومديري المدارس وأولياء الأمور، كما شملت المبادرة نشر الوعي عبر المقابلات الإذاعية ونشر مقالات متخصصة في المواطنة الرقمية.

وتهدف جائزة اليونسكو لتعليم المواطنة العالمية الممولة من جمهورية كوريا والممنوحة كل عامين إلى مكافأة جهود الأفراد والمؤسسات والمنظمات التي تُعدُّ الأجيال الشابة لمواطنة مسؤولة وفعّالة، من خلال تعزيز التبادل الثقافي، والمشاركة في الحياة العامة، والمواطنة الرقمية، وبما يتوافق مع الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الغاية السابعة المتعلقة بتعزيز التعليم من أجل السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والمواطنة العالمية وتمنح الجائزة لفائزين اثنين أحدهما منظمة بقيادةٍ شبابية وفردًا واحدًا أو مؤسسة أو منظمة غير حكومية.

يُشار إلى أنّ الدكتورة موزة بنت علي السعدية تعمل كأخصائية مواطنة أولى بدائرة المواطنة بوزارة التربية والتعليم، وحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة السُّلطان قابوس في تخصُّص دراسات المعلومات في موضوع ممارسات المواطنة الرقمية، وشهادة الماجستير في القياس والتقويم التربوي من جامعة السُّلطان قابوس، وعملت في السلك التدريسي كمعلمة لغة إنجليزية، وكعضو تأليف مناهج بوزارة التربية والتعليم لمناهج الهوية والمواطنة، ولها خبرة أكاديمية بالعمل في جامعة السُّلطان قابوس كاستشاري زائر بقسم دراسات المعلومات، وأستاذ مساعد بقسم إدارة الوثائق والمحفوظات بجامعة الشرقية.

مقالات مشابهة

  • الفجيرة تستضيف الملتقى الفلسفي لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية وبيت الفلسفة
  • محددات العلاقة بين إيران والمقاومة: قراءة في خطاب ظريف حول الهوية الوطنية للفصائل
  • باحث قانوني: بعض الموظفين بمكاتب السجل المدني حوّلوا الهوية الوطنية إلى سلعة تباع وتُشترى
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض رؤى وطموحات الهوية الوطنية
  • الوطنية للانتخابات: تشكيل مجلس النواب القادم سيكون تجسيدا لإرادة المواطنين
  • أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة توعوية بعنوان مفهوم المواطنة والإنتماء للوطن
  • موزة السعدية تفوز بالمركز الثاني لـ"جائزة اليونسكو لتعليم المواطنة العالمية"
  • باحثة عُمانية تحصد الثاني عالميا في جائزة اليونسكو لتعليم المواطنة
  • جلسة حوارية تناقش المواطنة الرقمية وتحديات التفاعل في المنصات الاجتماعية
  • ثلاثة أسباب وراء توسع تزوير قيود الجنسية… وتحذيرات من خطر يمس الهوية الوطنية