أظهرت دراسة حديثة، أن المدن الأوروبية مثل زيورخ ودبلن تعد الأسهل على الناس المشي فيها والأكثر ملاءمة للعيش مُقارنة بنظيراتها الأمريكية، حيث يمكن وصول أكثر من 95% من سكانها إلى الخدمات الأساسية في غضون 15 دقيقة سيرًا على الأقدام.

وكشفت الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر سيتيز اليوم الإثنين أنه يمكن وصول أكثر من 95% في المدن الأوروبية إلى الخدمات الأساسية مثل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والمدارس والأسواق التجارية، في غضون 15 دقيقة سيرا على الأقدام أو بالدراجة.

في المقابل، تكشف الدراسة أن نسبة 2.5% فقط من سكان مدن مثل سان أنطونيو في ولاية تكساس الأمريكية، يتمتعون بسهولة الوصول إلى نفس هذه الخدمات، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة الجارديان البريطانية.

وأظهرت الدراسة أن جزءا صغيرا فقط من بين 10.000 مدينة حول العالم، يمكن أن يُطلق عليه ما يُسمى بـ «مدن الـ 15 دقيقة»، حيث يتمكن السكان من الوصول إلى الخدمات الأساسية سيرًا على الأقدام أو بالدراجة.

واختار باحثو الدراسة 54 مدينة لاستكشافها بشكل تفصيلي، ووجدوا أن المدن الأوروبية متوسطة الحجم مثل زيورخ وميلانو وكوبنهاجن ودبلن هي الأكثر سهولة في الوصول إلى الخدمات الأساسية. وفي المقابل، جاءت مدن أمريكا الشمالية مترامية الأطراف والمعتمدة بشكل كبير على السيارات مثل سان أنطونيو ودالاس وأتلانتا وديترويت في أسفل التصنيف.

وطور باحثو الدراسة طريقة حسابية لاستكشاف مدى التغيرات اللازمة في المدن لتصبح أكثر قابلية للوصول للخدمات الأساسية في غضون 15 دقيقة. ووجدوا أن مدينة مثل أتلانتا في حاجة إلى إعادة توزيع 80% من مرافقها لتحقيق توزيع عادل بين السكان، بينما تحتاج باريس إلى إعادة توزيع 10% فقط من مرافقها.

وأشار هيجور بياجيه، المؤلف المشارك في الدراسة، إلى أن الهدف من الدراسة ليس تدمير المدن وإعادة توزيع خدماتها، موضحا: «نحن نبحث عن طرق لتحسين حياة معظم الناس».

وكانت فكرة «مدينة الـ 15 دقيقة» تعرضت في السنوات الأخيرة للهجوم ممن يرون فيها محاولة للسيطرة على حركة الناس وتقييد حريتهم. وقد أزعجت هذه الانتقادات العلماء ومخططي المدن والأطباء الذين يرون في تقليل الاعتماد على السيارات وسيلة فعالة لتحسين صحة وسلامة الناس.

من جانبها أوضحت ناتالي مولر، أخصائية علم الأوبئة البيئية في معهد برشلونة للصحة العالمية، أن تقليل الاعتماد على السيارات وتشجيع النقل العام وزيادة المساحات الخضراء كلها عوامل تسهم في تحسين جودة البيئة الحضرية.

واختتمت الدراسة أنه في الوقت الذي تقود فيه المدن الأوروبية الجهود لجعل بيئاتها الحضرية أكثر سهولة، يبقى هناك الكثير الذي يجب القيام به لتقليل الاعتماد على السيارات وتحقيق المدن الأكثر صحة وملاءمة للحياة.

اقرأ أيضاًدراسة علمية مبتكرة في تنمية مهارات الكتابة للدارسين بالعربية من غير الناطقين بها

محافظ أسوان يستعرض دراسة فنية لمنظومة الكاميرات الأمنية لمراقبة الطرق

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: دراسة المدن الأمريكية المدن الأوروبية إلى الخدمات الأساسیة المدن الأوروبیة على السیارات الوصول إلى

إقرأ أيضاً:

أمة الأرق.. دراسة: كيف أثر طوفان الأقصى على نوم الإسرائليين؟

نشرت صحيفة “جيروزالم بوست”٬ عن دراسة إسرائيلية جديدة شملت أكثر من مئتي حلم في أثناء النوم جرى توثيقها منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أن الإسرائيليين ما زالوا يعيشون صدمة ذلك اليوم والحرب التي تلته حتى أثناء النوم، حيث تزدحم أحلامهم بصور الموت والشعور بالذنب والوحدة ومعاناة إعادة البناء.

ونشرت الدراسة في مجلة "البحوث التطبيقية في جودة الحياة" تحت عنوان "عندما تعجز اللغة، تتحدث الأحلام: البحث عن المعنى في أعقاب الصدمة الجماعية"، وشاركت في إعدادها الدكتورة بينيت روسو–نتزر من كلية أشفا الأكاديمية، والدكتورة هيليت إيريل–برودسكي، والبروفيسورة أوريت تاوبمان–بن–آري من جامعة بار إيلان. 

واعتمد الباحثون منهجا نوعيا وظاهراتيا لتحليل 203 روايات أحلام جُمعت مباشرة بعد هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر والحرب الإسرائيلية التي تلته، بهدف تفكيك الطريقة التي يحاول بها الإسرائيليون فهم الصدمة الوطنية عبر أحلامهم.

وتصف الدراسة الأحلام بأنها "ساحة وجودية" يحاول فيها الأفراد التعامل مع ما تهدم داخلهم من افتراضات تتعلق بالأمان والأخلاق والانتماء، بعد صدمة جماعية هزت المجتمع الإسرائيلي بأكمله في لحظة واحدة. 

