موقع 24:
2025-12-13@12:11:54 GMT

الإخوان يصبّون الماء على طاحونة نتانياهو

تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT

الإخوان يصبّون الماء على طاحونة نتانياهو

يتفشى طاعون الدمار الإسرائيلي بسرعة كبيرة في أجساد المدن والبلدات والقرى العربية دون وجود أي بارقة أمل لعلاجه، أو حتى الحصول على هدنة لالتقاط الأنفاس وإخراج الجثث من تحت الركام والصلاة على الموتى وإكرامهم بدفنهم.

وأثناء كتابة هذه السطور يتعرض لبنان الشقيق لقصف رهيب يعيدنا إلى ما كانت تتعرض له فلسطين في ذات الأيام من العام الفائت، نفس القصف الإسرائيلي العنيف الذي لم تضعف أو تنخفض قوّته النارية منذ عام بل تزداد عنفاً ووحشية وعشوائية مع مرور الأيام واستمرار عجلة الحرب في الدوران.


يرتكب الجيش الإسرائيلي الغازي كل المحرّمات ويمارس كل المحظورات القانونية والأممية ويتجاوز كل الخطوط الحمراء غير آبه بكل ردود الأفعال الدولية والمنظمات الحقوقية والإنسانية، ذاك الجيش الذي كان ينعت من قبل محللي الإخوان وإعلامهم بأنه جيش قصير النفس في الحروب ولا يستطيع خوض الطويلة منها بل يفضّل الحروب الخاطفة وقصيرة الأمد، لأنه يعتمد على الاحتياط في تعداده البشري من أفراد وضباط عسكريين، لكن ما يحدث اليوم برهن العكس وأكد خطأ التقييمات والرهانات التي بثتها الفصائل الإسلامية منذ اليوم الأوّل.
من بالغ الضرورة في الوقت الراهن أن يجلس قياديّو الفصائل الإسلامية على كرسي الاعتراف، ويقرّون بخطاياهم التي لا تغتفر، ويكفون عن ترديد الأكاذيب، فدولة إسرائيل وجيشها أظهرا عكس كلّ ما تفوّه به الإخوان وماكيناتهم الإعلامية وما أوهموا به الشعوب العربية، فجيش الاحتلال يخوض المعارك تلو المعارك على أكثر من جبهة وأكثر من عام، وهو يتقدم عسكرياً على الأرض، ويخسر الكثير من الضحايا العسكريين دون أن ينهار ويتحمل هذه الخسارات على النقيض تماما مما أشيع عنه.
النازحون الإسرائيليون يقطنون أفضل الفنادق، وتتكفّل الحكومة بكل نفقاتهم، وحين يحدث قصف ما ينزل كل الشعب الإسرائيلي إلى الملاجئ المجهزّة للحروب، وأعتقد أنّه يجب الوقوف طويلاً أمام امتلاك إسرائيل للعدد الكافي من الملاجئ التي تستوعب كل الشعب الإسرائيلي، فهي دولة تمتلك كل المقومات والتجهيزات لخوض الحروب وأسست على أنها دولة جاهزة لخوض الحروب، وفي الجانب الآخر تصير الخنادق العسكرية ملاجئ سكنية للقادة الإسلاميين وعائلاتهم فقط، ويستشهد آلاف الفلسطينيين، وينامون في العراء، ويتشردون ويجوعون ويعطشون.
تحدث كل هذه الفظائع المرعبة، والحركات الإسلامية في المنطقة مازالت تردد أنها لم تخسر الحرب وأنها ستقاتل حتى آخر رجل ومبنى سكني ومدرسة تعليمية ومستوصف طبي. بل ويتشدق بعضهم بالحديث عن وحدة الساحات، هذا العنوان الأثير لليمين الإسرائيلي المتطرف، فهو لا يكف عن استخدامه ليثبت به صدق ادعاءاته التي يستعطف بها العالم، أن إسرائيل مهددة بشكل مباشر من قبل الحركات الإسلامية وداعميها في المنطقة وأنها تخوض حرباً وجودية تكون فيها أو لا تكون.
وحدة الساحات، هذا العنوان البرّاق الذي كان وبالاً على الحركات الإسلامية المنبثقة من رحم الإخوان أو من بعض الدول الإقليمية، ولعل إسرائيل أكثر المستفيدين منه بعدما ساق لها عشرات المليارات من الدولارات وحاملات الطائرات وأحدث منظومات الدفاع الجوي من أوروبا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة.
اعتادت إسرائيل على خوض حروبها مع كل من حماس وحزب الله بشكل منفرد، دون الاتكاء على الدعم الأمريكي المباشر، لكن ما جرى وحدث في طوفان الأقصى مسّ بشكل مؤذٍ العصب الحساس لإسرائيل وللغرب عموما، ما استدعى الشراكة الأمريكية المباشرة والدعم العسكري والاقتصادي الغربي لإسرائيل في الحرب منذ ساعتها البكر وحتى الآن.
 مما لا ريب فيه أن الإخوان ورعاتهم يصبّون الماء على طاحونة رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتانياهو وأفراد عصابته، فهم أكثر المستفيدين من وحدة الساحات بعدما أطالت حياتهم السياسية وحالت دون انفراط عقد حكومتهم اليمينية المتوحشة، وعززت مزاعم اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يحث الخطى لإعادة بناء المستوطنات في غزّة، استناداً على مبدأ أن المستوطنات تجلب الأمن وتبعد مطلقي الصواريخ عنهم عشرات الكيلومترات.
بعد كل رشقة صاروخية يهرع الإسرائيليون إلى الملاجئ، ويزداد توحّدهم ويقفزون فوق خلافاتهم بل ويرصّون صفوفهم، موالاة ومعارضة، خلف حكومتهم وخياراتها المجنونة، وبالمقابل تتعرض المناطق التي انطلقت منها الصواريخ لاستهداف شرس يحيلها إلى العصر الحجري ويبيد سكانها، وتتسع الهوة بشكل عميق بين الفصائل الإسلامية والشعب العربي الذي يدفع فاتورة حرب لم يهيأ لها، من دمه ورزقه وحياته التي أضحت جحيماً لا يحتمل.
وفي السياق ذاته صرح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن مصر فقدت 6 مليارات دولار من تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر وأنها أكثر المتضررين من التصرفات الحوثية. كما استغل حزب الليكود الهجوم الذي قام به شابان ينتسبان إلى تنظيم الإخوان وأدى إلى مقتلهما دون قتل أي جندي إسرائيلي أسوأ استغلال، وراحوا يتبجحون بأنهم في خطر داهم من جيرانهم الأردنيين.

