فاغنر تؤكد لأهالي أسراها بمالي مقتلهم والطوارق ينفون
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
أبلغت مجموعة فاغنر الروسية أسرة مقاتل روسي ألقي القبض عليه حيا في مالي أنه توفي الآن، وفقا لرسائل نصية اطلعت عليها رويترز، وهو ما يتناقض مع المعلومات التي قدمتها جماعة الطوارق المتمردة التي احتجزته.
وكان ألكسندر إفريموف أحد اثنين من السجناء الروس الذين أسرهم متمردو الطوارق أحياء بعد معركة صحراوية دامية قضت على العشرات من مقاتلي فاغنر في أواخر يوليو/تموز.
وقال شقيقه يفغيني إن فاغنر اتصلت لإبلاغه بوفاته ومن ثم نشر الخبر عبر مجموعة دردشة على تطبيق تليغرام يستخدمها أقارب المرتزقة الذين شاركوا في المعركة لتبادل المعلومات.
وقال يفغيني إفريموف للمجموعة "هل يمكنكم أن تتخيلوا الحالة العقلية لزوجة نايكي بعد هذه المكالمة؟"، في إشارة إلى لقب شقيقه.
وقال أقارب 3 مقاتلين آخرين أُعلن عن اختفائهم لرويترز إنهم تلقوا مكالمات مماثلة من فاغنر عن مقتل ذويهم.
ومع ذلك، رفض متحدث باسم جماعة الطوارق المتمردة تأكيد ما نقل عن فاغنر، وقال لرويترز إن الأسرى الروس، إلى جانب أسرى الجيش المالي الذين تم أسرهم في المعركة نفسها، ما زالوا على قيد الحياة.
وقال محمد المولود رمضان، المتحدث باسم منظمة الطوارق المعروفة باسم "الإطار الإستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية" إن "جميع سجنائنا على قيد الحياة. فاغنر كاذبون".
ولم يكن سبب التقارير المتناقضة واضحا. ورفضت مجموعة الطوارق تقديم أدلة على أن أسراها ما زالوا على قيد الحياة، في حين لم تنتشل فاغنر جثث مقاتليها الذين قتلوا في المعركة قرب الحدود الجزائرية، مما يترك أقاربهم دون دليل واضح في كلتا الحالتين.
معركة الصحراءوكانت فاغنر ذكرت في البداية أن معظم المقاتلين المشاركين في معركة الصحراء مفقودون أثناء القتال.
وباستخدام البيانات العامة وبرامج التعرف على الوجه والمقابلات مع الأقارب، حددت رويترز أسماء 31 مرتزقا إما مفقودين أو تم أسرهم بعد المعركة مع الطوارق.
وفي حين اعترفت فاغنر بخسائر فادحة في الكمين الذي نصب لها في مالي، فإنها لم تقدم أي أرقام عن للقتلى.
ولم يعلن الجيش المالي، الذي قاتل إلى جانب الروس، عن خسائر في الأرواح.
وقال الانفصاليون الطوارق، الذين يقاتلون من أجل وطن مستقل، إنهم قتلوا 84 روسيا و47 ماليا.
وبدأت الجماعة تمردها ضد الحكومة المالية في عام 2012، مطالبة بوطن مستقل يسمى أزواد. وتشابك صراعهم فيما بعد مع تمرد إسلامي متحالف مع تنظيم القاعدة في المنطقة نفسها.
ولم ترد وزارة الخارجية الروسية على طلب للتعليق على مصير مقاتلي فاغنر.
وبعد وفاة زعيم المجموعة يفغيني بريغوجين العام الماضي، غير الكرملين وضعية فاغنر لتكون تحت مظلة منظمة تعرف الآن باسم "فيلق أفريقيا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
اليمن في قلب المعركة.. عقيدةٌ راسخة وتفوّقٌ استراتيجي يُربك العدوّ ويُعيد صياغة معادلات الصراع
يمانيون | تقرير تحليلي
بينما تتخبط “إسرائيل” في متاهة الهزائم النفسية والعسكرية، تتقدم اليمن بهدوء وثبات كأكثر الجبهات حيوية وتأثيرًا في الصراع الجاري.
