الجزيرة:
2025-05-30@09:47:33 GMT

نتنياهو ووهْم اسمه صفر مقاومة

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

نتنياهو ووهْم اسمه صفر مقاومة

بعض ما يرشح عن جولات التفاوض حول ما يُطلق عليه "اليوم التالي للحرب"، يُظهر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبني تصوره أو يرتب خطته عن سير الأوضاع في غزة، – بعد أن تضع الحرب على القطاع أوزارها – على إنهاء المقاومة تمامًا، لتهبط قدرتها إلى درجة الصفر.

فطرح نتنياهو حول بقاء قوات للجيش الإسرائيلي في محور صلاح الدين أو نتساريم أو إعادة المستوطنات إلى قطاع غزة، أو التفكير في اقتطاع أجزاء من أطرافه، أو حتى بقاء القوات الإسرائيلية في غلافه، مثلما كان الوضع قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتطلب إما قتل المقاومين جميعًا أو استسلامهم بالجملة، ثم تسريحهم، بعد تسليم أسلحتهم، وتدمير البنية التحتية التي أنشؤُوها وفي مقدمتها شبكة الأنفاق، وورش تصنيع السلاح، بل نزع فكرة الكفاح المسلح نفسها من الرؤوس.

يبدو هذا وهْمًا كبيرًا قياسًا إلى عشرة اعتبارات، يمكن شرحها على النحو التالي:

1- امتلاك المقاومة، بعد أكثر من أحد عشر شهرًا على اندلاع الحرب، قدرة على تكبيد القوات الإسرائيلية المتمركزة في قطاع غزة خسائر يومية في الأرواح والمعدات، بل قدرتها على قصف مدن وبلدات إسرائيلية بالصواريخ.

2- قيام المقاومة بتعويض الفاقد من رجالها بتجنيد شباب جدد، رأينا بعضهم يُشارك في القتال بكفاءة، ويحرص على أن يُعلن قبل الاشتباك أو إطلاق النار من بعيد على مواقع القوات الإسرائيلية، أنه من المقاتلين الذين انضموا للمقاومة عام 2024.

3- اكتساب المقاومة خبرة جديدة في القتال، كان أعلاها "التصويب من المسافة صفر"، وهو أمر لم يتحقق لها، بهذه الضراوة أو هذا المدى الزمني الطويل، في الحروب السابقة التي اندلعت في أعوام: 2008 و2012 و2021.

4- تمكن المقاومة من ترميم الشروخ التي أصابتها في الحروب السابقة، سواء على مستوى خبرة القادة الميدانيين أو العناصر المقاتلة، أو الفاقد من التسليح، وبالجهود الذاتية أحيانًا. وهنا تؤكد التجربة أو الخبرة العملية أن الخط البياني للمقاومة ظل في تصاعد دومًا، وهو إن انكسر قليلًا أو تراجع بعض الشيء، بفعل الضربات الإسرائيلية المتواصلة، فإنه سرعان ما يتقدم من جديد، ليبلغ مرتبة أعلى مما كان عليه في السابق.

لقد بنى الفلسطينيون على كفاحهم المسلح منذ ثلاثينيات القرن العشرين، فواصلوه بأدوات بسيطة بعد احتلال غزة عام 1967، لم تتعدّ صناعة قنابل بدائية لا تزيد عن رؤوس أعواد الكبريت والمسامير، وصولًا إلى البنادق وصواريخ محددوة المدى والقدرة التدميرية، حتى أصبحوا قادرين على قصف تل أبيب نفسها، وأقاموا الأنفاق التي تعينهم على مواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي الكاسح عليهم.

5- تعزز فكرة المقاومة المسلحة في نفوس جيل جديد، ممتد من غزة إلى الضفة الغربية، لاسيما بعد أن أدرك الفلسطينيون ًجيدًا أنهم لن ينالوا شيئًا بالانخراط في هدن متتابعة، أو في تفاهمات مرحلية لا تضمن منع الاعتداء مجددًا، أو الدخول في مفاوضات سلام عبثية ومرهقة لا طائل منها، أو حتى التعلق بأي أمل كاذب في قيام إسرائيل بما عليها من واجبات كقوة محتلة.

6- استمرار الحاضن الاجتماعي للمقاومة، وفشل كل محاولات إسرائيل تأليب أهل غزة على فصائل المقاومة، بل إن كثيرين من شعب غزة، إن لم يكونوا جميعًا، صارت لديهم رغبة في الثأر من الجيش الإسرائيلي، الذي قتل ذويهم، ودمر بيوتهم، وشردهم بعيدًا، وأصابهم بالجوع والمرض، وعوَّق حياتهم لسنوات قادمة.

