الجبهة اليمنية تشل اقتصاد الكيان الصهيوني: خسائر فادحة وأضرار متفاقمة!
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
أحد عشر شهرًا مرّ على انخراط الجبهة اليمنيّة في المعركة القائمة مع العدو الصهيوني. الجبهة التي انطلقت دون قواعد اشتباك وانتصرت لغزة، كبّدت الكيان الصهيوني خسائر فادحة أصابت صلب قطاعاته الاقتصادية، ومع مرور الوقت تضاعف حجم الأضرار والخسائر ليصل اليوم إلى حد إحداث شلل فعلي في العديد من منشآته وقطاعاته.
تداعيات عسكرية وإستراتيجية
الجبهة التي تعدّ “أكثر من معركة وأقل من حرب” وفق المحللين، كان لها- إلى جانب التداعيات الاقتصادية- تداعيات إستراتيجية وعسكرية مهمّة جدًا. هذه التداعيات كانت مؤثرة جدًا في الكيان الصهيوني وعلى ما يسمّى “تحالف الازدهار” الذي أثبتت ضربات اليمن فشله في حماية السفن التجارية المتجهة للكيان المحتل، “مما قد يؤثر بشكل كبير في تحالفات واستثمارات مستقبلية لأميركا وحلفائها” كما يشير الباحث في الشأن الاقتصادي والمالي، الدكتور علي القرصيفي.
في السياق نفسه، يشير العميد منير شحادة، منسق الحكومة السابق لدى قوات الطوارئ الدولية ورئيس المحكمة العسكرية سابقًا، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها الدور الأكبر في زعزعة حركة التجارة العالمية عبر إجبارها السفن العابرة من البحر الأحمر – غير المتصلة بالكيان المحتل- بالتراجع وسلوك مسار رأس الرجاء الصالح بدلًا عنه، وهذا الأمر –وفقًا للعميد شحادة- جاء في تصريح لرئيس قناة السويس الذي تحدث عن عدم وصول العديد من السفن إلى القناة بسبب اجبارها على التراجع من قبل القطع البحرية الأمريكية.
وفي سياق متصل، يضاف لهذه التداعيات حالة الهلع واللا استقرار في قلب الكيان المحتل ولدى مستوطنيه، وتحديدًا بعد حادثة طائرة “يافا” التي منحت الدفاعات الجوية الصهيونية شهادةً عليا في غياب قوة الرّدع، ويتحدث العميد شحادة هنا، عن واقع الترقب والقلق الذي يعيشه الكيان اليوم بانتظار الرد اليمني على ضربته “الهوليوودية” الحمقاء لميناء الحُديدة اليمني، خاصة بعد كشف اليمنيين مؤخرًا عن استحواذهم على صواريخ فرط صوتية “حاطم 2” قادرة على إصابة أهدافها خلال دقائق.
ميناء “إيلات” والإغلاق التام
توثق التقارير الصادرة عن الصحف العبرية، أن السفينة التجارية الأخيرة التي وصلت إلى ميناء “إيلات” كانت عبارة عن سفينة محمّلة بسيارات جديدة من الشرق، وذلك في شهر نوفمبر 2023. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، توقف الميناء عن العمل بشكل كامل وكذلك ميناء “كاتسا” الذي بقي فارغًا من ناقلات الوقود، وقد تقلّبت أسعار النفط بفعل التوترات التي تشهدها المنطقة، كما يؤكد الدكتور القرصيفي.
الاعتراف بالواقع المأساوي الذي فرضته الجبهة اليمنية على الكيان المؤقت جاء مؤخرًا أيضًا عبر وكالة “بلومبرغ” التي ذكرت منذ أيام قليلة أن اليمن “يشكل تحديًا كبيرًا لحرية البحار، وهزم قوة عظمى منهكة وتسبب في إفلاس ميناء “إيلات” في خليج العقبة”، وهو ما أكده بنك كيان “إسرائيل”، حينما أشار إلى أن إجمالي الخسائر الاقتصادية المباشرة لهجمات اليمن يقدّر بأكثر من 10 مليارات دولار .
الخبير الاقتصادي اليمني الدكتور رشيد الحداد، يوضح بدوره أن اليمن نجح في فرض رقابة بحرية على السفن التجارية القادمة للكيان الصهيوني وعطل الملاحة في ميناء “إيلات” الذي لم يتوقف منذ العام 1954، وقد تم لغاية الآن استهداف ما يقارب الـ 185 سفينة متجهة لفلسطين المحتلة.
هذا الشلل التام في عمل الميناء انعكس بالطبع على واقع العاملين فيه وتسبب في تسريح عدد كبير منهم، وهو ما أشار له الرئيس التنفيذي “غدعون غولبر” رقواه، قائلاً أنْ لا أمل باستعادة نشاط الميناء لأن شركات الشحن العالمية وبكل بساطة، لم تعد تثق بقوة التحالف الدولي فضلًا عن أن تكاليف التأمين زادت بنسبة 1% من قيمة السفينة، كما رفضت شركات تأمين قبول طلبات التأمين على السفن الأمريكية و”الإسرائيلية” والبريطانية.
هروب الشركات الناشئة
لا شكّ أن قطاع الشركات الناشئة في الكيان المحتل هو من أكثر القطاعات تضررًا من جراء الحرب، وقد كان للجبهة اليمنية دور بارز في هروب هذه الشركات إلى دول أكثر أمنًا، بعد أن ثبت أن “تل أبيب” هي أيضًا تحت مرمى النار، وبدا ذلك أكثر وضوحًا بعد ضربة مسيرة “يافا” التي أظهرت قدرة اليمن على ضرب عمق هذا الكيان وتحديدًا “مركز الثقل الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي فيه” كما ذكر الدكتور الحداد.
وفي هذا الإطار، تشير بيانات رسمية إلى أن 44% من الشركات الناشئة هربت من “إسرائيل”، مع العلم أن هذه الشركات تشكل عصب الاقتصاد “الإسرائيلي”، لما قدمه الكيان المحتل من تسهيلات خلال العقود الماضية لجذب عدد كبير من الشركات الناشئة الأوروبية والأميركية وحتى الآسيوية وتشجيعها على الاستثمار فيه، خاصةً على صعيد شركات التكنولوجيا الناشئة، ومن المتوقع أن يصل عدد الشركات المغلقة إلى نحو 60 ألف شركة.
الوسائل البديلة تعمّق الأزمة
في محاولة منها لإيجاد طرق أخرى للشحن عبر البحر الأحمر، لجأت السفن التجارية القادمة إلى فلسطين المحتلة لطرق ووسائل بديلة، إلا أنها على اختلافها كبدت الاقتصاد “الإسرائيلي” خسائر إضافية. لقد أثرت عمليات اليمن في جميع الموانئ الصهيونية تقريبًا، فاعتماد الشحن عن طريق تفريغ الحاويات الخاصة بـ “إسرائيل” في موانئ “ترانزيت” وسيطة، جعل الكيان المحتل يضطر إلى تحمل تكاليف الشحن من الموانئ الوسيطة إلى موانئه.
وبالإضافة إلى ذلك، يفرض تحويل مسار السفن عبر المحيط الهندي تكلفة إضافية في الأسعار وزيادة في الوقت، وبحسب موقع “غلوبس” العبري، كان سعر نقل الحاوية الواحدة من شرق آسيا إلى الموانئ الصهيونية في فلسطين المحتل عشية الحرب يساوي 1490 دولاراً، وفي يناير 2024، ارتفع إلى ما لا يقل عن 6773 دولاراً، بمعدل 3.5 أضعاف مستوى ما قبل الحرب، وبينما كانت الرحلة من الهند إلى موانئ فلسطين المحتلة تستغرق أسبوعاً باتت تحتاج إلى نحو ثلاثة أسابيع.
الدكتور الحداد يضيف حول هذه النقطة قائلاً، إن رأس الرجاء الصالح يعرف بـ “منطقة رأس العواصف” لذا يتم فيها تخفيف حمولة السفن، وما كانت تحمله 10 سفن بات يحتاج إلى 11 سفينة، وهو ما يزيد من حجم التكاليف، ومن تأخير وصول البضائع إلى المستهلكين، فيخلق أزمات تموينية في أسواقه.
تداعيات في اتجاهات متعددة
تأثيرات جبهة اليمن شملت أيضًا قطاعات مختلفة، أبرزها زيادة التوترات العسكرية مما قد يتطلب إنفاقًا أكبر على الدفاع وفقًا للدكتور القرصيفي، بالإضافة إلى خلق مشاكل جديدة مثل ارتفاع أسعار المنتجات في الكيان المحتل بسبب ارتفاع أسعار الشحن، وقد كشف موقع” واي نت” العبري أن الأسعار شهدت موجة ارتفاع ثانية منذ بداية الحرب وطالت الآلاف من المنتجات، وبلغت نسبة ارتفاع بعض المنتجات 25%.
الدكتور الحداد أشار أيضًا إلى الأضرار التي لحقت بالقطاع السياحي، بعد أن أصبحت كل منطقة في الكيان المحتل غير آمنة لأي نشاط سياحي، والأهم أن هذه الجبهة نجحت في إفشال المخطط الصهيوني في بسط سيطرته العسكرية على الممر المائي الدولي، وهذا الأمر “سيستمر على الأرجح حتى بعد انتهاء الحرب خاصة بعد استهداف الصهاينة لخزانات النفط في مرفأ الحُديدة اليمني” يؤكد الحداد.
و في إطار الرد المتوقع على استهداف ميناء الحديدة، يوضح الخبير الاقتصادي عينه أن على العدو أن يتوقع أن يكون الرد على مستوى استهداف ناقلات النفط التي تغذي الكيان عبر البحر المتوسط، أو عبر استهداف منصات الغاز المسال فيه، أو حتى عبر أهداف أخرى، وكل ذلك مرهون بالتقديرات والتحضيرات العسكرية اليمنية، حتّى لما بعد المرحلة الخامسة.
التداعيات على المستوى الأميركي
على صعيد آخر من تداعيات الجبهة اليمنية، برز الإخفاق الأميركي كذلك في عدم القدرة على خلق واقع متكافئ على صعيد التكاليف العسكرية، فالطائرات اليمنيّة التي لا تتعدى تكلفتها بضع مئات من الدولارات، كانت تقصف بصواريخ دفاعية تتعدى قيمتها مئات الآلاف من الدولارات، وهذا بحد ذاته فشل ذريع في التقدير العسكري والإستراتيجي، وهو ما يؤكده العميد شحادة أيضًا في هذا السياق. وبلغة الأرقام، فقد بلغت تكاليف تشغيل البحرية الأمريكية – وفقًا لتقاريرهم- 3 مليارات دولار، بينما صرف لغاية الآن ما يقارب الـ700 مليون دولار تكاليف ذخائر وأسلحة عسكرية.
الفشل الأميركي كان معنويًا أيضًا باعتبار أن القوات البحرية الأمريكية- التي تعد إحدى أدوات الاستعمار التي يستخدمها الاحتلال الأميركي في المنطقة- سقطت أمام الصواريخ والمسيرات اليمنية التي كشفت بدورها مواطن الضعف الأميركي أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي، ويرى الخبير الحداد أن الأمر بدا جليًا من خلال “الهروب السرّي للقطع البحرية الأمريكية من البحر الأحمر، فضلًا عن الصدمات النفسية التي خلفتها هذه الضربات للجنود الأمريكيين.”
– موقع العهد الاخباري / سارة عليان
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحریة الأمریکیة الشرکات الناشئة الجبهة الیمنی الکیان المحتل فی الکیان وهو ما
إقرأ أيضاً:
كيف تضع العمليات اليمنية العدو الصهيوني بين فكي كماشة وتمنح المقاومة الفلسطينية فرصة الانتصار؟
يمانيون | تحليل
في خضم حرب الإبادة التي يشنها كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، تتجلى أهمية الدور اليمني المحوري في تغيير قواعد الاشتباك، وتحويل مسار المعركة من محيط غزة إلى عمق كيان العدو ومفاصله الاقتصادية والعسكرية. ومع اتساع رقعة العمليات اليمنية المساندة للمقاومة الفلسطينية، تظهر بوضوح الفوائد الاستراتيجية المباشرة وغير المباشرة التي تجنيها قوى المقاومة في غزة من هذا الدعم المتعدد الأبعاد، وبالأخص من العمليات العسكرية النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية.
إن أكثر ما يربك العدو اليوم هو أن الصواريخ والطائرات اليمنية لا تنطلق من حدود فلسطين، ولا يمكن حصارها ضمن جغرافيا المعركة، بل تأتي من آلاف الكيلومترات، لتحلق فوق منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والصهيونية، وتصل إلى مطارات الاحتلال، وموانئه، وقواعده الجوية، ومراكزه الاقتصادية في العمق المحتل. هذا التطور الميداني لا يربك العدو فحسب، بل يشتت حساباته ويكسر تفرّغه لحسم المعركة في غزة.
وبحسب الخبير العسكري اليمني العميد مجيب شمسان، فإن العلاقة بين العمليات اليمنية وبين الواقع الميداني والإنساني في غزة باتت علاقة تكامل استراتيجية، حيث كل تصعيد صهيوني يقابله ردع يمني، وكل خطوة عنصرية على الأرض في غزة، تترجم إلى تصعيد بحري أو جوي أو صاروخي من صنعاء.
منع التهجير وكسر أهداف الحرب
من أبرز الفوائد التي جنتها المقاومة الفلسطينية من الموقف اليمني المساند، هو إفشال مخطط التهجير الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، وهو المخطط الذي كان نتنياهو يعوّل عليه لتحقيق نصر استراتيجي يعيد به التوازن السياسي الداخلي لكيانه المهتز. لكن مع وجود تهديد حقيقي على منشآت العدو الحيوية، أصبح تنفيذ هذا المخطط محفوفًا بتكلفة باهظة، بل وغير ممكن في ظل انكشاف الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال.
ويذهب العميد شمسان إلى القول بأن الصواريخ اليمنية حين تضرب ميناء إيلات أو مطار اللد أو ميناء حيفا، فهي لا تُلحق الضرر بالبنية التحتية فحسب، بل تحرم العدو من فرصة تنفيذ أجندته في غزة بأقل كلفة ممكنة، لأن كل تصعيد في القطاع يُقابله تصعيدٌ أشدّ على جبهة البحر الأحمر أو البحر المتوسط أو حتى في الموانئ المحتلة.
توسيع الجبهة.. وإرباك الحسابات
أحد أبرز أوجه الدعم اليمني للمقاومة هو توسيع رقعة المعركة، وتحويلها من صراع محصور في حدود غزة إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات. هذا التوسيع أربك الحسابات الصهيونية والأمريكية، ومنع العدو من إحكام الطوق الكامل على القطاع. بل إن العدو بات يواجه معركة استنزاف تتوزع بين البحر الأحمر، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، وسوريا، والعراق، والآن اليمن.
أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، لم يُخفِ أهمية هذا الدعم، واعتبر أن “إخوان الصدق في اليمن” يصرّون على شلّ قلب الكيان الصهيوني، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه اليمن من دماء أبنائه ومن مقدراته. هذا الاعتراف يعكس مدى التقدير الذي توليه المقاومة للفعل اليمني، بوصفه رافعةً استراتيجية تمنحها هامشًا أكبر للمناورة والمقاومة والصمود.
شلل اقتصادي وتفكك داخلي
العمليات اليمنية لا تنحصر في البعد العسكري فقط، بل إن لها أثرًا اقتصاديًا ساحقًا على الكيان، وهو ما يصبّ مباشرة في مصلحة المقاومة الفلسطينية. فمع كل تهديد جديد تطلقه القوات المسلحة اليمنية ضد ميناء أو سفينة صهيونية، ترتفع أسعار التأمين، وتتعطل سلاسل الإمداد، وتتهاوى مؤشرات الثقة بالاقتصاد الصهيوني.
وقد أكدت تقارير إعلامية عبرية متخصصة أن القطاع الصناعي الصهيوني بات يتلقى ضربات مباشرة جراء الحصار الجوي والبحري المفروض من صنعاء، وأن موانئ مثل حيفا باتت مهددة بفقدان مكانتها كمراكز لوجستية رئيسية في المنطقة، بسبب الاستجابة المتزايدة من شركات الشحن العالمية للتحذيرات اليمنية.
رسائل مركّبة من صنعاء: دعم لا مشروط… وتهديد مفتوح
الرسالة التي ترسلها صنعاء للعالم هي أن دعم فلسطين لا يقتصر على الشعارات، بل على الفعل، وأن كلّ من يظن أنه يمكنه سحق غزة دون أن يدفع الثمن، مخطئٌ في الحسابات. لقد أصبحت المقاومة في غزة أكثر ثقة بقدرتها على الصمود، ليس فقط بفضل قدراتها الذاتية، بل بفضل توافر جبهة إقليمية حقيقية تحوّل الدعم النظري إلى نيران مشتعلة في قلب الكيان.
وفي حين تواصل الولايات المتحدة تغذية آلة الحرب الصهيونية بالسلاح والغطاء السياسي، فإن اليمن يرد على هذا التواطؤ بضرب حاملات الطائرات الأمريكية، وإخراج السفن الصهيونية من البحر، وفرض معادلات جديدة في البحر الأحمر، حيث باتت القوة اليمنية تمثل حاجز الردع الأكثر تأثيرًا على الطموحات العدوانية للصهاينة في الإقليم.
ولا شك أن العمليات اليمنية غيّرت موازين الصراع، وأثبتت أن دعم فلسطين لا يعني فقط إرسال المساعدات، بل فتح الجبهات وربط الساحات وضرب العدو حيث لا يتوقع. ومن دون هذا الدعم، لكانت غزة أمام مجازر أشد، ولربما نجح العدو في تمرير أجندته القذرة.
لكن ما دامت صنعاء على عهدها، تقصف وتمنع وتردع، فإن المقاومة ستبقى صامدة، وستنتقل من مرحلة الدفاع إلى معادلة الردع، وربما ما هو أبعد.