وول ستريت جورنال: تخفيف الحظر على استخدام الأسلحة الغربية يعكس تحولا في استراتيجية أمريكا تجاه أوكرانيا
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
رأت صحيفة وول ستريت الأمريكية أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمس في كييف، قد تعكس تحولا في الاستراتيجية الأمريكية تجاه أوكرانيا، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الروسية وتزايد استخدام الأسلحة الإيرانية في الصراع.
وذكرت الصحيفة، في سياق تقرير نشرته، اليوم الخميس، أن بلينكن أشار خلال زيارة قصيرة إلى كييف، إلى أن الغرب قد ينظر في السماح لأوكرانيا بشن هجمات أعمق داخل الأراضي الروسية باستخدام الأسلحة الغربية.
وأضافت أن هذه التصريحات أثارت تساؤلات حول مستقبل الدعم العسكري للولايات المتحدة لأوكرانيا، وذلك في ظل تصاعد الصراع في منطقة كورسك الروسية وتزايد استخدام روسيا للصواريخ الباليستية الإيرانية.
وأكدت الصحيفة أن قرار السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ بعيدة المدى قد يكون له تبعات كبيرة على مسار الصراع، ويعكس التزاما غربيا متزايدا بدعم كييف في مواجهتها مع موسكو.
وأشارت إلى أن أوكرانيا لطالما ضغطت على الولايات المتحدة للحصول على إذن لاستخدام صواريخ بعيدة المدى لعرقلة الهجمات الروسية ومهاجمة أهداف في العمق الروسي. ومع ذلك، كانت الولايات المتحدة مترددة في تقديم هذه التصاريح خوفا من تصعيد الصراع مع روسيا.
وأوضح بلينكن، في مؤتمر صحفي ردا على سؤال حول السماح لأوكرانيا بتنفيذ مثل هذه الهجمات -: لقد قمنا بتعديل استراتيجياتنا وتكيفنا مع تغيرات الميدان، وليس لدي أدنى شك أننا سنواصل ذلك حيثما يتطور الوضع.
وأكد بلينكن أن المسؤولين الأمريكيين يتابعون عن كثب التحقيقات الأولية التي أجرتها إسرائيل بشأن مقتل أيسينور أيغي، ويشددون على ضرورة المساءلة الكاملة.
وفي تعليقه على التصعيد الروسي، حذر بلينكن من أن تقديم الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى روسيا من شأنه أن يزيد من حدة الهجمات الروسية. وأضاف: نشهد الآن تصعيدا من روسيا، حيث حصلت على صواريخ باليستية من إيران، مما سيعزز عدوانها في أوكرانيا.
وفي السياق ذاته، عبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف عن قلق موسكو من أن السماح لكييف باستخدام صواريخ بعيدة المدى لاستهداف الأراضي الروسية سيعتبر تصعيدا للصراع. وقال ريابكوف هذا مقلق وخطير، لكن عزيمتنا لتحقيق جميع أهداف العملية العسكرية الخاصة لم تتزعزع كما كانت من قبل.
كما أضاف بلينكن، الذي زار كييف برفقة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، أن هناك اهتماما دوليا متزايدا بسبل دعم أوكرانيا في مواجهة التصعيد الروسي. ومن المتوقع أن يناقش رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاستراتيجية المقبلة لأوكرانيا خلال زيارته للبيت الأبيض الجمعة المقبلة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ظل استمرار الهجمات الروسية على المدن والبنية التحتية الأوكرانية، تستمر الضغوط الدولية على موسكو للحد من تصعيدها العسكري. وتتخوف الدول الغربية من أن تدمير شبكة الكهرباء الأوكرانية قد يؤدي إلى نزوح جماعي للسكان خلال فصل الشتاء المقبل.
وفيما يتعلق بتطورات المعركة، قال قائد روسي إن القوات الروسية استعادت السيطرة على عدة مدن في منطقة كورسك، مما يمثل ضربة معنوية لكييف التي شهدت تحسنا في الروح المعنوية بعد هجومها المفاجئ الشهر الماضي. وأضاف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الهدف من الهجوم هو تدمير اللوجستيات العسكرية الروسية واستنزاف احتياطياتها.
