قبل أكثر من 66 مليون سنة (في نهاية العصر الطباشيري) تعرضت الأرض لضربة نيزكية كبيرة حين اصطدم كويكب "تشيكشولوب" بشبه جزيرة يوكاتان في المكسيك، وهو الحدث الخطير الذي تسبب في انقراض الديناصورات بعد ملايين السنين من سيادة الأرض. لكن هذا الحدث المهم كانت له تأثيرات مفيدة لكائنات أخرى أصغر بكثير من الديناصورات، مثل النمل.

في دراسة جديدة نشرت يوم الخميس في مجلة "ساينس" قال باحثون إن الكائنات الحية التي سكنت الأرض قبل وجود البشر تتولى ما يمكن تسميته زراعة أو رعاية طعامها من النباتات، بما في ذلك النمل الذي كان يزرع مستعمراته الخاصة من الفطريات.

ومن المعروف سابقا أن بعض أنواع النمل (مثل النمل قاطع الأوراق)، تقطع الأوراق وتنقلها إلى مكان في مستعمرتها، ثم ينمو الفطر على قطع الأوراق كغذاء ليرقات المستعمرة.

لكن قاطعات الأوراق ليست النمل الزراعي الوحيد، فالنمل النابت للفطريات يزرع الطعام أيضا، ولكن بطريقة مختلفة، حيث يجهز مكان لنمو الفطريات ويجلب إليه البذور أو فضلات الحشرات أو الحطام الذي يجده، ويضع كل ذلك على الفطر ليساعده في النمو.

شراكة متينة

بعد الارتطام، أصبحت الظروف البيئية أكثر مثالية لازدهار الفطريات وبالتالي توسع مستعمرات النمل، مما أدى إلى إنشاء شراكة تطورية أصبحت متشابكة بشكل أوثق منذ ملايين السنين وتستمر حتى يومنا هذا. تشير الدراسة إلى أن قرابة 250 نوعا مختلفا من النمل في الأميركيتين ومنطقة البحر الكاريبي تزرع الفطريات.

"تيد شولتز" باحث في علم الحشرات وأمين متحف غشائيات الأجنحة في مؤسسة سميثسونيان (جيفري سوسا كالفو)

ينظم الباحثون هذا النمل في 4 أنظمة زراعية بناء على إستراتيجيات الزراعة الخاصة بها. ويعد النمل قاطع الأوراق من بين تلك الأنواع التي تمارس الإستراتيجية الأكثر تقدما، والمعروفة باسم الزراعة العليا.

وتحصد هذه النملة قطعا من النباتات الطازجة لتوفير الغذاء لفطرياتها، التي بدورها تزرع طعاما للنمل يسمى "جونجيليديا"، وهي عبارة عن كتل خيطية من الفطريات تزرعها أجناس عالية الألفة من النمل الذي ينمي الفطريات، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي التابع لمؤسسة "سميثسونيان".

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة "تيد شولتز" الباحث في علم الحشرات وأمين متحف غشائيات الأجنحة في مؤسسة سميثسونيان، في تصريحات لـ"الجزيرة نت" أن الدراسة تؤكد ما اشتبه فيه العلماء من قبل، من أن النمل عرف الزراعة قبل أن يوجد الإنسان على الأرض بملايين السنين.

ويوضح الباحث أن كثيرا من أنواع النمل التي تزرع الفطريات تنقل أوراق الشجر إلى أعشاشها ثم تقوم بمضغها واستخدامها كسماد لتخصيب التربة من أجل نمو الفطر. يساعد هذا الطعام في تغذية مستعمرات معقدة من النمل قاطع الأوراق يمكن أن يصل عددها إلى الملايين.

الملكة والعاملات من نوع النمل الزراعي الفطري القاطع للأوراق (كارولين دارو) كفاح نملة

بتحليل البيانات الجينية من مئات الأنواع من الفطريات والنمل لصياغة أشجار تطورية مفصلة، سمحت مقارنة هذه الأشجار للباحثين بإنشاء جدول زمني تطوري لزراعة النمل وتحديد متى بدأ النمل في زراعة الفطريات لأول مرة.

والشجرة التطورية هي رسم تخطيطي يمثل العلاقات التكيفية بين الكائنات الحية بناء على التركيب الجيني، يتم بناء هذه الشجرة باستخدام المعلومات الجينية مثل الحمض النووي أو الحمض النووي الريبي أو حتى تسلسلات البروتينات، مما يساعد العلماء في تتبع كيفية تفرع الأنواع الحية مع الزمن.

وكشفت النتائج أن حسابات العلماء ترجح أن الأمر استغرق ما يقرب من 40 مليون عام حتى يطور النمل قدرات الزراعة العليا، إذ تتبع الفريق البحثي أصل هذه الممارسة المتقدمة إلى حوالي 27 مليون عام مضت. في ذلك الوقت، أدى المناخ البارد بسرعة إلى تغيير البيئات في جميع أنحاء العالم. وفي أميركا الجنوبية، تسببت الموائل الأكثر جفافا مثل السافانا الخشبية والأراضي العشبية في تفتيت مساحات كبيرة من الغابات الاستوائية الرطبة.

عندما أخرج النمل الفطريات من الغابات الرطبة إلى مناطق أكثر جفافا، عزل الفطريات عن أسلافها البرية، ومن ثم أصبحت الفطريات المعزولة تعتمد بشكل كامل على النمل للبقاء على قيد الحياة في الظروف القاحلة، مما مهد الطريق لنظام الزراعة العليا الذي يمارسه النمل قاطع الأوراق اليوم.

"يمكن أن تكون أحداث الانقراض كوارث ضخمة لمعظم الكائنات الحية، لكنها في الواقع يمكن أن تكون إيجابية للآخرين. في نهاية العصر الطباشيري، لم تكن الديناصورات في حالة جيدة جدا، لكن الفطريات شهدت ذروة ازدهارها" وفق شولتز، ويضيف في ختام تصريحه لـ "الجزيرة نت": "لقد قام النمل بتدجين هذه الفطريات بالطريقة نفسها التي قام بها البشر بتدجين المحاصيل. والأمر المذهل الآن هو أننا نستطيع تحديد متى قام النمل في الأصل بزراعة الفطريات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النمل فی

إقرأ أيضاً:

الزراعة: إنتاج السكر المحلي يصل إلى 3.3 مليون طن.. ومصانع جديدة تخطط لزيادة الإنتاج والتصدير

قال الدكتور مصطفى عبد الجواد، رئيس مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة، إن مصر تتجه نحو تحقيق فائض في إنتاج السكر المحلي مع زيادة قدرة المصانع على الإنتاج، حيث أن الاستهلاك المحلي من السكر يتراوح بين 3.4 و3.5 مليون طن، متوقعًا أن يصل الإنتاج خلال العام الجاري إلى 3.3 مليون طن.


وأضاف خلال تصريحات لبرنامج "اقتصاد مصر" على قناة أزهري،  أن هناك العديد من الخطوات المخططة لزيادة الإنتاج، من بينها تشغيل مصانع جديدة مثل مصنع القناة الذي بدأ العمل بكامل طاقته، ما سيؤدي إلى تحقيق فائض في الإنتاج يسمح بالتصدير للخارج. كما كشف عن وجود دراسات لإنشاء مصنع جديد في منطقة الضبعة من المتوقع أن يبدأ العمل خلال عامين، بهدف دعم قدرة الإنتاج المحلية بشكل أكبر.

هل أكل المانجو يرفع السكر؟ دراسة جديدة تُفاجئ المرضى بنتائج غير متوقعةشعبة المستوردين: مصر على وشك الاكتفاء الذاتي من السكرسعر كيلو السكر اليوم.. قائمة أسعار السلع التموينية على بطاقات التموين 2025تسليم 15 ماكينة فرم وتقطيع مخلفات سفير قصب السكر للمزارعين بالأقصر12 نوعا من الفاكهة قليلة السكر ينصح بتناولها


وأوضح عبد الجواد أن هناك فرصًا كبيرة لزيادة كفاءة وإنتاجية المصانع القائمة، عبر تحديث خطوط الإنتاج وتطبيق تقنيات حديثة، مما سيسهم في تعزيز مكانة مصر كمصدر مهم للسكر في المنطقة.

وأكد أن هذا الفائض المتوقع سيساعد على استقرار أسعار السكر في السوق المحلية، حيث توفر الكميات المحلية المستقرة حماية من تقلبات الأسعار العالمية.

طباعة شارك الزراعة السكر الأسواق

مقالات مشابهة

  • "ماليش بديل" تستحوذ على التريند الثاني عبر "يوتيوب "بأكثر من نصف مليون مشاهدة
  • الزراعة: تصدير 1.2 مليون شتلة فراولة و343 ألفا فاكهة
  • الزراعة: فحص 1.3 مليون طن بطاطس مائدة بغرض التصدير
  • عاجل.. ليفربول يتحدى كبار أوروبا لضم صفقة جديدة بأكثر من 70 مليون يورو
  • مفاجأة علمية.. الجينات تعيد رسم الرابط بين مصر القديمة والهلال الخصيب
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • البيئة: نطمح لوصول 50 مليون مزارع للزراعة الحيوية بحلول 2030
  • الزراعة: تصدير 1.8 مليون طن موالح في النصف الأول من 2025
  • الزراعة : زيادة إنتاجية سكر البنجر من 1.5 مليون طن لـ 2.5
  • الزراعة: إنتاج السكر المحلي يصل إلى 3.3 مليون طن.. ومصانع جديدة تخطط لزيادة الإنتاج والتصدير