وهنا يظهر لنا بوضوح موقف تنظيم الإخوان المسلمين وهو يتاجر بالدماء والتضحيات بشكل فج، فالإخوان يراهنون على هذه الحرب لزيادة شعبيتهم وعودتهم إلى الشارع بعدما خسروه في كثير من البلدان العربية، كمصر وسوريا وتونس والكويت والمغرب.

وفي المحصلة نجد أن كل هذه الإعلانات من الحركات الإسلامية لم تعرقل الخطط الإسرائيلية أو توقفها بل سرّعت تطبيقها على الأرض، وأضرّت بالدول العربية.
لا يمكن لعاقل أن يتهم من قام بطوفان الأقصى ومن سانده وأشغل وأشعل الجبهات مع الإسرائيليين بالجبن أو الضعف، بل هو فعلاً يتربع على قمة الشجاعة، لكنه فعل ارتجالي قام على تقديرات مغلوطة ووهمية، وهذا يعيدنا إلى قول المتنبي منذ أكثر من ألف عام “الرأي قبل شجاعة الشجعان”.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

جيل زد... هل يكسر ثنائية الإخوان والدولة العميقة؟

منذ ثورة يوليو 1952، شكّل المشهد السياسي المصري ثنائية جامدة: من جهة، دولة عميقة تدير مصر بخطاب قُطْرِي، ومن جهة مقابلة، جماعة الإخوان المسلمين التي تمثّل بديلا أيديولوجيا ذا جذور اجتماعية واسعة. وبين هذين القطبين، ظلّ المجال السياسي شبه مغلق أمام بدائل حقيقية أخرى. وقد عاشت مصر صراعات مماثلة قبل هذه الثنائية بين الملكية والأحزاب. لكن ما يميز ثنائية الحاضر هو تحولها إلى صراع وجودي، لا سياسي فحسب.

ومع ظهور جيل زد (المولودين بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين)، قد نكون أمام إمكانية لإعادة تعريف اللعبة السياسية. فهذا الجيل لا يكتفي برفض الثنائية التقليدية، بل يتمتع بأدوات جديدة وموارد مستقلة وخيال سياسي لا ينحصر في صراع "الحكم أو المعارضة"، بل يتمحور حول مفاهيم كالكرامة والحرية الفردية والقدرة على الإنتاج خارج الهياكل الرسمية.

خصائص جيل زد

نشأ هذا الجيل في عالم رقمي مفتوح، حيث تتشكل الهويات عبر المنصات أكثر من المؤسسات التقليدية. لم يُغذَّ على خطابات أحادية، بل على محتوى عالمي يعرض في لحظة واحدة تيارات متناقضة. ومن هنا، ينشأ ميله الطبيعي نحو اللامؤسساتية ورفض الأيديولوجيات المطلقة. لكنه ليس كتلة متجانسة؛ فهو يضم الكثير من الشرائح الاجتماعية، أبرزها: الطبقة المتوسطة من: أبناء الأسر العلمانية الذين يحلمون بمجتمع منفتح، وأبناء الأسر الإسلامية الذين نشأوا في ظل قمع أمني شرس بعد 2013، ووجدوا في الهجرة والمجال الرقمي مخرجا.

الممر الخلفي للحرية والاستقلال

لأول مرة في التاريخ المصري الحديث، يظهر جيل لا يحتاج إلى إذن من الدولة أو دعم من جماعة لبناء مصدر دخل. فعبر منصات العمل الحر والعملات الرقمية، يستطيع أفراده تحقيق دخل يفوق مرتبات الجهاز البيروقراطي. وهنا تبرز مفارقة مهمة: جزء كبير من المبدعين الرقميين المصريين الناجحين في الخارج هم من خلفيات استُهدفت بعد 2013، وكثير منهم أو من عائلاتهم وُجّهت لهم تهم أو مُنعوا من السفر، مما دفعهم إلى الهجرة حيث بنوا مشاريع رقمية ناجحة.

هذا لا يعني أنهم يروّجون لخطاب الجماعة اليوم، بل على العكس، كثيرون تجاوزوا الخطاب الأيديولوجي إلى العمل المهني المحايد. لكنهم، في الوقت ذاته، لا يرون في الدولة العميقة شريكا ممكنا. وهكذا، قد يشكّلون -ربما من غير قصد- ذراعا رقمية غير رسمية لتيار مُهمّش تحوّل من التنظيم المركزي إلى شبكة عابرة للحدود، تعتمد على الاقتصاد الرقمي وسردية الهوية الضحية.

ولا تزال هذه الظاهرة في طورها المبكر، إلا أنها تنمو بسرعة. فمبدعون مصريون شباب يكسبون آلاف الدولارات شهريا من محتوى رقمي موجّه للجمهور العربي والعالمي، وبدأ بعضهم يعيد استثمار عوائده في مبادرات كالبودكاست السياسية أو المنصات التعليمية. الفارق الجوهري هو نقطة الانطلاق: بينما ينظر البعض إلى الدولة العميقة كجهاز يجب إصلاحه، ينظر آخرون إليها كعدو يجب تجاوزه.

وفي هذا السياق، يمثل هذا التحوّل نقلة نوعية. فلم يعد المنفى مجرد ملاذ، بل منصة للإنتاج السياسي والثقافي. فالشاب في إسطنبول أو لندن او أي عاصمة أخرى؛ قد يؤثر في الرأي العام المصري أكثر من صحفي يعمل تحت الرقابة في قلب القاهرة. وهنا ربما تفقد الدولة العميقة سيطرتها ليس فقط على الاقتصاد، بل على سردية الهوية القُطْرِية. فالمحتوى الرقمي -حتى لو كان محايدا ظاهريا- يحمل في طياته رواية مضادة عن القمع والبحث عن الكرامة، وقد تُعيد تشكيل وعي جيل كامل.

الجيل الذي خرج من سيطرة يوليو 1952

قد يرى منتقدو هذا الجيل أن انغماسه في الفردية وابتعاده عن العمل الحزبي المباشر يجعله عاجزا عن صنع تغيير حقيقي، لكن هذه النظرة تخطئ فهم طبيعة القوة في العصر الرقمي. فجيل زد يمارس السياسة عبر إعادة تعريف العلاقة بين الفرد والسلطة، والمحتوى الذي ينتجه والاقتصاد الذي يبنيه خارج المنظومة هما أداتان لهدم الهيمنة التقليدية، والأهم أن استقلاليته المالية -التي لم تتوفر لأي جيل سابق منذ يوليو 1952- تغير قواعد اللعبة جذريا.

وهنا سؤال يطرح نفسه: هل يستطيع جيل زد تغيير المعادلة؟

الجواب ليس بسيطا، فرغم التشابه مع تجارب الجيل الرقمي في إيران والصين، تظل للظاهرة خصوصيتها المصرية بسبب عمق الصراع التاريخي. فجيل زد لا يمثل كيانا موحدا، بل فضاء تنافسيا بين رؤى ليبرالية فردية وأخرى إسلامية وأخرى قُطْرِية إصلاحية. وتشير إحصاءات المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" إلى أن 13-14 في المئة من المصريين خريجي الجامعات يعملون في الاقتصاد الرقمي، بنسبة نمو سنوية قد تصل إلى 21 في المئة.

الخطر الحقيقي قد لا يتمثّل في فشل هذا الجيل في كسر الثنائية، بل في إعادة إنتاجها بأشكال جديدة: كصراع بين "دولة رقمية" موازية ودولة عميقة تقليدية، أو كانقسام داخل الجيل نفسه بين من يرون في الإخوان "ضحايا" ومن يرونهم "جزءا من المشكلة".

ورغم أن جيل زد لم يقدّم بعد برنامجا سياسيا منظما، لكنه يمتلك ما قد يكون أكثر أهمية: استقلالية مالية ووعيا رقميا وشبكات عابرة للحدود. لكن هذه الأدوات لا تضمن بديلا ثالثا، فكلما زاد قمع الدولة العميقة، زاد انحياز جزء من هذا الجيل ضدها، وقد ينتهي به المطاف إلى الالتحاق عاطفيا بتيار الإخوان، ليس حبا في مشروعهم بل كرها في مشروع الدولة العميقة.

لذلك، فإن مصير الثنائية رهن ليس فقط بقدرة الجيل على الابتكار، بل برغبة الدولة العميقة في التخلي عن المنطق الصفري. فطالما ظلت ترى أي خروج عن الولاء المطلق خيانة، فإنها تدفع المزيد من أبنائه إلى الهامش ثم إلى المعسكر المقابل.

ربما لن يكسر جيل زد الثنائية من خلال ثورة أو انتخابات، بل من خلال الاختفاء التدريجي من منظومتها، وبناء عوالم موازية لا تسأل عن إذنها.
والسؤال الأهم ليس: هل سيكسرها؟ بل: من سيُشكّل ما بعد كسرها؟

مقالات مشابهة

  • اكتشاف جدار حجري عمره 7 آلاف عام تحت الماء قبالة فرنسا
  • الأونروا: بيان المملكة والدول الإسلامية جاء في توقيت حاسم
  • حكم الوضوء بماء المطر.. يجوز بشرط واحد
  • ما حكم الوضوء بماء المطر وفضله؟.. الإفتاء توضح
  • طريقة عمل المكدوس الفلسطيني بأسهل الخطوات
  • أنواع عديدة للحرائق تندلع بشكل متكرر فى المنشآت.. اعرفها
  • الإبحار الشراعي رياضة لا تعرف الحدود.. وشعرت بالحرية على سطح الماء
  • الجماعة الإسلامية في لبنان تكشف لـعربي21 خطتها للرد على قرار إدارة ترامب
  • جيل زد... هل يكسر ثنائية الإخوان والدولة العميقة؟
  • في سهرة الخميس… اصنع شاي الكرك مع العائلة والأصدقاء