السياحة تعود تدريجياً إلى أفغانستان.. وطالبان تفتح الأبواب رغم القيود
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
تشهد أفغانستان عودة تدريجية للسياحة رغم القيود الاجتماعية والأمنية، حيث بدأت أعداد صغيرة من الزوار الأجانب تتوافد لاكتشاف البلاد، في وقت تسعى فيه حكومة طالبان إلى استغلال القطاع كرافعة اقتصادية. اعلان
تدريجياً، بدأت أفغانستان تستقطب زوّاراً من أنحاء العالم، يصلون إليها بالطائرات، أو على متن دراجات نارية، أو حتى بدراجات هوائية، متحدّين صورتها كبلد غارق في الحروب.
وقال نائب وزير السياحة، قدرت الله جمال، في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" مطلع يونيو، إن "الشعب الأفغاني مضياف بطبعه، ويرغب في استقبال السياح والتواصل معهم"، مؤكداً أن الحكومة تنظر إلى السياحة باعتبارها رافعة اقتصادية يمكن أن تعود بالنفع على فئات واسعة من المجتمع.
ورغم استمرار عزلة أفغانستان على الساحة الدولية بسبب القيود الصارمة المفروضة على النساء، ترى طالبان في قطاع السياحة فرصة اقتصادية واعدة. وأوضح جمال أن الإيرادات الناتجة عن هذا القطاع باتت ملموسة، وأن الحكومة تطمح إلى تنميته ليصبح جزءاً رئيسياً من الاقتصاد الوطني.
Relatedطالبان تجري محادثات مع روسيا والصين لإتمام المعاملات التجارية بالعملات المحليةترامب يلغي المكافآت المالية لمن يقدم معلومات عن 3 من قادة طالبان مطلوبين لدى واشنطنالرجال في قبضة الخوف: حين يصبح البيت فرعاً لشرطة طالبانسياحة محدودة وإقبال حذر
مع تسهيل الحصول على التأشيرات ووجود رحلات جوية منتظمة من محاور عبور دولية مثل دبي وإسطنبول، بدأ عدد الزوّار الأجانب في الارتفاع، وإن كان لا يزال محدوداً. فقد زار البلاد نحو 9,000 سائح أجنبي العام الماضي، فيما سُجّلت 3,000 زيارة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بحسب جمال.
لكن أفغانستان لا تزال تواجه تحديات أمنية، رغم تراجع وتيرة التفجيرات والهجمات منذ سقوط الحكومة المدعومة من الغرب في أغسطس 2021. فقد شهدت منطقة باميان، التي تضم بقايا تماثيل بوذا الشهيرة، هجوماً في مايو 2024 أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم ثلاثة سياح إسبان.
ورغم تحذيرات الدول الغربية من السفر إلى أفغانستان، تصر الحكومة على أن البلاد باتت أكثر أماناً، وتدعو العالم لاكتشاف "حياة الأفغان وإبداعهم وصمودهم"، وفق تعبير جمال.
معضلة أخلاقية لدى بعض الزوار
لكن زيارة بلد يفرض قيوداً صارمة على النساء، تطرح إشكالية أخلاقية لدى كثير من السياح. فالنساء الأفغانيات محرومات من التعليم الثانوي والجامعي، ممنوعات من دخول المتنزهات والصالات الرياضية، ويُفرض عليهن ارتداء النقاب. كما تم حظر صالونات التجميل بشكل تام.
بعض السيّاح، مثل الفرنسية-البيروفية إلاري غوميز وشريكها البريطاني جيمس ليديارد، ناقشوا هذه المعضلة طويلاً قبل اتخاذ قرار السفر. تقول غوميز: "أمور كثيرة لم تكن مريحة أخلاقياً". إلا أن ليديارد أشار إلى أن أموالهم ذهبت إلى الناس العاديين، لا إلى الحكومة، مضيفاً: "نحن نساهم في دعم السكان، لا النظام".
السياحة كأداة دبلوماسية
يرى المسؤولون في طالبان أن فتح البلاد أمام الأجانب يشكّل أيضاً وسيلة لبناء علاقات دولية. واعتبر جمال أن التبادل السياحي يساهم في "تقريب الشعوب، وتعزيز التفاهم المتبادل، وتبادل الخبرات الثقافية"، مشدداً على أن الزائر الأجنبي الذي يشاهد الحياة الأفغانية عن قرب، "يبني جسوراً من الثقة والاحترام بين الشعوب".
رغم أن معظم القيود لا تزال مفروضة بصرامة على النساء الأفغانيات، إلا أن النساء الأجنبيات يحظين بمرونة نسبية، إذ يُسمح لهن غالباً بدخول أماكن ممنوعة على المحليات، وغالباً لا يُطلب منهن تغطية وجوههن، وإن كان الحجاب لا يزال إلزامياً في الأماكن العامة.
وبينما تبقى الأبواب مواربة أمام الزوار، تراهن حكومة طالبان على أن هذا الانفتاح الجزئي قد يفتح آفاقاً اقتصادية، وربما سياسية، في مستقبل ما يزال غامضاً.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل إيران دونالد ترامب غزة بنيامين نتنياهو سوريا إسرائيل إيران دونالد ترامب غزة بنيامين نتنياهو سوريا طالبان سياحة أفغانستان أفغانستان حرب إسرائيل إيران دونالد ترامب غزة بنيامين نتنياهو سوريا ضحايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس الشرق الأوسط فرنسا النزاع الإيراني الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
4 أعوام على حكم طالبان.. صعوبات يواجهها الأفغان رغم محاولات إنعاش الاقتصاد
كابل – تحلّ اليوم الجمعة 15 أغسطس/آب الجاري الذكرى الرابعة لعودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان وسط جدل واسع بشأن مسار الاقتصاد في البلاد بين الرواية الحكومية التي تتحدث عن تحسن المؤشرات المالية، وتقارير دولية تشير إلى استمرار التحديات العميقة التي يواجهها الأفغانيون.
منذ سيطرة طالبان عام 2021 وانسحاب القوات الدولية، واجهت البلاد تحولات اقتصادية جذرية تمثلت في عزلة دولية خانقة، وانقطاع معظم المساعدات الخارجية التي كانت تشكل شريانًا رئيسيا لتمويل الخدمات والمشاريع التنموية.
ومع ذلك، تقول الحكومة الحالية إن النظام المصرفي بدأ يستعيد عافيته، مشيرة إلى ارتفاع حجم الودائع في البنوك واستقرار سعر صرف العملة الأفغانية خلال العام الأخير.
لكن على الأرض، تبدو الصورة أكثر تعقيدا، إذ تؤكد بيانات البنك الدولي والأمم المتحدة أن مستويات الفقر لا تزال مرتفعة، وأن معدلات البطالة والتضخم تلقي بظلالها على الأسواق.
ويواجه كثير من التجار والمزارعين صعوبة في الحصول على السيولة النقدية، في حين تشهد الأسواق تقلبات في الأسعار أثرت بشكل مباشر على القوة الشرائية للأسر.
على الرغم من تصريحات الحكومة الأفغانية التي تتحدث عن "تحسن ملحوظ" في وضعية الودائع المصرفية واستعادة الاستقرار النقدي، فإن البيانات الصادرة عن جهات مستقلة تبرز صورة مختلفة تماما للأوضاع المالية في البلاد.
ففي فبراير/شباط 2024، أكّد الملا عبد الغني برادر نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن "بعض البنوك تواجه مشاكل في السيولة"، ودعا مالكيها إلى العودة إلى أفغانستان لدعم القطاع المالي المحلي.
من جهته، أظهر تقرير للبنك الدولي أن إجمالي الودائع في القطاع المصرفي الأفغاني تراجع بنسبة 9% في عام 2022، إلا أنه بدأ في التعافي بنسبة 5.2% عام 2023، مما يعكس تحسنا طفيفا بعد سنوات من الانخفاض الحاد.
إعلانويزيد من حدة الأزمة تجميد احتياطات البنك المركزي الأفغاني في الخارج، التي تبلغ نحو 9.5 مليارات دولار، منذ سيطرة طالبان على الحكم، مما يحد من قدرة الحكومة على ضخ السيولة النقدية في الأسواق ودعم الاستثمارات والمشاريع التنموية.
القيود على السحبأدى تجميد احتياط البنك المركزي في الخارج إلى قيود فعلية على سحب الأموال من البنوك، وأدى إلى تحديد سقوف للسحب الأسبوعية كالتالي:
حسابات الدولار الأميركي: سحب حتى 5 آلاف دولار أسبوعيا بزيادة عن الحد السابق البالغ ألفي دولار. حسابات الأفغاني (اسم العملة المحلية): السحب الأسبوعي حتى 350 ألف أفغاني بعد أن كان 150 ألفا. الحسابات ذات الأرصدة الكبيرة: لا توجد حدود للسحب للأفراد الذين يمتلكون أرصدة تبلغ مليوني أفغاني أو 30 ألف دولار أميركي، وللشركات التي تمتلك أرصدة تصل إلى 3.5 ملايين أفغاني أو 50 ألف دولار أميركي.وتُظهر هذه القيود أن الحكومة تحاول السيطرة على السيولة النقدية في الأسواق، لكنها في الوقت نفسه تحد من قدرة المواطنين على الوصول الكامل لأموالهم، مما يؤثر على سلوكهم المالي والاقتصادي، ويزيد من اعتمادهم على التحويلات والدخل غير الرسمي.
وفي تعليق للجزيرة نت، يقول الخبير الاقتصادي الأفغاني بشير دوديال إن "الاحتياطات المجمدة والقيود المصرفية تشكل عائقا رئيسيا أمام النمو الاقتصادي، فهي تحد من قدرة الحكومة على تمويل المشاريع الأساسية وتحقيق استقرار الأسعار، وبالتالي فإن أي حديث عن استعادة الاستقرار النقدي يظل نسبيا في ظل هذه القيود".
من ناحية أخرى، تواجه الأسر الأفغانية صعوبة متزايدة في تلبية احتياجاتها الأساسية، حيث ارتفاع الأسعار لا يقتصر على الغذاء فقط، بل يشمل الوقود والكهرباء والمواد الطبية، مما يزيد من الضغوط على الأسر ذات الدخل المحدود. وفي الأسواق المحلية، يؤكد المواطنون أن قدرتهم على شراء كميات كافية من الحبوب والزيوت واللحوم تقلصت بشكل كبير.
حامد، وهو تاجر في سوق كابل المركزي، يقول للجزيرة نت إن "أسعار كل شيء ارتفعت بشكل ملحوظ، ونحن مضطرون لرفع أسعار البضائع لتغطية التكاليف، لكن الزبائن لا يملكون المال الكافي للشراء".
ويشير خبراء اقتصاديون محليون إلى أن ارتفاع التضخم مرتبط بعدة عوامل، أبرزها توقف الدعم الدولي، وتراجع التحويلات المالية، ونقص السيولة في البنوك.
ورغم محاولات حكومة طالبان لضبط الأسعار وتنظيم الأسواق، فإن محدودية الموارد المالية وعدم وجود استثمارات كافية تجعل هذه المحاولات غير فعّالة على نطاق واسع.
ووفق دراسة حديثة من "مركز الدراسات الاقتصادية الأفغاني"، يواجه نحو 60% من السكان صعوبة في تأمين الغذاء اليومي، في حين انخفض متوسط الاستهلاك الفردي بنسبة 30% منذ 2021، مما يعكس الضغوط الاقتصادية المباشرة على حياة المواطنين.
يعاني الشباب الأفغاني من أزمة حقيقية في سوق العمل، إذ تشير بيانات رسمية صادرة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الأفغانية والبنك الدولي إلى أن نسبة البطالة بين الشباب تبلغ نحو 16.7%، في حين يعمل جزء كبير منهم في وظائف غير رسمية أو موسمية.
إعلانفي العاصمة الأفغانية كابل، يقول عبد الودود ناصري، خريج جامعة كاردان الأهلية، "تخرجت منذ عامين، لكن لا توجد فرص عمل مناسبة، لذلك أعمل مؤقتًا في متجر صغير لبيع البقالة لتغطية احتياجاتي اليومية".
ودفع ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة التضخم الشباب للاعتماد على أعمال صغيرة أو على التحويلات المالية من المغتربين لدعم أسرهم، في وقت تتعرض فيه المشاريع الصغيرة لضغوط مستمرة بسبب ندرة السيولة وارتفاع أسعار المواد الخام.
إرسال العمالةفي محاولة لتخفيف حدة البطالة بين الشباب، بدأت الحكومة الأفغانية في دعم برامج إرسال العمالة الأفغانية إلى الخارج بما في ذلك إلى دولة قطر.
ووفقا لبيانات رسمية، تم تسجيل نحو 1800 عامل أفغاني للعمل في قطر ضمن اتفاقية بين الحكومة الأفغانية والدوحة بهدف توفير فرص عمل بديلة وتحويل العملات الأجنبية لدعم الاقتصاد المحلي.
تستهدف هذه المبادرة العاطلين عن العمل، خاصة أولئك العائدين من إيران وباكستان، وتشمل 22 فئة وظيفية، من بينها الهندسة الكهربائية، وصيانة السيارات الكهربائية، والطهي، وخدمات الفنادق، وقيادة الحافلات، ورعي المواشي. وتم تسجيل المشاركين في أربع مدن رئيسية هي كابل وقندهار وهرات وننغرهار.
ويقول مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للجزيرة نت، فضّل حجب اسمه، إن "هذه البرامج تهدف إلى منح الشباب فرص عمل بديلة، وتحويل العملات الأجنبية إلى الداخل لدعم الاقتصاد المحلي"، مؤكدًا أن الحكومة تعمل على توسيع برامج التدريب المهني والتأهيل للعمال قبل إرسالهم لضمان تناسب مهاراتهم مع متطلبات السوق الخارجي.
مشاريع تنمويةتؤكد الحكومة الأفغانية بقيادة طالبان أنها أحرزت تقدما ملموسا في استقرار الاقتصاد خلال السنوات الأربع الماضية، رغم العقوبات والعزلة الدولية.
ويقول وزير الطاقة والمياه الأفغانية عبد اللطيف منصور، في تصريحات حديثة، إن الحكومة تمكنت من تمويل مشروعات بنية تحتية كبرى من الميزانية الوطنية دون الاعتماد على المساعدات الخارجية، من بينها سد "باشدان" في ولاية هرات الذي افتتح قبل أيام بكلفة 117 مليون دولار لتأمين المياه لأكثر من 13 ألف هكتار من الأراضي الزراعية وتوليد نحو ميغاواتين من الكهرباء.
إلى جانب ذلك، يُعد مشروع "قناة قوش تيبه" من أبرز المبادرات الإستراتيجية في شمالي أفغانستان، ويهدف إلى تحويل نحو 550 ألف هكتار من الأراضي الصحراوية إلى أراضٍ زراعية خصبة، مما يعزز الأمن الغذائي ويزيد الإنتاج المحلي من القمح والخضروات.
كما أطلقت الحكومة مشاريع لإعادة تأهيل الطرق بين الولايات، وتوسيع شبكات الري، وتشجيع الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح والخضروات.
وتقول وزارة المالية الأفغانية إن حجم الودائع في البنوك المحلية شهد زيادة خلال العام الماضي بنسبة تقارب 15%، مما تعدّه مؤشرا على "استعادة الثقة في النظام المصرفي".
وفي سياق متصل، قال الدكتور عبد اللطيف نظري نائب وزير الاقتصاد الأفغاني للجزيرة نت إن الاقتصاد الأفغاني "في حالة طبيعية وعادية"، مشيرا إلى أن عمليات التصدير والاستيراد تسير بشكل منتظم، وأن القطاع المصرفي يتمتع باستقرار جيد، والإيرادات الوطنية تحت السيطرة، والنفقات الحكومية تُدفع بشكل طبيعي.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي الأفغاني بشير دوديال أن "الاقتصاد الأفغاني يواجه تحديات هيكلية عميقة لا يمكن حلها بالإجراءات المؤقتة أو الاعتماد على الموارد الداخلية فقط".
وأضاف دوديال للجزيرة نت أن ارتفاع التضخم، ونقص الاستثمارات الأجنبية، وقيود التعاملات المالية مع الخارج، كلها عوامل تجعل تحقيق نمو مستدام أمرا صعبا على المدى القصير، مؤكدا أن التركيز على تعزيز القطاعات الإنتاجية وفتح قنوات تجارية مع الخارج سيكون المفتاح لتقليل البطالة وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
رغم النمو الاقتصادي البطيء، لا يزال الاقتصاد الأفغاني يواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل استمرار البطالة، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.
إعلانووفقا للبنك الدولي، سجل الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان نموا بنسبة 2.5% في عام 2024، مدفوعا بشكل رئيسي بقطاع الزراعة، في حين تظل القطاعات الأخرى مثل التصنيع والخدمات في حالة ركود بسبب بيئة الأعمال غير المواتية وقيود التصدير وتراجع المساعدات الخارجية.
ورغم التحديات الاقتصادية، فإن أفغانستان شهدت تحسنا طفيفا في معدلات التضخم خلال عام 2025، حيث بلغ معدل التضخم السنوي نحو 0.3% في مارس/آذار الماضي بعد أن كان في انكماش خلال معظم عام 2024.
ويعكس هذا التحسن بداية تعافي النشاط الاقتصادي، إلا أن البلاد لا تزال تواجه تحديات كبيرة في تحقيق استقرار اقتصادي مستدام.