اسرائيل كلمة السر الكبرى في علاقات التحالف بين الإمارات وصربيا
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
فقد أجرى الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان يوم السبت محادثات مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش في بلغراد، خلال زيارة عمل للبلاد استغرقت يوما واحدا تخللها التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين.
ويرد من الاتفاقية تمهيد الطريق لزيادة تدفقات التجارة والاستثمار والتعاون الثنائي بين القطاع الخاص بين البلدين وإنشاء شبكة من الاتفاقيات التجارية التي من شأنها تسريع الاستثمار وتعزيز تبادل المعرفة وخلق فرص للمشاريع المشتركة في القطاعات ذات النمو المرتفع.
واتفاقية التجارة الحرة بين الإمارات وصربيا تمثل أول اتفاقية ضمن برنامج التجارة الحرة لدولة الإمارات مع دولة ليست عضواً في منظمة التجارة العالمية.
وفي سبتمبر 2023، بدأت البلدان المفاوضات بشأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية والتجارية الشاملة لتعزيز تدفقات التجارة والاستثمار الثنائية.
وكان محمد بن زايد التقى بالرئيس الصربي في بلغراد في يونيو/حزيران من العام الماضي لإجراء محادثات حول الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن في البلقان.
وقد كشف تحقيق دولي أن دولة الإمارات عملت على توفير جسرا للدعم العسكري لإسرائيل عبر صربيا وذلك في وقت تواصل فيه تل أبيب حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة منذ عام.
وكشف التحقيق عن تورط حكومة أبوظبي في علاقات مشبوهة مع شركة تصنيع أسلحة صربية زوّدت الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة أثناء الحرب على غزة وارتكاب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين.
ونشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريراً أجرته شبكة التحقيق الاستقصائية البلقانية، وصحيفة “هآرتس”، الشهر الماضي، ونشره موقع “بلقان إنسايت” بعنوان “من بلغراد إلى بئر السبع”، كشف عن صادرات أسلحة للشركة التي تملكها الدولة الصربية بملايين الدولارات من صربيا إلى “إسرائيل”، ولكن الشركة لديها علاقات طويلة مع الإمارات.
وأورد التحقيق أن شركة يوغوإمبورت- أس دي بي أر صدرت أسلحة قيمتها 17.1 مليون دولار إلى “إسرائيل” عبر الطائرات العسكرية، وكذا الطائرات المدنية.
وكانت صربيا من أهم الدول المصدرة للسلاح في فترة الحرب الباردة، عندما كانت جزءاً من يوغوسلافيا. ورغم علاقتها الوثيقة مع روسيا إلا أنها أقامت علاقات مع أوكرانيا، وصدّرت لها ذخيرة بقيمة 858 مليون دولار، حسب صحيفة “فايننشال تايمز”.
وقدرت قيمة صادرات صربيا عام 2021 بحوالي 1.2 مليار دولار. لكن مصالح صربيا تمتد أبعد إلى الشرق الأوسط. ففي مرحلة ما بعد الأزمة العالمية، حاولت صربيا، المعدمة من المال، الحصول على قروض مالية من الإمارات، في عام 2013، حيث حاولت جذب الاستثمارات الإماراتية إلى جانب توقيع عقود عسكرية معها.
وفي عام 2013، أعلن البلدان عن أول صفقة سلاح ضمّت موافقة صربيا على تصدير عربات مصفحة إلى الإمارات، واتفاقاً ثنائياً لتطوير صواريخ أرض- أرض موجهة. وقدرت قيمة الصفقة، في حينه، بحوالي 214 مليون دولار.
كما حققت أبوظبي استثمارات مهمة في الخطوط الجوية الصربية (إير صربيا)، مع أن الدولة الصربية ستستحوذ على الحصة الإماراتية في شركتها الجوية.
وواصلت صربيا العمل مع الإمارات في عقود وصفقات. وفي 2022، وقّعت أس دي بي أر اتفاقاً مع محمد بن زايد، عندما كان ولياً للعهد ونائباً لقائد القوات الإماراتية، لبيع “كمية مهمة من الذخيرة”، حسب بيان إعلامي من وزارة الدفاع الصربية.
وفي الفترة الأخيرة؛ قامت حكومة أبوظبي باستثمارات جديدة في السياحة الصربية من خلال شركة مرتبطة بجاريد كوشنر، المستشار السابق، وصهر الرئيس السابق دونالد ترامب.
وذكر موقع “بلقان إنسايت” أن شركة تصنيع الأسلحة الصربية “كروسيك”، ذات العلاقة مع أس دي بي أر، باعت ألغاماً من عيار 60، 80، 120 ميلميتراً، وكذا قنابل يدوية، بأسعار مخفضة جداً إلى شركة سعودية.
ووجد موقع “أرمز ووتش” للتحقيق الاستقصائي أن الأسلحة الصربية انتهت في أيدي مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” في اليمن.
وكانت الرياض وأبوظبي قد شنّتا حملة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء عام 2014. إلا أن الحملات الجوية فشلت في هزيمة الحوثيين، ولكنها أدّت لمقتل آلاف المدنيين وتسبّبت بكارثة إنسانية.
والأسبوع الماضي قالت مجموعة الأزمات الدولية إن دولة الإمارات تحولت إلى دولة منبوذة بسبب التحالف والتطبيع العلني مع إسرائيل وتجاهل المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأبرزت المجموعة في تحليل أنه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ساءت صورة دولة الإمارات في جميع أنحاء المنطقة في ظل تمكسها بالتطبيع مع تل أبيب.
ونشرت المجموعة الدولية تحليلا مطولا بعنوان (الإمارات وإسرائيل واختبار النفوذ)، أبرزت فيه أن أبو ظبي وقعت اتفاقيات إبراهيم لعام 2020 مع إسرائيل سعياً لتحقيق فوائد استراتيجية.
لكن خلال حرب غزة، أصبحت التكاليف واضحة. ولا تظهر أبو ظبي أي علامة على إعادة التفكير في التطبيع، لكنها قد تفكر في خطوات أصغر لتسجيل الاستياء من الحملة الإسرائيلية، بحسب مقال المجموعة الدولية.
ونبه التحليل إلى أنه في عام 2020، قامت الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل لتصبح مع البحرين أول دولتين عربيتين تقيمان علاقات دبلوماسية رسمية مع تل أبيب منذ أن وقعت مصر والأردن معاهدتي سلام مع الدولة اليهودية في عامي 1979 و1994 على التوالي.
وقد وضعت اتفاقيات إبراهيم – كما تُعرف اتفاقية التطبيع لعام 2020 – الإمارات كشريك وثيق لإسرائيل يمكنه من حيث المبدأ استخدام قربها وقنوات الاتصال الجديدة وحسن النية الذي ولدته لممارسة درجة من التأثير على البلاد.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: دولة الإمارات فی عام
إقرأ أيضاً:
بمناسبة اليوم العالمي لصون النظم البيئية للقرم.. ريادة إماراتية في حماية غابات القرم
هالة الخياط (أبوظبي)
حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازات ملموسة في مجال حماية واستعادة النظم البيئية الساحلية، وفي مقدمتها أشجار القرم، التي تُعد من أهم عناصر البنية الطبيعية لمواجهة تغير المناخ. وبفضل رؤية بيئية طموحة، مدعومة من القيادة الرشيدة، تبنّت الدولة مجموعة واسعة من المبادرات النوعية والبرامج البحثية والميدانية، التي أسهمت في توسيع الرقعة الخضراء على السواحل، وتعزيز التنوع البيولوجي البحري.
وقد رسّخت هذه الجهود موقع الإمارات كدولة رائدة في الحفاظ على النظم البيئية لأشجار القرم إقليمياً ودولياً، وجعلت منها نموذجاً يُحتذى به في استخدام الحلول الطبيعية لمواجهة التحديات المناخية. وتتزامن هذه الجهود مع اليوم العالمي لصون النظم البيئية لأشجار القرم، الذي يوافق 26 يوليو من كل عام، وهو مناسبة عالمية تؤكد أهمية تعزيز الوعي البيئي، وتُبرز دور أشجار القرم كدرع طبيعي في مواجهة ارتفاع منسوب مياه البحر، وتآكل السواحل، واختلال التوازن البيئي. وتأتي هذه المناسبة لتجدد التزام دولة الإمارات بمسارها الطموح نحو الحياد المناخي، حيث تضع حماية القرم، وتوسيع نطاقها في قلب استراتيجيتها الوطنية للاستدامة.
وضمن توجهها البيئي الاستراتيجي، أطلقت دولة الإمارات مبادرة زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030، وهي من أكبر المبادرات المناخية في المنطقة. وتسعى هذه المبادرة إلى تعزيز قدرة السواحل على مقاومة التغير المناخي، وزيادة امتصاص الكربون، في إطار التزام الدولة بتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، إلى جانب دعم التنوع البيولوجي عبر توفير بيئة حاضنة للكائنات البحرية. وقد تم حتى منتصف عام 2025 زراعة أكثر من 30 مليون شجرة قرم ضمن هذه المبادرة، باستخدام أساليب مبتكرة مثل الزراعة عبر الطائرات المسيّرة وتقنيات الاستزراع النسيجي.
شريان حياة بيئي
في كلمتها بهذه المناسبة، قالت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة: «إنها لحظة ملهمة لتأمل جمال وعظمة أشجار القرم التي تزين سواحلنا، وتشكل درعاً طبيعياً يحمي من ارتفاع منسوب مياه البحر وتداعيات تغير المناخ». وأكدت معاليها أن أبرز ما يميز هذه الأشجار هو قدرتها العالية على احتجاز ثاني أكسيد الكربون، بواقع أربعة أضعاف قدرة الغابات الاستوائية، إلى جانب دورها في توفير الغذاء والمأوى للكائنات البحرية، ما يجعلها نظاماً بيئياً متكاملاً. وشددت على أهمية الشراكات المجتمعية والمؤسسية في تحقيق رؤية الدولة في هذا المجال، مؤكدة أن «وجودنا يعتمد بشكل مباشر على وجودها».
مبادرات وطنية
تُعد الإمارات من الدول السباقة في إطلاق برامج متقدمة لحماية وتوسيع غابات القرم، ومن أبرز هذه المبادرات، برنامج «إكثار القرم» الذي يركز على تطوير أساليب استزراع شتلات القرم باستخدام التكنولوجيا الحيوية، بما يضمن إنتاج شتلات عالية الجودة قادرة على التكيف مع البيئات الساحلية المختلفة.
ومشروع زراعة القرم باستخدام الطائرات المسيّرة الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات من دون طيار لنثر بذور القرم بكفاءة ودقة في المواقع المستهدفة، مما يُسهم في تسريع وتوسيع نطاق عمليات الزراعة.
تحالفات عالمية
وإلى جانب جهودها المحلية، تلعب الإمارات دوراً محورياً في حماية أشجار القرم عالمياً من خلال، تحالف القرم من أجل المناخ الذي يضم 45 عضواً من حكومات ومنظمات غير حكومية، ويهدف إلى دعم التمويل والاستراتيجيات الدولية لحماية القرم، إضافة إلى مركز محمد بن زايد - جوكو ويدودو لأبحاث القرم في جزيرة بالي الإندونيسية، والذي يمثل منصة علمية عالمية لابتكار حلول فعالة في مجال استعادة النظم البيئية الساحلية.
وتواصل دولة الإمارات جهودها العالمية من خلال استضافة المؤتمر العالمي لحماية الطبيعة (IUCN) في أكتوبر المقبل بأبوظبي، حيث سيتم تخصيص محور رئيسي لأهمية القرم، ودورها في تعزيز صمود البيئة عالمياً.
وتؤكد دولة الإمارات أن صون النظم البيئية لأشجار القرم هو ركيزة محورية ضمن مسيرة التنمية المستدامة في دولة الإمارات. وبينما تمضي الدولة بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها البيئية، تبقى حماية القرم مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الأفراد، المؤسسات، والحكومات، فوجود هذه الأشجار لا يحافظ فقط على توازن البيئة، بل يشكل استثماراً مباشراً في مستقبل الأجيال القادمة.