فيروسات زئبقية من العصر الجاهلي
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كانت خلافاتنا نحن العرب بسيطة ومحدودة وتحت السيطرة. خلافات هامشية – قروية – بدوية – فلاحية – عشائرية، قد تتفجر احيانا داخل ملاعب كرة القدم فتصبح فوضوية تنحاز فيها جماهيرنا إلى هذا الفريق أو ذاك، لكنني اكتشفت الآن أحقاداً عميقة يبدو انها كانت مدفونة في نفوس الغالبية العظمى من العرب.
لا ادري من القائل ؟ (ربما نجيب محفوظ): ان المؤامرات التي حاكها العرب ضد انفسهم أكبر وأخطر عشرات المرات من المخططات الاستعمارية والاستحمارية التي استهدفت بلدانهم. .
قديماً احتلّ الإغريق طروادة باستخدام حصان مصنوع من الخشب، واليوم يبدع أشقاؤنا بقيادة القوى الظلامية في طمس الحقائق بحوافر البغال والحمير الذين استحوذوا على منصات التواصل الاجتماعي، حتى صاروا خبراء وأساتذة وفيترچية في علوم التلفيق والتسقيط والتشويه والثرثرة الفارغة. بل تحولت معظم فضائياتنا إلى أبواق متخصصة ببث سموم الفتنة بكل أنواعها وألوانها ومعلباتها الجاهزة. .
تشعر انك تعرضت للإصابة بفيروسات زئبقية مراوغة كلما تابعت نشرات الاخبار العربية، وكلما قرأت توقعات المحللين الاستراتيجيين، الذين تتناقض تحليلاتهم وتتقاطع من محطة إلى أخرى، ومن برنامج إلى آخر. .
يحق لنا ان نطلق اصطلاح: (إعلام الصرف الصحي)، أو (إعلام الببغاوات)، أو (شبكات السيرك السياسي) على معظم المضخات والمراكز الخبرية، التي تكاثرت بالانشطار فتركت رواسبها في نفوس الصغار والكبار، وفي نفوس المتعلمين وغير المتعلمين. كلهم يتحدثون الآن بلغة واحدة، ويستخدمون العبارات الملغومة نفسها في رسائلهم وكتاباتهم المنحازة 100% إلى معسكرات القوى المعادية للعرب. قلما تجد كاتبا محصنا من أعراض الإصابة بتلك الفيروسات الزئبقية اللعينة. .
عندما تتابع المقالات العبرية المترجمة إلى العربية على صفحات يديعوت احرونوت، أو هاآرتس، أو معاريف، أو جيروزاليم بوست. تشعر انها اخف وطأة علينا من معظم المواقع الإعلامية العربية، بل أهون بكثير من ضراوة الرسائل المتداولة بيننا. .
لا احد يحدثك الآن عن الأحقاد المستفحلة ضد العرب، حتى لو رسم الغزاة خرائطهم التوسعية من النيل إلى الفرات، وحتى لو حملوا تلك الخرائط فوق أكتافهم، وحتى لو استعرضوها بالصوت والصورة أمام ممثلي شعوب الأرض تحت سقف الامم المتحدة. معظم العرب يصفقون بحماس لهذا التوسع، ويتقبلونه برحابة صدر، لم يعد الغزاة خصومنا الحقيقيين، وهذا ما ينبغي ان نسمية: (الغزو من الداخل)، ذلك الغزو الذي تنبأ به شاعرنا الكبير عبدالله البردوني، بقوله: غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري – فقد يأتون تبغاً في سجائر لونها يغري – وفي أهداب أنثى في مناديل الهوى القهري – وفي سروا
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
البلوك علاج العصر
صراحة نيوز- بقلم/ عاطف ابوحجر
في زمنٍ صار فيه البحث عن راحة البال أصعب من العثور على شاحن “في وقت يكون شحن تلفونك 1%، والكهربا مقطوعة ، تطلّ علينا اختراعات بسيطة لكنها فعّالة، صُممت خصيصًا لحمايتنا من أخطر ما قد نواجهه يوميًا: البشر. نعم، البشر، وخصوصًا تلك الفئة المتسلقة، اللزجة، والمتطفلة التي لا تعرف الوقت ولا الخصوصية ولا حدود الذوق العام. مخترعو البلوك، والوضع الصامت، ووضع الطيران لا يجب فقط أن نذكرهم في دعائنا اليومي، بل أن نطالب بمنحهم جائزة نوبل، ليس للسلام العالمي… بل للسلام النفسي.
تخيّل عالمًا بدون زر “بلوك”… لا عزلة رقمية، لا حواجز نفسية، فقط سيل من الرسائل، الاتصالات، والطلبات التي تبدأ بـ “هلا بالغالي، وينك مختفي؟” وتنتهي بـ “بس إذا بتقدر تعملي لايك، عامل حملة”. يا اخي لو عامل حملة نظافة شخصية كنت دعمتك، بس حملة ع بوست .
البلوك ليس فقط خيارًا، بل ضرورة طبية، يشبه الباندول للصداع، والمرهم للحروق، والكمامة ضد الفيروسات الاجتماعية. في عصر العلاقات السطحية والمصالح المؤقتة، البلوك يظهر مثل صفعة ناعمة على وجه المزعج، تقول: “لا، مش فاضي، ومش مهتم”.
أما الوضع الصامت، فذاك تحفة تقنية. منقذ في الاجتماعات، وفي جلسات الصفاء الذهني، وفي الأوقات التي تحاول فيها تفكر بمستقبلك، يرن تليفونك فجأة من واحد بيحكي معك وكأنك فاضي طول النهار، وبيقلك بكل سذاجة:
“شو كأنك نايم؟ إن شاء الله ما أزعجتك!”لا يااخي بستنى بجنابك ترنلي.
والحمد لله، إنت ساعدتني أقرر أرجع للوضع الصامت فورًا.
وبالنسبة لـ وضع الطيران، هذا بطل الحكاية. لحظة تشغيله كأنك بتسحب الفيش من عقل العالم كله، وبتحكي لنفسك: “أنا مش هون، واللي بده إياي يستناني بصف التأمل.” بتفصلك عن الكوكب، عن التبريرات، عن الطلبات، عن أصحاب المصالح اللي ما بيبينوا غير وقت الانتخابات، أو وقت ما بدهم توصلهم بوساطة على وظيفة ما بيستاهلوهاش.
فيه ناس مختصة بالظهور وقت الحُفرة، لما يشوفوك طالع، بيجوا يركبوا معك. واحد منهم بيرن الساعة ١٢ بالليل، ولما ترد عليه مفكرها حالة طارئة، بيقولك:
“كنت بدي منك لايك على بوست… وشير لو بتقدر.”
والبوست؟ صورة إله مع اقتباس مسروق كاتبه: “لا تنتظر الفرصة، اصنعها.”
يا أخي، الفرصة كانت إنك تنام، وأنت قررت تصنع لحظة حظر تاريخية.
لكل من منحنا خيار الانفصال عن الفوضى، عن الرسائل اللي ما إلها طعمة، عن أصوات الرنين اللي تيجي من ناس ما بتعرف غير مصلحتها… شكرًا.
البلوك مش ضعف، هو قمة القوة.
الصامت مش تجاهل، هو احترام للنفس.
ووضع الطيران؟ هو الرحلة الوحيدة اللي ما بتكلفك شي، لكن بتوصلك لأغلى مكان: راحة بالك.
البلوك، يا سادة، هو علاج هذا العصر.
ومن لا يعرف قيمته… يستحقه.