ثورة الـ (21) من سبتمبر المجيدة والخالدة في ذاكرة الشعب اليمني هي بالفعل الثورة الناجحة والمتحررة من كل تبعات الوصاية التي ترافق كل الثورات.
ثورة شعبية بحتة استطاعت أن تخط بدماء شهدائها العظماء خطوط الحرية والاستقلال وتفتح أمام شعبها وصانعيها دروبا من المجد وتصنع مواقف خالدة توِّجت بطرد الوصاية الأمريكية وتطهير يمن الإيمان والحكمة من كل براثن البغي والفجور.
ففي ظلها حل الأمن والأمان وعرف الشعب طريقه وخلف من يتوجه، بل صار يترجم مسؤولياته إلى واقع معاش فهو اليوم أكثر تعافيا من وضعه السابق رغم الحرب ورغم الحصار ورغم قطع المرتبات إلا أنه بات أكثر اعتمادا على نفسه من ذي قبل بل بدا متوجها نحو بناء نفسه وتطوير قدراته العسكرية والأمنية كأولوية قصوى ليتمكن من الدفاع عن نفسه متوجها نحو البناء والتعليم والرقي في كل مجالاته وكله ثقة بالله والقيادة الحكيمة أنه يتجه في الاتجاه الصحيح يدلل على ذلك مابات يمتلكه من عناصر القوة التي أهلته للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ومواجهته المباشرة مع طواغيت الأرض ليحرز نصرا موفقا أعاد له هيبته وشموخه.
كل ذلك كان بفضل الله وبفضل نجاح الثورة الشعبية التي نعيش خيرها اليوم ونحتفي بحلول ذكراها العاشرة.
ثورة شعبية خرج اليوم للاحتفاء بذكراها أكثر من 60 ألف شخص من أفراد التعبئة العامة والحشد في ميدان السبعين وقدموا عرضا مهيبا نيابة عن القوة العسكرية والأمنية التي لا يجهل العدو والصديق ما قد وصلت إليه من القوة والبناء والتطوير.
ثورة شعبية جعلت من هذا الشعب شعبا مجاهدا يعشق المواجهة والتصدي لقوى الاستكبار في الداخل والخارج، شعبا يتسابق إلى ميادين الجهاد يعتز ويفخر بمن سبقوه من أبنائه الشهداء العظماء، شعب يعتز بالدفاع عن دينه ووطنه وعزته وكرامته، ثورة شعبية خلقت تحولا ملحوظا بما يحمله هذا الشعب من التسليم والاستجابة لنداءات وخطابات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله ورعاه الذي بدا حريصا كل الحرص على بناء هذا الشعب بناء إيمانيا متجذرا في وعيه وصلبا في عوده وملما بمسؤولياته وواجباته من الكبير إلى الصغير والذكر والأنثى.
ثورة شعبية جعلت من الشعب اليمني شعبا منتجا وقادرا على تطوير قدراته وصناعاته لا يخاف في الله لومة لائم ولا يقبل بالذل أو الارتهان يهتف بشعار البراءة من أئمة الكفر في كل محفل ومقيل ومدرسة وجامعة.
ثورة شعبية تبني ولا تهدم، تنتج ولا تستورد، تقاطع ولا تطبِّع، تتحدى الصعاب وتجتاز كل العقبات والعراقيل رغم صعوبة الوضع الاقتصادي واستمرار الحصار.
ثورة تلوِّح بالنصر الأكبر الذي تتجلى معالمه من يوم إلى آخر بل تحمل في طياتها بشائر فتح قادم على مستوى المنطقة مع ما يبدو من تخاذل وتنصل من قبل الكثير من الحكومات والزعامات العربية والإسلامية.
وما النصر إلا من عند الله وهو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بعد 43 سنة بسجون الأسد.. الطيار السوري الططري يتنفس هواء الحرية بدمشق
دمشق - بعد أكثر من أربعة عقود قضاها خلف القضبان في سجون نظام حافظ الأسد ثم ابنه بشار، خرج الطيار السوري السابق رغيد أحمد الططري (70 عامًا) إلى النور أخيرًا، ليعيش لحظة لم يكن يتخيلها يومًا، ألا وهي أن سوريا باتت وطنًا حرًا ينتمي إليه بحق، لا سجناً كبيرًا تحكمه قبضة أمنية.
جرى اعتقال الطيار الططري، في 1981 بتهمة "التحريض على عدم تنفيذ الأوامر العسكرية"، وهي تهمة كانت تكفي آنذاك لدفن أي إنسان في غياهب المعتقلات لعقود من الزمن.
وجرى الإفراج عنه في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، يوم سقوط النظام السوري وفرار بشار الأسد إلى خارج البلاد.
وفي ذلك اليوم بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 سنة من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي حديث للأناضول، روى الططري، بصوت مشوب بالعاطفة وذاكرة مثقلة بالقهر، ما عاشه طيلة تلك السنوات، وما شعر به حين دقت لحظة الحرية بعد 43 سنة في السجن.
وأضاف: "في ذلك الزمن، لم نكن نملك الوعي السياسي الكامل، لكن كنا نعرف الظلم ونتحدث عنه، حتى لو لم يكن لدينا أدوات التعبير. كان ما نراه من ظلمٍ صريح يدفعنا إلى رفضه علنًا، وهذا ما لم يكن مقبولًا لدى النظام".
وأضاف الططري بأسى: "قضيت أجمل سنوات عمري في الزنازين. السجون مثل تدمر وصيدنايا كانت مقابر للأحياء، ومع ذلك لم أتخلَّ عن ذاتي، ولا عن قناعاتي".
وتحدث عن مدينة حماة (وسط) بوصفها "رمزًا للقمع في ذاكرة السوريين"، مشيرًا إلى أن المأساة لم تكن حكرًا على مدينة بعينها.
وقال: "ما جرى في حماة عام 1982 لم يكن إلا جزءًا من مأساة وطن. نفس الألم سكن حلب (شمال) وإدلب (شمال غرب) و(العاصمة) دمشق وحمص (وسط)".
وتابع: "فقط ما ميز حماة أن المعركة هناك حُسمت بدموية كبيرة وأبيدت قوى المعارضة المسلحة آنذاك، ولهذا علِق اسمها في الذاكرة بوصفها كانت ساحة لمجزرة حماة".
وعن لحظة الإفراج عنه، استعاد الططري تفاصيل اليوم الذي غادر فيه سجن صيدنايا (محافظة ريف دمشق) وتوجه إلى مدينة طرطوس (شمال غرب)، ومنها إلى دمشق.
وقال: "خرجت من السجن ووجدت الناس ترفع أعلام الثورة وتغني للحرية. كانت الشوارع تعج بالفرح. وعندما وصلت إلى دمشق، شعرت بشيء لم أختبره من قبل. شعرت أنني في وطني. لأول مرة أحس أن هذه الأرض لي، وليست سجناً يُدار بعقلية الاحتلال".
الططري، الذي قبع لسنوات طويلة أيضًا في سجن تدمر (محافظة حمص) ذي السمعة السيئة، قبل أن يجري نقله لاحقًا إلى سجن صيدنايا المعروف باسم "المسلخ البشري"، أكد أن فرحته الشخصية لم تكن تضاهي فرحة الناس بانهيار النظام.
وقال: "كان الناس يحتفلون وكأنهم خرجوا من سجن جماعي. كانت نظراتهم تحمل من السعادة ما لم أره من قبل. ربما كان خروجي بعد 43 سنة أمرًا مؤثرًا، لكن حرية الوطن كانت أبلغ بكثير".
وفي حديثه عن مجريات عام 2024، قال الططري: "كان عامًا تحولت فيه الأحلام إلى واقع. نعم، مررنا بكثير من الإحباطات خلال الثورة، لكن الشعب نهض مجددًا".
وأردف: "عندما تم تحرير حلب لم نصدق في البداية. ظننا أن الأمر خدعة. ثم سقطت حماة، وفُتحت السجون، وهنا أدركنا أن المشهد يتغير فعلاً".
وعن الدرس الأهم الذي تعلمه خلال سنوات اعتقاله الطويلة، قال الطيار السوري: "ما خرجت به من تلك المحنة أن الإنسان لا يملك في الحياة شيئًا أثمن من نفسه. أنا لست نادمًا لأني لم أتنازل عن ذاتي رغم كل ما تعرضت له من تعذيب. حافظت على قراراتي وعلى جوهري. وهذا هو جوهر الحرية الحقيقية أن تكون سيد قرارك، وأن لا تنكسر".