في غَمرةِ الاضْطِرابِ الذي اجتاحَني ، وقبلَ أنْ يتَجمّعَ الناسُ حولَ السَّيارة ، تَمكَّنتُ مِن فتحِ البابِ الأمامي الأخَر وقبلَ أنْ أرَى المَشهَدَ الكَارِثي سمِعتُ أنينَ وصُراخَ أبنائي عُمر وأحمَد في المقعدِ الخَلفي فَقَدَّرتُ أنَّ إصاباتِهِما بليغةٌ ، ثُمُّ انحنَيتُ على المقعدِ الأمامي
فوَجَدتُه قد انزلقَ والتَحَمَ بالمقعدِ الخَلفي وَراءَه في مشهدٍ تراجيدي لمْ أرَ مِثلَه في حَياتي .

.. اجتمعَ رأسُ أُسَامة بِرأسِ أمِّه وقد تمَدَّدَ جَسَدُها والدَّمُ ينزِف مِن الرَّأسين وقد فارقتْ الرُّوحُ جسدَ كِلِيهما . وكذلك فارقَ الحياةَ الطِّفلُ مُهنّد : أسماء زينُ العابدين وأسامة محمد عمر وأخوه مهند ، ثلاثٌ مِن غُرفِ القَلبِ تهاوتْ وارتَحلتْ والقلبُ ينزِفُ ودمعُ العينِ لمْ يُسعِفْ القلبَ المَعطُوب لِهَولِ الصَّدمةِ وفُجَاءتِها .
لَحقَني الرُّجل الذي ذكرتُ من قبلُ قبلَ أنْ أتهاوَى واقتادَني إلى سَيارَتِه كما ذكرتْ ، ثم عادَ وحَملَ عُمر ووضَعه أسفلَ الشَّارِع ثم رجعَ لِيعُودَ حامِلاً أحمدَ ويضَعهُ إلى جانبِ أخيه لتَحمِلهُما سيارةُ الاسعافِ التي قابلتنا قادمةً ونحنُ في طريقِنا إلى المستشفى . أمّا عمر فقد كُسِرتْ يدُه اليُسرَى . وأمّا أحمد فقد كُسرَتْ يدُه اليُمنى وأُصيبَ بِكسرٍ في الحَوض .
أمّا عن أهلِ الخفجي ، فَحَدِّث ولا عَجَب ، سودانيون وسعوديون فُضَلاء وأهلُ واجِب . ما إن سَمِعوا بِخَبر الحادِث حتى هُرِعُوا إلى المستشفى زُرَافاتٍ ووُحدَانا . وتوالتْ زياراتُ الإخوةِ في الجالِيةِ السُّودانية في الخفجي طيلةَ أيامِ عِلاجِنا ونحنُ رقودٌ على أسِرَّة المستشفى البَيضَاء ، هم وأُسرُهم وما حَملُوا مَن طَعامٍ ومَوَدة وشرابٍ ومَحبّة . مَكَثنَا في المستشفى شهرين كامِلين منذُ السَّابِع مِن شَوّال وحتى الثامِن من ذي الحِجّة . وقد كانَ الأخُ الحَبيب الأُستاذ عادِل أحمد زَعِيمَ الجَماعَة وشَيخَ القبيلةِ وحَاتِمَها. فقد استَقبلَ كُلُّ القادِمينَ من أنحاءِ المملكة من الأهلِ والمَعارِف والأصْدِقاءِ والزُّملاءِ الذين وفَدُوا إلى الخفجي للمُواساةِ والعَزاءِ . وكانتْ دارُه الفَسِيحةُ " مَسِيدَاً وتَكِيّة " طيلةَ الشَّهرَين ولمْ يألُ جِيرَانُه جُهداً في مُشارَكتِه بِكُلِّ ما استطاعُوا . وقد أقامُوا سُرادِقاً للعَزاءِ استَقبَلُوا فيه كلَّ القادِمينَ من كلِّ جِنسٍ ولَوْن . كُلُّ ذلك ونحنُ الثّلاثةُ بالمستشفى ولمْ نستطِع حتى حُضُور التَّشيِيع ودَفنِ الجُثَث الذي قام به المُقيمُون وأهلُ البلد وعلى رأسٍهُم الزَّعِيم . جَزاهُم اللهُ عنّا خيرَ الجَزاء وباركَ في أهليهم ومالِهم وحَفِظهُم جميعاً من كُلِّ سُوءٍ .
ولقد ضاعَفَ مِن إصابتي التي كانتْ بالرَّأس والجِهَة اليُمنَى من أعلى الوَجه أنّني كنتُ بِصَمّام أوَرطي مُستَبدَل AVR مع تَناوُلِ حُبوبِ ال warfarin التي تَمنَعُ تَجلُّط الدَّم anticoagulant . تَمَّ ايقافُ تناولِ هذه الحبوب في اليومين الأوّليْن حتى يَتِمَّ سحبُ الدَّم الذي تَجَمّعَ في الجَبهةِ وأعلَى الرَّأس . وكنتُ أُحشَرُ يَومِياً مَرتَين داخِلَ الجِهاز الأُسطُواني الذي يُشبٍه القَبر والمُسَمَّى CT Scanner أو الأشِعَة المَقطَعِية لفحص الرأس . والحمدُ للهِ ربِّ العالمِين الوَدودِ ذي الفَضلِ والمِنّة ، فقد تَماثَلنَا للشِّفاء قبلِ حُلولِ عيدِ الأضْحَى المُبارَك ، وبَقي أحمدٌ لِبعضِ الوقتِ في جَبِيرةِ الفَخِذ ( الجِبْس ) . وكانَ العِلاجُ مَجَّاناً إذ كنتُ لا أزالُ مُوَظَّفاً تابِعاً للحُكُومةِ ( وَزارةِ التَّربِيّة والتَّعلِيم ) . وللهِ الفَضلُ والمِنَّة أنْ يَسَّرَ لنا مِثلَ هذا المُستَشفَى المُؤهَّل بِكُلِّ مُتَطلَباتِ المُستَشفَياتِ الحَدِيثةِ في البُلدَانِ المُتَقدِّمة .

