يفتح هذا التقرير نافذة صغيرة على الأزمة داخل مستشفيات قطاع غزة المنهارة، وهو يمثل ملخصا لمجموعة من الرسائل الصوتية والنصية ومقاطع الفيديو والصور التي أرسلها الجراح بكر أبو صفية من جباليا على مدى 6 أيام في الأسبوع الماضي، بناء على طلب من صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

يبدأ التقرير -الذي أعدته هبة فاروق محفوظ وكلير باركر من مكتب الصحيفة بالقاهرة- في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو اليوم الثامن من الهجوم الإسرائيلي المستمر على شمال غزة، وقد كان قسم الجراحة في مستشفى العودة في جباليا ممتلئا، وظل ازدحام قاعات المستشفى بالمزيد من المرضى المصابين بجروح خطيرة في ازداد متواصل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جنود إسرائيليون ينضمون للرافضين الخدمة ما لم يفرج عن الأسرىlist 2 of 2ناشيونال إنترست: صاروخ حوثي كاد يصيب حاملة طائرات أميركيةend of list

وكانت إسرائيل قد أمرت الأطباء بإخلاء مستشفى العودة ومستشفيين آخرين قبل أيام، لكن أبو صفية (63 عاما) الذي ولد ونشأ في غزة، رفض المغادرة وبقي في الشمال طوال الحرب، بعيدا عن عائلته في الغالب.

وكان القتال في شمال غزة يتراجع ويعود على مدار العام الماضي، ولكن الجيش الإسرائيلي، بعد فترة من الهدوء النسبي خلال الصيف، شن هجوما كبيرا في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، وحاصر جباليا وضرب أهدافا فيما قال إنه محاولة لاستئصال نشطاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتدمير البنية التحتية العسكرية.

وقال أبو صفية إن الطائرات المسيرة الإسرائيلية الصغيرة المسلحة نفذت "عمل 10 جنود في وقت واحد"، فأطلقت النار على الناس وقتلتهم في الشوارع، ولم يتمكن عمال الإنقاذ من الوصول إليهم في كثير من الأحيان، لأن التحرك في أي مكان أصبح أمرا خطيرا.

وأشار التقرير إلى أن القوات الإسرائيلية منعت أي مساعدات إنسانية من دخول شمال غزة خلال الأسبوعين الأولين من شهر أكتوبر/تشرين الأول، وحتى الكميات الصغيرة التي دخلت من الطعام لم تصل إلى جباليا -كما تقول منظمات الإغاثة- أما طاقم مستشفى العودة الذي يبلغ حوالي 120 فردا، فينام في المستشفى ويتقاسم أطباق الأرز الهزيلة مع المرضى وأسرهم.

14 أكتوبر/تشرين الأول

يقول أبو صفية إنه ركض في هذا اليوم من عملية جراحية إلى أخرى، ولم يكن لديه سوى لحظة لالتقاط أنفاسه، لأن "مجازر كثيرة وقعت في جباليا وبيت لاهيا، نقوم بفتح بطنين في وقت واحد. أذهب لوقف النزيف وأترك ​​الباقي للمساعد، وأذهب إلى الغرفة الأخرى. الله يحفظنا".

15 أكتوبر/تشرين الأول

تواصلت العمليات الجراحية الكبرى طوال الليل حتى الساعة الرابعة من صباح يوم الثلاثاء، يقول أبو صفية الذي تلقى تدريبا كجراح عام، "بعد عام من الحرب والنزوح والهجمات الإسرائيلية على النظام الصحي في غزة، أصبح العاملون الطبيون المحاصرون يتجاوزون مثل هذه الإجراءات الشكلية".

أدعو الله أن يكون اليوم هادئا، لأنه لم يعد هناك وحدات دم متبقية ولا أسرة فارغة في المستشفى، كما أن الطاقم الطبي ليست لديه أي طاقة

ففي تلك الليلة عمل أبو صفية -كما يقول- جراح أوعية وجراح صدر وجراح مسالك بولية، أضاف بصوت مثقل بالإرهاق "إصابات لدى الأطفال والنساء وكبار السن. كان الأمر صعبا للغاية. أكثر مما يمكنك تخيله".

جلس أبو صفية وزملاؤه لتناول الطعام حوالي الساعة الخامسة صباحا، وانتزع بضع ساعات من النوم على سرير في غرفة صغيرة للموظفين، وعندما حان وقت العودة إلى العمل في الساعة التاسعة والربع صباحا، قال "أدعو الله أن يكون اليوم هادئا، لأنه لم يعد هناك وحدات دم متبقية ولا أسرة فارغة في المستشفى، كما أن الطاقم الطبي ليست لديه أي طاقة"، وبالفعل مر اليوم بسهولة أكبر من اليوم السابق.

ذهب أبو صفية إلى مستشفى كمال عدوان على بعد حوالي ميلين، ليقدم يد المساعدة وللاطمئنان على فتاة مراهقة احتاجت إلى "عملية جراحية ضخمة" تتعلق بالقلب والصدر والكتف، ثم عاد، والظروف تزداد سوءا، وقال إن إمدادات الغذاء كانت تتضاءل وكذلك الوقود.

16 أكتوبر/تشرين الأول

قال أبو صفية إنه سمع انفجارات وطلقات نارية عرضية في مكان قريب في هذا اليوم، وكان النقص حادا في الشاش والمناشف لتضميد الجروح، كما نفدت الأدوية، وقال أبو صفية في رسالة صوتية -يمكن فيها سماع مسيرة إسرائيلية تحلق- "ليس لدينا بدائل لهم ولا مكان نشتري منه".

ومع أن إسرائيل سمحت لبعض الشاحنات التي تحمل مساعدات غذائية بالدخول إلى شمال غزة اعتبارا من 14 أكتوبر/تشرين الأول -حسب مسؤولين من الأمم المتحدة وإسرائيل- بعد طلب أميركي بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية، فإن القوات الإسرائيلية لم تسمح بدخول أي إمدادات إلى جباليا هذا الشهر، حسب لويز ووتريدج المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وقال أبو صفية إنهم خارج المستشفى وفي مأزق كبير، لأنهم محاصرون في منازلهم بلا طعام ولا ماء، علما أن زوجته وولديه يعيشون الآن في خيمة في دير البلح في وسط غزة، ولم يرهم منذ ما يقرب من عام، ولكنه يرى أنه من واجبه الاستمرار في عمله، كما يقول.

17 أكتوبر/تشرين الأول

لم يستطع أبو صفية أن يرسل يوم الخميس إلا رسالة نصية، قال فيها إنه كان يركض من غرفة عمليات إلى أخرى لإجراء العمليات الجراحية، "لقد أجريت 5 عمليات جراحية، ولدي 5 عمليات أخرى"، ولكنه فجر الجمعة أرسل رسالة نصية قصيرة أخرى تقول "الآن تمت 14 عملية جراحية كبرى".

وفي الساعات الأولى من صباح يوم السبت، سقطت عدة قذائف إسرائيلية على المستشفى -وفقا لمسؤولي الصحة وعمال الإغاثة الدوليين- وقالت الجمعية التي تدير المستشفى في بيان لها، إن أحد أفراد الطاقم "أصيب بجروح خطيرة للغاية"، وطلبت توفير الإمدادات والأفراد والحماية.

وقال المدير العام لمستشفيات غزة منير البرش للصحيفة صباح السبت إن الأطباء خائفون على مرضاهم. وقد أصبح التواصل مع أي شخص في مستشفى العودة مستحيلا تقريبا في الأيام التي تلت ذلك.

وفي مساء يوم الاثنين، تمكن مراسل الصحيفة من الوصول إلى مدير المستشفى محمد صالحة، الذي قال إن الهجوم الإسرائيلي يوم السبت دمر خزانات المياه في المنشأة وواحدة من سيارات الإسعاف، وأضاف صالحة أن سيارة الإسعاف "محاصرة بالكامل"، ولم يتبق لها سوى 3 أيام من الوقود لتشغيلها، كما أكد أبو صفية أنه بخير ويعمل كالمعتاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات أکتوبر تشرین الأول مستشفى العودة شمال غزة

إقرأ أيضاً:

الكشف هوية منفذ هجوم كولورادو على مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي بالولايات المتحدة

في تطور جديد لقضية الهجوم الذي استهدف مؤيدين للاحتلال الإسرائيلي في ولاية كولورادو الأمريكية، أعلنت سلطات إنفاذ القانون عن التعرف على هوية منفذ الهجوم، الذي وقع في مدينة بولدر، وأسفر عن إصابة ستة أشخاص بجروح متفاوتة، بينهم المشتبه به ذاته.

