نظمت سفارة مصر في باريس مشاورات مع كل سكرتارية منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" ووزارة الخارجية الفرنسية حول إسهام مصر في العلاقات متعددة الأطراف علي هامش حضور اجتماعات المجلس التنفيذي للمنظمة التي ألقى كلمة مصر فيها السيد الدكتور محمد عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي.

فمن ناحية، عقد السفير عمرو الجويلى، مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولى لقاءين، مع كل من مساعد المديرة العامة لليونسكو للعلاقات الخارجية وأولوية أفريقيا"فيرمين ماتوكو" ومساعدة المديرة العامة لليونسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية "جابريلا راموس" بمشاركة السفير علاء يوسف مندوب المندوب الدائم لدى اليونسكو بمقر المنظمة في باريس.

وتناولت المشاورات مع قطاع العلاقات الخارجية وأولوية أفريقيا سكراتارية اليونسكو عرضاً لأبرز مجالات التعاون القائم مع مصر بالتركيز على تعزيز التعاون في حماية التراث والثقافة، لاسيما في ظل الإرث الثقافي العريق الذي تتمتع به مصر، ومكافحة الإتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، والاستفادة من خبرات اليونسكو في تطوير المنظومة التعليمية، والدعم الذي قدمته المنظمة لبنك المعرفة المصري وغيره من المبادرات الوطنية مثل "حياة كريمة" عبر مراكز التعليم المجتمعى، وأنشطة عام التعليم في أفريقيا.

كما تطرقت إلى التعاون في قطاع العلوم، وعقد أول ندوة عربية عن "التكنولوجيا العصبية" بمصر.

وعبر مساعد وزير الخارجية عن التطلع لتعزيز التعاون في مجال المياه لاسيما من خلال مبادرة "أصدقاء النيل"، إضافة إلى تعزيز التعاون الثلاثي مع اليونسكو لصالح أفريقيا والعالم العربى بمختلف مجالات المنظمة من جانب، ومن جانب آخر أشار إلى إطلاق برنامج مشترك مع الأمم المتحدة حول للصحة والتعليم للاجئين داعياً اليونسكو لدعم المجتمعات المستضيفة والمدارس والمؤسسات الدراسية المصرية التي تقدم الخدمات التعليمية للاجئين.

وركز مساعد وزير الخارجية في المشاورات مع قطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية بسكرتارية اليونسكو على تعزيز التعاون مع اليونسكو في مجال الذكاء الاصطناعي، عارضاً للمبادرات التي تقودها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومن ضمنها إنشاء المجلس الوطني للذكاء الاصطناعى وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي واعتماد الميثاق المصري للذكاء الاصطناعى المسئول وإصدار "دليل (كتالوج) لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ومشاركة الوزارات المختلفة في تطوير التطبيقات المختلفة للذكاء الإصطناعي.

كما نوه إلى الدور الرائد لمصر إقليمياً، فعلى صعيد الاتحاد الأفريقي، تترأس مصر منذ عام 2019 مجموعة العمل الأفريقية حول الذكاء الاصطناعي. واستضافت في عام 2021، اجتماع المجموعة والذي أسفر عن وثيقة المبادئ العامة الأفريقية "؛ ثم تم إطلاق الإستراتيجية الافريقية للذكاء الاصطناعي على مستوى الوزراء المعنيين في شهر يونيو 2024؛ وعلى صعيد جامعة الدول العربية تتولى مصر رئاسة مجموعة العمل الخاصة بالذكاء الاصطناعي التي تعكف على بلورة الإستراتيجية العربية.

من جانبها، أبرزت مساعدة المديرة العامة لليونسكو ريادة اليونسكو في مجال الذكاء الاصطناعي وفي مقدمتها اعتماد أول توصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي عام ٢٠٢١ ، ونوهت بالمشاركة النشطة لمصر في التوصل إلى تلك التوصية.

وأشارت إلى أن الميثاق الرقمي العالمي الذى اعتمدته قمة المستقبل بالأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضى يدشن مرحلة جديدة من التعاون الدولى في هذا المجال تتزامن مع طرح اليونسكو لنموذج مجالس الأعمال لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وإعداد تقارير الدول الأعضاء الوطني عن "منهجية تقييم الجاهزية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعى.

من ناحية أخرى، عقد مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولى لقاءين بوزارة الخارجية الفرنسية مع كل من السفير "جيوم أولانييه" مدير إدارة الشئون الاستراتيجية والأمنية ونزع السلاح،والسفيرة "بياتريس دو إلن" مديرة إدارة الأمم المتحدةوالمنظمات الدولية وحقوق الانسان والفرانكوفونية.

وعرض مساعد وزير الخارجية لموقف مصر الراسخ المطالب بتنفيذ التزامات نزع السلاح النووي الواردة في إطار مؤتمرات مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي تعقد لجنتها التحضيرية الثالثة في أبريل القادم. وأبرز كذلك مبادرة مصر الرائدة لعقد مؤتمر الأمم المتحدة لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط الذى يعقد دورته الخامسة خلال الفترة من 18 إلى 22 نوفمبر 2024 في نيويورك، وأخيراً إسهام مصر الموضوعى المتصاعد بشأن تناول المنتديات متعددة الأطراف للتكنولوجيات البازغة سواء في مجال الفضاء الخارجي أو الفضاء السيبرانى.

وحول موضوعات الأمم المتحدة، ثمن مساعد وزير الخارجية التنسيق الوثيق مع فرنسا حول الترشيحات الدولية، مبرزاً أولوية ترشيح مصر للدكتور خالد العنانى لتولى منصب مدير عام منظمة اليونسكو.

وتطرق كذلك إلى كون مصر من أكبر الدول المساهمة بقوات وشرطة في عمليات حفظ السلام الأممية، إضافة إلى دورها الرائد في بناء القدرات من خلال مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، ومفاهيمياً من خلال " منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين" داعياً فرنسا إلى تعزيز الشراكة الثنائية في تلك المحافل المعنية بصيانة السلم والأمن الدوليين، مبرزاً المسئولية الرئيسية لمجلس الأمن في هذا الصدد، ومذكراً بالموقف الأفريقي المشترك لإصلاح وتوسيع مجلس الأمن.

ونوه إلى مساهمة مصر النشطة في أنشطة المنظمة الدولية للفرانكوفونية، واستضافتها لأحد أفرعها الرئيسية ممثلة في "جامعة سنجور" والعمل القائم على الانتقال إلى المقر الجديد الموسع بالإسكندرية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سفارة مصر باريس مشاورات منظمة الأمم المتحدة وزارة الخارجية مساعد وزیر الخارجیة الذکاء الاصطناعی متعددة الأطراف الأمم المتحدة تعزیز التعاون فی مجال مصر فی

إقرأ أيضاً:

هل تنجو الديمقراطية من شرور الذكاء الاصطناعي؟

كان من المفترض أن تعمل التكنولوجيا الرقمية على توزيع السلطة ونشرها على نطاق واسع. كان الحالمون في زمن الإنترنت المبكر يأملون أن يتسنى للثورة التي كانوا يطلقون لها العنان تمكين الأفراد من تحرير أنفسهم من الجهل والفقر والاستبداد. ولفترة من الزمن، على الأقل، فعلت ذلك حقا. ولكن اليوم، تتنبأ الخوارزميات المتزايدة الذكاء بكل خياراتنا وتشكلها، مما يتيح أشكالا فَـعّالة غير مسبوقة من المراقبة والتحكم المركزيين دون إخضاعها لأي مساءلة.

هذا يعني أن ثورة الذكاء الاصطناعي القادمة قد تجعل الأنظمة السياسية المنغلقة أكثر استقرارا من الأنظمة المفتوحة. في عصر يتسم بالتغيير السريع، قد تُـثـبِـت الشفافية، والتعددية، والضوابط والتوازنات، وغير ذلك من السمات الديمقراطية الرئيسية كونها تَـبِـعات ومعوقات. هل يصبح الانفتاح الذي منح الديمقراطيات ميزتها لفترة طويلة السبب وراء تراجعها؟ قبل عقدين من الزمن، رسمتُ "منحنى على هيئة الحرف J" لتوضيح العلاقة بين انفتاح أي بلد واستقراره. كانت حجتي باختصار أنه في حين تتمتع الأنظمة الناضجة بالاستقرار بسبب انفتاحها، وتستقر الأنظمة الأوتوقراطية الراسخة لأنها منغلقة، فإن البلدان العالقة في الوسط الفوضوي (الواقعة عند أسفل المنحنى "J") أكثر عرضة للانهيار تحت الضغوط.

لكن هذه العلاقة ليست ثابتة؛ فهي تتشكل بفعل التكنولوجيا. في ذلك الوقت، كان العالم يمتطي موجة من إبطال المركزية. كانت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) والإنترنت تربط الناس في كل مكان، وتسلحهم بمعلومات أكثر من تلك التي كان بوسعهم الوصول إليها في أي وقت مضى، وتقلب الموازين لمصلحة المواطنين والأنظمة السياسية المفتوحة. ومن سقوط سور برلين والاتحاد السوفييتي إلى الثورات الملونة في أوروبا الشرقية، بدا التحرر العالمي عنيدا لا يلين. منذ ذلك الحين، انقلب هذا التقدم في الاتجاه المعاكس. فقد أفسحت ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات اللامركزية المجال لثورة بيانات مركزية مبنية على تأثيرات الشبكة، والمراقبة الرقمية، والوكز الخوارزمي. وبدلا من نشر السلطة، عملت هذه التكنولوجيا على تَـرَكُّـز السلطة، ومنحت أولئك الذين يتحكمون في أكبر مجموعات البيانات ــ سواء كانوا من الحكومات أو شركات التكنولوجيا الكبرى ــ القدرة على تشكيل رؤية وأفعال ومعتقدات مليارات من البشر. مع تحوّل المواطنين من وكلاء رئيسيين إلى أدوات للتصفية التكنولوجية وجمع البيانات، اكتسبت الأنظمة المنغلقة الأرض. وانـتُـزِعَـت المكاسب التي حققتها الثورات الملونة. في المجر وتركيا جرى تكميم الصحافة الحرة وتسييس السلطة القضائية. وعمل الحزب الشيوعي الصيني، على تعزيز سلطته وعكس مسار عقدين من الانفتاح الاقتصادي. والأمر الأكثر دراماتيكية أن الولايات المتحدة تحولت من كونها الـمُـصَـدِّر الرئيسي للديمقراطية في العالم ــ وإن كان ذلك على نحو غير متسق ويتسم بالنفاق ــ إلى الـمُـصَـدِّر الرئيسي للأدوات التي تقوضها. سوف يؤدي انتشار قدرات الذكاء الاصطناعي إلى دفع عجلة هذه الاتجاهات. وقريبا، سوف "تَـعـرِفُـنا" النماذج المدرّبة على بياناتنا الخاصة على نحو أفضل مما نعرف أنفسنا، وتبرمجنا بسرعة أكبر مما نستطيع نحن برمجتها، وتنقل مزيدا من السلطة إلى القِـلة التي تتحكم في البيانات والخوارزميات. هنا، ينحرف المنحنى على هيئة حرف "J" ويصبح أشبه بحرف "U" ضحل. ومع انتشار الذكاء الاصطناعي، ستصبح كل من المجتمعات المنغلقة بإحكام والمجتمعات الشديدة الانفتاح أكثر هشاشة نسبيا مما كانت عليه. ولكن بمرور الوقت، ومع تحسن التكنولوجيا وتوطيد السيطرة على النماذج الأكثر تقدما، يصبح بوسع الذكاء الاصطناعي ترسيخ الأنظمة الاستبدادية وإضعاف الديمقراطيات، وهذا كفيل بقلب شكل المنحنى مرة أخرى ليصبح على هيئة حرف J مقلوب يحابي سَـفحُـه المستقر الآن الأنظمة المنغلقة. في هذا العالم، سيكون بمقدور الحزب الشيوعي الصيني تحويل مخزونه الهائل من البيانات، وسيطرة الدولة على الاقتصاد، وأجهزة المراقبة القائمة، إلى أداة أشد قوة. وسوف تنجرف الولايات المتحدة نحو نظام نَـهَّـاب يعمل من أعلى إلى أسفل، حيث يفرض نادٍ صغير من عمالقة التكنولوجيا قدرا متناميا من النفوذ على الحياة العامة سعيا إلى تحقيق مصالح خاصة. وسوف يصبح كل من النظامين مركزيا ــ ومهيمنا ــ على حساب المواطنين. وسوف تنحو دول أخرى ذات المنحى، بينما تواجه أوروبا واليابان انعدام الأهمية الجيوسياسية (أو ما هو أسوأ من ذلك، انعدام الاستقرار الداخلي) مع تخلفها في السباق نحو سيادة الذكاء الاصطناعي.

الواقع أن السيناريوهات البائسة كتلك الموضحة هنا من الممكن تجنبها، ولكن فقط إذا انتهت الحال بنماذج الذكاء الاصطناعي اللامركزية المفتوحة المصدر في نهاية المطاف إلى القمة. في تايوان، يعمل مهندسون ونشطاء في تايوان على حشد المصادر الجماعية لتمويل نموذج مفتوح المصدر مبني على منصة DeepSeek، على أمل إبقاء الذكاء الاصطناعي المتقدم في أيدي مدنيين وليس بين أيدي الشركات أو الدولة. (من عجيب المفارقة هنا أن حتى منصة DeepSeek جرى تطويرها في الصين). قد يؤدي نجاح هؤلاء المطورين التايوانيين إلى استعادة بعض من اللامركزية التي وعدت بها الإنترنت الـمُـبَـكِّرة ذات يوم (وإن كان من الممكن أيضا أن يخفض الحاجز الذي يحول دون تمكين قوى خبيثة من نشر قدرات ضارة). ولكن في الوقت الراهن، يكمن الزخم في نماذج منغلقة تعمل على تركيز السلطة. يقدم لنا التاريخ على الأقل بصيصا من الأمل. كانت كل ثورة تكنولوجية سابقة ــ من المطبعة والسكك الحديدية إلى وسائط الإعلام المرئية والمسموعة ــ تتسبب في زعزعة استقرار السياسة ثم الدفع قسرا بمعايير ومؤسسات جديدة أعادت في النهاية التوازن بين الانفتاح والاستقرار. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت الديمقراطيات قادرة على التكيف مرة أخرى، وفي الوقت المناسب، قبل أن يشطبها الذكاء الاصطناعي من النص.

إيان بريمير مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا وشركة GZERO Media، وعضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى للأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي.

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفرنسية تدين مشروع إسرائيل الاستيطاني في الضفة
  • وزير الخارجية يعقد جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء الفلسطيني غدًا
  • مساعد وزير الخارجية الأسبق: تصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى" انتهاك فاضح
  • مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: الشعب يمتلك القدرة على المقاومة
  • يدًا بيد لجعل الذكاء الاصطناعي أداة لنفع الإنسانية
  • الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأورام «خطر»
  • د. محمد بشاري يكتب: الإفتاء في زمن الذكاء الاصطناعي
  • وزير الأوقاف الأردني السابق لـ"الوفد": تأهيل المفتين والتوعية ضرورة لمواجهة الذكاء الاصطناعي
  • هل تنجو الديمقراطية من شرور الذكاء الاصطناعي؟
  • وظائف شاغرة لدى الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي