هل على الزوجة خدمة الزوج بدون مقابل؟.. علي جمعة يرد: لا يعجبني
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
لاشك أن مسألة هل على الزوجة خدمة الزوج بدون مقابل ؟ تعد من الأمور التي تشغل الكثير من الأزواج والزوجات، بل يمكن اعتبارها محل نزاع وحيرة وخلاف وسببًا لكثير من المشكلات الزوجية بين الرجل والمرأة ، ومن ثم فإنه الكثير من المشاكل قد تتوقف بتحديد هل على الزوجة خدمة الزوج بدون مقابل أم لا؟، لعلها تكون مفتاح مناسب لحياة زوجية سعيدة وتنهي النواعات بينهما ، وهذا ما يبين أهمية معرفة هل على الزوجة خدمة الزوج بدون مقابل ؟ لكل من الرجل والمرأة .
قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه عند الذهاب للقاضي ونسأله هل يجب على الزوجة أن تعمل في بيتها وتخدم زوجها وأبنائها من غسيل وتنظيف وكي الملابس وطبخ وحمل وإنجاب ورضاعة وما نحوها من أعمال منزلية بدون مقابل ، فينظر القاضي في الكتب ، فيجد الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة ، ذهبوا إلى أن الزوجة ليس عليها خدمة
وأوضح " جمعة" عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: ( هل على الزوجة خدمة الزوج بدون مقابل ؟)، أن الإمام أبي حنيفة النعمان يرى أن عليها خدمة عكس جمهور الأئمة الثلاثة ، قائلاً: وهذا لا يعجبني أي لا يعجبني الذهاب إلى القاضي في مثل هذه المسائل .
وتابع: فالعلاقة الزوجية ليست شركة تجارية ، تبيع وتشتري وتكسب وإنما هي إنسانية، فالعلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة هي علاقة ود ورحمة وسكينة وحب وعطاء ليس لها مثيل، منوهًا بأن السيدة فاطمة -رضي الله تعالى عنها- بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ثقلت عليها الأعمال المنزلية وذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشكو له تعبها من الخدمة في بيتها، فلم يأت بالإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - ولم يقل له أنها ليس عليها خدمة.
وأضاف: وإنما أمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بالخدمة الباطنة وأمر زوجها - علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه - بالخدمة الظاهرة، بمعنى أن كل ما يتعلق بالمنزل تقوم به الزوجة ، أما كل ما يكون له خروج وسعي وجري وكد وتعب يقوم به الزوج، فخارج البيت هو يذهب ويحصل الأرزاق ويعمل ويأتي بلقمة العيش ومصاريف البيت والأولاد وما نحوه من التزامات.
ونبه إلى أن هذا ما أقره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة فاطمة سيدة نساء العالمين - رضي الله تعالى عنها - وكان يقول البخاري عليها السلام، فهذا ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أبوها وكان يحبها ويقول " إنما فاطمة بضعة مني" ، لكن سلك بالأمر مسلك فقه الحياة ، وقال لها ساعدي زوجك واخدميه وأبنائك ، رغم أنها تشكو له تعبها .
وأشار إلى أن الإمام الشافعي يقول: “ وتلك سنة حسنة وفق الله تعالى نساء المسلمين إليها ” من طنجا إلى جاكارتا ومن غانا إلى فرغادة في العالم كله، لافتًا إلى أن هذا توفيق من الله تعالى أن تقوم الزوجة بأعمال المنزل ، ففي فقه الحياة ، فإذا تعبت الزوجة يجب أن يعالجها الزوج لأن العلاج أصبح من أساسيات مقتضيات الحياة ، فهناك هيئة دوائية متكاملة لشفائها.
وأفاد قائلاً: أما فقه التقاضي يقول أن المرأة لو معها مال تنفق هي على علاجها، فهناك فرق بين فقه التقاضي عند الأزمة و فقه الحياة الذي يوجب على الرجل الإنفاق على الأهل والزوجة ونفقة علاجها عليه ، لذا ينبغي الانتباه إلى الفرق بين فقه القضاء وفقه الحياة ، مشيرًا إلى أن الديانة تميل إلى فقه الحياة بنسبة 95 في المئة ، وإلى فقه القضاء فقط 5 %.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خدمة الزوج علي جمعة صلى الله علیه وسلم الله تعالى رسول الله رضی الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
صفة عباد الرحمن .. تعرّف عليها واحرص أن تكون منهم
كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورًا جديدًا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه: قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ (الفرقان: 63). فكانت أولُ صفةٍ لعبادِ الرحمن أنهم يمشون على الأرض هونًا.
وأوضح أن الهونُ في اللغة: الرفقُ واللين. ومنه ما جاء في الحديث: «أَحْبِبْ حبيبَكَ هونًا ما، عَسَى أَنْ يكونَ بَغيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغيضَكَ هونًا ما، عَسَى أَنْ يكونَ حبيبَكَ يومًا ما» [رواه الترمذي]، أي: حبًّا مقتصدًا لا إفراط فيه ولا تفريط.
ويُروى مُرسَلًا عن مكحول أنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «المؤمنون هَيِّنون لَيِّنون كالجملِ الأنف: إن قِيدَ انقاد، وإن أُنيخَ استناخَ على صخرة»؛ وذكره البيهقي في [شُعَب الإيمان]، والمراد: أن المؤمن لينٌ سهلٌ.
وبين ان فمعنى الآية: أن مشيَهم على الأرض يكون في لينٍ وسكينةٍ ووقارٍ وتواضع، وهذا كله ضدُّ الكِبر، وهو يتفق مع قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ (الإسراء: 37).
أشار إلى أن عدمُ الكِبر يجعل الإنسانَ يعرف حقيقتَه وأنه محدودٌ؛ فيلتفت إلى وظيفته الحقيقية في هذا الوجود، وهي: عبادةُ الله، وعمارةُ الكون، وتزكيةُ النفس.
ويتفق ذلك مع وصيةِ لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (لقمان: 18).
وقال زيد بن أسلم: كنتُ أسأل عن تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ فما وجدتُ فيه شفاء، فرأيتُ في المنام مَن جاءني فقال لي: هم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض. (القرطبي)؛ وقيل: يمشون بالوقار والسكينة.
وهو معنى جليلٌ نبه إليه كثيرٌ من المفسرين. فقال القشيري: «وقيل: لا يمشون بإفسادٍ ومعصية، بل في طاعة الله، والأمورِ المباحة من غير هوك» (والهوك: الحمق). وقال ابن عباس: بالطاعة والمعروف والتواضع.
وقال الحسن: حلماءُ إن جُهل عليهم لم يجهلوا. وقيل: لا يتكبرون على الناس. وهذه كلها معانٍ متقاربة، ويجمعها العلم بالله، والخوف منه، والمعرفة بأحكامه، والخشية من عذابه وعقابه. (تفسير القرطبي)
ونوّه أن الهونُ هنا صفةٌ لعباد الرحمن، وليس صفةً للمشي وحده؛ لأن الإنسان قد يمشي برفقٍ وفي حقيقته وذات صدره هو ذئب؛ كما قيل:
كلُّهم يمشي رويدًا ** كلُّهم يطلبُ صيدًا
والنبي ﷺ يقول للسيدة عائشة رضي الله عنها: «إنَّ الرفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلا زانَه، ولا يُنزعُ من شيءٍ إلا شانَه» (رواه مسلم).
فهذه صفةٌ تحتاج إلى كثيرٍ من ضبط النفس والتربية. وما أحوجَنا إليها في عصرنا الحاضر؛ حتى نخرج من مصائبِ الكِبر الذي ما دخل في أمةٍ إلا أهلكها، ومن مصائبِ الفساد الذي ما شاع في قومٍ إلا أخرجهم من دائرة الرضا والقناعة إلى دائرة الطمع والحمق. فإن أساس الإفساد في الأرض وارتكاب الحرام وظلم الناس إنما هو ذلك الطمع، وما يكتنفه من عنفٍ في طلبه.
قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (القصص: 83).
ونلاحظ هنا أن الله سبحانه وتعالى نهى عن مجرد إرادة العلو، فما بالك بنفس الفعل. وفي الحديث: «ألا أُخبرُكم بأهلِ النار؟ كلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مستكبر» (رواه البخاري ومسلم).
والعُتُلّ: قيل هو الغليظ العنيف، الشديد الخصومة في الباطل، والجَوّاظ: قيل الكثير اللحم المختال في مشيته (وقيل فيه غير ذلك).
ويحتاج الأمرُ منا إلى تتبع مادة "فسد" في القرآن الكريم لرسم ملامح ذلك الفساد المنهي عنه، وكذلك في السنة؛ لأن تحديد المفاهيم أصبح من الواجبات الكبار؛ فكثيرٌ من الناس يرى المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا، ويرى الصلاح فسادًا، والفساد صلاحًا. ويمكن تحقيق ذلك بأن نتتبع ما يحبه الله وما لا يحبه في القرآن الكريم حتى نحدد مفهوم الصلاح والفساد.