وتظهر التحليلات أن كثيرا من الأحلام تتمحور حول التوتر بين الحياة والموت، إذ تحتوي بعض الأحلام على صور واضحة للتهديد والفقدان والضعف، تعكس أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر ومشاهد الحرب، فيما تحمل أحلام أخرى رموزا للبقاء والاستمرارية والتشبث بالحياة رغم كل شيء.

وتبرز كذلك في الأحلام مشاعر قوية من الذنب والمسؤولية؛ فبعض الحالمين يتصارعون مع أسئلة عما كان يمكنهم فعله أو ما كان ينبغي عليهم فعله في ذلك اليوم، بينما يواجه آخرون قضايا أخلاقية أوسع أثارتها الحرب والدمار. ويصف مؤلفو الدراسة وجود معركة نفسية مستمرة داخل تلك الأحلام تتعلق باستعادة الإحساس بالفعل والقدرة والسيطرة، في عالم أصبح فجأة غير آمن وغير قابل للتوقع.

وتشير روايات كثيرة إلى شعور عميق بالعزلة والوحدة، وهو ما يعكس أثر الصدمة العاطفية والاجتماعية التي أعقبت الهجمات، فيما تكشف روايات أخرى عن شوق شديد للارتباط والاعتراف والانتماء، وكأن أصحابها يبحثون عمن يرى آلامهم ويقف إلى جانبهم وسط عدم اليقين. 


كما تكشف الدراسة تدرجا واضحا في بنية الأحلام بين الفوضى وإعادة بناء السردية، إذ تأتي بعض الأحلام مجزأة ومليئة بصور مبعثرة متصلة بالأخبار أو ساحات القتال أو مشاهد العنف، بينما تبدأ تلك الشظايا في أحلام أخرى بالترابط تدريجيا لتشكل قصة يمكن سردها، حتى وإن ظلت هشة وغير مكتملة، في محاولة لإعادة بناء عالم داخلي تفتت بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وتؤكد الدراسة أن الأحلام ليست نشاطا عشوائيا، بل مساحة رمزية تتوسط بين التجربة الفردية والسرديات الوطنية والثقافية، بما في ذلك التصورات الإسرائيلية واليهودية حول الهوية والمجتمع والإيمان والتضحية. وبالنظر عن قرب إلى هذه الأحلام، يمكن تتبع كيف يحاول الإسرائيليون إصلاح إحساسهم بالذات والغاية بعد كارثة وطنية هزت دعامات الحياة اليومية.

ومن منظور سريري، يدعو الباحثون المعالجين النفسيين الذين يعملون مع المتضررين من أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر والحرب إلى التعامل مع الأحلام بوصفها جزءا مركزيا من العلاج، إذ قد تظهر فيها للمرة الأولى أشكال من الضيق العميق مثل الأذى الأخلاقي، وانهيار النظرة إلى العالم، والأسئلة الوجودية المتعلقة بالحياة والموت، خصوصا حين تعجز اللغة في الحياة اليومية عن التعبير عنها. 

ويرى الباحثون أن استكشاف محتوى الأحلام يمكن أن يساعد على تحقيق ما يصفونه بـ"الإصلاح الوجودي"، وهو عملية تدريجية تهدف إلى استعادة المعنى والاستقرار الداخلي.

وتأتي هذه الدراسة في ظل ما يصفه باحثون آخرون بأنه أزمة غير مسبوقة في الصحة النفسية في الاحتلال الإسرائيلي منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث تشير البيانات إلى ارتفاع حاد في اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق بين السكان، مع قلق متزايد بشأن الآثار طويلة الأمد على الجنود والناجين والنازحين وأسر الضحايا. 

وفي هذا الإطار، تشير الورقة البحثية إلى أن الليل أصبح ساحة أخرى للصراع والشفاء المحتمل، إذ لم يعد النوم بالنسبة لكثير من الإسرائيليين ملاذا من قسوة الواقع، بل مسرحا يعاد فيه ما حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وما تلاه، وتطرح أسئلة مؤلمة حولها، وتنسج ببطء في محاولة—وإن كانت غير مكتملة—لبناء تصور جديد عن الذات والحياة.

ويخلص الباحثون إلى أن تفحص الأحلام بدقة قد يفتح أمام الأطباء والمرضى طريقا مختلفا إلى الجروح الأخلاقية والوجودية التي خلفتها الهجمات، ويساهم في العمل الطويل وغير المكتمل لإعادة بناء المعنى في ظل صدمة لم تزل آثارها حاضرة في اليقظة كما في الأحلام.

مقالات مشابهة

  • دراسة عمانية تناقش أثر بطاقة الأداء المتوازن في التطوير المؤسسي
  • دراسة: تغييرات جينية تمنح الدببة القطبية فرصة للتكيف مع تغير المناخ
  • توقعات صادمة: دراسة تحذر من امتداد الصيف في أوروبا 42 يوماً إضافياً
  • دراسة تكشف: القلق والأرق يدمران جهاز المناعة
  • دراسة: المشي بعد العشاء لمدة 15 دقيقة يقلل ارتفاع السكر ويحسن الهضم
  • هل يمكن للشوكولاتة الداكنة أن تبطئ الشيخوخة ؟ وكيف!
  • توقيع مذكرة تعاون بين مدينة عبري الصحية والصحة العالمية
  • دراسة: المشي بعد تناول الطعام مباشرة يقلل مستويات السكر في الدم
  • أمة الأرق.. دراسة: كيف أثر طوفان الأقصى على نوم الإسرائليين؟
  • تراجع الأسهم الأوروبية وسط حالة من الحذر قبيل قرار الفائدة الأمريكية