الأوساط الإيرانية تحذر من انزلاق المنطقة لحرب شاملة
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
طهران- إثر التصعيد الإسرائيلي الذي أعقب اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، وتوسيع نطاق الغارات التي بلغت العاصمة بيروت وأهدافا في سوريا والحديدة باليمن، تجمع الأوساط الإيرانية على أن المنطقة مقبلة على حرب شاملة، لكنها تنقسم بشأن دخول طهران المعركة وطبيعة ردها المحتمل.
فبين من يسعى لاستشراف مستقبل المنطقة من خلال قراءة ما بين سطور التطورات المتسارعة فيها، ومن يلقي باللوم على محور المقاومة لعدم تسديده ضربات مؤلمة للكيان الإسرائيلي بعد نقله الحرب لجبهة الشمال، يضع مهدي مطهر نيا رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية تلك الأحداث في إطار النظام العالمي الحديث.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى مطهر نيا أن القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد ترى في إيران وحلفائها حجر عثرة أمام رؤيتها للعالم، وأن تلك الدول متفقة على ما يجرى في المنطقة طالما يسير بما يصب في مصلحة إستراتيجيتها الكبرى ومخططاتها بشأن مستقبل العالم.
نظام عالمي
ويستشرف مطهر نيا أن التنافس في النظام العالمي الجديد سوف يقتصر على 3 قوى كبرى: الولايات المتحدة كونها المتبقية من النظام العالمي القديم وأوروبا الموحدة والصين. ويقرأ الباحث الحرب المتواصلة في أوكرانيا وتطورات الشرق الأوسط في سياق الإرادة الغربية لتوريط روسيا وإيران واستنزاف طاقاتهما في الحروب بسبب سياساتهما المناهضة لتيار النظام العالمي.
ويربط بين أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويشير إلی ركوب القوى الغربية موجة الحدثين لتكوين نظام عالمي جديد، مضيفا أن "توالي التطورات خلال العام الماضي، ومنها تصعيد الهجمات على حلفاء إيران واستهداف مصالحها في المنطقة بما فيها الاغتيالات، ترمي إلى جر إيران إلى معركة شاملة".
وبرأي مطهر نيا، فإن التصعيد العسكري في المنطقة سوف يتواصل من أجل استدراج إيران إلى معركة بعد نجاحها في إفشال العديد من المخططات الغربية والإسرائيلية لجرها للحرب عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتوقع إقدام إسرائيل على تصعيد خطير ضد الفصائل المتحالفة مع إيران خلال المرحلة المقبلة لتقويض قدراتها خشية قيامها بعمليات إيذائية في حال نشبت الحرب مع إيران.
وخلص إلى أن المحور الغربي الإسرائيلي يطبق سياسة مشابهة لنهج محور المقاومة بقيادة إيران، وأن المعسكرين يراهنان على جدوى توريط الجانب الآخر في معارك استنزاف وحروب غير متكافئة، موضحا أن الجانب الغربي يريد أن يقطف ثمرة سياسة تضخيم التهديد الإيراني التي أطلقها قبل أكثر من عقدين بافتعال ملف طهران النووي.
حرب شاملة
من ناحيته، يعتقد محمد مهدي مظاهري الأكاديمي والمستشار الأسبق لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام أن "القوى الغربية قد أعطت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني للعبث بمنطقة الشرق الأوسط بذريعة ضمان أمن المستوطنات في فلسطين المحتلة" وأن إسرائيل ترى في الحرب الإقليمية الشاملة فرصة للقضاء على التهديدات الماثلة أمامها منذ عقود.
ويعتبر مظاهرى أن الدعم الغربي اللامحدود للكيان الإسرائيلي خلال العام الماضي شجعه على القيام بخطوات جنونية بعد أن تأكد أن حلفاءه الغربيين لم يتركوه وحيدا بمواجهة إيران وفصائل المقاومة، مؤكدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشتري الوقت من خلال التصعيد الأخير، بأمل فوز صديقه المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسيات أميركا 2024 ليحظى بدعمه لتقويض قدرات أعدائه.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتهم المتحدث أطرافا غربية وعربية بالتواطؤ مع إسرائيل لتقويض قدرات إيران العسكرية والنووية، محذرا من أن دعاة الحرب يدفعون المنطقة إلى حافة الهاوية من خلال العمل علی إضرام نار الحرب الشاملة.
ونصح مظاهري بتفعيل دبلوماسية طهران لإحياء الاتفاق النووي في حقبة الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن مقابل احتواء التهور الإسرائيلي، واستغلال موضوع الثأر لدماء إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني الراحل الذي اغتيل في طهران، والتلويح بعصا الانتقام لردع بعض التهديدات الإقليمية للعبور بالبلاد إلى بر الأمان بدلا من الوقوع في فخ الحرب الإقليمية الشاملة.
سباق تسليحي
من ناحيته، يرى حشمت الله فلاحت بيشه الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أن التصعيد المتواصل في الشرق الأوسط سيدفع باتجاه سباق تسليحي منقطع النظير، وأن الأمور قد لا تسير وفق إرادة نتنياهو وحماته الغربيين بفرض حرب شاملة على إيران.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال المتحدث إن التصعيد الإسرائيلي سيؤدي بأغلب دول المنطقة إلى رفع ميزانيتها العسكرية ومناقشة التسلح النووي في مجالس الأمن القومي بما يتناسب والتهديدات التي يفرزها التصعيد المتواصل والدعم الغربي له.
وبرأي فلاحت بيشه أستاذ العلوم السياسية بجامعة العلامة طباطبائي، فإنه كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 سيرتفع منسوب التوتر في الشرق الأوسط، مستدركا أن إسرائيل لن تستطيع القضاء على فصائل المقاومة من خلال التصعيد الجاري.
وتابع أن العقيدة العسكرية الإيرانية لن تسمح بإطلاق حرب طالما لم تتعرض البلاد إلى تهديد عسكري، مضيفا أنه في حال مهاجمة الأراضي الإيرانية ستصبح الحرب الإقليمية لا بد منها، وأن الرد الإيراني سيكون واسعا جدا لقطع الطريق على العدو ومنعه من استهداف البنى التحتية الإيرانية.
ووفق فلاحت بيشه، فإن طهران عازمة على عدم تكرار أخطاء حلفائها في محور المقاومة في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية، مضيفا أنه لو كان حزب الله قد أمطر الأراضي المحتلة بالصواريخ والمسيرات ردا على أول هجوم طال الضاحية الجنوبية لما بلغت الأمور التصعيد الجاري.
وتنصب القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة فخا لمحور المقاومة -وفق فلاحت بيشه- من خلال التسويف بشأن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتشتري الوقت لإسرائيل ليتسنى لها الانقضاض على أعدائها، مؤكدا أن طهران لن تنخدع بمثل هذه الخدعة، وأن أول رصاصة تخترق السيادة الإيرانية ستكون بمثابة إعلان حرب يبرر لإيران تسديد الضربات قبل أن تتلقى ضربة موجعة.
وردا على سؤال حول الخط الأحمر الذي من شأنه أن يفتح الباب بوجه إيران للانخراط في المعركة بحال تجاوزته إسرائيل، يقول فلاحت بيشه إن استشهاد المستشارين الإيرانيين هناك جراء الهجمات الإسرائيلية يشير إلى مشاركة إيران بشكل غير مباشر في المواجهة، لكن اختراق السيادة الإيرانية من شأنه تعقيد المشهد أكثر مما هو عليه.
وتوقع بأن تبلغ الحرب ذروتها خلال الفترة القصيرة المقبلة في حال عدم سماع الأطراف الغربية التحذيرات الإيرانية الداعية إلى لجم إسرائيل واحتواء سياستها الجنونية، مؤكدا أنه في حال اندلاع حرب إقليمية شاملة فإن عواقبها ستكون وخيمة ولا يمكن التكهن بنتائجها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النظام العالمی الشرق الأوسط حرب شاملة من خلال فی حال
إقرأ أيضاً:
إيران: لا اتفاق ومفاوضات دون تخصيب اليورانيوم
4 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: حذّرت طهران مجددًا، اليوم الأربعاء (4 حزيران 2025)، من أن أي اتفاق نووي لا يضمن حق إيران في تخصيب اليورانيوم سيكون مرفوضاً من أساسه، في موقف حاسم أعلنه وزير الخارجية كبير المفاوضين عباس عراقجي.
وكتب عراقجي في حسابه الرسمي على منصة “إكس” “هناك سببٌ يجعل قلةً من الدول تُتقن القدرة على تزويد المفاعلات النووية بالوقود”، مضيفاً “إلى جانب الموارد المالية الكبيرة والرؤية السياسية، يتطلب الأمر قاعدة صناعية متينة ومجمعاً تكنولوجياً أكاديمياً قادراً على إنتاج الموارد البشرية والخبرات اللازمة”.
وأوضح عراقجي “لقد دفعت إيران ثمناً باهظاً لهذه القدرات، ولن نتخلى أبدًا عن الوطنيين الذين حققوا حلمنا، وأؤكد مجددا اذا لم يكن هناك تخصيب، لن يكون هناك اتفاق”، منوهاً “إذا كان مطلبهم عدم امتلاكنا أسلحة نووية، سنتوصل لاتفاق”.
وتشير هذه التصريحات إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن تمرّ بمرحلة حرجة، حيث لا تزال مسألة التخصيب تمثل أكبر العقبات أمام التوصل إلى اتفاق جديد.
وبحسب مراقبين، فإن الرسائل الصادرة من طهران تُغلق الباب أمام أي صفقة لا تعترف بحق إيران في التخصيب، ما يجعل مستقبل المحادثات مرهونًا بتنازلات أمريكية محتملة أو تصعيد إيراني جديد.
وقال المرشد علي خامنئي، في خطاب له بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني، إن الغنيّ هو “القضية الأساسية” في الملف النووي، وإن أي حديث عن التخلي عنه “غير مقبول وخارج النقاش”.
وأضاف “إذا امتلكنا مئة محطة نووية دون تخصيب، فلا فائدة منها، وبدونه سنضطر إلى مدّ يدنا لأمريكا التي ستفرض شروطًا مذلّة.”
وفي انتقاد مباشر للعرض الأمريكي الأخير، قال خامنئي “اقتراحهم لا ينسجم مع مصالحنا الوطني، وردّنا على أوهام الإدارة الأمريكية الصاخبة معروف”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts