الرقيب (الفضائى) يمزق أفلامنا
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
أتابع السينما بشغف منذ أكثر من 55 عامًا، حين كنت طفلا تستهويه كثيرًا الحكايات المجسمة على الشاشة، سواء كان المعروض أفلامًا مصرية أو أجنبية، وما أكثر ما شاهدت الفيلم الواحد الجيد عدة مرات.
التليفزيون المصرى كان هو المستودع الرئيسى الذى يعرض علينا تلك الأفلام، رغم أنه لا يبث آنذاك سوى قناتين فقط، الأولى والثانية، ثم أطلق القناة الثالثة فى منتصف السبعينيات على ما أتذكر.
وأكاد أجزم أننى شاهدت فى هذه القنوات أكثر من ألف فيلم مصرى منذ نهاية الستينيات حتى منتصف الثمانينيات. علمًا بأن المصريين أنتجوا نحو 2865 فيلمًا روائيًا فى القرن العشرين وفقا لما كتبه الناقد والمؤرخ السينمائى الكبير الأستاذ محمود قاسم فى موسوعته المدهشة (دليل الأفلام فى القرن العشرين).
أما دور العرض السينمائى، فكانت منتشرة بكثافة فى معظم أحياء القاهرة، وكم كنت أشعر أن أجنحة نبتت لى كلما ذهبت إلى سينما المؤسسة بجوار بيتنا بشبرا الخيمة. كانت سينما صيفية، أى بلا سقف، لذا لا تعمل إلا فى شهور الصيف، ومقاعدها عبارة عن (دكك) طويلة من الخشب. تعرض كل أسبوع ثلاثة أفلام تم عرضها سابقا فى دور العرض الأولى. فيلمان مصريان وفيلم أجنبى. أما ثمن التذكرة فثلاثة قروش ونصف القرش فقط لا غير.
هكذا إذن امتلأ خيالى واحتشدت ذاكرتى بمئات الأفلام، التى كنت أشاهدها بكل ما فى وجدانى من عشق وذهول وإعجاب. والآن اكتظت الشاشة التليفزيونية بمئات القنوات الفضائية العربية، والكثير منها يعرض الأفلام المصرية بكثافة... ولكن!
وآهٍ من قسوة (ولكن) هذه كما يقول صلاح عبدالصبور. لماذا؟
لأن معظم الأفلام المصرية التى شاهدتها كاملة فيما مضى يتم عرضها الآن وقد طالها مقص الرقيب (الفضائى) نسبة إلى القناة الفضائية. بل تدعى بعض هذه القنوات أن الفيلم الذى ستعرضه يتضمن موضوعات (محظور على من هم دون الـ 15 سنة مشاهدتها)، وكأن السينما المصرية متخصصة فى إنتاج أفلام (فضائحية غير لائقة)!
ولك أن تتعجب معى عندما تشاهد فيلم (ليلى بنت مدارس) الذى أخرجه توجو مزراحى وعرض فى 16 أكتوبر 1941. الفيلم لعب بطولته يوسف وهبى وليلى مراد. تتعجب لأن إحدى القنوات حذفت منه نحو 13 دقيقة متواصلة بلا أى سبب فنى أو (أخلاقي) من وجهة نظر رقيبهم (الفضائي).
من سيشاهد هذا الفيلم من الأجيال الجديدة سيلعن السينما المصرية وصناعها قديمًا لأنهم ينتجون أفلامًا مهلهلة، لا رابط بين أحداثها، ولا منطق يحكم سلوكيات أبطالها.
والسؤال: لماذا يمزقون أفلامنا؟ ومن وراء هذه الجرائم؟ وما الفائدة المنتظرة حين تعرض على الناس أفلامنا منقوصة مهترئة؟
أرجو ألا تظن أن الأمر يقتصر على (ليلى بنت مدارس) فحسب، بل أكاد أزعم أن أكثر من 60% من أفلامنا المصرية القديمة والجديدة يتعرض لمقص مشبوه يمسكه رقيب (فضائى) مريب.
لا أعرف حتى الآن ما الحل؟ لكنى أطرح المشكلة لعل وعسى، فالسينما المصرية كنز ثمين ينبغى الحفاظ عليه بشدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ناصر عراق أفلام ا
إقرأ أيضاً:
أكاديمية الفنون تفتح باب التقديم لمسابقة أفضل مقال عن الأفلام القصيرة جدا
أعلنت أكاديمية الفنون وإدارة مهرجان VS-FILM عن فتح باب الاشتراك في النسخة الثانية من مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية عن الأفلام القصيرة جدا خلال الفترة من ٢٧ يوليو وحتي ٢٠ سبتمبر 2025.
ومن المقرر إعلان أسماء الفائزين في احتفالية تقام لهذا الغرض بقاعة ثروت عكاشة بأكاديمية الفنون يوم 14 أكتوبر المقبل.
وقالت الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون، إن باب الاشتراك مفتوح أمام الدارسين والمواهب والنقاد من كافة الجنسيات العربية بدون استثناء.
وأضافت أن من شروط المشاركة أن يكون موضوع المقال أو الدراسة عن الأفلام القصيرة جدا التي لاتتجاوز الـ10 دقائق و ألا يقل عمر صاحب المقال أو الدراسة عن 18 عاما وألا يكون البحث أو المقال سبق نشره عبر أي وسيلة صحفية مطبوعة أو إلكترونية وأن يكون من وحي إبداعه الشخصي وألا يكون مقتبسا من مقالات أو دراسات إخري.
وأوضحت أن الاحتفالية التي تقام لتوزيع الجوائز ستتضمن تكريما لأكثر من شخصية نقدية بارزة قدمت الكثير من إبداعاتها في مجال النقد الفني وخاصة السينمائي منه
وقال الدكتور أسامة أبو نار رئيس مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا، إن النسخة الأولي من المسابقة حققت مردودا سينمائيا ونقديا كبيرا وساهمت في ترسيخ صناعة الفيلم القصير جدا لأن هذه النوعية من الأفلام تشكل مستقبل صناعة السينما والدراما في العالم خاصة بعد إنتشار المنصات الإلكترونية المختلفة التي فتحت شاشتها أمامها والكثير منها إتجه الي إنتاجها بخلاف التأثير السريع الذي يتركه الفيلم القصير جدا في مشاهده.
من جانبه كشف زياد باسمير نائب رئيس المهرجان، أن الأعمال الفائزة يحصل أصحابها على الجوائز المالية التي تصل قيمتها إلي نحو 30 ألف جنيه، كما ستنشر هذه المقالات والدراسات عبر حسابات المهرجان والإحتفاء بها في كافة المطبوعات التي يصدرها خلال فترة انطلاقه هذا العام بين مدن السويس و الجلالة والعين السخنة بمشاركة أفلام من العديد من دول العالم.
وشدد على أن إدارة المهرجان والمسابقة كانت حريصة علي فتح باب المشاركة أمام كافة المواهب من الدول العربية حتى تتسع الدائرة ويكون هناك تنافسا قويا بين الدراسات والمقالات بهدف تنشيط الحركة النقدية بما يعود بالفائدة على إنتاجات الأفلام القصيرة جدا.
يشار الي أن الفائز الأول يحصل علي جائزة مالية قدرها 15 ألف جنيه فيما يحصل صاحب المركز الثاني على 10 ألاف جنيه والمركز الثالث علي 5 ألاف جنيه.