الرئيس الإيراني في العراق.. لماذا وماذا أراد وماذا حقّق؟
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
18 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة:
محمد صالح صدقيان
اختتم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أول زيارة خارجية له من بوابة العراق، تاركاً خلفه الكثير من الأسئلة التي كانت سبقت الزيارة وواكبتها من دون الحصول على أجوبة شافية.
زيارة بزشكيان إلى العراق “كانت ناجحة بكل المقاييس”، من وجهة النظر الإيرانية الرسمية. إنّها الأولی للرئيس الإيراني بعد تشكيل حكومته الجديدة، وهذا الاختيار والتوقيت له دلالات متعددة خصوصاً أنّه زار إضافة إلی العاصمة بغداد، كلاً من أربيل؛ السليمانية؛ النجف؛ كربلاء والبصرة والتقی العديد من الفعاليات السياسية والشعبية.
ثمة مدن للمرة الأولى تستقبل رئيساً إيرانياً مثل أربيل والسليمانية والبصرة. الزيارة تخلّلها توقيع 14 مذكرة تفاهم في مجالات متعددة كالسياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام والسياحة.
البعض نظر إلى هذه الزيارة نظرة تشكيك أو محاولة استغلال دولة جارة علی خلفية محاولة تجاوز المقاطعة الاقتصادية التي تتعرض لها إيران أو الالتفاف عليها.. على قاعدة أن العراق يُعتبر المتنفس الإقتصادي الأبرز لإيران.
البعض الآخر قال إن الإيرانيين يُريدون استباق الإنسحاب العسكري الأمريكي من العراق خلال العامين 2025 و2026 وبالتالي يحاولون سد الفراغ الذي سيتركه الأمريكي والتواجد محله.
أما البعض الثالث، فقد رأی أن زيارة بزشكيان لإقليم كردستان والتحدث باللغة الكردية مع وسائل اعلامها يهدف إلی تطوير علاقات إيران مع الإقليم وإعادة صياغة هذه العلاقات وتحديداً مع أحزابه الرئيسية كالحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني من أجل محاولة ترويض الأكراد الإيرانيين واستخدامهم في تحسين الوضع السياسي في المناطق الإيرانية التي تقطنها غالبية كردية.
لا أريد الدخول في صحة ما يتم تداوله من ملاحظات؛ لكن وقائع التاريخ والجغرافيا بين العراق وإيران تشي بغير ذلك. فامتلاك البلدين حدوداً مشتركة تزيد علی الألف وثلاثمئة كيلومتر تصطف بالقرب منها مدن البلدين من أقصی الشمال إلی أقصی الجنوب.. يُعطي لهذين البلدين مقومات جيوسياسية وجيواستراتيجية تصب في خدمة مصلحة البلدين والشعبين. زدْ على ذلك العوامل التاريخية والدينية والثقافية والاقتصادية التي تمتد في عمق التاريخ وتشكل نقاط قوة تخدم مصالح البلدين خصوصاً أن الحكومات التي حكمت العراق قبل العام 2003 حاولت السير عكس التيار وبدّدت بذلك مصالح الشعبين العراقي والإيراني علی حد سواء. واللافت للانتباه أن شعبي البلدين الجارين سارعا للمعانقة بعد العام 2003 وتمكنا من تخطي الحواجز من دون إذن من أحد ومن دون قرار سياسي من قيادتي البلدين؛ وما لمسه الرئيس بزشكيان في كل المدن العراقية التي زارها من حفاوة رسمية وشعبية وسياسية يعكس حقيقة هذه الأجواء، سواء في بغداد أم في الاقليم الكردي أم في بقية المحافظات والمدن العراقية.
وثمة ملاحظة من المفيد سوقها، فإيران تُعتبر من الدول الفريدة من نوعها التي تحدُّها 15 دولة تربطها بها علاقات اقتصادية مميزة سواء من الشرق حيث شبه القارة الهندية ودول آسيا الوسطی والصين وروسيا أو من الشمال حيث تركيا ومن الغرب حيث العراق مروراً بدول مجلس التعاون وانتهاء بسلطنة عمان وبالتالي نجحت إيران بتطوير علاقاتها التجارية وبتجاوز ظروف المقاطعة خلال العقود الأربعة الماضية.
ولا أريد هنا التقليل من حجم المخاطر التي تفرضها ظروف المقاطعة الظالمة علی الشعب الإيراني لكنني أعتقد أن من يقول إن إيران تستغل العراق للتنفيس الاقتصادي لا يُصيب كبد الحقيقة.. أو أن إيران تريد أن تملأ فراغ الإنسحاب الأمريكي. هذا الانسحاب سيقتصر علی القوات القتالية وطهران لا تريد أن ترسل قوات عسكرية إلى العراق لتحل محل القوات الأمريكية؛ أما ما يتعلق بالوضع الكردي، فأي قراءة تاريخية للعلاقة بين إيران والحركة الكردية العراقية خلال العقود السبعة الماضية كفيلة بدحض مثل تلك التصورات. العلاقة بين إيران وأكراد العراق علاقة متميزة قبل العام 2003 تاريخ الغزو الأمريكي للعراق وبعده؛ وما حصل من توترات لأسباب معروفة، نجح الجانبان في تجاوزها عندما زار رئيس الإقليم نجرفان برزاني طهران في مايو/أيار الماضي ليعيد بوصلة العلاقات إلى طبيعتها بما يُحقّق مصالح الشعبين والبلدين بعيداً عن تدخلات الآخرين.
زيارة الرئيس الإيراني تناولت أربعة ملفات أساسية:
الملف الأول؛ اقتصادي لمتابعة عملية تحرير الأموال الإيرانية المحتجزة في البنوك العراقية بسبب رفض الجانب الأمريكي السماح لهذه الأموال المتعلقة بمبيعات الغاز والكهرباء والمشتقات النفطية بالانتقال لإيران؛ إضافة إلی معالجة مشاكل التجار في كلا البلدين ووضع أطر مناسبة للتعامل التجاري وضمان رؤوس الأموال في الاتجاهين.
الملف الثاني؛ أمني ولا سيما لجهة متابعة الخطوات الأخيرة التي بدأها العراق بتفكيك معسكرات الحركات الكردية الإيرانية المنشقة بالقرب من الحدود الإيرانية وتأمين هذه الحدود لتكون حدوداً آمنة وتطوير عمليات التبادل التجاري والتنمية وإعادة بناء المدن المتضررة من تواجد تلك المجموعات المسلحة التي تضر بإيران ولا تخدم العراق.
الملف الثالث؛ متابعة خط سكك الحديد الذي يربط مدينة الشلمجة الإيرانية بمدينة البصرة العراقية والتأكيد علی أهمية هذا الخط الاستراتيجي للبلدين خصوصاً أنه يستطيع أن يتصل بشبكة سكك الحديد في البلدين ليصل العراق بآسيا الوسطی من جهة وشبه القارة الهندية والصين وروسيا من جهة أخری؛ فيما يربط إيران بتركيا وأوروبا ولربما بسوريا والبحر الأبيض المتوسط مستقبلاً.
الملف الرابع؛ استمرار جهود العراق السياسية والدبلوماسية لترطيب العلاقات بين إيران والدول العربية وتحديداً الأردن ومصر، وذلك في محاولة لاستسنساخ تجربة استضافة الجلسات الأولى للحوار السعودي الإيراني في العراق والتي أفضت إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من بوابة بكين في مرحلة لاحقة..
في المحصلة، يصبُ تطوير العلاقات البينية بين دول الإقليم في مصلحة شعوب المنطقة والأمن الإقليمي والاستقرار في هذه المنطقة التي تتطلع إلی عناصر الأمن والسلام والتعاون والتنسيق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
لماذا لم تتمكن الدفاعات الإيرانية من صد الهجمات الإسرائيلية؟
هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الجمعة، منشآت نووية، وعسكرية إيرانية، واغتالت قادة في الجيش والحرس الثوري الإيراني، وعلماء نوويين، في ضربة هي الأقوى من نوعها ضد القدرات العسكرية الإيرانية، فيما قالت "تل أبيب" إن كل الطيارين الذين نفذوا الضربات "عادوا بسلام".
وأثارت الضربات الإسرائيلية "الناجحة" بحسب الرواية الإسرائيلية، والخسائر الإيرانية الكبيرة في المنشآت النووية، وعلى مستوى القادة والعلماء، تساؤلات حول قدرات منظومة الدفاع الجوي الإيرانية.
وقد يعود القصور في أداء منظومات الدفاع الجوي إلى تخريب إسرائيلي سبق العملية، وهو ما زعمته دولة الاحتلال.
هجمات ثلاثية
ونقلت هيئة البث العبرية الرسمية عن مصدر أمني إسرائيلي لم تسمه قوله، إن "ثمة 3 عمليات مختلفة نفذها الموساد في إيران".
وفي التفاصيل، قال المصدر: "أولا، وسط إيران، عملت فرق كوماندوز تابعة للموساد على نشر أنظمة تشغيلية لأسلحة دقيقة التوجيه، في مناطق مفتوحة قرب أنظمة صواريخ أرض- جو الإيرانية".
وأشار إلى أنه "مع بداية الهجوم الإسرائيلي، وبالتوازي مع هجمات سلاح الجو في جميع أنحاء إيران، تم تفعيل الأنظمة، وأطلقت الصواريخ الدقيقة مباشرة على الأهداف دفعة واحدة وبدقة عالية".
وأضاف المصدر: "ثانيا، في حملة عملياتية أخرى لإحباط قدرات الدفاع الجوي الإيرانية التي تهدد الطائرات المقاتلة الإسرائيلية، زرع الموساد أنظمة وتقنيات هجومية متطورة على المركبات في عمليات سرية".
ولفت إلى أنه "مع بدء الهجوم المفاجئ، تم إطلاق الأسلحة وتدمير أنظمة الدفاع الإيرانية بالكامل".
وفيما يتعلق بالمهمة الثالثة، قال: "أنشأ الموساد قاعدة لطائرات مسيرة متفجرة تم تسللها إلى قلب إيران قبل وقت طويل من الهجوم من قبل عملاء الموساد".
ولفت إلى أنه "خلال الهجوم الإسرائيلي، تم تفعيل طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات وإطلاقها على منصات إطلاق الصواريخ أرض- أرض الموجودة في قاعدة أشفق آباد بالقرب من طهران".
المنظومات بعيدة المدى
"إس 300"
منظومة روسية المنشأ بعيدة المدى يمكنها رصد الأهداف على بعد 350 كيلومترا، وتتبع 100 هدف والاشتباك مع 12 هدفا في نفس الوقت.
حصلت إيران على المنظومة الروسية عام 2016، وتستخدم رؤوسا حربية متطورة يمكنها إصابة الأهداف التي تصل سرعتها حتى 10 آلاف كيلومترا في الساعة.
"باور 373"
نظام دفاع جوي صاروخي محلي الصنع، قادر على التنقل، من فئة المنظومات الصاروخية بعيد المدى، أطلق في عام 2019، وتم تحديثه في السنوات اللاحقة، ومن المفترض أنه قادر على التصدي للطائرات من الجيل الخامس القادرة على التخفي.
ومنظومة "باور-373" مجهزة برادار قادر على في اكتشاف الأهداف في محيط 450 كيلومترا، وعلى ارتفاع يصل إلى 32 كيلومترا.
يمكن لها رصد مئات الأهداف في الوقت ذاته، ويمكنها تعقب ما يصل إلى 60 هدفا لكن يمكنها الاشتباك المباشر مع 6 أهداف فقط كونها تحتوي على 6 منصات كل منها مزود بـ 4 صواريخ "صياد" من فئات مختلفة معدة للإطلاق.
المنظومات متوسطة المدى
"خرداد 15"
اكشفت إيران عن منظومة "خرداد 15" في عام 2019، تعد نظاما متوسط المدى مصمما لمواجهة التهديدات الجوية المتعددة. تعتمد على صواريخ محلية الصنع من نوع "صياد"، وقادرة على ضرب أهداف على ارتفاع يصل إلى 27 كيلومترًا، وبمدى يصل إلى 120 كيلومترا.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
مزودة برادارات محلية متطورة قادرة على رصد التهديدات مثل الطائرات المقاتلة، المسيّرات، وصواريخ كروز في نطاق يصل إلى 150 كيلومترًا، وقادرة على كشف الطائرات الشبحية في نطاق 85 كيلومترًا، ويمكنها التعامل مع 6 أهداف في وقت واحد، وتستخدم ثلاث منصات إطلاق متنقلة، تضم كل منها 4 صواريخ.
"خرداد 3"
منظومة دفاع جوي صاروخية متوسطة المدى ومتنقلة، محلية الصنع كشف عنها لأول مرة عام 2014 ثم خضعت لاحقًا للتطوير والتحديث.
تتميز بقدرتها على تنفيذ جميع مراحل الدفاع الجوي بشكل مستقل، من الرصد إلى الاعتراض وإصدار أوامر التدمير، وهي مزودة بمركز قيادة وتحكم، ورادارات محلية، وتضم بطاريتها 4 منصات إطلاق مزودة برادار "رعد" و 8 منصات إضافية بدون رادار.
وتستخدم المنظومة أنواعا من الصواريخ المحلية هي "طائر"، و"صياد"، و"خرداد" من فئات مختلفة.
"آرمان"
كشفت إيران في فبراير/شباط 2024 عن منظومة دفاع آرمان متوسطة المدى وعالية الارتفاع، القادرة على رصد واعتراض مختلف أنواع الطائرات، والصواريخ الباليستية والمسيّرات، مع قدرة على التعامل مع 6 أهداف في الوقت نفسه، وتشغيل كامل خلال 3 دقائق ورد فعل في أقل من 20 ثانية.
تغطي المنظومة بزاوية 360 درجة بفضل رادار متطور يحدد حتى 24 هدفًا ضمن نطاق يصل إلى 200 كيلومتر، وعلى ارتفاع يصل إلى 27 كيلومترا. وتستخدم صواريخ "صياد".
"رعد"
منظومة دفاع جوي صاروخي متوسطة المدى، محلية الصنع، تمثل نسخة مطورة من النظام الروسي "بوك-إم2"، صممتها القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني عام 2012.
تتضمن المنظومة رادارات للرصد والاعتراض، ومنصة إطلاق متنقلة مزودة بثلاثة صواريخ، وهي مصممة للتصدي للطائرات والصواريخ والمروحيات والطائرات المسيّرة.
"مرصاد 16"
نظام صاروخي متوسط المدى قادر على الحركة محلي الصنع، دخل الخدمة عام 2010، مزود برادارات محلية الصنع، ويستخدم للتصدي والاعتراض صواريخ من طراز "شلمجة 2" القادرة على استهداف الطائرات، والمروحيات، والمسيرات، والصواريخ الباليستية.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
المنظومات قصيرة المدى
"كمين 2"
منظومة دفاع جوي صاروخي محلية الصنع قصيرة المدى، متنقلة ومتكاملة، كشف عنها عام 2018، وهي نسخة مطورة من "مرصاد"، وتُستخدم ضد الطائرات والمسيرات والمروحيات على ارتفاعات منخفضة. ترصد الأهداف من مسافة 150 كيلومترًا وتستخدم صواريخ "شاهين".
"آذرخش"
نظام دفاع جولي محلي الصنع قصير المدى، أعلن عنه في 2024، قادر على رصد وتدمير الأهداف الجوية منخفضة الارتفاع حتى مدى 50 كيلومترًا بالرادار و25 كيلومترًا بالتتبع البصري، ويؤمن تغطية شاملة بزاوية 360 درجة.
يمكن نشره على منصات متحركة وثابتة، ويعترض الأهداف ضمن مدى 8 كيلومترات وارتفاع 6 كيلومترات، مستهدفًا بالأساس المسيرات الصغيرة والمروحيات. يستخدم صواريخ "آذرخش".
"مجيد"
نظام دفاع جوي قصير المدى ومنخفض الارتفاع إيراني الصنع، أعلن عنه عام 2020، قادر على التصدي للمروحيات والمسيرات وصواريخ كروز ضمن مدى 8 كيلومترات وارتفاع 6 كيلومترات.