لجريدة عمان:
2025-07-27@17:57:19 GMT

إيران وإسرائيل نحو حرب الفناء عبر تسع مراحل

تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT

تسير التوترات في منطقة الشرق الأوسط نحو التصاعد بعد السابع من أكتوبر العام الماضي، حينما هاجمت حماس إسرائيل واشتعلت حينها عواصف العنف في المنطقة. في هذه الفترة، أرى أن الحرب وصلت إلى ذروتها بعد عام على هجوم السابع من أكتوبر، حيث اجتاحت القوات الإسرائيلية الأراضي اللبنانية عبر البر.

تبرر إسرائيل الهجوم البري على لبنان بأنه يأتي في إطار مواجهة حزب الله، والسعي إلى تدميره، وبعد أكثر من 12 شهرًا من المواجهة المتبادلة بين إسرائيل وإيران عبر حلفائها، نرى اليوم تصاعدًا في حدة المواجهة، وإن بدا ذلك بشكل تدريجي، حيث ترتبط جماعة حزب الله بإيران ارتباطًا وثيقًا، والتي تدعمها بشكل علني.

تكمن المخاوف المتزايدة في أن تتحول المواجهات بين إسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى، إلى تصعيد يُشعل شرارة في العلاقات الدولية، فمن الممكن أن تُشعل هذه الشرارة صراعًا على المستوى الدولي.

ولقياس ذلك ومعرفة مدى خطورته، يمكن الرجوع إلى نظرية «تصعيد الصراع» المكونة من تسع مراحل.

في عام 1997، قام الخبير الاقتصادي النمساوي «فريدريش جلاسل» بنشر نموذج أعده، وقد تكوّن النموذج من تسع مراحل لتصعيد الصراع، ويُعتبر نموذجه الأكثر قبولًا على المستوى العالمي، إذ هو بمثابة الدراسة الأكثر واقعية في مسألة تطور الصراعات والخلافات لتصل إلى المرحلة الأخيرة، وهي الصراع الشامل، وما أطلق عليه «معًا إلى الهاوية».

المرحلة الأولى التي وضعها «جلاسل» هي محاولة التهدئة بين طرفي النزاع بالوسائل البسيطة، والتي غالبًا ما تبوء بالفشل وتزيد من تعنت الأطراف وإصرارها، حيث يبدأ الإحباط في التزايد، لينتقل الوضع إلى الخطوة الثانية، وهذا الانتقال طبيعي جدًا، حيث يسعى كل طرف إلى إثبات أحقيته في القضية، ومحاولة كل منهما الحصول على التأييد العالمي على المستوى الشعبي والحكومي.

أما المرحلة الثالثة من النموذج، فتكمن في بدء طرفي الخصام باتخاذ الإجراءات الحادة، رافضين التنازل عن حقوقهما ومبادئهما للطرف الآخر، وفي تلك المرحلة يزول كل أمل في أن المناقشات قد تؤدي إلى تسوية الصراع أو التخفيف من حدته، حيث يتزايد العداء وتنعدم الثقة.

وفي هذه المرحلة، تسير الأوضاع نحو المرحلة الرابعة، التي يبرز فيها خطاب «نحن ضدهم»، أي محاولة كل طرف كسب التحالفات الدولية واستقطابها والحصول على الدعم.

وحين تنجح المرحلة الرابعة، تبدأ المرحلة الخامسة، وهي أن يشعر أحد الطرفين بما يسميه «جلاسل» بـ«خسارة الوجه»، حيث يشعر أحد طرفي الصراع بأن صورته أصبحت مشوهة أمام المجتمع الدولي.

تصل الأمور إلى المرحلة السادسة، وفيها يقوم كل طرف بإصدار البيانات التي تتضمن التهديدات والإنذارات النهائية، وهو ما قد يؤدي إلى تزايد حدة الأعمال العدائية، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز مصداقيته من خلال القيام بوضع جداول زمنية لتنفيذ التهديدات، وهذا ما يؤدي بطبيعة الحال إلى المزيد من الضغوط بين أطراف النزاع، وفي تلك المرحلة، يكون من الصعب على الأطراف أن تتراجع عن تدابيرها وتهديداتها، ما يمهد للانتقال إلى المرحلة السابعة، وهي مرحلة الانتقال من البيانات إلى الأعمال، حيث تبدأ الضربات بين الأطراف ردًا على تهديدات المرحلة السادسة.

أما في المرحلة الثامنة، فتشهد التوترات اشتدادًا في الضربات الهجومية والدفاعية، حيث يحاول كل طرف شل قدرات الآخر من خلال تدمير مراكز قوته، والتشكيك في شرعية حكومته، وفي كثير من الأحيان تشهد هذه المرحلة انفصالات سياسية بين أفراد الطرف الواحد، وهذا ما يجعل الأمر يخرج عن السيطرة بشكل متزايد.

وآخر مرحلة هي حينما يصبح أحد الأطراف مهددًا وجوديًا، وقد يسقط الطرفان معًا، وهو ما أسماه «جلاسل» بـ«معًا إلى الهاوية»، وفي تلك المرحلة، يتخلى الطرفان عن كل وسائل الحذر، والهدف الوحيد هو أن يقوم كل طرف بإنهاء الآخر وجوديًا، وهي حالة من الحرب الشاملة.

المرحلة الآن

بعد سنوات من العداء وتبادل الاتهامات بين الجانبين، تطور الصراع بين إسرائيل وإيران إلى مرحلة تبادل الضربات المحدودة، وقد ربطت التقارير إيران بالتخطيط لهجوم حماس في السابع من أكتوبر، إلا أن طهران نفت مؤخرًا أي دور لها في ذلك.

أما حزب الله، المرتبط بشكل وثيق بإيران، فقد شنّ على مدار عام هجمات صاروخية متواصلة من لبنان باتجاه شمال إسرائيل، وردًا على ذلك، قامت إسرائيل الآن بضرب مباشر لوكيل إيران «حزب الله»، حيث اجتاحت جنوب لبنان بهدف الاشتباك مع حزب الله ومحاولة تدميره.

يبدو أن كلا الطرفين يسعى إلى استعراض قوته ونفوذه في المنطقة، ولكن المخاطر قد تتزايد إذا شعرت إيران بضرورة حماية حلفائها بشكل عاجل، أما بالنسبة لإسرائيل، فإن قادتها طالما اعتبروا أن وجودها ذاته على المحك.

وبناءً على مراحل تصعيد الصراع وفقًا لنموذج «جلاسل»، يبدو أن البلدين قد وصلا إلى المرحلة السابعة، حيث يقومان بتبادل الضربات المحدودة، بينما يتجنبان الدخول في مواجهة مباشرة، يحاول كل طرف دفع خصمه إلى التفكير فيما إذا كانت تكلفة الاستمرار تستحق المكاسب المحتملة.

تشير الهجمات الجوية الإيرانية على إسرائيل إلى أن طهران ترى أن وضعها الإقليمي مهدد، إلا أنها لا تزال تسعى لدعم الفاعلين غير الحكوميين في غزة ولبنان، ورغم ذلك، فإن طريقة تنفيذ هذه الهجمات تدل على أن طهران لا تشعر بالقوة الكافية لتصعيد المواجهة بشكل أكبر.

وتقتصر الضربات المباشرة بين القوتين على الهجمات الجوية، حيث أطلقت إيران موجتين كبيرتين من الصواريخ على إسرائيل، الأولى في أبريل من هذا العام والثانية في نهاية سبتمبر، وقد تم الإعلان عنهما مسبقًا، ولم تسفر أي منهما عن سقوط ضحايا في الجانب الإسرائيلي على حد زعم الكيان.

في المقابل، ردت إسرائيل في أبريل بضربة موجهة استهدفت قاعدة جوية إيرانية قريبة من أحد منشآتها النووية. وحتى الآن لم ترد إسرائيل على الهجوم الإيراني الأخير، ولكن نتنياهو أشار إلى أن إسرائيل ستستهدف المنشآت العسكرية الإيرانية «استنادًا إلى احتياجاتها الأمنية الوطنية».

ويرى المحللون أن الطرفين، حتى الآن على الأقل، يستخدمان هذه الضربات المحدودة كإشارة إلى عدم رغبتهما في التصعيد. لكن المخاطر كبيرة؛ إذ تشعر إيران بأن وضعها كقوة إقليمية مهدد بسبب الحملة البرية الإسرائيلية في لبنان، بينما تؤكد إسرائيل مرارًا أنها تقاتل من أجل أمن شعبها. ويبدو أن كلا الطرفين لا يريدان حتى الآن المغامرة بالتوجه نحو «الهاوية» كما وصفها «جلاسل» في نموذجه المكون من تسع مراحل.

ماثيو بأول زميل في الدراسات الإستراتيجية والقوة الجوية بجامعة بورتسموث بإنجلترا

عن آسيا تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إلى المرحلة حزب الله کل طرف

إقرأ أيضاً:

معركة "المثلث الزمردي".. قصة الصراع بين تايلاند وكمبوديا

دخلت العلاقات بين تايلاند وكمبوديا مرحلة جديدة من التوتر بعد سلسلة من الحوادث العسكرية الدامية في المناطق الحدودية المتنازع عليها، وسط تبادل الاتهامات وإجراءات دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين الجارين في جنوب شرق آسيا.

واندلع القتال مجددا اليوم الجمعة على طول الحدود بين تايلاند وكمبوديا، حيث تصاعدت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة إلى بعض من أسوأ أعمال العنف منذ سنوات، مما أجبر أكثر من 100 ألف شخص على الفرار من منازلهم.

وحذر الجيش التايلاندي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك من استمرار الاشتباكات في العديد من المناطق الحدودية وحث السكان في الأقاليم الشمالية الشرقية على البقاء بعيدا عن المنطقة بشكل عاجل.

جاء ذلك في أعقاب قتال عنيف اندلع أمس الخميس، حيث ذكرت القوات التايلاندية أنها شنت غارات جوية على مواقع كمبودية ردا على إطلاق نار عبر الحدود. وردت كمبوديا باستخدام المدفعية، بما في ذلك شن غارات على مناطق مدنية.

وارتفعت حصيلة القتلى إلى 14 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين.

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع التايلاندية، سوراسانت كونجسيري، قد ذكر أن القتال اندلع في ست مناطق على الأقل على طول الحدود.

وكان انفجار لغم على الحدود أمس الأول الأربعاء، قد أشعل الاشتباكات وأسفر عن إصابة خمسة جنود تايلانديين، ودفع بانكوك إلى سحب سفيرها من كمبوديا وطرد السفير الكمبودي.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش كلا الجانبين إلى "ضبط النفس وحل الخلافات عبر الحوار"، حسبما أفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق

وشكل القتال مثالا نادرا على صراع عسكري مفتوح بين دولتين عضوين في رابطة دول جنوب شرق سيا. لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، إذ سبق لتايلاند أن دخلت في صدامات مع كمبوديا بسبب الحدود، وخاضت مناوشات متقطعة مع جارتها الغربية ميانمار.

وشهدت العلاقات بين الدولتين الجارتين في جنوب شرق آسيا تدهورا حادا منذ مواجهة مسلحة في مايو الماضي أسفرت عن مقتل جندي كمبودي، وساهمت المشاعر القومية المتصاعدة في كلا البلدين في تأجيج التوترات.

جذور النزاع تعود إلى قرن مضى

يعود النزاع الحدودي بين البلدين إلى عام 1907، عندما قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية، التي كانت تسيطر على كمبوديا، برسم خريطة الحدود مع تايلاند.

وتقول بانكوك إن بعض المناطق، لا سيما تلك التي تضم معابد تاريخية مثل "بريا فيهير"، لم تُرسم بدقة أو أهملت، مما أدى إلى خلاف مستمر بشأن السيادة على أجزاء من الحدود.

في عام 2011، شهد معبد "بريا فيهير" مواجهات عنيفة بين جيشي البلدين أدت إلى مقتل 20 شخصا ونزوح آلاف السكان من الجانبين.

اشتباكات متجددة وتصعيد متسارع

نهية مايو الماضي: قُتل جندي كمبودي في اشتباك وجيز مع القوات التايلاندية في منطقة "المثلث الزمردي" المتنازع عليها، حيث تلتقي حدود كمبوديا وتايلاند ولاوس.

تبادل الطرفان الاتهامات وادعى كل منهما الدفاع عن النفس.

1 يوليو الجاري: أثارت تسريبات هاتفية لرئيسة الوزراء التايلاندية، بايتونغتارن شيناواترا، انتقادات واسعة بعد أن بدت وكأنها تنتقد الجيش التايلاندي بشأن طريقة تعامله مع النزاع، ما أدى إلى تعليق مهامها رسميا.

16 يوليو: أُصيب ثلاثة جنود تايلانديين بانفجار لغم أرضي في منطقة متنازع عليها، أدى إلى بتر قدم أحدهم.

23 يوليو: انفجار جديد للغم أرضي أدى إلى إصابة خمسة جنود تايلانديين، وفقد أحدهم ساقه. على إثر ذلك، استدعت تايلاند سفيرها من كمبوديا وأغلقت جميع المعابر الحدودية معها.

24 يوليو: ردا على الخطوة التايلاندية، أعلنت كمبوديا تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى أدنى درجة، وسحبت جميع موظفي بعثتها من العاصمة التايلاندية بانكوك.

قلق دولي من الانزلاق إلى مواجهة أوسع

ويخشى مراقبون من أن يؤدي التصعيد العسكري والدبلوماسي إلى أزمة إقليمية أوسع، في منطقة تعاني أصلا من توترات جيوسياسية معقدة تشمل البحر الصيني الجنوبي ونزاعات حدودية أخرى.

ومن جهتها، لم تصدر أي دعوات رسمية حتى الآن من منظمات دولية للتوسط، لكن خبراء يرون أن الحاجة ملحّة إلى احتواء الأزمة ومنع انزلاقها نحو نزاع مفتوح قد تكون له عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي.

مقالات مشابهة

  • بالزي العسكري.. فيل مسلح يشارك في الصراع بين تايلاند وكمبوديا
  • إسرائيل تُصعّد ضد إيران: خامنئي هدف مباشر في أي ضربة قادمة
  • تنسيق المرحلة الأولى 2025.. طريقة وقواعد كتابة الرغبات بشكل صحيح
  • إعلام مصري: عام على الضربات الإسرائيلية في اليمن.. تصعيد غير مسبوق وتحولات استراتيجية
  • «اشتراك بالكبد وغشاء القلب».. بدء ثالث مراحل عملية فصل التوأم السيامي السوري
  • أستاذ سياسة: التجويع الممنهج سلاح تستخدمه إسرائيل لإخضاع المدنيين
  • أونروا: 200 ألف طفل في مراحل الخطر بسبب سوء التغذية في غزة
  • معركة "المثلث الزمردي".. قصة الصراع بين تايلاند وكمبوديا
  • إسرائيل تسعى لمصادرة السفينة مادلين بشكل دائم
  • تايمز أوف إسرائيل: البرهان لن يوقع اتفاقا يتناقض مع انتصاراته العسكرية.. والتطبيع بين السودان وإسرائيل تلوث بسبب الإمارات