أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، مساعدة جديدة بقيمة 424 مليون دولار إلى النازحين السودانيين خلال اجتماع رفيع المستوى في الأمم المتحدة بشأن الحرب الدامية المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقالت البعثة الأميركية إلى الأمم المتحدة إن المساعدات تشمل 175 مليون دولار ستشتري بها واشنطن فوائض غذاء من مزارعيها لصالح النازحين في السودان ودول الجوار، بعدما حذّر تقييم مدعوم من الأمم المتحدة من خطر مجاعة واسعة النطاق.

وحذّر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، الأحد، من أنّ الوضع في السودان "يائس" والمجتمع الدولي "لا يلاحظ ذلك"، مشيرا بالخصوص إلى أوضاع النازحين الذين يحاولون الفرار من البلد الغارق في الحرب.

وقال غراندي إنّ "هذه الأزمة الخطيرة للغاية - أزمة حقوق الإنسان وأزمة الاحتياجات الإنسانية - تمرّ دون أن يلاحظها أحد تقريبا في مجتمعنا الدولي" المنشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة.

وأوضح أنّه منذ بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 "نزح أكثر من 10 ملايين شخص من ديارهم"، بينهم أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول أخرى.

لكنّ "ما يثير القلق" بالنسبة للمسؤول الأممي هو أنّ "الناس بدؤوا ينتقلون إلى ما هو أبعد من الجوار المباشر في محاولة منهم للعثور على المساعدة في مكان أبعد".

وأضاف "على سبيل المثال، شهدنا زيادة كبيرة في عدد اللاجئين الذين يصلون إلى أوغندا"، مشيرا إلى أنّ 40 ألف شخص وصلوا إلى هذه الدولة التي لا تربطها حدود مشتركة مع السودان.

وتقع أوغندا جنوبي دولة جنوب السودان الغارقة بدورها في أزمة متعددة الأبعاد.

وأعرب غراندي عن خشيته من إمكانية أن يذهب هؤلاء اللاجئون "أبعد حتى" من هذا البلد.

وأوضح أنّ "أكثر من 100 ألف سوداني" وصلوا أيضا إلى ليبيا، "ولسوء الحظ، بسبب وجود شبكات تهريب والقرب من أوروبا، يحاول كثيرون منهم ركوب قوارب للذهاب إلى إيطاليا أو دول أوروبية أخرى".

وتابع "لقد حذّرنا الأوروبيين"، مشدّدا على أنّه إذا ظلّت المساعدات الإنسانية للسودان غير كافية فإنّ السودانيين "سيواصلون المضي قدما" على طريق الهجرة.

وحذّر المفوّض السامي من أنّه "للأسف، بدأت هذه الأزمة تؤثّر على المنطقة بأكملها بطريقة خطرة للغاية".

وتستقبل كلّ من تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى عشرات آلاف اللاجئين السودانيين، وكذلك تفعل مصر الحدودية مع السودان.

ولفت غراندي إلى أنّ "وصول أعداد كبيرة من اللاجئين من بلد غير مستقرّ مثل السودان أخاف الحكومة المصرية" التي فرضت قيوداً على وصولهم، مشيراً إلى أنّ القاهرة أبقت على قسم كبير من هذه القيود على الرغم من الدعوات التي وجّهت إليها لتخفيفها.

ومنذ أبريل 2023، تدور حرب طاحنة بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الفريق محمد حمدان دقلو.

وخلّفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، في حين يواجه حوالي 26 مليون سوداني انعداما حادا في الأمن الغذائي.

وأُعلنت حالة المجاعة في مخيّم زمزم الواقع في إقليم دارفور قرب مدينة الفاشر حيث شنّت قوات الدعم السريع في نهاية الأسبوع الماضي هجوما "واسع النطاق" بعد حصار استمرّ أشهرا عدّة.

وقال غراندي "ليست لدينا سوى معلومات متناثرة حول ما يحدث داخل" الفاشر.

وبحسب خبراء أمميين فإنّ هجمات قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها تسبّبت في 2023 بمقتل ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص في مدينة الجنينة وحدها، عاصمة ولاية غرب دارفور.

وأعرب المفوّض السامي عن أسفه لأنّ المجتمع الدولي لم يعر الأزمة في السودان الاهتمام الكافي، حتى قبل اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر.

وقال إنّ الحرب في السودان كانت "مهمّشة إلى حدّ بعيد" رغم آثارها الهائلة، معربا عن أسفه "لحالة نقص الاهتمام المخيفة والصادمة" بالأزمات التي تعصف بأفريقيا، من منطقة الساحل إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية.

وتساءل غراندي "ما هو مستقبل بلد مثل السودان الذي دمّرته الحرب حتى لو حلّ السلام فيه؟"، مشيرا إلى أنّ الطبقة المتوسطة التي أبقت هذا البلد "صامدا" طيلة عقود من الاضطرابات والحروب "تمّ تدميرها" الآن.

وقال "هم يعلمون أنّ الأمر انتهى: لقد فقدوا أعمالهم، ودُمرت منازلهم، وقُتل العديد من أحبائهم. إنّه أمر فظيع"، وبالتالي "ما هو مستقبل الشعب السوداني؟".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

بين التعطيل والتفعيل.. ماذا تعرف عن اتفاق جوبا؟

 

 

في ذكرى تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، كشف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار عن مساعٍ لإحياء تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، رغم التعقيدات الناجمة عن الحرب المستمرة، والتي تهدد – حسب وصفه – وجود الدولة السودانية نفسها.

وقال عقار في خطابه بالمناسبة إن الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع خلقت واقعًا جديدًا "حال دون تنفيذ الاتفاق بصورة كاملة"، مشيرًا إلى أن بعض البنود شهدت تقدمًا محدودًا، بينما بقيت أخرى دون تنفيذ.

 


اتفاق جوبا.. آمال سلام اصطدمت بواقع الحرب

اتفاق جوبا للسلام، الذي وُصف بالتاريخي، وُقع في 31 أغسطس 2020 بعاصمة جنوب السودان، بين الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك والجبهة الثورية السودانية، والتي تضم خمس حركات مسلحة بارزة، أبرزها: حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، والحركة الشعبية – شمال.

وشكّل الاتفاق بارقة أمل بعد سنوات طويلة من الحروب الأهلية التي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف شخص وشردت ما يزيد على 2.5 مليون مواطن، خاصة في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

وشهدت جوبا، في 3 أكتوبر 2020، مراسم التوقيع النهائي بحضور قادة إقليميين وممثلين دوليين، من بينهم رؤساء تشاد والصومال وجيبوتي، ورئيسا وزراء مصر وإثيوبيا، بالإضافة إلى ممثلين عن الإمارات والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 


تفاصيل الاتفاق: بنود طموحة تصطدم بواقع هش

اتفاق جوبا تضمن ثمانية بروتوكولات رئيسية، من أبرزها:

إعادة هيكلة القوات الأمنية والجيش، ودمج الحركات المسلحة.

تحقيق العدالة الانتقالية وجبر الضرر.

إعادة توزيع الثروة والسلطة، خاصة في مناطق النزاع.

معالجة قضايا النازحين واللاجئين.

حل أزمة الحواكير (ملكية الأراضي القبلية).


كما نصّ الاتفاق على منح ممثلي الحركات المسلحة مناصب في مؤسسات الدولة خلال المرحلة الانتقالية، ضمن ترتيبات تقاسم السلطة.

 


الحرب تضع الاتفاق على المحك

اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 أدى إلى تجميد معظم بنود الاتفاق، وأعاد ترتيب أولويات الفاعلين السياسيين والعسكريين. ووفقًا لمراقبين، فإن تنفيذ الاتفاق بات رهينًا بانتهاء النزاع المسلح وتوافق الأطراف المتحاربة على خارطة طريق شاملة تشمل السلام.

وفي هذا السياق، أكد مالك عقار أن محاولات تجري الآن لإحياء الاتفاق "ضمن معادلة تراعي واقع الحرب وتهديد بقاء الدولة"، وهو ما يشير إلى اتجاه جديد لإعادة تأطير الاتفاق بما يتناسب مع المرحلة الحالية.

 

 

الدعم الدولي: "يونتامس" ودور محدود

في يونيو 2020، تبنى مجلس الأمن قرارًا بإنشاء بعثة أممية خاصة تحت اسم "يونتامس"، لتقديم الدعم للحكومة الانتقالية وتنفيذ اتفاقات السلام، وحماية المدنيين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. إلا أن محدودية صلاحيات البعثة، وضعف التمويل الدولي، وتدهور الأوضاع الأمنية، قلّص من أثر هذه الجهود على الأرض.

 

 

في النهاية بين بنود لم تُنفذ، ووضع ميداني متقلب، وتحالفات تتبدل، يبدو أن اتفاق جوبا للسلام قد دخل مرحلة حرجة تتطلب مراجعة شاملة، لا لإلغائه، بل لإعادة إحيائه بما يتناسب مع السودان الجديد ما بعد الحرب.
تصريحات مالك عقار تحمل مؤشرًا إلى ذلك، لكنها وحدها لا تكفي، ما لم تتوفر الإرادة السياسية الجامعة، وتُكثّف الجهود الإقليمية والدولية لإنقاذ ما تبقى من مسارات السلام.

مقالات مشابهة

  • القوة المشتركة تعلن تحرير منطقة العطرون من قبضة مليشيا الدعم السريع
  • السودان: مقتل 14 شخصا في قصف لميليشيا الدعم السريع على معسكر للنازحين في الفاشر
  • وصول إمدادات عسكرية جديدة لقوات الدعم السريع ..كشف تفاصيل
  • مليشيا الدعم السريع تستهدف معسكر قوات درع السودان بجبل الأبايتور
  • إندونيسيا تدشن مشروعين للنفط والغاز بقيمة 600 مليون دولار
  • العراق يعاني من عجز مالي بقيمة (51) مليار دولار والسوداني يتبرع للبنان وغزة بـ(40) مليون دولار !
  • أبو الغيط: الحرب في السودان تسببت في أسوأ أزمة إنسانية على الأرض
  • السودان: توثيق أكثر من الف وثلاثمائة حادثة اغتصاب بمناطق سيطرة “الدعم السريع”
  • بين التعطيل والتفعيل.. ماذا تعرف عن اتفاق جوبا؟
  • بقيمة 7.5 مليار دولار.. الإمارات تشتري 34 طائرة بوينج جديدة