تفاقم التوترات العسكرية بين الكوريتين مع تصاعد الاتهامات المتبادلة بشأن الطائرات المسيرة
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
أعلنت كوريا الشمالية يوم 13 الجاري أن طائرات مسيرة من كوريا الجنوبية اخترقت مجالها الجوي، حاملة منشورات دعائية وحلقت فوق العاصمة بيونغ يانغ. ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الكورية الشمالية بثته وكالة الأنباء المركزية، فإن الطائرات دخلت المجال الجوي للشمال في 3 و9 و10 أكتوبر. وهددت بيونغ يانغ بالرد العسكري الساحق إذا تكررت مثل هذه الحوادث، مشيرة إلى أنها تعتبر هذه الاختراقات استفزازات عسكرية خطيرة.
الموقف الغامض لكوريا الجنوبية
ردت الحكومة الكورية الجنوبية على هذه الادعاءات بموقف متحفظ، حيث لم تؤكد أو تنفي صحة تلك المزاعم. وأوضح وزير الدفاع الكوري الجنوبي في تصريحاته الأولية أن الجيش الجنوبي لم يكن له أي تورط في مثل هذه الأنشطة. لكنه عاد ليقول إنه لا يمكن التحقق بشكل كامل من الحادثة، ما أثار تكهنات حول إمكانية أن تكون كوريا الشمالية قد دبرت هذه الحوادث بنفسها. هيئة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي لم تؤكد بدورها صحة الادعاءات، ما ترك الوضع غامضًا وغير محسوم.
تهديدات متبادلة بالتصعيد العسكريفي ظل تصاعد التوترات، أطلقت كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي ونائبة مدير حزب العمال الحاكم، تحذيرات شديدة اللهجة، حيث توعدت كوريا الجنوبية بـ "كارثة مروعة" إذا تكررت هذه الحوادث. في المقابل، حذرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية من أن أي هجوم يستهدف مواطنيها سيعتبر تهديدًا خطيرًا للنظام الكوري الشمالي، مشيرة إلى أن الرد العسكري سيكون حاسمًا.
دور المنظمات المدنية في إرسال الطائراتتشير بعض التقارير إلى أن المنظمات المدنية في كوريا الجنوبية، وخاصة النشطاء في مجال حقوق الإنسان ومنظمات اللاجئين الكوريين الشماليين، قد تكون وراء إرسال الطائرات المسيرة. ومع ذلك، لم تعلن أي جهة رسمية أو غير رسمية مسؤوليتها عن هذه الأنشطة. يذكر أن تبادل المنشورات الدعائية بين الكوريتين ليس بالأمر الجديد، إذ سبق أن أطلقت منظمات مدنية كورية جنوبية بالونات عبر الحدود محملة برسائل معادية للنظام في الشمال.
التحضيرات العسكرية في كوريا الشماليةفي ظل هذه التطورات، أمرت كوريا الشمالية وحدات المدفعية القريبة من الحدود بالاستعداد لإطلاق النار على أي طائرة مسيرة أو جسم غريب يتم رصده في أجواء البلاد. كما أكدت القيادة العسكرية الكورية الشمالية استعدادها الكامل للتصعيد في حال رُصدت أي طائرات مسيرة كورية جنوبية في سماء كوريا الشمالية، مما يثير مخاوف من مواجهة عسكرية محتملة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة.
تاريخ من التوترات المتصاعدةتأتي هذه التطورات في سياق تزايد التوتر بين الكوريتين منذ مايو الماضي، حين بدأت كوريا الشمالية بإرسال بالونات محملة بالقمامة عبر الحدود ردًا على المنشورات الدعائية التي تطلقها منظمات في الجنوب. وعلى مدار الأشهر الماضية، تبادلت الدولتان الاتهامات والتهديدات، مما يرفع من حدة التوترات العسكرية بينهما ويثير مخاوف من تصعيد أكبر.
من جانبه قال الدكتور كمال دفع الله بخيت، المتخصص في الشأن الكوري، إن التوترات الحالية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية تمثل تصعيدًا خطيرًا قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية. وأوضح أن كوريا الشمالية تسعى لتعزيز موقفها باستخدام ادعاءات الطائرات المسيرة كأداة للضغط، خاصة بعد تعديل دستورها واعتبار كوريا الجنوبية "العدو الأول"، مما دفعها إلى قطع جميع الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية التي تربط البلدين.
وأشار بخيت في تصريحات خاصة لـ "الفجر" إلى أن الحكومة الكورية الجنوبية تتبنى سياسة غامضة تهدف إلى تجنب التصعيد المباشر مع بيونغ يانغ، لكنها قد لا تكون كافية في مواجهة التهديدات الكورية الشمالية المتزايدة، والتي قد تتطور إلى أعمال عسكرية محدودة في أي لحظة.
تصعيد عسكري محتملوأضاف بخيت أن أوامر كوريا الشمالية لوحدات المدفعية بالاستعداد لمواجهة ما تعتبره تهديدات كورية جنوبية وأمريكية، تزيد من خطر التصعيد العسكري في شبه الجزيرة الكورية. وأكد على ضرورة أن يقيّم كلا الطرفين بعناية عواقب أي تصعيد محتمل، محذرًا من أن الأخطاء في الحسابات قد تؤدي إلى تداعيات كارثية.
انعكاسات على الاستقرار الإقليمي والدوليوأكد الخبير أن الأزمة الحالية تتجاوز كونها مجرد نزاع عسكري، مشيرًا إلى أن استمرار التوترات سيؤثر بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي والدولي. ودعا إلى تعزيز الحوار والتعاون بين الطرفين لتجنب أي تصعيد قد تكون له عواقب وخيمة على الأمن في المنطقة.
الحاجة إلى حلول دبلوماسية
واختتم المتخصص في الشأن الكوري، بالقول إن استمرار هذا الوضع دون حل يعكس الحاجة الملحة للبحث عن حلول فعالة تساهم في خلق بيئة أكثر أمانًا، بعيدًا عن الصراعات والتوترات المستمرة التي تهدد السلم في شبه الجزيرة الكورية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: كوريا الشمالية كوريا الجنوبية الطائرات المسيرة
إقرأ أيضاً:
امرأة أميركية مكّنت قراصنة كوريا الشمالية من اختراق 300 شركة
تواجه كريستينا تشابمان البالغة من العمر 50 عاما حكما مشددا بقضاء 8 أعوام ونصف العام في السجن بسبب مساعدتها لقراصنة من كوريا الشمالية، للحصول على وظائف عن بعد بأكثر من 300 شركة أميركية بارزة من ضمنها "نايك".
وباستخدام آلية معقدة من العمليات البيروقراطية المتنوعة، تمكنت تشابمان من توفير وظائف بالشركات الأميركية الكبرى للمئات من القاطنين بكوريا الشمالية، وجميعها كانت وظائفا عن بعد كانت تشابمان تمثل نقطة الاتصال الوحيدة بها.
كما أرسلت تشابمان رسالة للقاضي اعتذرت فيها عن دورها بهذه العملية الاحتيالية، قائلة إنها كانت تبحث عن وظيفة يمكن القيام بها من المنزل لرعاية والدتها المسنة، ولكن كيف حدثت هذه العملية الاحتيالية المعقدة؟
آلية بيروقراطية محكمةكانت تشابمان مسؤولة عن العديدة من النقاط المحورية في هذه العملية، ويمكن القول بإنه من دون وساطتها كانت العملية بأكملها ستفشل، إذ كانت مسؤولة عن تعديل السير الذاتية للموظفين وإرسال الأوراق الفدرالية اللازمة وحتى استقبال المخاطبات الرسمية من الشركات.
ووصل الأمر إلى أن تشابمان كانت تتسلم الحواسيب المحمولة التي ترسلها الشركات لموظفيها عن بعد، وفي بعض الحالات تقوم بإرسال هذه الحواسيب إلى بلدة على حدود الصين وكوريا الشمالية أو كانت تحتفظ بالحواسيب وتشغلها من منزلها.
ويشير تقرير موقع "آرس تكنكيا" التقني إلى أن تشابمان احتفظت بأكثر من 90 حاسوبا محمولا في منزلها بأريزونا، وقامت من خلال تطبيقات "في بي إن" (VPN) وتطبيقات التحكم عن بعد في الحواسيب بإتاحتها للموظفين في كوريا الشمالية.
وبتشغيل تطبيق التحكم عن بعد في الحاسوب الأميركي يصبح متاحا الوصول إليه من أي حاسوب في العالم، وخلال تلك الفترة كان الموظفون يحضرون اجتماعات "زوم" (Zoom) عن بعد بشكل منتظم كما يحصلون على رواتبهم أيضا.
إعلانوظهر النظام المعقد الذي كانت تشابمان تستخدمه لمراقبة الحواسيب وتنظيمها عند زيارة مكتب التحقيقات الفدرالية لها، إذ وجدت الحواسيب موضوعة في أرفف متنوعة مع ملصقات فوق كل حاسوب ورف تشير إلى الموظف والشركة المالكة.
ولم تتوقف العملية الاحتيالية عند مجرد العمل عن بعد في بعض الشركات، إذ احتاج هؤلاء القراصنة لهويات أميركية، لذلك سرقوا هويات العديد من الأميركيين، كما قاموا بتثبيت برامج خبيثة في حواسيب الشركات وخوادمها في بعض الأحيان.
ورغم أن تشابمان حاولت استعطاف القاضي عبر ذكر طفولتها الحزينة التي كانت عرضة فيها لعمليات احتيالية وعنف أسري مستمر، فإن هذا لم يسهم في تخفيف الحكم عليها.
وإلى جانب قضاء 8 أعوام ونصف في السجن، يتضمن الحكم على تشابمان التخلي عن أكثر من 284 ألف دولار كانت من نصيب القراصنة في كوريا الشمالية ودفع 176 ألف دولار من أموالها الخاصة كتعويضات عما قامت به.