قالت دار الإفتاء المصرية أن المساس بسلامة الوطن والاعتداء على مقدراته من الإفساد في الأرض، فيستوجب أشدّ العقوبة وأغلظها؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]

 

الإفتاء: حذَّر الإسلام من المساس بأمن الوطن وترويع المواطنين "ووجدك ضالًا فهدى".

. الإفتاء تُحذر من تفسير خاطئ للآية

 

وتابعت دار الإفتاء أن الإسلام قد حذَّر من المساس بأمن الوطن، وترويع المواطنين؛ فروى ابن ماجه في "سننه" عن عمرو بن الحَمِق الخزاعي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وأضافت دار الإفتاء أن الإسلام دعا إلى المحافظة على الأوطان وعدم الاعتداء عليها، فقال تعالى: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 56]، وقال عز من قائل: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: 22-23].

 

حب الوطن فطري وغريزي

 

وتابعت الإفتاء أن حب الوطن معنًى فطري غريزي نابع من شعور الإنسان بالانتماء إليه وحنينه إلى المكان الذي ترعرع فيه وأصبحت له فيه ذكريات تربطه بمن نشأ بينهم من أهل وأحباب.

كما أشارت الإفتاء إلى أن الإنسان مجبول على حب الأوطان، والنصوص الشرعية من قرآن وسنة نصت على ذلك، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم يجبره أحد على الخروج من مكة ما خرج منها؛ وقد نزل القرآن يؤكد ذلك ويسليه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85]

ومما حرص عليه الإسلام مشاركة جميع أطيافه في بناء الوطن والنهوض بالمجتمع، والبعد عن الخلافات، وهذا ما وضحه عمل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة المباركة.

كما أن فكرة المواطنة مأخوذة من وثيقة المدينة التي تُعدُّ أول دستور للتعايش بين الأجناس المختلفة في الوطن الواحد، وهذا يعكس حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على جمع كلمة الناس ووحدة صفوفهم.

المقصود بالجُنْد الغربي السالم من الفتن

وبينت الإفتاء أن الثابت عن علماء المسلمين أن الجُند الغربي الذي أخبرت السنة المطهرة بأنه سالم من الفتن هو الجندي المصري، وقد تناقل ذلك جمع غفير من العلماء والحفاظ والمؤرخين، وهذا ما أيَّده الواقع على مر العصور والأزمان؛ فقد أخرج البخاري في "التاريخ الكبير"، والحاكم في "المستدرك"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، عن أبي شريح عبد الرحمن بن شريح، عن عميرة بن عبد الله المعافري، عن أبيه، عن عمرو بن الحَمِق الخُزَاعيِّ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ أَسْلَمُ النَّاسِ فِيهَا -أَوْ قَالَ: لَخَيْرُ النَّاسِ فِيهَا- الْجُنْدُ الْغَرْبِيُّ» يقول راوي الحديث: فلذلك قدِمت مصر. قال الحاكم: [هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه] اهـ. قال الحافظ الذهبي في تعليقه على "المستدرك"

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوطن الإفتاء دار الإفتاء الإسلام دار الافتاء المصرية صلى الله علیه وسلم الإفتاء أن ف ی ال أ ر ض

إقرأ أيضاً:

حكم الدعاء بقول: «اللهم بحق نبيك» .. يسري جبر يوضح

أكد الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أن الدعاء بقول الإنسان: «اللهم بحق نبيك محمد صلى الله عليه وسلم» دعاءٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، موضحًا أن الاعتراض على هذه الصيغة نابع من فهمٍ قاصر لمقامات الأنبياء، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمعنى “الحق” عند الله سبحانه وتعالى. 

وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال لقاء تلفزيوني اليوم، أن النبي صلى الله عليه وسلم له حقٌّ عند مولاه، وهو حق الشفاعة، وحق القبول، وحق الجاه العظيم الذي أكرمه الله به، مشددًا على أن هذا الحق ليس من باب الوجوب العقلي على الله تعالى، فالله سبحانه لا يجب عليه شيء عقلًا، وإنما هو حق تفضلٍ وإحسانٍ أوجبه الله على نفسه كرامةً لنبيه، كما أوجب على نفسه إجابة دعاء المؤمنين بقوله: «ادعوني أستجب لكم»، فإذا كان هذا الوعد عامًا للمؤمنين، فما بالك بالصالحين، ثم الأولياء، ثم العلماء، ثم الأنبياء، ثم الرسل، ثم برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خصه الله بالشفاعة العظمى يوم القيامة حين يقول جميع الأنبياء: «نفسي نفسي»، ويقول هو وحده: «أنا لها».

أكاديمية الأزهر تختتم برنامج “إعداد الداعية المعاصر" بمشاركة ست دولٍ عربية وآسيوية وأفريقيةمدير عام الجامع الأزهر يتفقد الدراسة بأروقة الصعيدأحكام الطهارة والوضوء في أوقات البرد الشديد .. مركز الأزهر العالمي يكشف عنهاقافلة جامعة الأزهر بالواحات البحرية تقدم خدمات طبية وتنموية شاملة وإشادة بالجهود

وأشار عالم الأزهر إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه علّم الأمة هذا المعنى، مستشهدًا بما رواه ابن ماجه في دعاء الذهاب إلى المسجد، حيث قال النبي: «اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق محمد عليك»، موضحًا أن النبي سأل الله بحقه على الله، وهو دليل صريح على جواز هذا الأسلوب في الدعاء، وأن له حق الشفاعة والقبول والنصرة والرعاية والعناية.

وبيّن الدكتور يسري جبر أن من الأدعية النبوية الثابتة قوله صلى الله عليه وسلم: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين»، موضحًا أن الاستغاثة هنا بالرحمة، والرحمة التي أرسلها الله إلى العالمين هي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين»، فالنبي هو الرحمة المتعينة في الأكوان، وهو المظهر الأعظم لرحمة الله في الخلق، ولذلك كان من المشروع استحضار هذا المعنى عند الدعاء.

وأضاف أن رحمة الله التي وسعت كل شيء قد جعل الله لها تجليات في الخلق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم هذه التجليات، وهو الرحمة المهداة، مشيرًا إلى أن أهل العلم والذوق تكلموا عن هذا المعنى عبر القرون، ومنهم الإمام الجزولي في «دلائل الخيرات» حين عبّر عن النبي بأنه رحمة الله المتعينة في العالمين.

وأكد الدكتور يسري جبر أن القول بأن النبي ليس له حق عند الله قولٌ باطل، بدليل ما ثبت في الصحيح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين قال: «هل تدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟»، فبيّن أن للعباد حقًا على الله إذا وفوا بما أمرهم به، فإذا كان هذا حقًّا لعامة المؤمنين، فكيف يُنكر أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو إمام المرسلين وسيد ولد آدم – حقٌّ أعظم وأجل عند ربه.

وأكد على أن على المسلم ألا يلتفت إلى اعتراضات الجهلة، وأن يرجع في دينه إلى النصوص الشرعية وفهم أهل العلم، وأن يعرف مقام النبي صلى الله عليه وسلم حق المعرفة، فتعظيمه وتعظيم جاهه ومكانته من تعظيم الله، والنصوص الصحيحة دالة على جواز التوسل والدعاء بحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والله تعالى أعلم.

طباعة شارك يسري جبر الأزهر الشريف حكم الدعاء ب«اللهم بحق نبيك»

مقالات مشابهة

  • نور على نور
  • قصر النهار.. أسباب سهولة العبادات في الشتاء
  • هل المبلغ المدخر في البنك عليه زكاة إذا تم سحب جزء منه ؟ .. أمين الفتوى يجيب
  • حكم الدعاء بقول: «اللهم بحق نبيك» .. يسري جبر يوضح
  • تعرف على شرح حديث "قل آمنت بالله ثم استقم"
  • هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره
  • حكم تعويض المماطلة في سداد الدين
  • القيامة اقتربت.. أحمد كريمة: كثرة الخبث من علامات الساعة
  • هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
  • حـفظ المـال