سودانايل:
2025-05-11@03:47:37 GMT

ماشالوك !!..

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

رأيته مطرقا الي الأرض ، حزينا ، كاسف البال يحمل كل قطارات الهموم علي سكك حديد رأسه الذي كاد ينفجر من شدة الحرارة !!..
قلت له علي سبيل المؤاساة وقصدي أن أخرجه من دوامة الاسي والأسف التي احتلت جميع أقطار نفسه فصار لايسمع منه غير الهذيان والتوهان :
ممكن اعرف منك لماذا انت علي هذه الحال وانا وانت نعرف أن كل مشكلة لها حلال !!.

.
رد علي الفور ونطق بجملة خرجت من فيه المرتجف وفي حدتها كانت تضاهي قوة دانة انطلقت للتو من عقالها في طريقها الي هدفها المرسوم :
تلقيت المكالمة التي كنت انتظرها علي احر من الجمر ، صوت نسائي به شيء من قلة الاتيكيت رمي الي بالخبر القنبلة :
ماشالوك ماشالوك ماشالوك ...
رددت الكلمة مع الضغط علي اي حرف فيها وكان بيني وبينها ثار مبيت !!..
تدخلت سريعا لاعرف لغز هذه الكلمة التي بدت لي وكأنها من مفردات اللغة الهيروغليفية وثانيا لاعطي الفرصة لثوران ( جبل سيزوف ) الثائر في جوفه أن يهدأ ويخمد !!..
جلس علي الارض وارتشف قطرات من الماء البارد ، تبللت بها شفتاه الجافة من أثر ثورة الغضب التي انتابته مباشرة عندما اصطكت اذناه بمفردة ( ماشالوك ) التي كادت في لحظة سماعها أن ترسله لغرفة العناية المركزة !!..
يا صديقي العزيز وحتي اضعك في الصورة والمشهد اعرفك باني خضعت لمقابلة نظمتها مدرسة خاصة لمعلمي المرحلة الوسطي لاختيار الصالح منهم للانضمام لهيئة التدريس بها للعام الجديد الذي أصبح علي الابواب .
كانت لجنة المقابلة كما يبدو من وجوههم النبرة وطريقتهم في التعامل مع المعلم المراد اختباره غاية في التهذيب والعلم والمعرفة ويتبارون في توزيع الأسئلة بتناسق موسيقي وينظرون في السبورة بتفحص دقيق ويبدون الملاحظات الصائبة عن الخط والتسطير وكتابة التاريخ والوقفة ومخارج الصوت ولغة الجسد وكانوا لايبخلون علي الأستاذ وهو منهمك في إخراج خير ما عنده بكلمات الاطراء والتقريظ ويدعون له بالتوفيق. وانتهت المقابلة .
وودعوه بمثل ما استقبلوه به من حفاوة وتكريم وبقي بعد ذلك أن ينتظر تلفونا من المدرسة وأكدوا له أنه سيسمع كل خير .
بعد أن أكمل مرافعته سألته بلهفة :
اها وبعدين حصل شنو ؟!
وبكل الهم والغم الذي لفه من أعلي رأسه إلي أخمص قدميه نطق بصعوبة والكلمات تخرج من أغوار بعيدة من داخل قفصه الصدري الممتلئ باعاصير ورياح هوج ...
ياأخي اصدقك القول ( وماطالبني حليفة ) وبما أنني ابليت في المقابلة بلاء حسنا وأنني متمرس علي مثل هذه المقابلات التي أخرج منها دائما ظافرا منتظرا وان عملي في التدريس اكتسبت من ورائه سمعة طيبة وخبرة لا تقدر بثمن .
بعد دا كله وبعد تسعة أيام حسوما رن تلفون هاتفي وسمعت من الجانب الآخر صوت نسائي أجش خالي من اي نبرة اتيكيت :
انت فلان بن فلان المتقدم عندنا لوظيفة معلم مرحلة وسطي ...
قلت : نعم بالحيل أنا فلان بن فلان وفعلا عملت مقابلة لاختيار معلم مدرسة وسطي بمدرستكم المؤقرة ...
قالت علي الفور :
ماشالوك ...
وقفلت الخط بطريقة صفع الباب أمام شخص غير مرغوب في دخوله ... ولم تكن هنالك أي اعتذارات واسف وأمنيات بحظ اوفر في المستقبل .
قلت له حسنا حسنا هون علي نفسك ياصديقي وكفكف دمعك الغالي ... لدي سؤال جوهري ارجو ان تجيبني عليه فهو هام لكشف اللغز في عدم اختيارك رغم ثقتك في نفسك وماقمت به من أداء ممتاز وقد رأيت الاستحسان في عيون اللجنة ... السؤال كم عدد أعضاء اللجنة وكم الذين لهم دقون طالبانية ...
قال عددهم ٧ و ٤
منهم أشبه بالمجاهدين الأفغان بدقونهم الغزيرة...
هنا صرخ صاحبى :
بس . وجدتها وجدتها أن أعضاء اللجنة من أصحاب الدقون هم ( الغتسو حجرك ) لانك من غير دقن !!..

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي.
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

التنين الصيني الذي يريد أن يبتلع أفريقيا

في منتصف تسعينات القرن المنصرم كان الباعة الصينيون يقفون قبالة الشوارع الرئيسية في العاصمة السودانية الخرطوم، يعرضون دهان الفيكس الرخيص بلا ثمن يذكر، حتى بدا وكأن ذلك نوع من التسول اللطيف، لكنهم في حقيقة الأمر كانوا مجرد طليعة كشفية لأنماط الثقافة الشرائية، هنا وفي معظم البلدان الإفريقية، أو بالأحرى مستعمرون جدد تزحف خلفهم مطامع اقتصادية بلا حدود.

وإن كانت تلك الشركات الصينية أمثال عمالقة النفط “سينوبك” و”كيونت” و”هاير” والمصانع المزدهرة في مقاطعة شاندونج وعلى ميناء غوانزو، وكذلك شركات الأسلحة والمسيّرات الصينية تستعمل استراتيجية تسويق عابرة للحدود، فإنها تسعى وبقوة لالتهام القارة السمراء بالكامل عما قريب.

على مدى أكثر من أربعة عقود تقريباً رقصت قاعة الشعب العظمى في بكين على وقع خطابات حكام الصين الشيوعيين، وكانت هذه الخطابات تترافق مع تصفيق مجازي للقائد ماو تسي تونغ، مدير الدفة العظيم، والملهم الأزلي للتجربة، وشيئاً فشيئاً فقدت قاعة الشعب بريقها الاشتراكي، ليظهر جيل جديد لا تستهويه الروح الأيديولوجية بأي حال، فكل ما يهمه الخروج إلى العالم وتأمين الازدهار الاقتصادي الكبير. كما لا يجب إغفال ملاحظات الاصلاحي دينغ زياوبينغ في بداية التسعينيات، حول عدم إمكانية الصينيين أن يصبحوا أثرياء جميعاً علامة سياسية مهمة، معتبرًا اللامساواة كثمن للتقدم، وقد أدرك دينغ أن القوة والثراء لا يتحدران ببساطة من داخل الحدود الوطنية للصين، فأطلق العنان لشركات بلاده لتقوم بالمهمة.
لبكين وبقايا مكونات الماركسية الماوية المحسنة أكثر من مدخل للتعامل مع الدول الإفريقية، فهى تختار صداقاتها بعناية، وتبني علاقتها مع دكتاتوريات قابضة، وعلى قطيعة مع العالم الليبرالي، مثل الرؤساء المتهمين بقمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان، ضيوف محافل الإدانات السنوية في مجلس الأمن، وهؤلاء بالنسبة للصين صيد سهل التعامل معه. فهي من جهة تملك امتياز استخدام الفيتو لصالحهم، ومن جهة أخرى تمثل لهم طوق نجاة اقتصادي، فتنعم على الحكومات الإفريقية بالقروض الميسرة، والتسهيلات الائتمانية ومشروعات التنمية، من موانئ وسكك حديدية ومطارات، لكن ما هو المقابل؟

لا بد عن إلقاء نظرة قصيرة حول ما تقوم به الصين من نشاط اقتصادي هائل في أفريقيا. فهى تستثمر في كل شيء تقريبًا، وقد وصل حجم التبادل التجاري بينها والقارة الأفريقية نحو ثلاثمائة مليار دولار في العام 2015، فيما تمكنت المؤسسة الوطنية للنفط في الصين من امتلاك حصصٍ ضخمة في إفريقيا، تصل إلى 40% من مؤسسة النيل الأعظم للنفط، التابعة للحكومة السودانية، خلافاً لاستثمارات نفطية مُشابهة في جنوب أفريقيا، أثيوبيا، وأنغولا، وقد رفع منتدى التعاون الصيني الإفريقي الأخير وتيرة طموحات الرؤساء الأفارقة، والذين يواجهون مشاكل اقتصادية جمة، ولربما جعل منهم المنتدى منطلق لغزوات جديدة في أوطانهم، تعبر الصين فوق أحلامهم الصغيرة إلى حلمها الكبير.

إذًا وكما يبدو فإن الرباط الخانق الذي تضعه أمريكا والدول الأوربية حول رقاب الرؤساء الأفارقة، تحاول الصين بخبث حماية مدى إحكامه، دون تخليصهم منه نهائياً، حتى تحتفظ بهم تحت رحمتها، على الدوام، وفي حالة خوف ورغبة بالتنازل عن كل شيء مقابل الحُكم الأمن، وهنا يمكن للصين أن تحصل على ما تريد بسهولة.

بينما لا أحد يعلم بالضبط كم هى ديون الصين على الحكومة السودانية مثلاً، فالأرقام تتفاوت ما بين 5 إلى 7 مليار دولار، لكن ثمة جدل حول جدولة تلك الديون، وفشل في الإيفاء بها، أرغم حكومة الخرطوم للإذعان لكل شروط التسديد من جهة الصين، وذلك بعد زهاء عقود من التعاون الغامض، وابتداع آلية النفط مقابل المشروعات.

بمجازفة قليلة في الظن، يمكن القول أن تلك الديون مقصودة في حد ذاتها، وأن إغراق دول إفريقية بها هو هدف للوصول إلى هدف أكبر، غالباً بجعلها رهينة لإمداد نفطي دائم، وامتلاك أراضي استثمارية واسعة، قد تتحول بسببها إفريقيا في يوما ماء إلى أملاك إقطاعية خاصة بالتنين الصيني، أو مستعمرة تحت عيون الصين.

“العالم بأسره مسرح، وكل الرجال والنساء يؤدون دورهم فحسب” كانت تلك استعارة لائقة لشكسبير، ولكنها لن تحد من رغبة الصين في احتلال هذا المسرح الاقتصادي لأطوال فترة في المستقبل، وقد أدارت، أي الصين، عجزًا تجاريًا هائلاً مع الولايات المتحدة الأمريكية، ويبدو أنها تمتص بشراهة مواد أولية ونصف منجزة، وتركز بصورة أساسية على النفط والعقود الطويلة في إفريقيا والشرق الأوسط.

ذلك التوسع التجاري والسيطرة على اقتصاد العديد من الدول النامية، يمكن في يوماً ما أن يحول بكين إلى حلقة حاكمة في السياسة الدولية، وبينما تحدثت صحيفة “لوموند” الفرنسية قبل أعوام عن تجسس الصين على مقر الإتحاد الإفريقي لم تعبأ بكين بذلك ونفته، رغم أنه قد يكون صحيحاً، فهو أيضاً تسريب مفهوم في سياق التنافس الشره بين فرنسا والصين، وشعور الأولى بخسارات مستعمراتها القديمة من خلال الزحف الصيني عليها. لكنها مع ذلك لم تسفر الصين عن دوافع ظاهرة للهيمنة، فقط تسعى لتمكين شركاتها، وكل ما يهمها أن يتخلى أصدقائها الجدد عن تايوان، العدو اللدود، ولذا قطعت معظم الدول الإفريقية علاقتها بتايوان لضمان وصلها ببكين.

يحب القادة الأفارقة الصين، وتحبهم الصين بقسوة، فهي على الأقل لا تقض مضاجعهم بكوابيس مطالب “التداول السلمي للسُلطة”، كما أنها لا تبدو مشغولة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا تتدخل في شؤون الحكم والسياسات الداخلية، ما يعني أنها النموذج المريح للتعامل، والذي لا يكسر بخاطر أحد، ومن هنا تقريباً تخلقت وشائج المنافع المتبادلة، كلغة وحيدة للتفاهم.

ولعل الصين التي تعتمد على إفريقيا في توفير ثلث مواردها النفطية طرحت نفسها كعاشق بديل، يبذل في سبيل مصالحه كل ما يمكن أن يداوي جراح صندوق النقد الدولي، والعقوبات الأمريكية، وتحاول أيضاً أن تغطي على كوارث الاستعمار القديم، بما يمكن أن يمنح الشعوب الإفريقية شعوراً بالزهو والتحرر، ولتحقيق ذلك عاودت فتح ممرات طريق الحرير القديم عبر المحيطات، كما لو أنها تبحث عن سلالة مينغ التي تزاوجت مع قبائل إفريقية قبل مئات السنين.

من المهم إدراك أن أكثر ما ينمي مشاعر القلق أن أفريقيا أصبحت مكباً للبضائع الصينية الرديئة، بينما خطوط الإنتاج الأولى تبقى من نصيب شمال الكوكب، والتي تعبر بخفة مقاييس الجودة والمواصفات، حتى أنه يمكن لجهاز آلكتروني أن ينفق في يدك خلال ساعات، دون أن تتوقف عمليات الشراء. وتحولنا نتيجة لذلك إلى مستهلكين شرهين، نؤمن حاجة الصين إلى خطوط إنتاج جديدة وفرص عمل لشعبها كل يوم، دون أن نعبأ بخساراتنا المديدة، وهذا باختصار مزعج بعض ما يمكن أن يقال عن اللعبة الاقتصادية الصينية.

عزمي عبد الرازق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • انتهاء وقف اطلاق النار الذي أعلنته روسيا لمدة 72 ساعة في أوكرانيا
  • اللجنة الوطنية للطوارئ تطمئن المواطنين بشأن الهزة الأرضية التي شعر بها سكان طرابلس
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • الحبل الأميركي الذي قد يشنق نتنياهو
  • حمدان بن محمد: على خطى محمد بن راشد تعلمنا أن المجتمع المتماسك هو الذي يبني الأمل
  • التنين الصيني الذي يريد أن يبتلع أفريقيا
  • الفاتيكان يختار أول بابا أمريكي عبر التاريخ.. وهذ اللقب الذي سيحمله
  • ولي العهد يؤكد متانة العلاقة التي تربط الأردن واليابان
  • ماذا يعني اسم سيندور الذي أطلقته الهند على عمليتها ضد باكستان؟
  • كان منزلنا في قلب الحصار الذي فرضته مليشيا الجنجويد، المدججة بالأسلحة والمركبات