لأول مرة منذ تحرير مدينة الموصل العراقية من سيطرة تنظيم داعش، احتضنت المدينة معرضا دوليا للكتاب بمشاركة أكثر من 100 دار نشر من 14 دولة عربية وأجنبية.

المعرض يشهد إقبالا جماهيرا لافتا، وتقام على هامش أعماله فعاليات ثقافية متنوعة، وندوات حوارية ركزت على القراءة وعلاقتها بالتكنولوجيا.

معرض الموصل الدولي للكتاب أصبح أحد أبرز الأحداث الثقافية التي تشهدها المدينة بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش.

إذ تميز بعرض أكثر من مليون ونصف مليون كتاب يغطي مختلف المجالات، بما في ذلك الأدب والفلسفة والسياسة والقانون والاقتصاد والعلوم.

الدكتور واصف شويكي، مدير تنظيم المعرض، قال للحرة إن 110 دور نشر شاركت في المعرض، قدّمت أكثر من مليون ونصف عنوان. كما شهد المعرض مشاركة 14 دولة، مما أضفى على الحدث بُعداً دولياً وجعل منه فرصة لتبادل الثقافات، على حد قوله.

رامي رامز، مسؤول دار العهد الجديد المختصة بالشأن المسيحي، أعرب عن سعادته بنجاح المعرض، مؤكداً على الاهتمام الواسع الذي أبداه قراء الموصل بالمحتوى المقدم. 

وأضاف للحرة أن مثل هذه الفعاليات "تسهم في تعزيز التفاهم والتواصل بين الثقافات".

مريم عبد العزيز، من بين الزوار الذين حضروا المعرض، أعربت عن فرحتها بالمشاركة في هذا الحدث الثقافي، وأشادت بتنوع الكتب المعروضة، مشيرة إلى أن هذه المعارض تشكل فرصة لتعزيز الحياة الثقافية في الموصل بعد سنوات من التحديات والصراعات.

المعرض، الذي يستمر لمدة عشرة أيام، يتضمن فعاليات يومية تشمل محاضرات عن القراءة والتكنولوجيا والإعلام، مما يجعله ليس فقط حدثاً لعرض الكتب، بل أيضاً مساحة لتبادل الأفكار والتعلم.

وفي العاشر من يونيو عام 2014، سيطر داعش على الموصل في محافظة نينوى. وعلى مدى سنوات، بثّ التنظيم الإرهابي الرعب في المنطقة وحوّل حياة الناس إلى جحيم. وبعد معارك عنيفة، استعاد الجيش العراقي، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، المدينة عام 2017، وأعلن في نهاية العام ذاته هزيمة التنظيم في العراق.

واستغرق تعافي المدينة سنوات، فبعدما تحولت أحياء كثيرة إلى أنقاض، توجّب إزالة الألغام قبل إعادة بناء ما دُمّر من منازل وطرق وبنى تحتية لتمهيد طريق عودة النازحين الذين فرّوا من المدينة التي يقيم فيها اليوم نحو مليون ونصف المليون شخص، بحسب وكالة فرانس برس.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

معرض 241 بالدوحة يكرّم يتامى استشهدوا في غزة

الدوحة- "ذكرى لا تنطفئ.. كبروا في السماء قبل أعمارهم.. أنفاسهم الصغيرة التي أوقفتها يد غاشمة"، كلمات قصيرة تعبّر عن الفقد والحزن، انتشرت على صورة كل طفل من بين 241 في معرض أطفال غزة الأيتام، الذي تنظمه جمعية قطر الخيرية بالتعاون مع متاحف مشيرب في الدوحة.

ويقدّم المعرض، الذي يستمر من 10 إلى 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تجربة بصرية مؤثرة تحول الألم والخسارة إلى سرد إنساني حي، يكرم ذكريات الأطفال ويستحضر قصصهم وأحلامهم التي لم تُستكمل.

