في الربيع الماضي، وبعد اعتقال 93 متظاهرًا في حرم جامعة جنوب كاليفورنيا (USC)، وتهديد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بعقوبات مدنية وأكاديمية، بدا أن رئيسة الجامعة كارول فولت تبحث عن مخرج.

وفي مايو/أيار الماضي، صرحت فولت أمام مجلس الشيوخ الأكاديمي للجامعة، في الوقت الذي كان فيه أعضاء هيئة التدريس يضغطون عليها لمعرفة السبب وراء استدعائها شرطةَ لوس أنجلوس المسلحة بشكل كبير؛ لقمع احتجاجات طلابية سلمية وتفكيك معسكرهم، قائلة: "ما نحاول فعله حقًا الآن هو التهدئة".

وادعت فولت أنها كانت تنوي الخروج "بنفسها" قبل تدخل الشرطة. وكان المعسكر يبعد دقيقتين مشيًا على الأقدام عن مكتبها. ولو قامت بهذه الخطوة القصيرة، لكانت قد تعلمت منذ البداية طبيعة المعسكر: تجمع سلمي متعدد الأديان للطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين شهدوا على الهجوم الإسرائيلي على غزة. تضمن المعسكر أنشطة منتظمة، مثل: اليوغا، التأمل، جلسات تعليمية، جلسات تضامن بين السود والفلسطينيين، و"سدورات" خلال عيد الفصح. لكن فولت لم تقم بهذه الخطوة، وقالت لمجلس الشيوخ الأكاديمي: "لا أعرف لماذا لم أفعل ذلك، وأنا نادمة على ذلك".

ومع ذلك، فإن أفعال الجامعة منذ ذلك الحين تتناقض مع كلمات فولت. مثل العديد من الجامعات الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، في زمن التضامن مع غزة، لجأت إدارة الجامعة إلى تكثيف التدابير القمعية.

بعد الاحتجاجات في الربيع الماضي، حافظت إدارة أمن USC، أحيانًا بمرافقة ضباط شرطة خارج الخدمة مدربين على "عمليات إدارة الحشود"، على طوق أمني مشدد حول الحرم الجامعي. وفي الخريف الحالي، "رحبوا" بالطلاب الجدد بإقامة حواجز معدنية، ونقاط تفتيش أمنية، وتفتيش الحقائب، وإلزامية فحص الهويات.

علاوة على ذلك، زادت إدارة الجامعة الضغط على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين يواجهون العقوبات، بإرسال رسائل تهديدية واستدعائهم لجلسات تأديبية. كما طُلب من الطلاب كتابة "أوراق تأمل" يعبرون فيها عن ندمهم، مع تقديم بيان "ماذا تعلمت؟" قبل إسقاط أي عقوبات مفروضة عليهم.

إحدى الرسائل التي أرسلها مكتب "توقعات المجتمع" في USC تضمنت أسئلة مثل: "كيف أثرت أفعالك على أفراد المجتمع الجامعي وأنشطتهم المجدولة في المساحات المتأثرة؟". وطالبت الرسالة الطلاب بمشاركة كيفية اتخاذ قرارات مختلفة في المستقبل، وتوضيح المنطق الذي سيستخدمونه.

في أسلوب معتاد من USC، تم تسويق القيود الصارمة، مثل "الممرات السريعة"، و"خيام الترحيب"، وزيادة عدد البوابات المفتوحة، كوسائل راحة. لكن الواقع مختلف: حرمنا الجامعي في حالة إغلاق "للمستقبل المنظور"، وفقًا لما ورد في بريد إلكتروني على مستوى الحرم الجامعي. وبعبارة أخرى: لا تتوقعوا العودة إلى حرم مفتوح في أي وقت قريب، إن حدث ذلك على الإطلاق. السبب؟ "الأمن في الحرم الجامعي يظل أولويتنا القصوى".

إذن، لا وجود لغصن الزيتون.

جامعة USC ليست الوحيدة التي تواجه قرارات متضاربة بشأن كيفية التعامل مع معسكرات الاحتجاج والنقاشات حول إسرائيل وفلسطين. بعض الجامعات، مثل جامعة ولاية سان فرانسيسكو، استمعت إلى المتظاهرين، وقررت سحب الاستثمارات من الشركات التي تحقق أرباحًا من إنتاج الأسلحة. جامعات أخرى، مثل جامعة ويسليان، سهلت المحادثات بين الطلاب المتظاهرين، ومجلس أمناء الجامعة. ومعظمها قمع الاحتجاجات.

جامعة جورج واشنطن أوقفت مجموعتين طلابيتين، هما: "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" و"الصوت اليهودي من أجل السلام". جامعة إنديانا وجامعة جنوب فلوريدا حظرتا إقامة الخيام في الحرم الجامعي دون الحصول على موافقة مسبقة. جامعة بنسلفانيا حظرت إقامة المعسكرات. جامعة كولومبيا الآن تستخدم نظام ترميزٍ لونيٍّ لتقييد الوصول إلى الحرم الجامعي.

قرابة 100 جامعة أميركية طبقت قواعد أكثر تقييدًا لتنظيم الاحتجاجات في الحرم الجامعي. حرية التعبير لم تكن في وضع أسوأ من قبل، خصوصًا في الجامعات الكبرى، وفقًا لمسح أجرته مؤسسة حقوق الأفراد والتعبير. من بين 251 جامعة تم مسحها، جاءت USC في المرتبة 245 بتصنيف "سيئ للغاية". والأسوأ من ذلك، بتصنيف "مروع"، جاءت جامعتا نيويورك وكولومبيا، وفي المرتبة الأخيرة جامعة هارفارد.

قد لا تكون USC قد "تفوقت" على هارفارد في قمع حرية التعبير، لكنها تجاوزت جميع "منافسيها" في تحويل الحرم الجامعي إلى قلعة. وهذا يتعارض بشكل صارخ مع الثقافة الجامعية التي تقوم على الانفتاح والاستفسار.

الآن، في كل مرة ندخل فيها الحرم الجامعي، نجد أنفسنا مجبرين على مواجهة بيئة أمنية مزعجة. "الممرات السريعة" و"خيام الترحيب" لا تخفف من الشعور بأننا تحت المراقبة؛ بل على العكس، تجعلنا نشعر وكأننا في مطار تحت أعين إدارة أمن النقل اليقظة.

ما هو أكثر إزعاجًا هي الرسالة التي ترسلها USC إلى المجتمع المحيط في جنوب لوس أنجلوس. في أغسطس/آب الماضي، كتب فرع رابطة الأساتذة الجامعيين الأميركيين في USC رسالة إلى الرئيسة فولت قال فيها: "مقارنة بتاريخ USC الطويل، الذي كنا نفتخر فيه باندماجنا مع المجتمع المحيط، أصبح الوصول إلى الحرم الجامعي مقيدًا بشدة؛ بسبب الخطوط عند "خيام الترحيب"، وازدياد تردد الضيوف في زيارة الحرم الجامعي، بالإضافة إلى التفتيشات الأمنية العشوائية التي يخضع لها بعض الزوار".

هذا لا يقارن بتأثير التواجد الأمني والعسكري على الطلاب الملونين، الذين يشعرون بالفعل بالتهميش في جامعة يغلب عليها البيض. في حديثه لـ "أنينبيرغ ميديا" الشهر الماضي، قال الطالب ليون برييتو: "لم يفهموا لماذا كنا هناك في المقام الأول… لم أعد أرى USC كما كانت. لا أشعر بأنني أنتمي إليها".

على مرّ السنين، ابتليت USC بسلسلة من الفضائح التي تجعل من الصعب الشعور بالفخر بالانتماء إلى الجامعة: من عميد كلية الطب الذي كان يتعاطى المخدِّرات في غرف الفنادق مع رفقاء شباب، أحدهم تعرض لجرعة زائدة، إلى طبيب أمراض النساء المتهم بسوء السلوك الجنسي ضد مئات من طالبات USC، وفضيحة "فارسيتي بلوز" المتعلقة بالاحتيال وغسل الأموال، واستجابة الجامعة المحصنة والمبهمة لهذه الفضائح.

لكن بالنسبة لي، لا شيء يضاهي الشعور بالعار والاشمئزاز إزاء الأحداث التي وقعت في الأشهر الخمسة الماضية: الاعتقال العنيف لطلابنا، التهم التي وُجهت لهم بسبب التعدي على الحرم الجامعي، العقوبات الأكاديمية الصارمة، والإغلاق المستمر للحرم الجامعي.

من الصعب الهروب من الشعور بأن إداريي USC، الذين يقودهم الأمن، كانوا ينتظرون أزمة لتطبيق خطتهم القمعية. كما كتبت الناقدة الاجتماعية نعومي كلاين في كتابها الشهير "عقيدة الصدمة": "بعد الأزمة، يجد وكلاء الأزمة أنه من الضروري التصرف بسرعة، لفرض تغيير سريع ولا رجعة فيه".

تحول حرم USC إلى نموذج مصغر لـ "عقيدة الصدمة" التي تحدثت عنها كلاين: نوع من المختبر لما قد يبدو عليه محيط محصن ومدعوم بوجود وكالات أمنية خارجية.

من المؤكد أن رؤساء الجامعات الأخرى يراقبون من كثب تجربة USC؛ لمعرفة ما إذا كان هذا النوع من القمع سيصمد.

في قلب فلسفة USC القائمة على "الأمن أولًا"، يقف إيرول ساذرز، نائب الرئيس للأمن وضمان المخاطر. ساذرز هو عميل سابق في مكتب التحقيقات الفدرالي، ويرأس لجنة شرطة لوس أنجلوس، القوة التي اقتحمت معسكرات الطلاب السلمية في الربيع الماضي.

ساذرز هو أيضًا مؤلف كتاب "التطرف العنيف المحلي". في تقرير لمركز الأمن الداخلي في USC، حذر ساذرز من أن المؤشرات المتطرفة تشمل "التعاطف القوي مع المسلمين الذين يُعتبرون ضحايا: (الفلسطينيين، العراقيين…)" وأن هذا التعاطف قد يؤدي إلى "حقد" ضد الولايات المتحدة.

توضح هذه العاصفة المثالية كيف يتم توجيه التدابير الأمنية ضد الطلاب الذين يسعون لزيادة الوعي تجاه مجازر إسرائيل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحرم الجامعی هیئة التدریس

إقرأ أيضاً:

ماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر؟.. 16 مشهدا بين السماء والأرض

حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على تحري الأوقات المباركة واغتنامها بأحب الأعمال الصالحة إلى الله تعالى، وهو ما يؤكد ضرورة معرفة ماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر ؟، لعل به يزيد الحرص على اغتنامها ومن ثم الفوز بنفحاتها وبركاتها فإن كان من المعروف أن آخر ساعة قبل الفجر هي أوسع بوابات الخيرات وأسهل الطرق لتحقيق أصعب حلم وأمنية واحتياج، فهذا لا يعني معرفة ماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر وكل أسرارها، فقد أمرنا الله تعالى بتدبر آياته والبحث عن الحكمة الإلهية.

ماذا يحدث لمن ينام جنبا ويؤخر الاغتسال للصباح؟.. 4 مصائب فاحذرهماذا كان يقول النبي في الصباح؟.. أدعية تملأ يومك بالأرزاقماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر

ثبت في السنة الصحيحة، فيما رواه البخاري ومسلم، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله سبحانه وتعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» ، أي أنه عن ماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر ، فأول وأعظم ما يحدث أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، ومعنى ذلك أن الله ينزل نزولا يليق بجلاله وعظمته في هذا الوقت، ولا يسأل ملائكته عن عباده وإنما يتفقد أحوالهم عز وجل ، ثم يستجيب لمن يدعونه في هذه الساعة.

وورد أيضًا أنه عز وجل يعطي من يسأله حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة، وينظر لمستغفريه فيغفر لهم ذنوبه وخطاياهم، ويرزق من يطلبون الرزق، ويكون الله جل في علاه أقرب ما يكون من عباده في هذه الساعة، لذا أوصى -صلى الله عليه وسلم- بذكر الله في جوف الليل الأخير، فقد ورد في جامع الترمذي، أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ».

كذلك هذا وقتٌ شريفٌ مرغَّبٌ فيه، خصَّه اللهُ تعالى بالنُّزولِ فيه، وتفضَّلَ على عبادِه بإجابةِ مَن دعا فيه، وإعطاءِ مَن سأَله؛ إذ هو وقتُ خَلوةٍ وغفلةٍ واستغراقٍ في النَّومِ، واستلذاذٍ به، ومفارقةُ اللَّذَّةِ والرَّاحةِ صعبةٌ على العبادِ، وعن ماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر فإن مَن آثَر القيامَ لمناجاة ربِّه والتضرُّعِ إليه في غفران ذنوبِه، فإن الله سبحانه وتعالى يفك رقاب عباده مِن النَّار.

ويتوب على من سأَله التَّوبةَ في هذا الوقتِ الشَّاقِّ، على خَلوةِ نفسِه بلذَّتِها، ومفارقةِ راحتِها وسَكَنِها- فذلك دليلٌ على خُلوصِ نيَّتِه، وصحَّةِ رغبته فيما عند ربِّه، فضُمِنت له الإجابةُ الَّتي هي مقرونةٌ بالإخلاصِ وصدقِ النِّيَّةِ في الدُّعاء؛ إذ لا يقبَلُ اللهُ دعاءً مِن قلبٍ غافلٍ لاهٍ؛ فلذلك نبَّه اللهُ عبادَه إلى الدُّعاء في هذا الوقتِ.

ورد أن بهذا الوقت تخلو فيه النَّفسُ مِن خواطرِ الدُّنيا؛ ليستشعِرَ العبدُ الإخلاصَ لربِّه، فتقَعَ الإجابةُ منه تعالى؛ رِفقًا مِن اللهِ بخَلقِه، ورحمةً لهم، فإن الله عز وجل ينزل رحمته ويمن عليهم بالسكينة، لذا فإن القائم بهذه الساعة يجلس بين يدي الله خائفًا متضرعًا ليغفر له ويرحمه ويستحق هذه المنزلة، كما يتحقق الخشوع في الصلاة ، وامتيازها بالإخلاص لأن القائم يقوم لوحده بعيدًا عن أعين الناس النيام ممّا يضمن نقاء نيته ويحميه من دخول الرياء إلى قلبه، الدخول إلى الجنة دون عذاب.

وجاء أن الله تعالى يجزل الثواب والأجر عن قيام الثلث الأخير من الليل والصلاة، لأنه يعد من العبادات المفضلة عند الله تعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم لا يتركها، وقد  خصّ الله تعالى عباده الذين يقومون الثلث الأخير من الليل بالأجر العظيم لأن القائم يهجر فراشه الدافئ والنوم المريح ليعبد الله عز وجل والناس نيام، لذلك فعلى المؤمن حقًا استغلال هذا الوقت.

أفضل دعاء في آخر ساعة قبل الفجر

يعد ترديد الاستغفار فيها من أفضل الأدعية ، حيث إنه ورد في فضل الاستغفار في آخر ساعة قبل الفجر أو بصيغة أخرى يمكن القول بأن دعاء سيد الاستغفار هو أفضل دعاء آخر ساعة قبل الفجر من خمسة وثلاثون كلمة يغفر الذنوب إذا ما رددها المُسلم وهو موقن بها، فمات من يومه، دخل الجنة.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، اغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » .

فضل الاستغفار في آخر ساعة قبل الفجر

ورد أن فضل الاستغفار في آخر ساعة قبل الفجر عظيم ، ففيما ورد عن السلف الصالح، أن هناك صيغة للاستغفار تفرج الهم وتوسع الرزق، حيث إن أعرابيا شكى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه شدة لحقته، وضيقا في الحال، وكثرة من العيال، فقال له: "عليك بالاستغفار، فإن الله تعالى يقول: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا»، "فعاد إليه.

وقال: يا أمير المؤمنين قد استغفرت كثيرًا، وما أرى فرجًا مما أنا فيه، فقال: لعلك لا تحسن أن تستغفر، قال: علمني، قال: أخلص نيتك، وأطع ربك، وقل: «اللهم إني أستغفرك من كل ذنب، قوي عليه بدني بعافيتك، أو نالته قدرتي بفضل نعمتك، أو بسطت إليه يدي بسابغ رزقك، أو اتكلت فيه عند خوفي منه على أناتك، أو وثقت فيه بحلمك، أو عولت فيه على كرم عفوك، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب خنت فيه أمانتي، أو بخست فيه نفسي".

وتابع: "أو قدمت فيه لذاتي، أو آثرت فيه شهواتي، أو سعيت فيه لغيري، أو استغريت فيه من تبعني، أو غلبت فيه بفضل حيلتي، إذا حِلت فيه عليك مولاي فلم تؤاخذني على فعلي إذ كنت - سبحانك - كارهًا لمعصيتي، لكن سبق علمك فيّ باختياري، واستعمالي مرادي وإيثاري، فحلمت عني، لم تدخلني فيه جبرًا، ولم تحملني عليه قهرًا، ولم تظلمني شيئًا، يا أرحم الراحمين، يا صاحبي عند شدتي، يا مؤنسي في وحدتي، يا حافظي عند غربتي، يا وليي في نعمتي، يا كاشف كربتي، يا سامع دعوتي، يا راحم عبرتي، يا مقيل عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا ركني الوثيق، يا رجائي في الضيق، يا مولاي الشفيق".

وأكمل: "يا رب البيت العتيق، أخرجني من حلق المضيق، إلى سعة الطريق، وفرج من عندك قريب وثيق، واكشف عني كل شدة وضيق، واكفني ما أطيق وما لا أطيق، اللهم فرج عني كل هم وكرب، وأخرجني من كل غم وحزن، يا فارج الهم وكاشف الغم، ويا منزل القطر، ويا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، صلِّ على خيرتك من خلقك محمد النبي –صلى الله عليه وسلم- وآله الطيبين الطاهرين.

وأردف:  وفرج عني ما ضاق به صدري، وعيل معه صبري، وقلت فيه حيلتي، وضعفت له قوتي، يا كاشف كل ضر وبلية، ويا عالم كل سر وخفية، يا أرحم الراحمين، وأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم"، قال الأعرابي: فاستغفرت بذلك مرارًا، فكشف الله عز وجل عني الغم والضيق، ووسع علي في الرزق، وأزال عني المحنة".

أدعية قبل الفجر

ورد فيه أن الذكر بمفهومه الخاص يعني: ذكر الله -عز وجل- بالألفاظ الواردة في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة، والتي تتضمن تمجيد الله، وتعظيمه، وتوحيده، وتقديسه، وتنزيهه عن كل النقائص، ومن أدعية قبل الفجر هذه الأذكار:

1- قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قال لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لَا شرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ، فِي يومٍ مائَةَ مرةٍ، كانتْ لَهُ عِدْلَ عشرِ رقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مائَةُ حسنَةٍ، ومُحِيَتْ عنه مائَةُ سيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزًا منَ الشيطانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حتى يُمْسِيَ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مِمَّا جاءَ بِهِ، إلَّا أحدٌ عَمِلَ عملًا أكثرَ مِنْ ذلِكَ».

2- وقوله صلى الله عليه وسلم: «أيَعجِزُ أحَدُكم أنْ يَكسِبَ كُلَّ يَومٍ ألْفَ حَسَنةٍ؟ فقال رَجُلٌ مِن جُلَسائِهِ: كيف يَكسِبُ أحَدُنا ألْفَ حَسَنةٍ؟ قال: يُسبِّحُ مِئةَ تَسبيحةٍ؛ تُكتَبُ له ألْفُ حَسَنةٍ، أو يُحَطُّ عنه ألْفُ خَطيئةٍ».

3- وقال عليه الصلاة والسلام: «مَن قال: سبحانَ اللهِ وبِحَمدِهِ، في يَومٍ مِئةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خطاياه، وإنْ كانتْ مِثلَ زَبَدِ البَحرِ».

- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأحد الصحابة الكرام: «ألَا أدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ هي كَنْزٌ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ».

4-وقال صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ».

5- وورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إنَّهُ ليُغانُ على قَلبي، وإنِّي لأستغفِرُ اللَّهَ في كلِّ يومٍ مائةَ مَرَّةٍ».

6- وروى عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً».

7- كما قال عليه الصلاة والسلام: «كَلِمَتانِ حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ».

8- سأل أبي بن كعب -رضي الله عنه- الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فقال: «يا رسولَ اللهِ، إِنَّي أُكْثِرُ الصلاةَ عليْكَ، فكم أجعَلُ لكَ من صلاتِي؟ فقال: ما شِئْتَ، قال: قلتُ: الربعَ؟ قال: ما شئْتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: النصفَ؟ قال: ما شئتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قال: قلْتُ: فالثلثينِ؟ قال: ما شئْتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها؟ قال: إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ».

9- ورُوي عن جويرية -رضي الله عنها- أنها قالت: «أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِن عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهي جَالِسَةٌ، فَقالَ: ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ».

طباعة شارك ماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر ماذا يحدث قبل الفجر آخر ساعة قبل الفجر أفضل دعاء في آخر ساعة قبل الفجر دعاء في آخر ساعة قبل الفجر أفضل دعاء آخر ساعة قبل الفجر دعاء آخر ساعة قبل الفجر أدعية قبل الفجر

مقالات مشابهة

  • كيلو السمك 65 جنيها.. زراعة عين شمس تطرح منتجات طازجة وعالية الجودة داخل الحرم الجامعي
  • رئيس جامعة سوهاج يشهد حفل تخريج 643 طالباً وطالبة بالتربية النوعية
  • الطلاب المتظلمون يطَّلعون على أوراقهم من اليوم|ماذا يحدث بمقرات تظلمات الثانوية العامة؟
  • جامعة المنصورة تستقبل طلاب المرحلة الأولى من الثانوية العامة بمعامل التنسيق الإلكتروني
  • بـ 6 معامل مجهزة.. جامعة الإسكندرية تستقبل طلاب المرحلة الأولى لتنسيق الثانوية العامة
  • رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الخريطة الزمنية للتنسيق والقبول بالجامعة الأهلية
  • ماذا يحدث في آخر ساعة قبل الفجر؟.. 16 مشهدا بين السماء والأرض
  • 500 ألف شخص يستفيدون من النقل الجامعي في الجامعة الإسلامية
  • بدء الدراسة ببرنامج طب الفم والأسنان بـ جنوب الوادي الأهلية اعتباراً من العام الجامعي «2025 - 2026»
  • رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان