أصبحت مهمة تربية الأبناء من أصعب المهام الآن، بعد اتتشار كافة وسائل الغواية حولنا، من سينما إلى تليفزيون أو وسائل تواصل اجتماعي، كل واحد منهم يتقاسم معك–إجباريًا–مهمة تربية أولادك!
وما تبنيه أنت فى أعوام قد تهدمه هذه الوسائل التخريبية فى ثوان، ففى الماضى كان الآباء والأمهات ينصحون أولادهم بالحرص على التعليم والتعلم كوسيلة وحيدة للترقى فى السلم الاجتماعى، حتى يتخرج دكتور أو مهندس أو ضابط أو وكيل نيابة !!
هل تستطيع أن تفعل أنت الآن نفس الفعل وتنصح أولادك بمثل هذه النصيحة، وماذا ستفعل إذا قال لك:
يا ولدى أن حمو بيكا وهو شخص يجهل القراءة والكتابة، ومع ذلك يعمل فى معيته– كما اعلن بنفسه فى وقت سابق - وفى خدمته شباب يحملون بكالوريوس الهندسة وغيره من المؤهلات العليا !!
كيف تفعل مع ابنك أو بنتك عندما يذكرون لك أن حسن شاكوش الذى يلعب بالملايين، ويقتنى أفخر الفيلات والسيارات سمع نصيحة والده، عندما قال له:
يا ولدى لو عايز تعمل فلوس صح، عليك بلعب الكورة أو ممارسة الغناء أو التمثيل !!
فى حين انت تقوم بضرب ابنك إذا ترك المذاكرة ولعب الكورة، والنتيجة أنه تخرج بتفوق كما أردت أنت له وها هو يجلس عاطلًا على المقهى ليل نهار بلا أى عمل !!
بالله عليك ماذا ترد على ابنك عندما يردد على اسماعك هذا الكلام المسموم القاسى المؤلم؟!
لكل هذا قلت إن أصعب مهمة نواجهها الآن هى مهمة تربية أولادنا، فالسموم ستدخل عليهم من كل جانب، مهما أقمت حولهم الحواجز والمتاريس، فقد انهارت القيم، وضربت المعاول فى ثقافة الأمة، واصبح الأولاد يشاهدون العجب فى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ولهذا نقول ليس لها من دون الله كاشفة!!
أنا شخصيًا أشعر بالعجز عن تربية أولادى كما أريد، فى وسط متلاطم الأمواج والتقلبات وانهيار القيم والأخلاق!!
حتى أنك ترى نجوم المجتمع الآن من أسفل الطبقات، وبالطبع لا أقصد الفقر هنا، فالفقر عمره ما كان عيب، لكن أقصد الطبقات الدنيا فى الأخلاق والقيم!!
وللأسف الشديد لا تجد الفلوس إلا فى يد هؤلاء، لذلك ينفقون بكل بذخ وسفه، ولعل شواطئ الساحل الشرير– كما يطلقون عليه– خير دليل على ذلك!!
كما قلت ليس لها من دون الله كاشفة، ربنا يرحمنا ويلطف بنا وبأولادنا فليس لنا سواه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إشراقات
إقرأ أيضاً:
غزة.. غياب الوقود
غزة مثل أي بقعة جغرافية فيها وسائل نقل حديثة وأجهزة متنوعة يعتمد تشغيلها على الوقود ومشتقاته، لكن منذ بداية العدوان 2023 حرمها الاحتلال منه، مما أثر سلبا على تحركات الناس وطرق الطهي وحاجات المشافي والمؤسسات بكل تخصصاتها من الوقود والغاز الطبيعي.
أمام هذه المعضلة، ما الحل؟
تم تفعيل خطة (ب)، بخصوص وسائل النقل والمواصلات تمت العودة لوسائل نقل قديمة خدمت الإنسان لفترةٍ طويلةٍ جدا، عاشت معه على الحلوة والمرة، وضعت نفسها رهن إشارته ونقلته ومتاعه أينما حل وارتحل، تأكل وتشرب مما يُقدم لها دون تذمر، وكان لها شرف أن ذكرها الله عز وجل في القرآن مدحا "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (النحل: 8).
جميعنا ركبنا الحمير، حتى النساء اللواتي كن يرفضن مجرد التفكير بهذه الفكرة قبل العدوان، تعودن عليها تحت سيف الضرورة، أليس للضرورة أحكام؟ نعم يا آل غزة.
لقد ساعدت وسائل النقل البدائية في نقل الجرحى للمشافي والموتى للمقابر، وإخلاء الناس من مناطق يحظر العدو البقاء فيها، ولنا فيها مآرب أخرى.
أما بخصوص غاز الطهي، فتم تعويضه بالحطب والخشب وأوراق وأغصان الشجر، لاستخدامه في تحضير الطعام، رغم ما لذلك من أخطار على الشخص والبيئة، لكن ماذا نفعل أمام هول المعاناة؟ فالضرورات تبيح المحظورات.
ما معنى غياب الوقود بكل مشتقاته؟
- تعطل الإسعاف والدفاع المدني عن الخدمة، وعدم قدرتهم على الوصول لأماكن الاستهداف بالوقت المناسب والشواهد أكثر من أن تعد.
- خروج الأجهزة الطبية عن الخدمة ومفاقمة معاناة مرضى الغسيل الكلوي، والأطفال حديثي الولادة.
- تأثر الوسائل الإعلامية وتوقف كثير منها عن العمل.
- استخدام النار بدل الغاز مما يرفع نسبة الإصابات بمرض الربو.
- تفاقم أزمة المياه لعدم القدرة على استخراجها من الأرض من خلال المضخات الكهربائية.
- الاستيقاظ ليلا لإشعال النار لتسخين وجبة طعام للطفل.
- زيادة معاناة الأسرة التي فيها كبار السن والمرض المزمن، خاصة في أوقات النزوح المتكررة.
رغم المعاناة يصبر أهل غزة ولسان حالهم يقول: "حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ" (التوبة: 59).
أختم بالقول: سيكتب التاريخ عن أوجه العجز العربية والإسلامية في نصرة غزة رغم أن وجه الأرض العربية وبطنها وسماءها فيها خيرات لا تُعد ولا تُحصى، وتصل لكل سكان الأرض بلا شرطٍ أو قيدٍ، لكنها عند غزة تحتاج ألف قيدٍ وشرط.