ويركز المعرض على إحياء ذكرى 241 طفلا استشهدوا في الحرب الأخيرة على غزة، الذين كان أهل الخير يكفلونهم في القطاع عبر مبادرة "رفقاء" التابعة لقطر الخيرية، وذلك من خلال عرض 241 صندوقا مضاء، يحمل كل منها صورة طفل وجملة قصيرة تعبر عن الفقد، في عمل فني خارجي يجمع بين الصناديق الضوئية والتصاميم ومقاطع الفيديو، حيث يتيح للزوار مساحة للتفاعل الإنساني مع معاناتهم المؤلمة.

رسالة تضامن

كما يشكّل المعرض رسالة تضامن وإنصاف للضحايا وتأكيدا على أن الأرقام، مهما بدت جامدة، تحمل وراءها حيوات وأسماء وملامح وقصصا لا يجوز أن تُنسى، ويعكس الدور الإنساني المتواصل الذي تضطلع به قطر الخيرية عبر مبادراتها المختلفة، وفي مقدمتها "رفقاء".

وتدعم المبادرة 19 ألفا و816 مستفيدا في غزة، بما يشمل الأيتام والأسر والطلاب والأشخاص ذوي الإعاقة، في حين يبلغ العدد الإجمالي للمستفيدين في كافة أرجاء فلسطين 25 ألفا و164 شخصا.

وبين الضوء والصورة والكلمة، يظل المعرض شاهدا على ذاكرة لا تنطفئ، ورسالة مفادها أن الأطفال، وإن غابوا، فإن قصصهم باقية، تنبض في الضمير الإنساني وتدعو إلى مزيد من الوعي والمسؤولية والتضامن.

من جانبه، قال المدير التنفيذي للعمليات الدولية في قطر الخيرية عبد العزيز جاسم حجي -للجزيرة نت- إن المعرض رسالة موجهة للعالم لتحمّل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية واستشعار حجم المعاناة التي عاشها أهل غزة، وخاصة هؤلاء الأطفال اليتامى الذين فقدوا آباءهم في السابق، ثم فقدوا حياتهم لاحقا بسبب الاعتداءات المستمرة.

إعلان

وأكد أن أي قوة بشرية، مهما بلغت، لا تملك الحق في سلب حياة طفل بريء، وأن الحرب التي شهدها القطاع تركت أثرا بالغا على المجتمع، حيث فقدت الجمعية 241 طفلا من الأيتام الذين كانوا ضمن برامج الكفالة التي يقدمها أهل الخير عبر المؤسسة.

عبد العزيز حجي: استشهاد 241 طفلا غزيا يتيما وضع قطر الخيرية أمام واحدة من أصعب اللحظات في تاريخها (الجزيرة)مسؤولية مشتركة

وكان هؤلاء الأطفال يمثلون أحلاما صغيرة تمضي بثبات رغم الظروف الصعبة، وهذا العدد الكبير من الشهداء يعكس حجم الخسارة التي مُني بها أطفال غزة خلال عامين من الصراع.

ووجدت قطر الخيرية نفسها أمام واحدة من أصعب اللحظات في تاريخها الممتد لأكثر من 40 عاما في العمل الإنساني، حين اضطرت للتواصل مع كافلي هؤلاء الأطفال وإبلاغهم بفقدان من كانوا يتكفلون بهم، "بكل أسف"، حسب حجي.

ويرى أن المعرض يعد بمثابة إظهار الوفاء لهؤلاء الأطفال، إذ يسعى إلى نقل ذكراهم إلى فضاء أوسع، وتحويل الحكايات الصامتة إلى حضور إنساني مؤثر، ليس فقط للتعبير عن الحزن عليهم، بل للتعريف بأسمائهم وقصصهم حتى تبقى حاضرة في الذاكرة، انطلاقا من الإيمان بأن لكل واحد منهم حكاية تستحق أن تُروى.

وأضاف أن هذه المبادرة تهدف كذلك إلى تأكيد المسؤولية الإنسانية المشتركة تجاه مستقبل آمن للأطفال، لا تُسرق فيه أحلامهم، فضلا عن تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حماية الطفولة وتقديم الدعم للأطفال الأكثر حاجة في مناطق النزاع.

من جهته، قال مدير علاقات الزوار في متاحف "مشيرب" محمد اليوسف -للجزيرة نت- إن المعرض يشهد تفاعلا كبيرا من الزوار من مختلف الأعمار، حيث يتوقف كثيرون أمام الأعمال المعروضة متأثرين بقصص الأطفال والرسائل الإنسانية العميقة التي يحملها.

ويقضي العديد منهم أوقاتا طويلة في ساحة بيت الشركة في مشيرب قلب الدوحة، حيث يتم تنظيم المعرض، متأملين الوجوه ويقرؤون الكلمات المنتشرة على صورة كل طفل في لحظات صادقة من الصمت والتفكير، معبرين عن تعاطفهم ومشاعرهم الإنسانية تجاه الأطفال وأسرهم.

محمد اليوسف: استضافة متاحف مشيرب للمعرض التزام بدورها في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية (الجزيرة)التزام

وأضاف اليوسف أن استضافة متاحف مشيرب لهذا المعرض تأتي انطلاقا من التزامها بدورها الثقافي والمجتمعي في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية، وخلق مساحة تمكن الجمهور من التواصل مع معاناة الشعوب التي تمر بظروف صعبة، مؤكدا أن هذا النوع من المبادرات يعزز من قدرة الجمهور على إدراك أثر الحروب والصراعات على الأطفال ويحفزهم على التفكير في دورهم الإنساني.

ويمتلك الفن -وفقا له- قدرة فريدة على نقل الألم بكرامة، وإيقاظ مشاعر التعاطف دون أن يفقد الإنسان حسّه الإنساني، لافتا إلى أن المتحف بالنسبة لهم ليس مجرد مساحة للعرض، بل منصة للتوعية وفتح النقاش حول العدالة وحقوق الإنسان، وإبراز دور المؤسسات الثقافية في دعم الأطفال والمجتمعات المتضررة.

وأكد أن "معرض 241" يشكل مثالا واضحا على الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الثقافية في إبراز معاناة الأطفال في مناطق النزاع، وتحويل قصصهم الإنسانية إلى رسائل عالمية تصل إلى جمهور واسع، مع الحفاظ على كرامتهم وحقهم في الذاكرة.

إعلان

كما شدد اليوسف على أن رسالته الأهم هي أن لكل طفل اسما وحكاية وحلما لم يكتمل، وأن حماية الطفولة مسؤولية أخلاقية مشتركة تقع على عاتق الجميع.

ودعا الزوار إلى التأمل والتفكر واستحضار قيم الرحمة والإنسانية من خلال تجربة المعرض البصرية المؤثرة، التي تجمع بين السرد الفني والرسائل الإنسانية، لتعكس واقع الأطفال وتكرم ذكراهم، وتؤكد أهمية التضامن الإنساني والمجتمعي مع الأطفال في مناطق النزاع.

مقالات مشابهة

  • الحكم على أسير مقدسي بالسجن 4 سنوات ونصف
  • معرض جدة للكتاب ينظم ندوة عن “الطفل المؤلف”
  • معرض جدة للكتاب يُسلِّط الضوء على المونتاج والأداء التمثيلي
  • جناح الحرف اليدوية يستحضر الذاكرة في معرض جدة للكتاب 2025
  • منطقة الكتب المخفضة توسّع خيارات الوصول للكتاب في معرض جدة للكتاب 2025
  • "موهبة" تطلق المعرض المركزي لـ"إبداع 2026" في المدينة المنورة
  • مكتبة الإسكندرية تحتضن جلسة نقاشية بعنوان الإسكندر بين الأسطورة والمدينة
  • معرض 241 بالدوحة يكرّم يتامى استشهدوا في غزة
  • الشويمية تحتضن معرضًا تسويقيًا للمنتجات الحرفية
  • الأمن العام يُنهي حملته الشتوية بفحص أكثر من مليون ونصف مركبة