اقرأ أيضاً«القاهرة الإخبارية»: قطع مؤتمر وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا وأوكرانيا وإجلاء الوزراء للملاجئ
قرار عاجل من «الاتحاد الأوروبي» لـ أوكرانيا (تفاصيل)
سفارة كييف بـ القاهرة تشيد بجهود مصر الدبلوماسية لإحلال السلام في أوكرانيا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فولوديمير زيلينسكي القوات الروسية وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأسلحة الغربية
إقرأ أيضاً:
سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي
قال المحلل السياسي المهتم بالشأن الدولي محمد عمر، إنه في ظل تواصل المواجهة ما بين روسيا وأوكرانيا وانهزام الأخيرة بشكل ملحوظ في الميدان، وسعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتطبيق خطة سلام، يقف قادة الدول الأوروبية حجر عثرة أمام هذه الجهود ويعملون على تأزيم الصراع بدعم أوكرانيا رغم المشاكل الإقتصادية الصعبة التي تواجه دولهم.
وأضاف أن ترامب استخدم "كلمات حادة" خلال حديثه الأخير مع قادة أوروبا بشأن الحرب الأوكرانية وانتقد الرئيس الأمريكي قادة أوروبيين واصفا إياهم بالضعفاء، وفي مقابلة مطولة مع موقع بوليتيكو، أشار الى أن دولا أوروبية متدهورة فشلت في ضبط الهجرة أو اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء حرب أوكرانيا مع روسيا، متهما إياها بترك كييف "تقاتل حتى تنهار".
وتابع المحلل، أنه في الوقت الذي كان يُتوقع أن ينفق فيه الاتحاد الأوروبي على استدامة اقتصاده وتحسين معيشة شعوبه، تقوم حكوماته بإعادة توجيه موارد مالية ضخمة في إطار الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي أفرز أزمة معيشية خانقة لدى المواطن الأوروبي، موضحا أنه بموازاة ذلك، تعمل المفوضية الأوروبية على بلورة آليات قانونية ومالية معقدة للاستفادة من الأصول الروسية المجمدة في الغرب، والتي تقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار.
وأوضح أنه بذلك تضع أوروبا قدمها على حافة الهاوية من خلال السعي لتحقيق مكاسب مالية عاجلة من أصول مجمدة لتعويض خسائر سياسية متوقعة، مقابل مخاطر اقتصادية وقانونية وأخلاقية بعيدة المدى قد تعيد رسم علاقاتها الدولية وتعيد فتح ملفات ماضيها الاستعماري.
وأكد أن النقاش لم يعد يدور حول دعم أوكرانيا فقط، بل حول الثمن الذي سيدفعه الاتحاد الأوروبي وشكل النظام المالي الدولي في المستقبل، مشيرا إلى أنه لا يمكن فهم حجم الضائقة الحالية بمعزل عن أزمات بنيوية مزمنة، فمنذ عام 2009، تعاني منطقة اليورو من أزمة ديون سيادية هيكلية، تمثلت في عدم قدرة عدة دول (مثل اليونان والبرتغال وإيرلندا وإسبانيا) على تسديد ديونها أو إنقاذ بنوكها الوطنية دون مساعدة خارجية.
واستطرد المحلل، أن هناك عوامل هيكلية ساهمت في تفاقم هذه الأزمة، أهمها وجود اتحاد نقدي "عملة واحدة" دون وجود اتحاد مالي موحد بمعايير ضريبية ومعاشات مشتركة، مما حد من قدرة القادة الأوروبيين على الاستجابة بشكل فعال، حيث خلفت هذه الأزمة آثارا اقتصادية وسياسية عميقة، وصلت معدلات البطالة في بعض البلدان إلى 27%، وأدت إلى تغيير الحكومات في أكثر من نصف دول منطقة اليورو.
وأضاف أنه مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، تحولت الأزمة البنيوية إلى أزمة مركبة، حيث أدت الحرب إلى تعطيل واردات أساسية مثل الطاقة والمعادن والغذاء، بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، ما تسبب في ارتفاع التضخم في دوله إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود.
وأكد أنه سبق وأن قدر بنك الاستثمار الأوروبي حجم الصدمة الناجمة عن ارتفاع فواتير الطاقة وانخفاض الصادرات بارتفاع نسبة الشركات الخاسرة في الاتحاد الأوروبي من 8% إلى 15%، كما أن نسبة الشركات المعرضة لخطر التخلف عن سداد ديونها قد ترتفع من 10% إلى 17%.
وتعكس أرقام التضخم في الاقتصادات الكبرى بمنطقة اليورو صورة واضحة لآفاق الأسعار في التكتل، ففي ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، ارتفع معدل التضخم على نحو غير متوقع إلى أعلى مستوى له منذ تسعة أشهر، وشهد قطاع الصناعة خسائر تتراوح بين 100-160 مليار يورو، كما ارتفعت تكلفة المعيشة وأسعار الطاقة في كل من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، أكبر دول الاتحاد.
وتابع المحلل، أن الاتحاد الأوروبي يواصل تقديم دعم مالي ضخم لأوكرانيا، وقد طرحت المفوضية الأوروبية منذ أيام خطة جديدة بقيمة 90 مليار يورو لتغطية ثلثي احتياجات كييف التمويلية لعامين، باستخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان، إلا أن هذه الخطة تواجه معارضة ومخاطر جسيمة منها مخاطر قانونية حيث حذرت شركة "يوروكلير" البلجيكية - التي تحتفظ بأكبر حصة من الأصول الروسية المجمدة - من أن استخدام هذه الأصول قد يتم تفسيره على أنه "مصادرة"، مما يقوض ثقة المستثمرين الدوليين بأوروبا ويؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض لجميع دول الاتحاد.
كما رفض البنك المركزي الأوروبي ضمان قرض سابق بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، معتبرا أن ذلك يعد "تمويلا نقديا" مباشراً للحكومات، وهو ما يحظره القانون الأوروبي.
وأشار إلى أن هناك انقسام داخلي حيث ترفض دول مثل بلجيكا والمجر الخطة لغياب الضمانات الكافية أو لمعارضة أي تمويل إضافي، مما يعكس انقساما أوروبيا حول كيفية تحمل هذا العبء المالي الجديد.
وقال إن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي الى تقويض ثقة المستثمرين الأجانب ببيئة الاستثمار الآمنة في أوروبا، مما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وتراجع النمو، كما أنها ستعمل على تأجيج عداء طويل الأمد مع روسيا، وتشويه صورة أوروبا كحامية للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ويضمن حق روسيا بالرد القاسي على هذه الخطوة.
وأكد أنها قد تفتح الباب أمام مطالبات تعويضات تاريخية من دول أخرى، خاصة في أفريقيا، عن جرائم الحقبة الاستعمارية. وهذا ما بدأ يطفو على السطح، كما جاء في تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الذي دعا خلال مؤتمر حول "تجريم الاستعمار" إلى "حق أفريقيا في التعويض العادل واستعادة الممتلكات المنهوبة".
وأوضح المحلل، أن المواطن الأوروبي العادي يعاني واقعا مريرا من ارتفاع متواصل في أسعار الغذاء والطاقة والنقل، بينما تبقى الرواتب كما هي دون زيادات تذكر، وقد حذرت دراسات من أن الارتفاع الكبير في الأسعار يضرب الأسر ذات الدخل المنخفض بشكل غير متناسب، وخاصة في دول أوروبا الوسطى والشرقية، مما يهدد بدفع مئات الآلاف إلى دائرة الفقر.
وأكد أن ما يزيد الوضع تعقيدا هو أن أسواق السندات العالمية بدأت تطالب بعوائد أعلى على ديون الدول الأوروبية، مما يشير إلى مخاوف المستثمرين المتزايدة من تراخي السياسات المالية وتراكم الديون في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لفرض تقشف مالي، وفي الوقت نفسه، يمثل الإنفاق العسكري والأمني المتزايد نتيجة الدعم للنظام في كييف استنزافا إضافياً للموارد التي كان من الممكن توجيهها لتحسين الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية.
وتساءل إلى متى ستستطيع اقتصادات أوروبا تحمل تكلفة الحرب المزدوجة وتكلفة إنقاذ اقتصادها الداخلي من الإنهيار، وتمويل جهود عسكرية خارج حدودها - دون أن يدفع المواطن الأوروبي الثمن الأكبر من رفاهيته ومستقبله الاقتصادي، موضحا أن الإجابة مرتبطة بمسار الحرب نفسها، وإلى أي مدى يمكن للقادة الأوروبيين التوصل إلى حلول سياسية تخفف من هذا العبء المالي الذي يثقل كاهل شعوبهم، والتعاون مع الولايات المتحدة في خطتها المطروحة للسلام.