غزة- مدلين خلة - خاص صفا "كان صوت الصواريخ الإسرائيلية يُمزق السماء، والظلام عم الأرجاء، فأرهقت الوجوه وشحب لونها فلا مجال للرؤية، والجميع ينظر بقلبه تجاه القنبلة التي سقطت، متسائلين هل أخذت حبيبًا معها، أم مزقت جسد قريب؟". الجميع بدأ يبحث عن شعاع نور وسط عتمة ليل مظلم، اجتمعت عليه الغبار ودخان تلك الصواريخ، ربطو على قلوبهم عصبة، خوفًا من فقدان أحد عزيز عليهم، وباتوا ينتظرون أن تنزاح هذه العتمة، لتتضح معالم المكان المستهدف.

تجول الجميع بين ركام المنزل المدمر الذي استهدفته طائرات الاحتلال شمالي قطاع غزة، يحاولون إنقاذ من لم تخرج روحه وتستسلم لأنقاض جدران، طالما كانت حصن يأويهم من غدر الزمان، لكنها فشلت أمام أطنان الأسلحة التي لم تكن على قدر صدها وحماية أهلها. صرخة ألم  خرجت المواطنة يافا نصير من تحت أنقاض منزلها المستهدف سالمة آمنة، فأخذت تساعد طواقم الدفاع المدني في انتشال جثامين عائلتها، فخرج الزوج ووالده وولدها، وواصلت جهدها لكي لا يبقى أحد، حيث تُداري ألمها وتُواسي جراحها، قائلة: "وجع الناس أكبر من وجعك". وبقيت نصير الموظفة في بلدية بيت حانون شمالي القطاع، ست ساعات متواصلة تبحث عن نجلها أحمد، الذي لم يكن بجوار شقيقه ووالده وجده "هذا جثمان آخر، ليس لأحمد، لكن برأي رجال الدفاع المدني كان الجثمان المتفحم للعشريني أحمد، إلا أن قلبها يُنكر ذلك، رُغم اختفاء ملامح الجثمان، أحمد مش طويل بهاد الطول، أنا أعرف جسد ابني لن أتوه عن ملامحه".. بهذه الكلمات تروي المواطنة نصير ما حدث لها ولعائلتها بعد فقد الأمل في العثور على جثمان فلذة كبدها. تقول في حديثها لوكالة "صفا": "على مضض اضطريت للعودة للمنزل الذي نزحت إليه أحاول إقناع نفسي بحديث رجال الدفاع المدني بأن هذه جثة أحمد، بعدما قضوا وقت كبير بالبحث عنه، ولم يجدوا جثامين، لكن قلبي ما كان مصدق، هو أنا بدي أتوه عن ابني". وتضيف "كنت دائمًا بدعي يا رب خبر عن أحمد أعرف أين هو، كي يطمأن قلبي وتنطفأ ناره". رؤيا وأمل ذلك القدر المجهول لا تعيشه المواطنة نصير، فقط، بل مليوني غزي، ما يفتئ التفكير بمصير غير معروف يرحل عن ذاكرتهم، "حتى إن استشهدت هل ستجد قبرًا يأوي جثمانك بعدما امتلأت المقابر بجثامين الموتى؟". كان قد مر 138 يومًا على ذلك الفقد، حتى أتاها خبر من أحمد عن طريق قريبة لها "قولي لأمي أنا تحت ممر البيت خليها تيجي تطلعني". "هل تُصدق حلمًا، ربما هي رؤيا أو أضغاث أحلام، هو قلب أم تلوع على نجلها، فكان ذلك الحلم بصيص الأمل الذي تشبثت به لجثمان أحمد".  وتتابع "رجعت إلى البيت مع طواقم الدفاع المدني معتمدة على تلك الرؤيا، فما باليد حيلة إما أن تصدق وتجد رفات ولدها أو أن تصدق لتواري جثمانه الثرى". "هنا المكان الذي قال عنه أحمد هذا ممر البيت، بدأ الرجال بالحفر وهي تنتظر أن يخرجوا بجثمانه، فإذا بهم يناولونها عظمة من يده، وأخرى من قدمه، وثالثة جمجمته، أما هذه فركبته". تقول والدته المكلومة لقد تحلل جسد الشاب إلى عظام متفرقة جمعتها والدته يافا ووضعتها في قطعة القماش البيضاء التي أحضرتها معها، فصارت بخطوات مثقلة ثابتة تحمل ما تبقى من فلذة كبدها بين يديها متجهة إلى مستشفى كمال عدوان لثبت أن أحمد ليس رقمًا بل قصة عمر عاشها وستبقى. كان قلبها المكلوم فرحًا بعض الشيء فهي التي عثرت على قبر فارغ تضع فيه عظام نجلها التي حملته للمرة الثانية، الأولى عندما كان في أحشائها والأخرى عند مواراته الثرى. وتحاول الأم المكلومة أن تصبر نفسها بكلمات تخرج من شفتيها، "جُرحي ولا شي قدام جُرح الناس"، راحة الحصول على مأوى لرفات أحمد ضمدت جرحها النازف في أعماق قلبها.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى حرب غزة يافا نصير الدفاع المدنی

إقرأ أيضاً:

الدفاع المدني: تدابير السلامة المنزلية ضرورة لتفادي الحرائق

قالت هيئة الدفاع المدني والإسعاف إن حرائق المنشآت السكنية من أكثر أنواع الحوادث التي تتعامل معها بشكل متكرر لما تشكله من خطورة على الأرواح والممتلكات، ودعت أفراد المجتمع إلى الالتزام بإجراءات السلامة داخل المنازل، مثل تركيب أجهزة استشعار الدخان والغاز، وفصل التيار الكهربائي عن الأجهزة بعد الاستخدام، وإجراء الصيانة الدورية، والتأكد من قيام فنيين مرخصين بتنفيذ الأعمال الكهربائية.

وأظهرت إحصائيات الهيئة أن عدد حوادث الحرائق في المنشآت السكنية بلغ (1530) حادثًا في عام 2024م، مقارنة بـ(1539) حادثًا في عام 2023م.

وترجع أسباب هذه الحرائق إلى عدة عوامل أبرزها: عدم إغلاق أسطوانة الغاز بعد الاستخدام، ترك الطعام على النار دون رقابة، عبث الأطفال بالقداحات وأعواد الثقاب، التدخين داخل المنزل، تحميل المقابس الكهربائية فوق طاقتها، واستخدام أجهزة كهربائية غير مطابقة للمواصفات، إلى جانب تنفيذ أعمال الصيانة الكهربائية من قبل أشخاص غير مؤهلين.

وشددت الهيئة في حال وقوع الحريق، على أهمية الإخلاء الفوري للمبنى، ومساعدة كبار السن والأطفال وذوي الإعاقة على الخروج بأمان، وعدم العودة إلى الداخل لأي سبب، والاتصال الفوري برقم الطوارئ (9999) أو (24343666). واستخدام قطعة قماش مبللة لتغطية الأنف والفم في حال وجود دخان كثيف، والزحف باتجاه مخارج الطوارئ.

وأكدت الهيئة على ضرورة إعداد خطة إخلاء لكل منزل والتدرب عليها بشكل منتظم، مؤكدة أن الالتزام بإجراءات الوقاية يُعد خط الدفاع الأول للحد من هذه الحوادث المؤلمة، وحماية الأرواح والممتلكات.

مقالات مشابهة

  • الدفاع المدني السوري يطلق مشروع إزالة الأنقاض من 16 حياً في حلب
  • الدفاع المدني يخمد حريقًا في مبنى تحت الإنشاء بالخبر
  • الدفاع المدني بالخبر يباشر حريقًا في مبنى تحت الإنشاء بحي الهدا
  • الدفاع المدني: 106 مهمات خلال الـ 24 ساعة الماضية
  • مشاهد لفرق الدفاع المدني أثناء عملها على إزالة آثار الدمار في كنيسة مار إلياس بدمشق عقب الهجوم الإرهابي الذي استهدفها
  • الدفاع المدني يسيطر على حريق في بلجرشي دون إصابات
  • فرق الدفاع المدني تسيطر على حريق في أبها دون خسائر بشرية
  • الدفاع المدني: تدابير السلامة المنزلية ضرورة لتفادي الحرائق
  • الدفاع المدني في غزة يُعلن استشهاد أحد عناصره بالنصيرات
  • الدفاع المدني بالباحة يباشر حريقاً في أشجار وأعشاب بمحافظة المندق