المنطقة أمام مرحلة مفصلية.. هل يمهد اغتيال الشهيد نصر الله لزوال “إسرائيل”؟
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
يترقب العالم ما ستؤول إليه الأحداث بعد فاجعة اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، فالأمريكيون والصهاينة يتحدثون أنهم سيشكلون شرقاً أوسطياً جديداً، يفصلونه حسب ما يريدون وكيفما يشاءون.
في السنوات الماضية، كان مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني يسير بوتيرة متسارعة، فالكيان المؤقت قد ضمن الطاعة العمياء للإماراتي والمغربي والمصري والأردني، ولم تبق سوى حفلة الانضمام السعودي، وخروج المملكة من عباءة التطبيع السرية إلى التطبيع العلني، لكن الرياح تجري بما لا يشتهي الأمريكي، فأمام كل هذه المنعطفات والتحديات برزت تحديات كبيرة أمام الصهاينة، تمثلت في محور المقاومة الممتد من اليمن إلى العراق وسوريه ولبنان وفلسطين، وسيد هذا المحور، والمحرك كان الشهيد القائد حسن نصر الله رحمه الله.
جاء طوفان الأقصى، فوجه ضربة قاسية لمشروع التطبيع، ومن بعده تدحرجت الأحداث بوتيرة عالية، وتدخلت أمريكا بكل ثقلها وقوتها لتقف إلى جانب ربيبتها “إسرائيل”، كما تدخل حلف “الناتو”، والمطبعين العرب، وفي المقابل وقفت المقاومة الإسلامية اللبنانية منذ اليوم الثاني من طوفان الأقصى إلى جانب فلسطين وغزة، ونفذت مئات العمليات المساندة التي كان يشرف عليها شخصياً القائد الشهيد حسن نصر الله.
الآن، وبعد عملية الاغتيال الجبانة، يتساءل الكثيرون عن أبرز السيناريوهات المحتملة في المنطقة، وهل ستمضي أمريكا في خطتها لتغيير المنطقة وفق نمطها الجديد أم أن محور المقاومة لا يزال يمتلك الكثير من الأوراق لإفشال كل هذه المخططات؟
تداعيات يخافها العدو
يرى الكاتب والباحث الفلسطيني صالح أبو عزة أن تداعيات الحدث لا يمكن تحديدها حالياً، بمعنى أن هناك ترتيبات لدى حزب الله، واستراتيجيات يتم إعدادها على وقع اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، مغايرة ومخالفة لما قبل هذا الإجرام.
ويؤكد أن هناك تداعيات ينتظرها الصديق ويخافها العدو، ستصدرها المقاومة، لافتاً إلى أن مسيرة هذه المقاومة مستمرة، وستزيد من صلابتها وقوتها ووحدتها.
ويشير أبو عزة إلى أن أبرز هدف “لإسرائيل” في هذا الوقت بالتحديد، هو العمل من أجل فصل جبهة لبنان عن غزة، فالصهاينة يعتقدون أنهم باغتيال الشهيد السيد نصر الله، سيحققون هذا الهدف، لكن المعطيات تشير إلى فشل هذا الهدف، فالخطاب الأول لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، قد أكد على مسألة التزام حزب الله وقواته وكوادره بمسار الشهيد القائد، وأنهم لن يتخلوا أبداً عن مساندة غزة، ما يعني أن حزب الله بمنظومته العسكرية والسياسية متمسكة بهذا النهج، حتى وإن كان الثمن غالياً.
وفي هذه الجزئية بالتحديد يرى أبو عزة أن محور المقاومة سيزداد قوة وصلابة على إسناد غزة، وأن دم الشهيد القائد ستدفعهم للعمل أكثر للثأر والانتقام من العدو الصهيوني والأمريكي والغربي، و هو بالفعل ما سيحدث وفق ما يتحدث به المراقبون والسياسيون، إذ ليس من المعقول أن تهدأ جبهة المقاومة وتستسلم، وتتخلى عن هدفها المشروع في مواجهة إسرائيل، فاليأس والإحباط والانكسار مفردات ليست واردة في قاموس محور المقاومة، -كما يقول أبو عزة- وهذه الوحشية وجرائم الاغتيالات للقادة لن تؤثر على مبادئ وقيم ومواقف محور المقاومة الراسخ رسوخ الجبال، والتي كان الشهيد القائد معلمها الأول وملهمها الأول.
المعركة ستبدأ ولا تقبل القسمة
من جانبه يشير الباحث في العلاقات الدولية الدكتور طارق عبود إلى أننا نواجه عدواً متوحشاً مجرماً، مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف شمال الأطلسي، وكل المنظومة الغربية.
ويوضح الدكتور عبود أن المقاومة تعرف أن ثمن هذه المواجهة مكلف على كل المستويات، إلا أن المحصلة النهائية، هي ما نركز عليها، فمهما كان الثمن غالياً، والتضحية موجعة، تبقى النهاية مستحقة، فإما الشهادة وإما النصر والحرية.
ويرى أن الصدمة خلال الأيام الماضية كانت كبيرة على مستوى المقاومة، وعلى مستوى البيئة الحاضنة، وعلى مستوى كل أحرار العالم، لفقدان رمز كبير كسماحة الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، كثائر أممي وقف في وجه الطاغوت، وواجه الظلم، والاستكبار الغربي والعالمي، مؤكداً أن الضربات حاضرة في الحسابات، وأن المقاومة بدأت في لملمة صفوفها، واستنهاض قواها، وأن المعركة ستبدأ فعلياً في الأيام القادمة، مضيفاً أن المصاب جلل وكبير، والثمن الذي دفعته المقاومة عظيم، وبالتالي ستستبسل، وتكون شرسة في الميدان أكثر من أي وقت مضى.
ويوضح أن سماحة الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، كان يريد لهذه الأمة ولهذا البلد، ولهذه المقاومة أن تكون ثابتة ومنتصرة، وألا تهتز أمام الصعاب والتحديات، مؤكداً أن لا خيار أمامنا وأمام كل محور المقاومة غير القتال والجهاد والتضحية بكل ما نملك حتى تحرير الأرض، فنحن أمام حرب وجودية وإثبات، حرب لا تقبل القسمة على اثنين، فإما نحن وإما هم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشهید القائد السید حسن نصر الله محور المقاومة أبو عزة
إقرأ أيضاً:
مؤتمر “حلّ الدولتين”.. خدعة سياسية لتصفية المقاومة وتجميل وجه الاحتلال
يمانيون | تقرير تحليلي
في ظل تصاعد المجازر الصهيونية في غزة، وبينما تغرق الأرض الفلسطينية في الدم والركام، عاد المجتمع الدولي ليطرح مجددًا ما يسمى “مشروع حلّ الدولتين”، عبر مؤتمر دولي يُراد له أن يُعيد خلط الأوراق، ويوجه البوصلة نحو مسار سياسي منحرف يخدم الاحتلال أكثر مما يدعم الحقوق الفلسطينية.
تبدو صيغة المؤتمر مملوءة بألوان دبلوماسية “جميلة” في الفضاء الإعلامي، لكنها لا تخفي قبح جوهرها. فالمبادرة ليست جديدة، بل هي مبادرة قديمة متعفنة أُعيد طلاؤها مجددًا بعد أن بقيت لعقود على الورق دون تنفيذ، تُستخدم كلما اشتدت المقاومة وتصدع وجه الكيان المحتل تحت ضربات الصواريخ أو صمود أبطال الأرض المحاصرة.
المطلوب من المؤتمر: نزع السلاح وتفكيك غزة
من أبرز بنود هذا المسار الذي يُراد فرضه سياسيًا، ما تسعى إليه القوى الغربية والأنظمة العربية المتماهية، وهو إنهاء سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وتسليم إدارة القطاع بالكامل، بما فيه من مؤسسات ومقدرات وأسلحة، للسلطة الفلسطينية الخاضعة للتنسيق الأمني مع الاحتلال.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يُطرح بوضوح في الكواليس ما هو أخطر: نزع سلاح المقاومة بالكامل، وتجريد الشعب الفلسطيني من آخر أدوات الدفاع عن نفسه، وشيطنة كل من يحمل السلاح ضد الاحتلال الصهيوني. وهي المطالب التي يروج لها القادة الصهاينة في تصريحاتهم، وتجد صدًى لها في باريس ولندن وواشنطن والرياض والقاهرة.
فرنسا وبريطانيا.. شراكة معلنة في جريمة الإبادة
الدول الأوروبية الكبرى لم تتزحزح خطوة واحدة عن دعمها المباشر وغير المباشر للعدو الصهيوني. لندن لم توقف تصدير الأسلحة، وباريس كذلك. بل تستمر الدول الغربية على اختلافها في توفير الدعم السياسي والعسكري، وتكتفي بتصريحات “قلقة” لا تعني شيئًا، سوى محاولة يائسة لحماية نفسها من اتهامات جرائم الحرب، عبر الادّعاء بأنها تُحذر وتُدين لفظيًا.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل حرب إبادة ممنهجة تشترك فيها أطراف دولية بالصمت أو بالمشاركة الفعلية، تحت غطاء من الشرعية الكاذبة التي توفرها المؤتمرات الدولية، والتي لا تخرج عن كونها مظلّة لشرعنة الاحتلال ومساعدته على تحقيق ما عجز عن فرضه عسكريًا.
المقاومة “إرهابًا”.. والدفاع “خروجًا عن القانون”
لم يكن غريبًا أن يُعاد تصنيف حركات المقاومة في المؤتمرات الغربية بأنها “إرهابية”، فذلك جزء من الحرب النفسية والسياسية التي تهدف إلى نزع الشرعية الأخلاقية والدينية والوطنية عن كل من يقف في وجه الاحتلال.. بل إن بعض العواصم الأوروبية والعربية تطرح “حلولًا” تشمل تفكيك فصائل المقاومة، وتسفير من تبقى من مقاتليها إلى أي بقعة يُختار لهم النفي إليها.
وهكذا يُراد أن تُعزل المقاومة، وتُفكك، وتُجرد من سلاحها، ليُسلَّم القطاع بكل جراحه ومقدراته إلى مسار سياسي عقيم، عجز عن إنقاذ الضفة من التهويد، وعن حماية القدس من الاقتحامات، وعن وقف الاستيطان الذي يلتهم الأرض.
النتيجة: مؤتمر ضد المقاومة وليس ضد الاحتلال
ما يُطلق عليه “مؤتمر دولي لحل الدولتين” ليس في الحقيقة سوى مؤتمر ضد المقاومة، يُنظم تحت عناوين مضلّلة مثل “السلام” و”إنهاء المعاناة”، بينما يُمرر في كواليسه أخطر الأجندات: القضاء على المقاومة، شرعنة الاحتلال، تحويل الجلاد إلى ضحية، والضحية إلى متمرّد إرهابي.
رغم الحضور الكبير والتصريحات المتكررة والدعوات الخجولة لوقف إطلاق النار، إلا أن المؤتمر خالٍ من المواقف العملية، ولا يقدّم شيئًا جوهريًا يمكنه وقف المجازر أو إنقاذ الأطفال الذين يموتون جوعًا وقهرًا تحت الحصار والركام.
العالم يتعرّى.. والاختبار يكشف زيف المواقف
لقد شكّل هذا المؤتمر اختبارًا فاضحًا لمواقف العالم “المتحضّر”، فكشف زيف الخطاب الأوروبي والإنساني. العالم الذي يكتفي بإحصاء الجثث وإرسال المساعدات المشروطة، دون اتخاذ موقف حقيقي ضد الاحتلال، ليس سوى شريكٍ في الجريمة.
وما لم تتحول هذه المؤتمرات إلى أدوات فعلية لمحاسبة العدو، ووقف شحنات الأسلحة، وملاحقة مجرمي الحرب، فإنها ستظل جزءًا من المشهد الدموي، وستسجَّل في ذاكرة التاريخ كأداة سياسية لشرعنة الإبادة، لا لإنقاذ الضحايا.