الشباب ثم الشباب ثم الشباب
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
خلفان الطوقي
في 26 أكتوبر من كل عام، يحتفلُ وطننا الحبيب بيوم الشباب العُماني، في تأكيد رسمي وحكومي على أهمية هذه الفئة، خاصة وأنَّها تمثل النسبة الأكبر من عدد السكان في عُمان، وفي هذه المناسبة المُهمة لبلادنا عامة، والشباب على وجه الخصوص، زفَّ صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضية والشباب، خبرَ افتتاح 3 مراكز للشباب إضافية، لتكون فروعًا لمركز الشباب في محافظات الداخلية ومسندم وجنوب الشرقية، والرحلة مُستمرة بخطى أسرع وللأفضل؛ بإذن الله.
ولأننا نتحدث عن الشباب، فإنَّ تركيز محتوى المقال سينصب عليهم؛ حيث تتكرر دومًا مقولة "أفضل الاستثمارات تكون في الموارد البشرية التي لا تنضب أبدًا"؛ لأنَّ الموارد البشرية المدربة والمؤهلة تأهيلًا علميًا ومهنيًا عاليًا هي التي تستطيع أن تُطوِّر البلد وتُحافِظ عليه، وتنقُله نقلات نوعية بشكل مُستمر، وعكس ذلك تكون النتيجة معروفة ومتوقعة، ففاقد الشيء لا يُعطيه، وهذه القاعدة ثابتة في كل زمان ومكان، والشواهد التاريخية أكبر دليل على ذلك. وعلى الحكماء الاستشهاد واستحضار التاريخ في مثل هذه المواقف.
وبما أنَّ الحديث في هذا المقال يُركز ويوصي بالاستثمار النوعي والإضافي والمُنظَّم في الموارد البشرية العُمانية، فإنَّ التركيز الأهم والجوهري يجب أن ينصب على الموارد البشرية الشابة، بدءًا من أيام الدراسة في مراحلها الابتدائية وما قبلها وانتهاء بمرحلة الدبلوم العام والجامعة وفترة البحث عن الفرص التدريبية والوظيفية والسنوات الأولى من الوظيفة، ولا بُد من الاستفادة من طاقاتهم المهولة، وتوظيفها بالشكل الصحيح.
وكما تقول القاعدة المنطقية "حسب المدخلات تكون النتائج"، فإن كانت المدخلات علمية ومُنظَّمة وفق رؤية حكومية واضحة في الاهتمام والرعاية واستيعاب واحتضان الشباب، فإنَّ النتائج سوف تكون إيجابية ولصالح الوطن، وبما يخدم توجهات البلاد الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والتنموية. وعلى النقيض من ذلك، إن كانت المدخلات الحكومية مُشتتة وضعيفة، فإنَّ النتائج سوف تكون بذلك المستوى الضعيف، وبذلك تتحول هذه الطاقات إلى عبء ثقيل وأرق مستمر للدولة من كل النواحي، وعلينا ألّا نتوقع غير ذلك.
والاستثمار في الشباب هو شعار رائع، ويتم ترديده في المحافل الإعلامية والاحتفالية السنوية بهم، لكن الأهم من ذلك هو كيفية تحويله من احتفالية وشعار جميل إلى تطبيقات عملية على مدار العام من خلال برامج حكومية ممنهجة تلامس كل فئات الشباب، برامج تلامس حديثي التخرج، وبرامج الباحثين عن فرص العمل، وبرامج الملتحقين حديثًا إلى العمل في قطاعي العام والخاص، وبرامج لأصحاب الأعمال الخاصة، وبرامج تطال حتى الجالسين في البيوت دائمي الشكوى والحسرة، وغيرهم من الفئات، فجميعهم جزء من هذا النسيج الشاب والمكون المجتمعي، ولابد من تصميم برامج تلامسهم وتستوعبهم في ظل التطور التكنولوجي الهائل والمُتغيرات المتسارعة وتطلعاتهم المتنامية.
ورعاية واستيعاب الاستثمار في فئة الشباب ليست مسؤولية جهة دون أخرى؛ بل هي مسؤولية حكومية بشكل جماعي، ولا بُد من تجويد وتوحيد الجهود، والعمل بشكل تكاملي وممنهج ليرى الأثر، ويمكن في هذا الصدد تشكيل فريق عمل مشترك يضم كفاءات من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة العمل، ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، والأكاديمية السلطانية للإدارة، وأعضاء من لجنة الشباب من مجلسي الشورى والدولة وشخصيات مستقلة، وغيرهم من الجهات ذات العلاقة بشكل مباشر أو غير مباشر، لتكون مهمتهم الجوهرية اقتراح وتصميم البرامج التأهيلية التي تلامس كل فئات الشباب، التي تجعله إنسانًا إيجابيًا حيويًا سويًّا مبادرا ومنتجًا داخل عُمان وخارجها، ويستطيع الاعتماد على نفسه من خلال الأدوات الممنوحة له، والبرامج التي تغذى بها.
بذلك سوف تتمكن الحكومة من تحويل الأعداد الكبيرة من الشباب من كونها "عبء"- إذا جاز التعبير- إلى استثمار حقيقي، ومن تحدٍ كبير إلى دعائم بشرية تنقل سلطنتنا إلى مراتب أقوى وأفضل؛ وليكون ذلك شعارًا وطنيًا حقيقيًا وعمليًا في كل جهة وعند كل مسؤول حكومي، وفي كل حين، وفي كل قرار أو سياسات حكومية أن يكون هذا الشعار حاضراً وفي ذهنه: "الشباب ثم الشباب ثم الشباب"، ليس قولًا؛ بل تطبيقات وبرامج حقيقة ذات أثر باقٍ وملموس؛ لأنهم صمام الأمان والاستثمار الأجدى والأبقى والذي لا ينضب أبدًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية: نتطلعً لإدخال أكثر من 95% من المواطنين تحت مظلة التأمين الصحي
وقف وزير الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية الاستاذ معتصم أحمد صالح في اولى زياراته الرسمية الى رئاسة الصندوق القومي للتأمين الصحي للتعرف ميدانياً على الإدارات العامة والاقسام ودور الصندوق والتعريف بمديري فروع الأقاليم والولايات والتحديات التي تواجه الصندوق القومي للتأمين الصحي.وأثنى الوزير معتصم خلال اللقاء التنويري حول أداء التأمين الصحي وآفاق المستقبل بمقر الصندوق ببورتسودان أثنى على الخطة التي عرضت في التقرير مناديا بتوفير خدمة بنوع جيد وتأهيل المرافق في الولايات الآمنة والتي استردت من المليشيا المتمردة.بجانب معرفة الأضرار والآثار وحجم الخسائر التي تعرض لها التأمين جراء إعتداء المليشيات على مراكز الخدمات ومنافذ تقديم الخدمة بالعاصمة والولايات، وشدد الوزير على ضرورة إدخال جميع المواطنين تحت مظلة التأمين الصحي، مؤكدًا أهمية تفعيل إلزامية قانون التأمين الصحي وإدراج التأمين الصحي الضريبي كإجراء إلزامي لكافة العاملين المؤمّن عليهم.وقال إن الصندوق ما يزال يقدّم خدمات طبية بجودة عالية رغم ظروف الحرب، ويغطي حاجة المواطنين، حيث وصلت نسبة التغطية بالخدمات الصحية إلى 80%. مضيفاً أن رغم الخسائر التي لحقت بالمرافق الصحية في المركز والولايات، إلا أن هناك تطلعًا لإدخال أكثر من 95% من المواطنين تحت مظلة التأمين الصحي، مشيرًا إلى أن الحرب جعلت عددًا كبيرًا من المواطنين في وضع اقتصادي صعب.وبيّن أن حجم الخسائر غير معروف حتى الآن بسبب وقوع عدد من الولايات تحت سيطرة المليشيا، إلا أن الصندوق استطاع تقديم خدمات تضاهي مستوى بعض الدول الخارجية.ودعا إلى إعادة تأهيل المرافق الصحية المتضررة وتشغيلها لخدمة السودانيين داخل البلاد والنازحين في مصر، تشاد، ليبيا، إريتريا، وأوغندا.وأشار إلى أن شح التمويل أثّر سلبًا على جودة الخدمات، إلى جانب عدم الالتزام بسداد الاشتراكات، الأمر الذي انعكس على جودة الأداء.وطالب الوزير بتحسين مستوى الخدمات وتلافي القصور، مشيرًا إلى أن العاملين بالصندوق بذلوا جهودًا جبارة خلال الحرب لضمان استمرارية الخدمات التأمينية، مؤكّدًا التزامه بتوفير التمويل الحكومي، وتفعيل الشراكات مع الدول الصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل تقديم خدمات عالية الجودة للمواطنين.وأشاد بالدور الحيوي الذي ظلّ يضطلع به الصندوق في علاج المؤمّن عليهم في ظل الظروف الاستثنائية، كاشفًا عن بشريات قادمة ضمن خطة المائة يوم، تهدف إلى تحقيق تغطية سكانية واسعة في المناطق الآمنة والولايات المحررة، إلى جانب تأهيل المراكز والمنافذ الصحية، وتقديم خدمات صحية بجودة عالية خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، مع حث الجهات الرسمية على سداد الالتزامات المطلوبة.من جانبه، قدّم مدير الصندوق القومي للتأمين الصحي، الدكتور فاروق نور الدائم، تنويرًا شاملًا حول عمل الصندوق والتحديات الراهنة، مشيرًا إلى تعرض الصندوق والمراكز الصحية للاعتداءات من قبل المليشيا المتمردة.وأشار إلى أن من أبرز التحديات المستقبلية مسألة الإمداد الدوائي، حيث تضم قائمة الأدوية الأساسية بالصندوق القومي 690 صنفًا، تمت إضافة 75 صنفًا جديدًا سيتم توفيرها عبر الصندوق القومي للإمدادات الطبية، موضحًا أن التأمين الصحي يدفع 75% من تكلفة الدواء.وذكر أن عدد المشتركين في التأمين الصحي بلغ 35 مليون مشترك، فيما وصلت نسبة التغطية السكانية الحالية إلى 86.2%، كما بلغت نسبة تغطية الأسر الفقيرة 75.5%، منها 7.5 مليون أسرة ممولة عبر وزارة المالية.وفيما يتعلق بالبنية التحتية أوضح أن عدد المرافق الصحية بنهاية عام 2022 بلغ 3555 مرفقًا، وانخفض هذا العدد نتيجة الأوضاع الاقتصادية والحرب إلى 894 مرفقًا، موزّعين على 1047 منفذًا في النصف الأول من عام 2025.ونوّه إلى أن التأمين الصحي يمتلك أكثر من 354 مركزًا صحيًا نموذجيًا لتقديم الخدمات الصحية والعلاجية، مستعرضا الخطة الاستراتيجية ربع القرنية للتأمين الصحي (2007–2031)، مع تعزيز خطة عام 2025 التي تركز على التمويل المستدام، وتنويع مصادر الدخل، وضبط وترشيد الصرف على الخدمات الصحية.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب