إسلام آباد- أنهت الحكومة الباكستانية استعداداتها لاستضافة القمة الـ23 لمجلس رؤساء حكومات الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون (إس سي أو) يومي 15 و16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وتأتي هذه القمة في وقت تسعى فيه باكستان لتعزيز التعاون والتواصل الإقليمي في عدد من المجالات أهمها الاقتصاد والتجارة والاستثمار والأمن الإقليمي.

كما تشكل أهمية خاصة لإسلام آباد حيث قالت وزارة الإعلام إن القمة تقدم لباكستان فرصة ممتازة لتشكيل مستقبلها الاقتصادي والاستثماري.

ولضمان الاستقرار خلال سير القمة في العاصمة إسلام آباد، أعلنت الحكومة في 4 أكتوبر/تشرين الأول الجاري نشر قوات من الجيش لحفظ الأمن. وجاء في إشعار صادر عن الداخلية أن الحكومة وافقت على نشر قوات من الجيش من الخامس حتى 17 من الشهر الجاري، للحفاظ على حالة القانون والنظام خلال القمة وزيارات وفود كبار الشخصيات لحضورها.

أحد الشوارع في العاصمة قبيل انعقاد القمة (الفرنسية) استنفار أمني

كما أعلنت الحكومة عن إجازة رسمية تمتد من 14 حتى 16 من الشهر الحالي في إسلام آباد وروالبندي المحاذية لها، وعن إغلاق قاعات الأفراح والمقاهي والمطاعم والنوادي من 12 حتى 16 من الشهر نفسه في هاتين المدينتين.

وتأتي هذه الإجراءات وسط دعوات من حزب إنصاف -الذي أسسه رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان– للاحتجاج قرب البرلمان ومجمع الحكومة في إسلام آباد. لكن الحزب أعلن في وقت متأخر، أمس الاثنين، عن إلغاء التظاهر المقرر اليوم، وأوضح على منصة إكس أنه "تم ذلك بعد ضمان من الحكومة لإجراء الفحص الطبي لعمران خان، اليوم".

وفي وقت سابق، قال وزير الدفاع آصف خواجا إن الحكومة ستستخدم القوة الكاملة لمنع احتجاج حزب إنصاف، في حين طالب الحزب بالسماح لعمران خان بمقابلة عائلته ومحاميه كشرط لإلغاء الاحتجاج.

دورية للجيش الباكستاني بالمنطقة الحمراء قرب مكان انعقاد القمة (الفرنسية)

في الأثناء، وصل رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، أمس، إلى إسلام آباد في زيارة تمتد 4 أيام سيحضر خلالها القمة كون بلاده من مؤسسي المنظمة، وتُعتبر هذه الزيارة الأولى منذ 11 عاما لرئيس وزراء صيني إلى باكستان. وتكتسب أهمية كبيرة في مسار العلاقات بين البلدين حيث من المتوقع أن ينتج عنها عدد من الاتفاقيات الثنائية.

وقد أقيم حفل في مقر رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، وأجرى الجانبان محادثات على مستوى الوفود لبحث العلاقات بين البلدين كما تبادلوا وثائق 13 صفقة في مجالات مختلفة.

كما افتتح رئيسا وزراء باكستان والصين -افتراضيا- مطار جوادر الدولي الذي يعتبر النقطة الأهم في مشروع الممر الاقتصادي المشترك، وأعرب شريف عن أمله في أن يؤدي إكمال المطار إلى تحويل اقتصاد جوادر بشكل خاص وباكستان بشكل عام إلى مستويات أفضل.

إحدى الإعلانات المرحبة برئيس وزراء الصين لي تشيانغ (وسط) (الفرنسية) أهمية كبيرة

في هذا السياق، قال أسد الله خان الباحث بمركز الدراسات الباكستانية الصينية التابع لمعهد الدراسات الإستراتيجية في إسلام آباد إن هذه القمة تتمتع بأهمية هائلة لباكستان باعتبارها المستضيفة ورئيستها، وبما أن مفهوم القوى المتوسطة والإقليمية أصبح ذا أهمية متزايدة في العلاقات الدولية، ودور باكستان يكتسب أهمية خاصة في نظر هذه القوى.

وأضاف أسد الله خان -للجزيرة نت- أن رئاسة هذه القمة توفر لإسلام آباد فرصة لتعزيز علاقاتها مع الدول الإقليمية تحت مظلة منظمة شنغهاي للتعاون، وأن باكستان -بصفتها دولة مسؤولة- تلتزم بتعزيز التعاون والسلام بالمنطقة. ومن خلال استضافتها هذه القمة، ترسل رسالة واضحة إلى منافسيها مفادها أنها تعطي الأولوية للدبلوماسية والمشاركة السلمية.

ومن جهتها، ترى أرحمة صديقة الباحثة في معهد الدراسات الإستراتيجية بإسلام آباد أن استضافة القمة توفر فرصة لباكستان للتخلص من ظلال التصورات السلبية التي طالما خيمت على صورتها. وقالت للجزيرة نت إن القمة تُعتبر بيانا واضحا وصريحا بأن باكستان مستعدة للعب دور مركزي في تشكيل الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي والحوار السياسي.

وأضافت الباحثة أن هذه اللحظة تتعلق أيضا بالتواصل مع الإمكانات الهائلة غير المستغلة في آسيا الوسطى، وهي منطقة غنية بالموارد وكانت هدفا إستراتيجيا قائما منذ فترة طويلة. ومع وصول المستثمرين السعوديين بالفعل الأسبوع الماضي، فإن التوقيت يمكن أن يكون أفضل لإظهار أن باكستان منفتحة على الأعمال التجارية.

قضايا ملحة

وفي مقال نشره الموقع الرسمي لوزارة الإعلام الباكستانية، قال السفير والدبلوماسي السابق منظور الحق إن اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون الاستثنائي من شأنه أن يعزز آفاق الممرات التجارية والطاقة، فضلا عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الوفيرة في باكستان بما في ذلك المناجم والمعادن وإمكانات الغاز والطاقة الكهرومائية، للاستثمار الأجنبي.

وتمثل القمة التي أطلق عليها عنوان "تعزيز الحوار المتعدد الأطراف، السعي نحو السلام المستدام والازدهار" أهمية كبيرة لدول المنطقة لبحث عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك. وتقول الباحثة أرحمة إن القضايا الحرجة المتعلقة بالأمن والتهديد المستمر للإرهاب ستكون في قلب هذه المناقشات وهو التحدي المشترك الذي تواجهه المنطقة.

وتتوقع الباحثة أن تسفر القمة عن خطوات ملموسة نحو تعزيز الشراكات الاقتصادية بين الأعضاء، مما يشير إلى نية جماعية لتعزيز -ليس فقط الاستقرار الإقليمي- ولكن أيضا الرخاء في الأمد البعيد. وتتوقع أن تؤكد الموافقة على ميزانية المنظمة للعام المقبل هذا الالتزام المشترك، مع مبادرات رئيسية تهدف إلى توسيع التجارة ومعالجة التحديات البيئية وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية.

من جهته، يقول الباحث أسد الله إن القمة تُعقد في وقت تشهد فيه باكستان "تجددا للإرهاب" في السنوات الأخيرة، ويتوقع أنه إذا توصلت جميع الدول الأعضاء إلى تفاهم متبادل بشأن مكافحة الإرهاب، فسيكون ذلك "إنجازا كبيرا ليس فقط لباكستان بل وللمنطقة بأسرها، حيث تنتشر بعض المنظمات الإرهابية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات منظمة شنغهای للتعاون إسلام آباد هذه القمة فی وقت

إقرأ أيضاً:

من غزة إلى باكستان والسودان.. ولي العهد يستعرض آخر تطورات القضايا الإقليمية والدولية في القمة الخليجية - الأمريكية (فيديو)

بدأ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، كلمته في القمة الخليجية الأمريكية المنعقدة في الرياض، مرحبًا بفخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وجميع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وقال سموه في بداية كلمته: "يسرني اليوم باسم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن نرحب بكم في المملكة العربية السعودية، وننقل لكم تحياته وتمنياته بنجاح أعمال هذه القمة."

وأكد سموه أن القمة التي تُعقد اليوم بحضور الرئيس الأمريكي تشكل امتدادًا للعلاقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية التي تربط المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي بالولايات المتحدة، علاقة شهدت نموًا وتطورًا ملحوظًا على مدار العقود الماضية لتصبح نموذجًا للتعاون المشترك.

وأوضح ولي العهد أن هذه القمة تعكس حرص المملكة على العمل الجماعي لتعزيز العلاقات الاستراتيجية وتوسيع شراكاتها مع الولايات المتحدة بما يلبي تطلعات شعوب ودول المنطقة.

التعاون الأمني والإقليمي.. تعزيز جهود الأمن والاستقرار

في سياق العلاقات الأمنية، أشار الأمير محمد بن سلمان إلى القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت في عام 2017، والتي أكدت أهمية تعزيز أمن دول مجلس التعاون الخليجي وحماية مصالحها، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيماته، كما تم التأكيد على تعزيز القدرات العسكرية والأمنية والدفاعية لدول المجلس لمواجهة التهديدات الإقليمية والدولية.

وأعرب سموه عن أن القمة الحالية تأتي في إطار تعزيز هذه الرؤية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وهي خطوة مهمة نحو التعاون المستمر بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة لمواجهة التحديات الأمنية والتهديدات الإقليمية.

الشراكة التجارية والاقتصادية مع الولايات المتحدة

كما تناول ولي العهد في كلمته الشراكة الاستراتيجية والتجارية مع الولايات المتحدة، مؤكداً أن الولايات المتحدة تعد شريكًا أساسيًا لدول مجلس التعاون الخليجي في مجالات التجارة والاقتصاد.

وأضاف سموه أن حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة في عام 2024 بلغ قرابة 120 مليار دولار، وهو ما يعكس قوة وفعالية هذه العلاقة التجارية، مشددا على أهمية مواصلة العمل المشترك لتعزيز التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة.

دعم السلام الإقليمي.. القضية الفلسطينية والحروب في غزة والسودان

تحدث ولي العهد عن القضايا الإقليمية الراهنة، مؤكداً أن المملكة تدرك حجم التحديات التي تمر بها المنطقة وأن تحقيق الاستقرار يتطلب حلًا دائمًا وشاملاً للعديد من الأزمات.

وفيما يخص القضية الفلسطينية، شدد سموه على أهمية إيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية، مؤكدًا أن المملكة تدعم كافة الجهود التي تبذلها الدول المعنية في هذا الصدد، بما يتوافق مع مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة.

كما أعرب عن دعم المملكة لكافة الجهود الهادفة إلى وقف الحرب في غزة وإيجاد حل دائم يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ويحقق السلام في المنطقة.

وبشأن الأزمة في السودان، أشار سموه إلى دعم المملكة للمساعي الهادفة إلى إنهاء الأزمة عبر منبر جدة الذي يحظى برعاية سعودية أمريكية، بهدف الوصول إلى وقف كامل لإطلاق النار.

حلول سياسية للحروب الإقليمية.. التشجيع على الحوار في اليمن وسوريا

وأكّد ولي العهد دعم المملكة لجهود السلام في اليمن، مشيرًا إلى تشجيع المملكة للحوار بين الأطراف اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل، وهي جهود تتماشى مع رؤية المملكة لتوفير الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة بشكل عام.

كما أشاد سموه بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا، معتبرًا أن هذا القرار سيعزز قدرة الشعب السوري على التعافي والنمو، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

التعاون بشأن الأزمة الأوكرانية والتزام المملكة بمساعي السلام

ثم أكد الأمير محمد بن سلمان استعداد المملكة لمواصلة مساعيها الحثيثة للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة الأوكرانية.

وأشاد بجهود الرئيس ترامب في هذا الشأن، معتبرًا أن الأزمة الأوكرانية من القضايا التي توليها المملكة اهتمامًا بالغًا في مساعيها للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

الترحيب بلبنان ووقف التصعيد بين الهند وباكستان

كما أكد ولي العهد دعم المملكة لما يقوده الرئيس اللبناني والحكومة اللبنانية لإصلاح المؤسسات وحصر السلاح في يد الدولة، وذلك للحفاظ على سيادة لبنان وأمنه.

وأضاف: "نرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند، ونتمنى أن يسهم ذلك في احتواء التصعيد وعودة الهدوء بين البلدين."

التأكيد على التعاون المستمر وتحقيق المصالح المشتركة

وفي الختام، قال ولي العهد: "نتطلع إلى أن تساهم هذه القمة في تحقيق مستهدفاتها المشتركة بما يعود بالنفع على شعوبنا، ويسهم في النمو والرخاء والتقدم لبلداننا."

وأكد سموه على أهمية استمرار التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة في جميع المجالات، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ويخدم مصالح الشعوب في المنطقة والعالم.

#فيديو | كلمة سمو #ولي_العهد خلال افتتاحه أعمال #القمة_الخليجية_الأمريكية في الرياض، بمشاركة فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.#الرئيس_الأمريكي_في_المملكة | #واس pic.twitter.com/IoGkQTh9ta

— واس الأخبار الملكية (@spagov) May 14, 2025 ولي العهدباكستانغزةأخبار السعوديةالقضايا الإقليمية والدوليةأهم الآخبارأخر أخبار السعوديةالقمة الخليجية الأمريكيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • من المطار إلى قلب إسلام آباد.. باكستان تزين شوارعها بلافتات النصر
  • الحكومي العراقي: أنجزنا 185 مشروعًا لاستضافة القمة العربية
  • الهند ترفض وساطة ترامب في كشمير وتتمسك بالحل الثنائي مع باكستان
  • مؤتمر صحفي لوزير الخارجية العراقي بشأن استعدادات بغداد لاستضافة القمة العربية
  • من غزة إلى باكستان والسودان.. ولي العهد يستعرض آخر تطورات القضايا الإقليمية والدولية في القمة الخليجية - الأمريكية (فيديو)
  • سكان كشمير الهندية يطالبون الحكومة بتعويضات عن أضرار الاشتباكات مع باكستان
  • باكستان تعلن مقتل أكثر من 50 في الاشتباكات مع الهند
  • بالأرقام.. باكستان تكشف حصيلة المواجهة الأخيرة مع الهند
  • الهند تعيد فتح مطاراتها 32 مطارا بعد التهدئة مع باكستان
  • بغداد تستكمل استعداداتها لاستضافة القمة العربية الـ34 تحت شعار “حوار وتضامن وتنمية”