الجزيرة:
2025-07-30@18:08:14 GMT

3 سيناريوهات قادمة ستحدد مستقبل المنطقة

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

3 سيناريوهات قادمة ستحدد مستقبل المنطقة

وسّعت إسرائيل عدوانها على لبنان بعد أن نقلت ثقل عملياتها العسكرية إلى الشمال، فأقدمت على اغتيال السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، بعد أن اغتالت فؤاد شُكر رئيس هيئة أركان الحزب، وإبراهيم عقيل قائد قوات الرضوان الخاصة، فاتحة بذلك موجة من القصف الجنوني على الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله.

تلك الضربات المتلاحقة على قيادات الحزب ومقارّه وبناه السياسية والمدنية، إضافة إلى إجبار الاحتلال كافة سكان الجنوب، الحاضنة الطبيعية للمقاومة، على النزوح شمال نهر الليطاني باتجاه بيروت وصيدا والشمال، تشير إلى أن إسرائيل أقدمت على خطوة متقدمة بنية تفكيك حزب الله ونزع سلاحه، ما يعني التأثير على المعادلة اللبنانية الداخلية والإقليمية، وهو ما أشار إليه نتنياهو بعد اغتيال السيد نصر الله، لناحية إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مظاهرات تطوف العالم دعما لغزة في ذكرى الحربlist 2 of 2مؤرخ أميركي: واشنطن أهدرت الفرصة التي خلفتها أحداث 7 أكتوبرend of list

سلوك الاحتلال الإسرائيلي السياسي والميداني، دفع إيران لتغيير موقفها من معادلة الصبر الإستراتيجي التي انتهجتها طوال الأعوام الماضية، والانتقال إلى التصعيد؛ لاستعادة الردع والتوازن، بعد أن اختلا نتيجة ضربات الاحتلال النوعية لحزب الله، ولا سيما اغتيال السيد حسن نصر الله.

ما دفع إيران إلى هذا التغيير أن الاحتلال الإسرائيلي فهم الصبر الإستراتيجي ضعفًا مقترنًا بعدم رغبتها في الحرب، ما دفعه إلى الهجوم على الحزب بقسوة، وهو الذي يشكّل ضلعًا بنيويًا مهمًا في العلاقة مع إيران وأمنها القومي في المنطقة.

إسرائيل، لو نجحت في القضاء على الحزب، فإن ذلك سيكون مقدمة لإضعاف إيران إن لم يكن ضربها مباشرة بالقوة العسكرية، وهذا بالضرورة سيكون له انعكاسات مباشرة على القضية الفلسطينية، لناحية عودة إسرائيل لتصفية حسابها مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عبر الحسم الوجودي، لإنهاء القضية الفلسطينية وضم الضفة الغربية وتهويد القدس، ومن ثم الذهاب بارتياح لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط برعاية أميركية، كما كانوا يخططون له قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تحت عنوان التطبيع واتفاقية أبراهام، وهو ما باح به نتنياهو في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

سيناريوهات

المنطقة تعيش على صفيح ساخن، وتسير على حبل رفيع، وفي هذا السياق فإن المنطقة مقبلة على أحد السيناريوهات التالية:

السيناريو الأول: الحل السياسي عبر المفاوضات

انطلاقًا من وقف العدوان على غزة والانسحاب الشامل من القطاع، ومن ثم وقف القتال مع حزب الله وعودة النازحين الصهاينة إلى مستوطناتهم في الشمال، وهذا أمر ضعيف جدًا؛ لأنه يشكل هزيمة مدوية لنتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف ولبرنامجهم السياسي اللاهوتي، وهو سيناريو ليس أولوية للإدارة الأميركية بعد بدء العدوان على لبنان، حيث تريد واشنطن من إسرائيل أن تخلق واقعًا جديدًا بالقوة.

السيناريو الثاني: استمرار حرب الاستنزاف

وذلك بين الاحتلال الإسرائيلي وبين حماس، وحزب الله، بمساعدة اليمن، والعراق، وإيران، وهذا الخيار هو القائم عمليًا الآن، ويعتمد استمراره على انتفاء الحرب الإقليمية، أي اكتفاء إسرائيل بضربة محدودة ردًا على الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل، والذي أصاب عددًا من القواعد العسكرية، وفي مقدمتها قاعدة نيفاتيم في النقب جنوب فلسطين، والتي تضم طائرات "إف- 35" الأميركية المتقدمة.

حرب الاستنزاف سيناريو مكلف ومستنزِف لإسرائيل، وإذا طال أمدها، فإن نتنياهو سيضطر أخيرًا للعودة إلى خيار المفاوضات؛ لأن الجبهة الإسرائيلية الداخلية لن تتحمل تداعيات الاستنزاف على المستوى البشري والاقتصادي والأمني والاجتماعي، ما قد يتسبب على المدى المنظور في هجرة الكفاءات والعقول ورأس المال خارج إسرائيل.

السيناريو الثالث: الحرب الإقليمية

يتمثّل هذا السيناريو بدخول إيران على خط المواجهة المباشرة مع إسرائيل، وقد يحرّض عليه ويدفع له هجوم إسرائيلي كبير على البنى التحتية الإيرانية، ولا سيما الاقتصادية والنفطية منها أو المنشآت النووية الإيرانية.

عوامل محفّزة يتوفّر لنتنياهو ولليمين الصهيوني اللاهوتي الحاكم في إسرائيل عوامل مهمة دافعة إلى الحرب الإقليمية ومنها: أن السيناريوهَين: الأول والثاني يحملان الفشلَ لنتنياهو ولحكومته ولحلفائه من اليمين المتطرف، فشلًا تاريخيًا لهم ولبرنامجهم السياسي اللاهوتي المتمثل بالحد الأدنى بضم الضفة الغربية واحتلال قطاع غزة، وهذا سيؤدّي عمليًا إلى تعثر إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفقًا لشروط الاحتلال الإسرائيلي. توفر أغلبية صهيونية في الكيان تدعم خيار الحرب على حزب الله، وهو ما قد ينسحب على ضرب إيران، وهذه الأغلبية لم تتوفر لنتنياهو إلا في الأشهر الأولى التالية لمعركة طوفان الأقصى، نتيجة الغضب والخوف الوجودي الذي روّج له نتنياهو بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وعبّر عنه بقوله إنه يخوض حرب استقلال ثانية لإسرائيل. وجود غطاء سياسي أميركي، على قاعدة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتوفير واشنطن كامل الدعم المادي والعسكري لها، ناهيك عن وجود قوات أميركية في حالة استنفار في المنطقة، وإذا وقعت الحرب فإن الولايات المتحدة أعلنت أكثر من مرّة أنها ستقف وراء ومع إسرائيل، في مواجهة أي دولة تهاجمها.

سيناريو الحرب على خطورته يوفر لإسرائيل وتحديدًا لبنيامين نتنياهو فرصة تاريخية لضرب المنشآت النووية الإيرانية بدعم أميركي، وهو ما كان يحلم به خلال العقد الماضي.

الحرب الإقليمية قد تبدو مغرية لإسرائيل، وفرصة تاريخية لنتنياهو واليمين المتطرف لتحقيق حلمهم بفرض السيادة الاحتلالية على كل فلسطين، وليس مستبعدًا التفكير بضم أراضٍ عربية أخرى بالقوة العسكرية، تطويرًا لأهداف الحرب، إذا شعر الإسرائيلي أنه ينتصر، والدول العربية شاهد يتحكم فيها القلق من مآلات الحرب وخشيتها من دخول أميركا العظمى بكامل قوتها العسكرية، ما قد يشكّل "سايكس بيكو" إسرائيليًا جديدًا.

الحرب الإقليمية تعني دخول إيران بكامل قوتها فيها، ما سيفتح ميدان الحرب جغرافيًا من العراق، إلى سوريا، إلى لبنان، إلى فلسطين، وبشراكة يمنية.

أخطر ما في هذا السيناريو على إسرائيل هو استخدام حزب الله قوته الصاروخية بغزارة وكثافة، وقصفه المناطق الحيوية والبنى التحتية والحساسة لإسرائيل، بالتوازي مع القصف الإيراني، وهجوم قوات الرضوان الخاصة من الشمال، مع حراك فلسطيني داخل فلسطين المحتلة، ما سيضع إسرائيل في وضع قاسٍ من الداخل والخارج.