أرادت إسرائيل أن تنهي هذا الحاضن تمامًا بتبنّي فكرة تهجير أهل غزة، وطرحت هذا بشكل علني سافر في الأسابيع الأولى للحرب، ووضعت له الخطة، وجاء القصف الممنهج للبنية التحتية للعيش، ليصب في هذا الاتجاه، حيث قُصفت المستشفيات والمدارس وملاجئ الإيواء وملاذاته، ومحطات تحلية المياه، وشبكات الصرف الصحي، وكثير من البيوت السكنية، وتم طرد السكان من الشمال إلى الوسط، ومن الوسط إلى الجنوب، لكن أهل غزة، ورغم الألم الشديد، تمسكوا بالبقاء، بل استماتوا في سبيله.

7- تعزز الفكرة التي ترى أن الصراع صار فلسطينيًا ـ إسرائيليًا، بالدرجة الأساسية، لاسيما في ظل الموقف العربي الذي يأتي ـ إلى الآن ـ أقل مما يتوقعه الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، وفي داخل إسرائيل نفسها، وكذلك في الشتات. وهذا يعني أن الفلسطينيين سيميلون أكثر إلى الاعتماد على سواعدهم، ويؤمنون بأن الاستجابة التي تأتي منهم، يجب أن تكون على قدر التحدي المفروض عليهم.

8- وجود خبرة عسكرية وسياسية إسرائيلية سابقة، تُلقي بظلال سلبية، على تعامل تل أبيب مع الغزيين مستقبلًا. فمن قبل احتلت إسرائيل القطاع سنوات طويلة، فأقامت المستوطنات، وثبتت مراكز بقاء القوات الحارسة والضابطة والقامعة، ولم تقصر في جمع المعلومات والمراقبة اللصيقة والدؤوبة، ولم تتوقف عن اتخاذ إجراءات استمالة أهل غزة؛ بغية إخماد عزائمهم، لكن كل هذا ذهب سدى، فاضطرت في النهاية إلى تفكيك مستوطناتها، وإخراج قواتها، تشيعها العبارة الدالة التي صاغها إسحاق رابين، حين قال: "أتمنى أن استيقظ فأجد البحر قد ابتلع غزة."

9- تواجه خطة نتنياهو بالرفض من قبل أطراف خارجية، فمصر ترفض بقاء الجيش الإسرائيلي في محور صلاح الدين، وتعتبر هذا خرقًا لاتفاقية السلام التي أبرمتها مع إسرائيل عام 1979. ودول كثيرة تعلن عدم قبولها عودة احتلال غزة، وتفكر في إجراءات بديلة تتعلق بإدارة القطاع بعد الحرب.

10- هناك خبرة أوسع للمقاومة المسلحة عبر التاريخ الحديث والمعاصر تفيد بوضوح وجلاء أن أي مقاومة مسلحة قد قامت ضد احتلال، لم تنتهِ تمامًا، حتى لو منيت بانكسارات أو هزائم مؤقتة، لاسيما إن كانت هذه المقاومة مبنية على فكرة، فالمقاتلون يُقتلون أو يصابون أو يتقاعدون، والأسلحة تُدمر، لكن الفكرة لا تموت، إنما تجمع لها من جديد رجالًا يترجمونها إلى عمل على الأرض.

وإذا عادت إسرئيل لاحتلال مناطق من غزة، كما يريد نتنياهو، فإن المقاومة ستكسب مزيدًا من شرعية الكفاح، يمنحها لها القانون الدولي، خصوصًا اتفاقية جنيف، وستنال تعاطفًا خارجيًا لا ينطفئ، وستجذب إليها مزيدًا من الأنظار المعجبة بها، كلما نجحت في تكبيد عدوها أيّ خسارة.

لهذه الاعتبارات العشرة يبقى تفكير نتنياهو في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بتصفير المقاومة، أو إخمادها تمامًا، هو من قبيل الأوهام، وهذا أمر يدركه بعض ساسة إسرائيل، خصوصًا من المعارضة الحالية، ويدركه أيضًا بعض القادة العسكريين وضباط الأجهزة الأمنية والاستخبارات، بل تدركه الولايات المتحدة الأميركية نفسها، التي تساند إسرائيل بلا حدود.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أهل غزة تمام ا

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على مطار صنعاء.. نتنياهو: من لا يفهم بالقوة سيفهم بمزيد من القوة

أعلن الجيش الإسرائيلي،اليوم الأربعاء 25 مايو 2025، تنفيذ هجوم جوي استهدف مطار صنعاء ومواقع لطائرات تابعة لجماعة “أنصار الله- الحوثيين في اليمن، في تصعيد جديد للصراع الذي يمتد بين الطرفين.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان رسمي إن “سلاح الجو استهدف مواقع لجماعة الحوثي في مطار صنعاء ودمر آخر طائرة هناك”، متوعدًا بتكرار استهداف المطار مرارًا وتكرارًا، في إطار سياسة إسرائيلية جديدة للتصدي لأي تهديدات قادمة من اليمن.

وأضاف كاتس أن “الغارات على اليمن رسالة واضحة بأن من يطلق النار على إسرائيل سيدفع ثمناً باهظاً”، مؤكدًا أن “المطارات والموانئ اليمنية ستتعرض لضربات شديدة”، واصفًا جماعة الحوثي بأنها “تحت الحصار البحري والجوي”.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، أن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ هجومًا جديدًا على مطار صنعاء الخاضع لسيطرة ما وصفه بـ”نظام الإرهاب الحوثي في اليمن”.

وأشار نتنياهو في تصريحاته إلى أن إسرائيل تتبع مبدأ واضحًا: “من يعتدي عليها سترد عليه، ومن لا يفهم ذلك بالقوة سيفهمه بمزيد من القوة”.

ووصف جماعة “أنصار الله” بأنها “وكيل لإيران والقوة الرئيسية التي تقف خلفها، والمسؤولة عن العدوان الذي ينطلق من اليمن”، مؤكدًا على التزام إسرائيل بالدفاع عن نفسها ضد أي تهديد.

وجاء هذا الإعلان بعد أن كشف الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، عن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وقال في بيانه إن “منظومات الدفاع الجوي التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تمكنت من اعتراض الصاروخ بعد انطلاق صفارات الإنذار في عدة مناطق”.

في المقابل، أكد العميد يحيى سريع، المتحدث باسم جماعة “أنصار الله”، أن خسائر الغارات الإسرائيلية والأمريكية على موانئ الحديدة تقترب من 1.4 مليار دولار، ما يعكس حجم التصعيد العسكري والاقتصادي في اليمن.

من جهة أخرى، تستمر جماعة “أنصار الله” في شن هجمات صاروخية وطائرات مسيرة ضد إسرائيل، حيث أعلنت، الأحد الماضي، استهداف مطار “بن غوريون” في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي، في إطار الرد على العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

يُذكر أن جماعة “أنصار الله” تشن هجمات منذ نوفمبر 2023 على إسرائيل والسفن المرتبطة بها والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، رداً على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

وبالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار بين “أنصار الله” والولايات المتحدة، إلا أن الجماعة أكدت أن الاتفاق لا يشمل عملياتها ضد إسرائيل، ما يعكس استمرار التوترات في المنطقة.

سياسيًا وعسكريًا، تسيطر جماعة “أنصار الله” على معظم محافظات وسط وشمال اليمن منذ سبتمبر 2014، بما في ذلك العاصمة صنعاء، فيما يقود تحالف عربي بقيادة السعودية عمليات عسكرية لاستعادة تلك المناطق منذ مارس 2015.

????أفادت مصادر يمنية، بتدمير آخر طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في هجمات إسرائيلية على مطار صنعاء اليوم.

ركزوا..طائرة مدنية
لا الحوثي يضرب إسرائيل ولا إسرائيل تضرب الحوثي.
الحوثي يرسل مفرقعات،وإسرائيل تدمر مقدرات الشعوب. pic.twitter.com/YOaTVSY3U2

— ???????? Osmanlı Caydırıcısı الردع العثماني ???????? (@RD_ottoman2023) May 28, 2025

#شاهد: لحظة قصف آخر طائرة في مطار صنعاء الدولي. #تعز_تايم #اليمن #yemen

تم النشر بواسطة ‏تعز تايم – Taiz Time‏ في الأربعاء، ٢٨ مايو ٢٠٢٥

مقالات مشابهة

  • مسؤول حوثي: ارتفاع عدد الطائرات المدنية التي دمرتها إسرائيل في مطار صنعاء إلى 8
  • ‏يديعوت أحرونوت: نتنياهو أمر سلاح الجو الإسرائيلي بالاستعداد لشن هجمات في إيران رغم تحذيرات ترامب
  • إسرائيل.. محتجون يقتحمون مقر حزب نتنياهو.. والشرطة تعتقل العشرات
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • هل نتنياهو جاد في قبول مقترحات الوسطاء أم سيتهرب منها؟
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • جريح في الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت سيارة في العباسية
  • الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على مطار صنعاء.. نتنياهو: من لا يفهم بالقوة سيفهم بمزيد من القوة
  • صحيفة صهيونية تقر بعجز أمريكا و”إسرائيل” عن كسر صمود اليمنيين… جغرافيا، عقيدة، وخبرة قتالية تُربك العدو
  • المدعي العام الإسرائيلي: تعيين نتنياهو لرئيس جديد للشاباك “غير قانوني”