في تصعيد جديد يعكس احتدام المواجهة الإقليمية ومخاطر الانفجار في الخليج، اقتربت مدمرة أمريكية من المياه الإقليمية الإيرانية في بحر عمان، ما دفع مروحية إيرانية لإصدار تحذير مباشر، قابله تهديد أمريكي باستهدافها، قبل أن يتدخل الدفاع الجوي الإيراني برسالة وصفت بـ”الحاسمة”.

التحرك العسكري يأتي في وقت تتصاعد فيه وتيرة التهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران، بالتوازي مع توتر نووي متجدد، وهجمات إسرائيلية عنيفة طالت إيران خلال حرب دامية استمرت 12 يومًا.

 وبينما تؤكد إيران أن برنامجها النووي “لا يقهر ”، يلوح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بإعادة استهداف المنشآت النووية إذا لزم الأمر، وسط تحذيرات من أن أي احتكاك غير محسوب قد يفتح الباب أمام مواجهة أوسع لا تبدو أي من الأطراف مستعدة لها بالكامل.

سعيد الزغبي: تحرك المدمرة الأميركية قرب إيران رسالة ردع لا تهدف إلى المواجهة المباشرة

قال الدكتور سعيد الزغبي، الباحث والمحلل السياسي، إن اقتراب المدمرة الأميركية USS Fitzgerald من مناطق قريبة من المياه الإيرانية يحمل في طياته رسائل ردع واضحة، تهدف إلى التأكيد على الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، دون السعي نحو مواجهة مفتوحة.

وأوضح الزغبي في تصريحات صحفية خاصة لموقع صدى البلد أن “الهدف الأبرز لهذا التحرك هو إرسال رسالة مباشرة إلى إيران وحلفائها مفادها أن واشنطن مستعدة للتدخل عند الضرورة، لكن دون أن تكون هي المبادِرة بالتصعيد”عمى.

وأضاف أن التموضع الأميركي المدروس قرب مناطق تعتبرها طهران حساسة، يندرج ضمن إطار “البقاء داخل حدود الردع المقبول”، حيث يسمح بالتحرك ما لم يتم تجاوزه، وهو ما يشير إلى استخدام الوجود البحري كوسيلة ضغط محسوبة.

وأشار إلى أن التوتر تصاعد في الآونة الأخيرة مع تداول تقارير عن تهديد البحرية الأميركية بطرد طائرة هليكوبتر إيرانية اقتربت من المدمرة، وهو ما عزز من فعالية الرسالة الأميركية دون الحاجة لاشتباك مباشر، على حد قوله.

وأكد الزغبي أن العقيدة العسكرية الأميركية تعتمد منذ سنوات على مبدأ “الردع عبر الحضور”، أي الاكتفاء بالوجود العسكري والتهديدات المحددة دون الدخول الفعلي في معارك، مشيرًا إلى أن واشنطن لا تسعى بالضرورة للاشتباك، لكنها ترفع تكلفة أي تحرك من الجانب الإيراني.

وأضاف: “السيناريو الأقرب يتمثل في اقترابات واستفزازات متبادلة، قد تُفهم أحيانًا كأعمال عدائية، ما يفتح الباب أمام اشتباك غير مقصود إذا لم يتم ضبطه”.

وعلق الزغبي على التحذيرات الإيرانية المتكررة، قائلًا إن “طهران أبلغت المدمرة الأميركية مرارًا بضرورة الانسحاب، فيما أعلنت أن الأخيرة غادرت تحت مراقبة منظومات دفاع إيرانية، وهو ما يكشف أن كل طرف يستخدم أدواته لإرسال رسائل متبادلة، لكن في الوقت نفسه يرفع منسوب التوتر في منطقة مشتعلة بالأساس”.

وتابع أن وجود قاعدة بحرينية أميركية وانتشار مدمرات مضادة للصواريخ في المتوسط يعزز من القدرات الأميركية الإقليمية، لكنه أيضًا يضيف عنصرًا محفزًا للصدام، وأردف: “نحن أمام مشهد مركب من تحركات محسوبة واستفزازات متبادلة، قد تؤدي إلى مواجهة حقيقية حتى لو لم يكن ذلك مقصودًا من أي من الطرفين”.

واختتم الزغبي بالتحذير من أن التحركات الأميركية البحرية في الخليج تُنظر إليها في طهران باعتبارها امتدادًا للدعم الأميركي لإسرائيل، وتفسر في إطار الضغط المستمر على إيران.

 وأضاف: “رغم أن التحرك الأميركي يأتي ضمن ردع بحري محسوب، إلا أنه يحمل في طياته خطر التصعيد، وإذا لم يتم ضبط حدود الاشتباك، فإن المنطقة قد تكون على أعتاب كارثة لا أحد يريدها، لكنها قد تقع نتيجة حسابات خاطئة”


 

طباعة شارك إيران أمريكا الولايات المتحدة الأمريكية المدمرة الأمريكية الحرب في طهران

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إيران أمريكا الولايات المتحدة الأمريكية المدمرة الأمريكية الحرب في طهران المدمرة الأمیرکیة

إقرأ أيضاً:

جولة محادثات نووية جديدة بين إيران وأوروبا في إسطنبول.. وتهديد بتفعيل آلية الزناد

اختُتمت في مدينة إسطنبول، الجمعة، الجولة الثانية من المحادثات النووية بين إيران والدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا)، وسط توتر متصاعد بفعل الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، واقتراب موعد انتهاء العمل بـ"آلية الزناد" التي قد تعيد فرض العقوبات الدولية على طهران.

وشارك في المحادثات عن الجانب الإيراني نائبا وزير الخارجية مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، في حين حضر ممثلون عن وزارات الخارجية في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على مستوى نواب وزراء الخارجية كذلك.

وتأتي هذه الجولة تلبية لطلب من الدول الأوروبية، في إطار مساعٍ لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والمعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، بعد شهور من الجمود السياسي والتصعيد الميداني.

يُذكر أن هذه هي الجولة الثانية بين الجانبين في إسطنبول خلال شهرين، بعد اجتماع مماثل عُقد في 16 أيار/ مايو الماضي، لم يسفر عن اختراق كبير، لكن جرى الاتفاق حينها على استمرار الاتصالات بالتوازي مع المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة.

الهجوم الإسرائيلي يُعطل مسار التفاوض
وأفادت مصادر مطلعة أن الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 حزيران/ يونيو الماضي ألقى بظلال ثقيلة على سير المحادثات، وأدى فعلياً إلى تعطيل مسار التفاوض بين طهران وواشنطن، كما عرقل تنسيق المواقف مع الجانب الأوروبي، الذي يسعى بدوره إلى إنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار الكامل.

وفي ظل هذا الجمود، أعادت الدول الأوروبية التلويح باستخدام "آلية الزناد"، وهي آلية قانونية واردة في القرار الأممي 2231، الداعم للاتفاق النووي. 

وتنص الآلية على أنه في حال خرق إيران لالتزاماتها "بشكل خطير"، يحق لأي طرف إحالة المسألة إلى مجلس الأمن، تمهيداً لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي تم رفعها في أعقاب توقيع الاتفاق.

ومن المقرر أن ينتهي العمل بالآلية في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، ما يضع ضغطاً زمنياً كبيراً على الأطراف الأوروبية لدفع العملية التفاوضية قُدماً قبل انقضاء المهلة.


مخاوف إيرانية وتلويح بالعقوبات
وتخشى طهران أن تستخدم الدول الأوروبية هذه الورقة للضغط عليها، في وقت تعيش فيه إيران وضعاً داخلياً هشاً، وتتعرض لضغوط عسكرية واقتصادية متزايدة، خاصة بعد التصعيد الأخير مع الاحتلال الإسرائيلي.

ويرى مراقبون أن تلويح أوروبا بتفعيل "آلية الزناد" قد يدفع إيران إلى تشديد موقفها التفاوضي أو التصعيد في الملف النووي، خصوصاً في ظل انعدام الثقة المتبادل، واستمرار انسحاب واشنطن من الاتفاق منذ الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 8 أيار/ مايو 2018، وفرضها عقوبات قاسية على طهران من طرف واحد.

وفي الوقت الذي تبدي فيه طهران استعداداً مشروطاً للعودة إلى الالتزامات، تربط تنفيذ أي خطوات ملموسة برفع العقوبات الأمريكية وضمانات قانونية بعدم الانسحاب مجدداً من الاتفاق، وهي مطالب تصطدم برفض غربي متكرر.

وتشير التحركات الأوروبية الأخيرة، ومنها استضافة جولات الحوار في إسطنبول، إلى رغبة أوروبية حثيثة لتفادي انهيار الاتفاق بشكل نهائي، لا سيما في ظل الموقف الأمريكي الغامض، والتصعيد الإسرائيلي المستمر.

مقالات مشابهة

  • هل تنجو إيران من آلية الزناد في ظل مباحثاتها مع الترويكا الأوروبية؟
  • محلل سياسي: تغير في موقف واشنطن يُنذر بمسار جديد في ليبيا
  • رسالة إلى «الرابطة الأميركية» بعد إيقاف ميسي!
  • محادثات إيران مع الترويكا الأوروبية.. مناورة دبلوماسية أم محاولة جادة لتفادي المواجهة؟
  • الاعتراف الأوروبي بفلسطين.. شيك بلا رصيد في مواجهة الفيتو الأميركي
  • جولة محادثات نووية جديدة بين إيران وأوروبا في إسطنبول.. وتهديد بتفعيل آلية الزناد
  • اغتيالات دقيقة واختراقات ذكية.. هل فقدت طهران السيطرة أمام تمدّد الموساد داخل إيران؟
  • إسطنبول تحتضن جولة جديدة من المحادثات النووية بين إيران ودول أوروبية
  • إيران: طهران ستدافع عن حقوقها النووية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم
  • إيران تكشف عن شروطها لاستئناف المحادثات النووية مع أمريكا