تداعيات هذه الحرب – إن وقعت – ستكون هائلة على المنطقة، وستغير ملامح الشرق الأوسط والجغرافيا السياسية فيها. وانتصار إسرائيل أمام تكتل محور المقاومة أمر مشكوك فيه، وعدم نجاح إسرائيل فيها سيعني هزيمة وجودية لها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاحتلال الإسرائیلی الحرب الإقلیمیة الشرق الأوسط حزب الله وهو ما

إقرأ أيضاً:

لماذا لم تنتصر إسرائيل رغم تفوقها؟

بعد ما يقرب من العامَين من الحرب على غزة والمنطقة، أظهرت "إسرائيل" تفوقًا ملحوظًا في المجالَين: العسكري، والأمني، مع دعم شبه مطلق من الولايات المتحدة، ما مكّنها من إنزال خسائر كبيرة بكل أعدائها، لكن ذلك لم يمنحها فرصة إعلان نصر واضح أو حاسم.

التفوق الساحق

منذ اللحظة الأولى، قررت دولة الاحتلال طي صفحة عملية طوفان الأقصى بكل تأثيراتها السلبية عليها والإيجابية لأعدائها، ضمن سياسة "كيّ الوعي" وفرض نسيان ما حصل يومها من انتكاسة كبيرة لها على كافة المستويات.
كما ترسخت القناعة بالخطر الوجودي على دولة الاحتلال، ما فرض عليها تغيير تعاملها مع التهديدات التي تواجهها في المنطقة، إضافة إلى الرغبة في استعادة ثقة الجبهة الداخلية بالدولة والمؤسسة العسكرية والحكومة، فضلًا عن كون ما حصل فرصة غير مسبوقة لفرض وقائع ومسارات جديدة على المنطقة في إطار "تغيير خرائط الشرق الأوسط"، والتي كانت خطة معدة مسبقًا وُضعت في إطار التنفيذ.

تفاعل كل ما سبق ليولّد "إسرائيل" جديدة، في ذروة العدوان والوحشية والدموية، بنظرية أمنية مختلفة، لا تنتظر حصول التهديد لتتعامل معه احتواءً أو إدارةً أو إفناءً، وإنما تسعى لمنع نشوئه، ومواجهة هذا الاحتمال/ الإمكانية بالقوة الغاشمة وبأقصى دموية ممكنة، بشكل متعمد، كبديل عن معادلة الردع التي تداعت يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

تبلور ذلك إبادةً جماعيةً في غزة، ذهب ضحيتها عشرات آلاف الشهداء، وأكثر منهم من الجرحى والمصابين، ونزوح معظم سكان القطاع، وتدمير شبه كامل لمؤسساته وبنيته التحتية، وخسائر كبيرة للمقاومة الفلسطينية في العتاد والرجال، وفي القطاعات العسكرية والسياسية والحكومية.

وسعيًا للضغط بالقوة القصوى على المقاومة في المفاوضات، فرض الاحتلال حصارًا مطبقًا، وتجويعًا غير مسبوق، وتهجيرًا مستمرًّا لسكان القطاع؛ تمهيدًا لمشروع تهجير شامل إن استطاع. كل ذلك بغطاء أميركي كامل ساهم في قدرة "إسرائيل" على التعامل مع الضغوط الدولية.

إعلان

وفي لبنان، شنّت دولة الاحتلال حربًا ساحقة على حزب الله؛ بغية تدميره واجتثاثه، من خلال عمليات "البيجر" والاتصالات، ثم سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات عسكرية وأمنية وسياسية وازنة، على رأسها أمينه العام السابق حسن نصر الله، بكل ما يمثله من ثقل ورمزية وقدرات قيادية.

وترافق ذلك مع مئات الغارات التي استهدفت أسلحته وصواريخه الإستراتيجية، وتبعها توقيع الاتفاق المجحف لوقف إطلاق النار، وإطلاق يد "إسرائيل" في لبنان قصفًا وتوغّلًا واغتيالًا، مع ضغط الجبهة الداخلية اللبنانية لتسليم سلاح الحزب. كما لا يمكن تجاهل آثار تغيير النظام في سوريا على خطوط إمداد الحزب وقدرته على التعافي.

وفي إيران، وجّهت "إسرائيل" لها خلال "حرب الـ12 يومًا" ضربات موجعة، بالاغتيالات، واستباحة الأجواء، وتدمير منظومات الدفاع الجوي، وصولًا لاستهداف المنشآت النووية بالقصف الأميركي المنسق معها.

كما استهدفت قوات الاحتلال اليمن مرات عديدة، مُوقعة خسائر فادحة في ميناء الحُديدة ذي الأهمية الإستراتيجية، فضلًا عن غارات جوية مستمرة، ومحاولات الاغتيال.

وفي سوريا، ورغم غياب أي تهديد حقيقي لها، أعلنت "إسرائيل" إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 من جانب واحد، واحتلت مساحات جديدة، وسيطرت على مصادر المياه، وقصفت قرب القصر الرئاسي، وهددت باغتيال الرئيس أحمد الشرع، وأعلنت جهارًا دعم الأقليات، وهددت بتقسيم البلاد، وفرضت واقعًا جديدًا في السويداء تفاوض دمشق بخصوصه، فضلًا عن تدمير معظم الأسلحة وقدرات الدولة السورية.

لا انتصارَ ساحقًا

يعطي كل ما سبق انطباعًا بأن "إسرائيل" هزمت كل أعدائها، بل وخصومها المحتملين مستقبلًا، وحقّقت الانتصار الكامل الذي طالما وعد به نتنياهو، وأنها أعادت فعلًا رسم خرائط المنطقة بالقوة والنار، على ما تبجّح به الأخير.
والحقيقة أن هذا ليس مجرد انطباع خاطئ وحسب، بل هو إيحاء تعمل على ترسيخه البروباغندا "الإسرائيلية"، لتخدم أهدافًا داخلية وخارجية على حد سواء.

في غزة، بؤرة الحرب الرئيسة والجبهة التي أذلّت الاحتلال يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وهزّت دعائم نظريته الأمنية وتفوّقه الاستخباري والعسكري، في تلك الجبهة المحاصَرة تمامًا والمفتقدة للدعم الخارجي بالكامل، تكيّفت المقاومة بقيادة كتائب القسام بنيويًا ومؤسسيًا وميدانيًا بحيث ما زالت تُنازل الاحتلال رغم ضخامة الخسائر التي تعرضت لها.

أثبتت الكتائب قدرتها على استنزاف العدو وإيقاع خسائر كبيرة فيه، بل وطوّرت عملها لمحاولة أسر جنود إضافيين في المعركة. وما زالت المقاومة ممسكة بورقة الأسرى، والتي هي ورقتها الأقوى في مسار التفاوض، الذي يؤكد بدوره أنها ما زالت عصية على الهزيمة والانْسحاق، بما يفرض على الطرف الآخر التفاوض معها حتى اللحظة.

وفي لبنان، ورغم الخسائر صعبة التعويض، لم ينكسر حزب الله ولم يستسلم، ورغم مرونته الكبيرة- والمستغرَبة- في موضوع السلاح جنوب نهر الليطاني، حيث تتحدث التقارير عن مصادرة معظم سلاحه هناك، فإنه بعيد جدًّا عن فكرة تسليم السلاح، وما زال الرئيس جوزيف عون مصرًّا على سيناريو الحوار الداخلي بهذا الخصوص وليس المواجهة.

إعلان

كما ارتفعت وتيرة تصريحات الحزب مؤخرًا، بما في ذلك تصريح أمينه العام نعيم قاسم، بأنه يتعافى ورمّم الكثير من خسائره، وبات "مستعدًّا للمواجهة" إن اضطر لها.

كما أن إيران استوعبت الصدمة الأولى وخاضت حرب استنزاف لاحقة، مستهدفة- كما كشفت تقارير لاحقة- الجبهة الداخلية "الإسرائيلية"، وبعض المواقع الحساسة بدقة فاقت التوقعات.

كما فرضت صواريخها معادلات ردع جديدة دفعت نتنياهو للدعوة إلى وقف إطلاق النار بعد الضربة الأميركية للمنشآت النووية، وهذا- من البديهي- ليس موقف مَن حقق انتصارًا كاسحًا.

كما أنه ليس من المعروف حتى اللحظة مدى الضرر الذي تعرض له المشروع النووي، بل تشير معظم التقديرات إلى عدم تدميره بالكامل، ما يعني إمكانية استعادته النشاط، وبشكل أسرع ربما، إن توفرت إرادة سياسية لذلك.

ولعل اليمن أقل الجبهات التي تعرضت لضربات "إسرائيلية" كبيرة، وهي- للمفارقة- الجبهة التي ما زالت على نشاطها وفاعليتها، مع سقف خطاب أعلى بكثير اليوم، وبوعيد بتصعيد الاشتباك مع الاحتلال؛ بسبب حرب التجويع لأهل غزة.

والخلاصة..

يتيح التفوق العسكري والاستخباري الكبير لدولة الاحتلال، والذي بنته لها الولايات المتحدة الأميركية على مدى عقود، وانخراط الأخيرة بشكل واسع في الحرب دعمًا وغطاءً ومشاركة فعلية (كما حصل في إيران وجبهات أخرى)، يتيح لها توجيه ضربات قاسية لأعدائها، بما يشمل الدمار الكبير، والاغتيالات الوازنة، والاختراقات العميقة، وبما يتسبب بخسائر بشرية كبيرة جدًّا، ولا سيما في غزة.

لكن كل ذلك لم يمكّنها من تحقيق الانتصار، ولا حتى ادعائه.
تحاول دولة الاحتلال أن تُصوّر الخسائر الكبيرة التي تسببت بها على أنها النتيجة النهائية للحرب، ويتساوق معها البعض أحيانًا، إما جهلًا بالوقائع، أو تحت ضغط الأزمة الإنسانية الخانقة، أو بسبب أجندات سياسية معروفة.

لكن ذلك غير دقيق بالمرة، ليس تقليلًا من شأن الإنسان، شهيدًا وأسيرًا ومصابًا ومهجّرًا ومجوَّعًا، ولا تقزيمًا من قدرات "إسرائيل" وأثر الدعم الذي تحظى به، ولكن لأن ذلك جزء من تقييم المعركة/الحرب، وليس نتيجتها النهائية.

لقد فصّلنا في مقالات سابقة العوامل التي تُقيّم نتائج الحروب على أساسها، والتي منها بالتأكيد الخسائر البشرية والمادية، ولكنها ليست الوحيدة، وفي أحيانٍ كثيرة ليست الأولى، فكم من دولة قدّمت خسائر أكبر بكثير من عدوّها ولكن انتصرت عليه في النهاية.

فإذا كان ذلك حال الدول، فحركات التحرر الوطني ومقاومة الاحتلال أولى وأجدر. فضلًا عن أن المبالغة في الوحشية مع المدنيين مقصودة لذاتها من قبل "إسرائيل"، ما يدفع للحذر من الوقوع في فخ التقييم الذي تنصبه.

كل ذلك في حال وُضعت الحرب أوزارها واتضحت نتائجها بشكل كامل، فما بالنا والحرب مستمرة، وهي- بالمعنى الأشمل- طويلة الأمد، قد تقف مؤقتًا، لكن مسارها ومفاعيلها مرشحة دائمًا للانفجار والتوسع، ولا سيما في ظل النوايا المعلنة لنتنياهو وشركائه؟

والإشارة الأخيرة، أنه كلما أظهر طرف من الأطراف مرونة كبيرة وسعيًا ملحوظًا لوقف الحرب، تَصَلَّب الموقف "الإسرائيلي" أكثر، وبات أكثر عدوانية ودموية. وقد تكرر الأمر في غزة، ولبنان، وسوريا، وإيران.

أخيرًا، ما زالت نتائج عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول قائمة، لم تُمحَ ولم تُنسَ، وسيُبنى عليها.
وأما تفاعلاتها ومآلاتها طويلة الأمد، فما زالت لم تتبلور جميعها بشكل واضح وكامل.
قد نكون اليوم أمام نصف الساعة الأخير من الجولة الحالية من الحرب، وقد نكون أمام جولة ممتدة، لذلك فالمنطق المُجدي تركيزُ كافة الجهود لتعزيز أوراق القوة، وزيادة الضغط على "إسرائيل"، وليس العكس.

فالمطلوب حاليًّا الصمود وتعزيز الموقف، وإلّا تحوّلت الأزمة الإنسانية التي تسبب بها الاحتلال إلى انتصار إستراتيجي له، وهذا ما ينبغي منعه.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • خطوة خطيرة.. جيش الاحتلال يجهز سيناريوهات جديدة لغزة
  • ميدفيديف يرد على”مهلة ترامب”: لسنا إيران أو إسرائيل
  • "المركز الفلسطيني": "إسرائيل" تحوّل المساعدات إلى فخاخ موت وتواصل الإبادة
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران ولغة الإنذارات تقود إلى الحرب
  • ميدفيديف لترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا
  • لماذا لم تنتصر إسرائيل رغم تفوقها؟
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران والإنذارات خطوة نحو الحرب
  • «لسنا إسرائيل أو إيران».. روسيا لـ ترامب: نهجك يؤدي لحرب تشمل أمريكا
  • موجة حارة ثانية تضرب تركيا قادمة من الجزائر وشبه الجزيرة العربية!