هوية المنفذ.. مصري الجنسية يهتف "الحرية لفلسطين"

وصرح مارك ميشاليك، العميل الخاص المسؤول عن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في دنفر، خلال مؤتمر صحفي، أن المشتبه به يدعى محمد صبري سليمان، مصري الجنسية، ويبلغ من العمر 45 عامًا. 

رئيس تشيلي يتعهد بتكثيف الضغوط على إسرائيل بسبب حرب غزة "أنقذوا الأطفال": صغار غزة بلا تعليم ولا أمل دون إنهاء الحرب

وأشار إلى أن سليمان كان يصرخ أثناء الهجوم بعبارات مناهضة للصهيونية، مثل "الحرية لفلسطين" و"الصهاينة قتلة"، كما ورد في مقاطع فيديو متداولة من موقع الحادث.

تفاصيل الهجوم.. زجاجة مولوتوف وصيحات غاضبة

وقع الهجوم، ظهر الأحد، في منطقة بيرل ستريت مول الشهيرة بمدينة بولدر، حيث تجمع عدد من المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة. 

وأفادت شبكة فوكس نيوز بأن المهاجم صرخ في المتظاهرين قائلًا: "كم من الأطفال قتلتم؟"، ثم ألقى زجاجة مولوتوف عليهم، ما أدى إلى إصابة ستة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 67 و88 عامًا، تم نقلهم إلى المستشفى، إلى جانب سليمان نفسه، الذي يخضع للعلاج تحت حراسة الشرطة.

موقف السلطات الأمريكية.. الحادث قيد التحقيق

وأوضحت شرطة بولدر أن التحقيقات جارية بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، ولم يتم تصنيف الحادث حتى الآن كعمل إرهابي. 

كما أشارت إلى أن دوافع المشتبه به لا تزال قيد الدراسة، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة تصاعدًا في الهجمات ذات الطابع المعادي للسامية.

سياق متوتر.. تصاعد الهجمات ذات الطابع السياسي

يأتي الهجوم بعد أيام قليلة من حادث إطلاق نار مميت استهدف موظفين في السفارة الإسرائيلية بأمريكا، حيث كان المهاجم يصرخ أيضًا بعبارة "حرروا فلسطين" أثناء اقتياده من قبل الشرطة، حسب ما نقلته وكالة أسوشيتد برس.

فيديو متداول يوثق الهجوم

وأظهرت مقاطع الفيديو التي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحظة الهجوم، حيث كان سليمان يصرخ بعبارات مناهضة للصهيونية، قبل أن يُلقي الزجاجة الحارقة على المتظاهرين، في مشهد أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الأمريكية والدولية.

مقالات مشابهة

  • محمد صبري سليمان.. ماذا نعرف عن حياة المشتبه به في هجوم كولورادو بمصر والكويت؟
  • حملة لإزالة الإشغالات بـ 6 أكتوبر وسحب ثلاث قطع بالحى الأول -(صور)
  • الاحتلال الإسرائيلي يقتحم المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا
  • الكشف هوية منفذ هجوم كولورادو على مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي بالولايات المتحدة
  • السلطات الأمريكية تكشف عن جنسية منفذ الهجوم على مسيرة دعم إسرائيل
  • السلطات الأمريكية تكشف هوية منفذ الهجوم على مسيرة داعمة لإسرائيل
  • اللقطات الأولى لهجوم استهدف مسيرة داعمة لإسرائيل بولاية كولورادو الأمريكية
  • إنقاذ حياة طفلة في حالة حرجة وغيبوبة تامة بمستشفى القناطر الخيرية
  • واشنطن بوست: سوريا قد تُساق لحرب أهلية من جديد!
  • واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسد