تحدث محلل روسي عن أن الشراكة بين روسيا وسوريا التي كانت تبدو غير قابلة للهدم، بدأت تضعف بسبب تدهور الوضع طيلة السنوات الأخيرة والذي غذى شعورا بعدم الرضا عن روسيا في نفوس السوريين.

وكشف المحلل الروسي أندريه أونتيكوف لموقع "تسارغراد" الروسي عن مدى صحة الشائعات التي تروّج لفكرة هزيمة روسيا الجيوسياسية في سوريا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما هو السلاح الروسي المتطور والغامض الذي أسقطته بنفسها؟list 2 of 2إيكونوميست: هل فقد ناريندرا مودي تمائمه السحرية؟end of list

وأوضح أونتيكوف أن إنجازات روسيا في سوريا توقفت عند القضاء على "الإرهابيين" في إدلب، وأصبح السوريون يلقون باللوم على روسيا في بدء الألعاب السياسية وتحالفها مع تركيا مما عطّل حل مشكلة إدلب.

وأشار إلى أن سوريا دولة واحدة، ولكنها في الواقع مقسمة إلى مناطق نفوذ بين الولايات المتحدة وتركيا وروسيا، وهو العامل الكفيل بإثارة استياء الناس.

وضع اقتصادي مفزع

وبخصوص ما إذا كان الناس يشعرون بالمرارة بسبب المجاعة والحرب وينظرون بارتياب إلى روسيا، يقول أونتيكوف إن الوضع الاقتصادي في البلاد مفزع. ويعود هذا جزئيا إلى العقوبات الأميركية والأوروبية التي لا تؤثر على المجال العسكري فحسب، بل على الأدوية والخدمات الطبية والغذاء على سبيل المثال.

ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة فقد عانى حوالي 55% من سكان سوريا البالغ عددهم حوالي 12.1 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي العام الماضي، بينما يتعرض 2.9 مليون آخرون لخطر الوقوع في المجاعة.

ويضيف أونتيكوف أن هذا الوضع يثير تساؤلات بالنسبة لروسيا، المسؤولة عن الجزء من البلاد الذي تسيطر عليه السلطات السورية. ورغم استمرار الحرب 13 عاما، لم تظهر إلى الآن بوادر انجلاء الأزمة.

فقبل عدة سنوات، دعت روسيا المجتمع الدولي إلى المشاركة والمساعدة في إعادة بناء سوريا، لكن الحملة تلاشت تدريجيا دون التوصل إلى تفاهم، بحيث طالب الأميركيون بحل الصراع السياسي أولا عن طريق انسحاب بشار الأسد من المشهد السياسي.

تكبيل سوريا عسكريا

وفيما يتعلق بترويج وسائل إعلام عربية قبل عامين لفقدان روسيا السيطرة في سوريا، أفاد أونتيكوف بأن وسائل الإعلام العربية تطرح قصة تتعلق بالهجمات الإسرائيلية المستمرة على سوريا منذ سنوات، مدعية أن روسيا تمنع دمشق من إسقاط الطائرات الإسرائيلية وهي على اتصال بالجانب الإسرائيلي على الرغم من أنها تستطيع استخدام منظومات الدفاع الجوي من طراز "إس إس 400" الموجودة في قاعدة حميميم الجوية.

ويتابع أونتيكوف بالقول إن إسقاط روسيا طائرة إسرائيلية يعني بداية الحرب. ومن ناحية أخرى، يوجد عسكريون روس على الأراضي السورية، وغالبا ما تستهدف إسرائيل مواقع قريبة منهم، مما يشكل تهديدا لحياتهم. ومع ذلك، فإن التغافل عن تصرفات إسرائيل في سوريا يهدد روسيا بفقدان ماء الوجه في العالم العربي والإسلامي.

وبشأن فقدان روسيا نفوذها في سوريا، أفاد أونتيكوف بأن روسيا تتخذ في الوقت الراهن بعض الخطوات، مثل محاولة المصالحة بين السوريين والأتراك. وفي الوقت الحالي، يوجد حوالي 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا، وترغب تركيا بالطبع في إعادتهم.

لكن بالنظر إلى صعوبة الوضع ومع أخذ بعض العوامل مثل تأمين مسكن وطعام للاجئين الذين سيعودون إلى سوريا ومعارضة اللاجئين للحكومة القائمة فإن احتمالات المصالحة بين البلدين غامضة.

فقدانها هزيمة جيوسياسية

وحول ما إذا كان على موسكو الانتباه إلى الشائعات التي تروج للاتجاهات الخطيرة في العلاقات الروسية السورية يقول أونتيكوف ينبغي على القيادة الروسية الاستماع إلى تصريحات أشخاص موثوقين مثل عالم الآثار تيمور كارموف لأن خسارة سوريا تهدد بتصفية القواعد العسكرية وبالتالي تكبد هزيمة جيوسياسية.

وبحسب أونتيكوف فإن العلاقات بين دمشق وموسكو جيدة. لكن، إذا تطور الوضع على النحو الحالي، فإن السوريين سيبحثون عن خيارات أخرى للسلام والاستقرار.

ويدعو أونتيكوف إلى التفكير في إمكانية تحسين السوريين العلاقات مع الولايات المتحدة من خلال تقديم نوع من الصفقة. وفيما يتعلق بطلب سوريا الانضمام إلى مجموعة البريكس، فيرى أونتيكوف أن المنظمة لا تضم روسيا فقط.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات فی سوریا

إقرأ أيضاً:

ماذا تغير في تركيا بعد عام من بدء عودة السوريين إلى بلادهم؟

أنقرة- في عام واحد، شهدت تركيا أوسع موجة عودة طوعية للاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة قبل أكثر من عقد، وذلك في أعقاب انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.

ووفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية التركية وإدارة الهجرة، عاد أكثر من 578 ألف سوري إلى بلادهم في الفترة ما بين انهيار النظام السابق وديسمبر/كانون الأول الحالي، ضمن برنامج العودة الآمنة والمنظمة الذي تشرف عليه أنقرة.

وبذلك يرتفع إجمالي عدد السوريين العائدين منذ عام 2016 إلى نحو مليون و318 ألف شخص، في تحول لافت على صعيد ملف اللجوء.

تحولات سكانية

أظهرت المدن التركية الكبرى، وفي مقدمتها إسطنبول وغازي عنتاب وهاتاي، أبرز ملامح التغير الديمغرافي الناتج عن موجة العودة الواسعة للسوريين خلال العام الجاري، ووفق بيانات رسمية صادرة عن إدارة الهجرة التركية، سجلت هذه المدن تراجعا ملحوظا في أعداد السوريين المقيمين على أراضيها.

ففي إسطنبول، انخفض عدد السوريين من نحو 481 ألفا في مايو/أيار الماضي إلى حوالي 417 ألفا بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. أما في غازي عنتاب، فتراجع العدد من 386 ألفا إلى 333 ألفا، بينما شهدت هاتاي انخفاضا من نحو 195 ألفا إلى ما يقارب 154 ألفا خلال الفترة نفسها.

وانعكس هذا الانخفاض بشكل مباشر على ضغط الخدمات العامة في تلك الولايات، لا سيما في قطاعات التعليم والصحة، فقد أشارت بلديات محلية إلى تراجع الكثافة الصفية في المدارس الحكومية نتيجة انخفاض عدد التلاميذ السوريين، إلى جانب انخفاض ملحوظ في أعداد المراجعين من اللاجئين في المستشفيات والمراكز الصحية.

وتأتي هذه التحولات في سياق أوسع يتمثل في تراجع نسبة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة من إجمالي سكان تركيا إلى نحو 3.16% في نهاية 2024، في حين تشير التقديرات إلى أن هذه النسبة واصلت الانخفاض خلال العام الجاري.

مغادرة العمالة السورية أدت إلى نقص كبير في الأيدي العاملة المدربة وترك أثرا واضحا على وتيرة الإنتاج (رويترز)تداعيات اقتصادية

أثرت عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين بشكل مباشر ومزدوج على سوق العمل التركي والبنية الخدمية، حيث أسهمت من جهة في تخفيف الضغط عن قطاعات تشهد منافسة متزايدة على الوظائف، لكنها من جهة أخرى كشفت عن فجوات حادة في قطاعات اقتصادية اعتمدت لسنوات على العمالة السورية، خاصة في ولايات الجنوب ذات النشاط الصناعي الكثيف.

إعلان

ففي ولاية غازي عنتاب، التي تعد أبرز المتضررين من موجة العودة، أكد رئيس غرفة تجار الخياطة والنسيج علي كومورجو أن أكثر من نصف ورش النسيج اضطرت إلى الإغلاق بسبب فقدان شريحة واسعة من العمال السوريين، الذين كانوا يشكلون عماد هذا القطاع.

وفي السياق ذاته، أشار رئيس غرفة صناعة الأحذية في الولاية، محمد أمين إينجه، إلى أن نحو 10 آلاف عامل سوري غادروا القطاع خلال العام، مما أدى إلى نقص كبير في الأيدي العاملة المدربة، وترك أثرا واضحا على وتيرة الإنتاج في واحد من أكبر القطاعات الصناعية في المنطقة.

تداعيات هذا النقص طالت أيضا مصانع صغيرة اضطرت إلى التوقف مؤقتا عن العمل، في حين لجأت مصانع أكبر إلى حلول جزئية، كتوظيف عمال جدد أو زيادة الاعتماد على القوى العاملة التركية، وإن دون القدرة الكاملة على تعويض المهارات والخبرات التي غادرت.

من جانبها، أعلنت وزارة العمل إطلاق دراسة موسعة شملت 17 قطاعا، عبر استبيان استهدف 16 ألف منشأة في أنحاء البلاد، بهدف تقييم أثر عودة السوريين على المشهد العمالي، ورصد الفجوات التي خلّفها خروج أعداد كبيرة من اليد العاملة، لا سيما في قطاعات الإنتاج والخدمات.

وبالتوازي، كشفت وسائل إعلام مقربة من الحكومة عن إستراتيجية وطنية جديدة للتوظيف تمتد حتى عام 2028، تتضمن خططا لاستقدام عمالة أجنبية مدروسة من دول آسيا الوسطى وأفريقيا، لتغطية النقص المسجل في قطاعات حيوية مثل البناء والنسيج والصناعات الخفيفة.

كما لم تستبعد مصادر رسمية إمكانية منح بعض العمال السوريين المهرة تصاريح عمل طويلة الأجل أو إقامات دائمة إن أثبتوا كفاءة واستقرارا، في إطار معالجة ميدانية لحاجة السوق، دون أن يمس ذلك بالمبدأ الإستراتيجي الأساسي وهو تشجيع العودة الطوعية.

تحول سياسي

شهد الخطاب السياسي التركي خلال العام الجاري انعطافا لافتا في تعاطيه مع ملف اللاجئين السوريين، إذ تراجعت نبرة التصعيد التي كانت تهيمن على الجدل العام في السنوات الماضية، لتحل محلها لغة أكثر توافقا، ترتكز على دعم العودة الطوعية وتأكيد احترام كرامة العائدين.

فحزب الشعب الجمهوري، الذي لطالما تمسك بخطاب يطالب بإعادة اللاجئين عبر التنسيق مع دمشق، عدل من نبرته بعد انهيار النظام السابق، وأعرب زعيمه أوزغور أوزال -منذ الأيام الأولى لتحول الوضع السوري- عن ترحيبه بالتطورات، داعيا إلى تشكيل حكومة انتقالية سورية جامعة تهيئ الظروف لعودة آمنة.

في المقابل، رأت قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم في موجة العودة تأكيدا على سلامة نهجها، في حين تجلى هذا الخطاب الرسمي كذلك داخل أروقة البرلمان، حيث خفتت لهجة السجالات التقليدية حول "طرد اللاجئين".

مصادر رسمية تركية لم تستبعد إمكانية منح بعض العمال السوريين المهرة تصاريح عمل طويلة الأجل أو إقامات دائمة (رويترز)نقلة مفاهيمية

يرى الباحث التركي في شؤون الهجرة حيدر شان أن التغيرات التي طرأت في تركيا خلال عام من بدء موجة العودة الواسعة للسوريين لا تقاس فقط بحجم العائدين، بل بما أحدثته هذه الظاهرة من إعادة تموضع سياسي ومؤسسي واجتماعي داخل الدولة التركية.

إعلان

ويؤكد شان للجزيرة نت أن ما جرى أعاد صياغة علاقة الدولة بالمجتمع المضيف والمجتمع السوري معا، إذ بدأت أنقرة -لأول مرة منذ بدء الأزمة السورية- في التعامل مع ملف العودة بوصفه متغيرا حاكما في سياسات التخطيط الحضري، وسوق العمل، والأنظمة الخدمية، لا مجرد بند إنساني أو أمني.

ويشدد شان على أن فقدان اليد العاملة السورية شكل اختبارا لتركيبة سوق العمل التركي، التي لم تكن قد استعادت توازنها بعد جائحة كورونا وأزمة الليرة.

ويشير إلى أن قياس الأثر هنا يجب ألا يقتصر على معدلات البطالة، بل يمتد إلى الإنتاجية القطاعية، وديناميكيات الأجور، ومؤشرات الاستدامة في الصناعات التي كانت تعتمد على عمالة مرنة ومنخفضة الكلفة.

ويتابع شان أن التحول السياسي في الخطاب، سواء من المعارضة أو الحكومة، يعكس ما يسميه بـ"نهاية مركزية خطاب اللجوء" في المعارك الانتخابية، وهو تحول يحتاج إلى تحليل مضمون منهجي للخطاب السياسي والإعلامي عبر أدوات تحليل كيفي وكمي، لفهم إلى أي مدى بات الرأي العام يتعاطى مع السوريين كملف سياسي، لا كقضية توتر قومي.

مقالات مشابهة

  • بما يسهم في سرعة الوصول إليهم حال ضياعهم.. “العناية بالحرمين” توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال داخل المسجد الحرام
  • معدل الجريمة بين السوريين والأفغان في ألمانيا مثير للقلق
  • خبير روسي: الأزمة الأفغانية الباكستانية قد تشعل حربا طاحنة بشرق آسيا
  • وقفة مسلحة في بلاد الروس تأكيدًًا على الجهوزية والاستنفار
  • خبير روسي: حسم الصراع الأوكراني الروسي لا يزال بعيدًا
  • خبير: مشهد إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا لا يزال بعيدًا للغاية عن الوصول للحظة حسم
  • القضاء الإداري ينظر دعوى سحب تراخيص مدرسة سيدز للغات ومنعها من النشاط غدا
  • سريان اتفاق إلغاء التأشيرات بين الأردن وروسيا
  • ماذا تغير في تركيا بعد عام من بدء عودة السوريين إلى بلادهم؟
  • فرنسا وسوريا تطالبان لبنان باعتقال مهندس قمع السوريين