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة

نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" تقريرا بعد مزاعم الاحتلال حول اغتيال القيادي في القسام رائد سعد عن قادة حماس الذين ما زالوا في غزة.

وقالت الصحيفة إنه بعد اغتيال رعد سعد، "الرجل الثاني" في "الجناح العسكري" لحماس، بقي عدد من قادة الحركة وعلى رأسهم:

1. عز الدين الحداد: القائد الحالي للجناح العسكري، الذي وصل إلى السلطة بعد اغتيال محمد ضيف ونائبه مروان عيسى ومحمد السنوار بحسب الصحيفة. 

وكان الحداد قائداً للواء مدينة غزة، ووفقاً لتقارير عربية، كان من بين القلائل الذين علموا بتوقيت هجوم 7 أكتوبر. حيث كان شريكا رئيسيا في التخطيط للعملية.

وأوضحت أنه مع كل عملية تصفية، ارتقى في التسلسل القيادي، حتى أصبح مسؤولا عن قضية الأسرى الذي ذكروا أن الحداد كان يتحدث العبرية ويتواصل معهم. 

وخلال الحرب، قُتل اثنان من أبنائه، اللذين كانا يعملان في صفوف نخبة القسام النخبة.

محمد عودة: رئيس مقر استخبارات حماس في غزة. لا يُعرف الكثير عن عودة، لكن بحكم طبيعته، كان متورطًا بشكل كبير في التخطيط لعملية ٧ أكتوبر. 

وفي وثائق نُشرت قبل الحرب، يظهر اسمه إلى جانب محمد ضيف والمتحدث باسم القسام أبو عبيدة. 

ووفقًا لتقارير ، أُجبر عودة على تولي قيادة لواء شمال غزة، بعد اغتيال القائد السابق أحمد غندور كما زعمت الصحيفة العبرية.

وبينت "إسرائيل اليوم" أنه إلى جانب كبار قادة الجناح العسكري، بقي اثنان من الشخصيات البارزة في حماس على قيد الحياة، واللذان كانا في السابق ضمن أعلى مستويات نظامها في غزة. 

الأول هو توفيق أبو نعيم، الذي ترأس جهاز الشرطة وكان يُعتبر من المقربين من السنوار. أما الثاني فهو محمود الزهار، عضو المكتب السياسي في غزة وأحد أعضاء الفصائل المؤسسة لحماس. 

وأشارت إلى أن هناك أيضاً قادة كتائب مخضرمون في حماس لم يُقتلوا بعد أولهم حسين فياض ("أبو حمزة")، قائد كتيبة بيت حانون، الذي نجا من محاولتي اغتيال على الأقل حيث أسفرت المحاولة الأخيرة عن مقتل أفراد من عائلته. 

وفي وقت سابق من الحرب، أعلن جيش الاحتلال أنه قُتل، لكن فياض ظهر بعد فترة من وقف إطلاق النار.

ولفتت الصحيفة إلى قائد كتيبة آخر هو هيثم الحواجري، المسؤول عن كتيبة مخيم الشاطئ. 

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتياله، لكنه ظهر خلال وقف إطلاق النار في إحدى المراسم الدعائية لإطلاق سراح الأسرى.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، برز اسم قائد بارز آخر في حماس وهو  مهند رجب. وبحسب تقارير عربية، عُيّن رجب قائداً للواء مدينة غزة خلفاً للحداد، الذي أصبح قائداً للجناح. كما ورد أنه، على غرار رجب، عُيّن قادة ميدانيون آخرون ليحلوا محل من قُتلوا خلال الحرب.

مقالات مشابهة

  • قصة بطل أستراليا.. «أحمد الأحمد» الذي تصدى لهجوم إرهابي في سيدني
  • دولة فلسطين تدين الهجوم الذي وقع في سيدني الأسترالية
  • الأردن يدين الهجوم الذي وقع في أستراليا
  • الرئيس عون يدين الإعتداء الذي وقع في سيدني
  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • ما أهمية إقليم دونباس الأوكراني الذي تسيطر روسيا على معظمه؟
  • تكريم الإعلامي عمرو الليثي بجائزة "ملهم الدولية" للتميز
  • "الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
  • الدور الحقيقي للمنظمات… والدور المنقذ الذي قامت به هيئة الزكاة