ومن موقع جغرافي بعيد، وبعقيدة لا تعرف التراجع، تؤكد صنعاء ـ كما يرى المحللون العرب ـ أن التوازن في المنطقة لم يعد مرهونًا بقوة السلاح وحده، بل بعقيدة النصر وثقة المؤمن بوعد الله.
فمن العمليات الذكية في البحر، إلى الضربات الدقيقة في العمق المحتل، مرورًا بالحصار المحكم الذي يخنق موانئ العدو، تكشف التصريحات المتعددة للمحللين والخبراء أن اليمن لم يعد مجرد داعم لفلسطين، بل لاعبًا استراتيجيًا يرسم ملامح معركة وجودية متعددة الأبعاد، عقائدية واقتصادية وعسكرية.
من الدعم إلى القيادة الميدانية – تحوّل نوعي في الدور اليمني
في خضم التغيرات الكبرى في مشهد المواجهة، تبرز ملاحظة محورية: اليمن لم يعد يكتفي بدور المساندة، بل تصدر مشهد القيادة في ساحة المقاومة.
هذا التحول يُعدّ نتيجة مباشرة لنقل المواجهة من الخطاب إلى الميدان، ومن التفاعل إلى الفعل المؤثر.
الدكتور علي حمية، الخبير في الشؤون العسكرية الاستراتيجية، أكّد أن اليمن بدأ خطواته مبكرًا في هذه المعركة منذ ما يقارب العشرين شهرًا. فقد انتقل من احتجاز السفن في البحر الأحمر إلى تنفيذ عمليات إنزال، ثم الاستهداف المباشر لسفن وموانئ العدو.
واليوم، وصل إلى مرحلة “التوجيه البحري الذكي”، حيث بات اليمن يوجّه السفن بلغة الاتصالات الدولية، ما يدلّ على امتلاك منظومة استخباراتية مهنية.
“ما يجري هو تحالف إرهاب عالمي ضد غزة، لكن اليمن يواجه هذا التحالف بقدرة نادرة على الفعل الاستراتيجي الهادئ”، يقول حمية، لافتًا إلى أن اليمن يدير عملياته بأقل كلفة ميدانية وأقصى تأثير دولي.
العمق الاقتصادي في سلاح اليمن – خنقٌ استراتيجي بلا معركة برية
المواجهة اليوم لم تعد مقتصرة على صواريخ أو طائرات، بل دخلت ساحة الاقتصاد والتجارة الدولية. هنا، تتجلى أهمية الضربات اليمنية في البحر الأحمر، والتي عطلت فعليًا خطوط إمداد الطاقة العالمية، وأربكت موانئ حيفا وأم الرشراش، دون أن تطلق عشرات الصواريخ دفعة واحدة.
يؤكد الدكتور حمية أن اليمن “يعرف متى وأين يضرب”، ما يعكس تفوّقًا في التوقيت وتحديد الأهداف الحساسة. وقد أثبتت عملية إغراق سفن مثل “ماجيك سيز” و”إيترنيتي سي”، أن اليمن لا يتعامل بردود فعل، بل بمنهجية شاملة تُربك العدو اقتصاديًا دون استنزاف قدراته.
“طلقة واحدة في التوقيت المناسب تغيّر مسار التجارة العالمية”، بهذه العبارة لخّص الموقع البحري “Stripes” ما تقوم به صنعاء.
من الردع إلى الهيمنة التكتيكية – اليمن يصوغ قواعد اشتباك جديدة
في ظل الصراع، لا تكفي الضربات إن لم تكن جزءًا من هندسة عسكرية عقلانية تُعيد رسم حدود الصراع.
اليمن تجاوز مرحلة الدفاع أو حتى الردع، ودخل مرحلة فرض الهيمنة التكتيكية على كيان العدو.
المحلل السياسي محمد هزيمة يرى أن اليمن أصبح “قوة إقليمية تُعيد تعريف المواجهة” بفعل الإدارة العقلانية للضربات الدقيقة.
“ليست المسألة صواريخ فحسب، بل كيف تُدار، ومتى تُستخدم، وما هي الرسائل التي ترافقها”، يقول هزيمة، موضحًا أن القيادة اليمنية تجمع بين التوقيت، والرسالة، والردع المحسوب.
وهو ما يفسر الضربات الأخيرة التي استهدفت مطار اللد، بالتزامن مع فشل العدوان الصهيوني في عملية “الراية السوداء”، ما أكّد هشاشة المنظومة الدفاعية للعدوّ، وتحوّل اليمن إلى فاعل صانعٍ للقرار في معركة الردع.
الانهيار الداخلي للعدو – صواريخ اليمن تُسرّع الانفجار الداخلي
لا يمكن فهم تأثير اليمن دون النظر إلى الجبهة المقابلة. كيان العدوّ يعيش مأزقًا داخليًا متصاعدًا، سياسيًا واجتماعيًا ونفسيًا.
المحلل السياسي عدنان الصباح يربط بين دقة الضربات اليمنية وتسارع الاضطراب داخل المجتمع الصهيوني.
“لم تعد الهزيمة ميدانية فحسب، بل تحوّلت إلى أزمة وجودية داخل الكيان”، يقول الصباح، مشيرًا إلى أن أصوات الجنرالات الإسرائيليين باتت تعترف بأن الحرب فقدت جدواها، مع تأكيدهم أن “الجبهة اليمنية مفتوحة وستبقى مفتوحة”.
ويشير إلى أن حالة الهلع، وفرار المستوطنين، وانهيار الثقة في نتنياهو وحكومته، كلها عوامل تضافرت بفعل الضربات المتتالية، ما أجبر العدو على السعي لوقف إطلاق النار كخيار اضطراري وليس تفاوضي.
الإعلام الغربي في مأزق – بين التشويه والاعتراف
ويرى الكاتب والصحفي خالد بركات أن تأثير العمليات اليمنية فرض نفسه على الإعلام الغربي، رغم محاولات التعتيم والتشويه.
فصحف كبرى مثل “نيويورك تايمز” لجأت إلى نشر تقارير تتهم اليمن بتلفيق عمليات الإنقاذ، وهو ما اعتبره بركات “انحدارًا مهنيًا” لا يغيّر من الحقائق الميدانية شيئًا.
“اليمن يفرض قواعد الاشتباك، والغرب يواجه حرجًا أخلاقيًا وسياسيًا”، يقول بركات، مضيفًا أن واشنطن نفسها اضطرت لإدانة الضربات بعدما كانت تتجاهلها، في إشارة إلى مدى تأثير القرار اليمني على التوازن السياسي والإعلامي الدولي.
اليمن… من جبهة مقاومة إلى عمود فقري في معركة الوعي والتحرير
ما يجمع عليه جميع المحللين أن اليمن لم يعد مجرد طرف في معادلة “الداعم للمقاومة”، بل أصبح فاعلًا مركزيًا يعيد صياغة معادلات الصراع مع العدو الصهيوني.
فمن عقيدة متجذرة، إلى اقتصاديات حرب محسوبة، إلى إدارة دقيقة للعمليات، يثبت اليمن أن المعركة ليست صواريخ فحسب، بل منظومة متكاملة من الوعي القيادي، والتكتيك العسكري، والإسناد العقائدي الشعبي.
وفي ظل عجز واشنطن، وانكشاف هشاشة الاحتلال، وتخاذل الأنظمة العربية، تبدو صنعاء اليوم أكثر من مجرد عاصمة في الخريطة؛ إنها قلبٌ نابض لمشروع مقاومة متصاعد، وصوتٌ عقائديّ يُعبّر عن ضمير الأمة.