أكتوبر 30, 2024آخر تحديث: أكتوبر 30, 2024

الدينار العربي الحسابي: أداة استراتيجية للتكامل الاقتصادي العربي
حسين الفلوجي*

في ظل التحديات الاقتصادية المتنامية التي تواجهها الدول العربية، يبرز دور الدينار العربي الحسابي كأداة استراتيجية مهمة قد تسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي وتقديم حلول فعّالة للمشكلات العربية المشتركة.

ربما يجهل الكثير من متابعي الشؤون العربية وجود الدينار العربي الحسابي، هذه الأداة الاقتصادية المهمة التي يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في تعزيز التكامل الاقتصادي وتقديم حلول فعّالة للمشكلات المشتركة بين الدول العربية. حيث يتساءل البعض عن أسباب عدم تفعيل هذا المشروع الحيوي بالشكل الأمثل، رغم الفرص الكبيرة التي يتيحها لتحقيق الاستقرار المالي والازدهار الاقتصادي.

يعتمد صندوق النقد العربي على الدينار ألعربي الحسابي كعملة أساس رسمية، وهي تختلف عن العملات المتداولة في الأسواق العربية والعالمية. فقد تم تثبيت سعر صرف الدينار العربي الحسابي بما يعادل ثلاث وحدات من حقوق السحب الخاصة المحددة من قبل صندوق النقد الدولي. حقوق السحب الخاصة هي أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي في عام 1969 ليكون مكملًا للاحتياطيات الرسمية للدول الأعضاء.

تحدد قيمة هذه الحقوق اعتمادًا على سلة من خمس عملات دولية رئيسية: اليوان الصيني، والدولار الأمريكي، واليورو الأوروبي، والين الياباني، والجنيه الإسترليني. هذا الارتباط بسلة من العملات القوية يمنح الدينار العربي الحسابي استقرارًا نسبيًا، ويقلل من مخاطر تقلبات أسعار الصرف العالمية، مما يعزز الثقة به كأداة للتبادل المالي.

ان استخدام الدينار ألعربي الحسابي يمكن ان يسهم في تسهيل العمليات التجارية والمالية بين الدول العربية، حيث يوفر وحدة نقدية مشتركة لتسوية المعاملات، الامر الذي قد يقلل من تكاليف تحويل العملات ويزيد من كفاءة الأنظمة المالية. هذا التوحيد يساعد على تعزيز التجارة البينية، ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي، ويحفز النمو من خلال توسيع الأسواق وتسهيل حركة السلع والخدمات.

بالإضافة إلى ذلك، يمثل الدينار ألعربي الحسابي خطوة نحو تحقيق استقلالية مالية أكبر للدول العربية. بتقليل الاعتماد على العملات الأجنبية، يمكن للدول العربية التحكم بشكل أفضل في سياساتها النقدية وتخفيف التأثيرات السلبية للتقلبات الاقتصادية العالمية. هذا يعزز القدرة على التخطيط المالي والاستثماري بثقة أكبر، مما يدعم التنمية المستدامة والاستثمار في المشاريع الحيوية والبنية التحتية.

ان الاستخدام الواسع للدينار ألعربي الحسابي ربما يفتح أيضًا فرصًا جديدة للاستثمار المشترك بين الدول العربية. فهو يسهل تمويل المشاريع الإقليمية الكبرى ويعزز التعاون بين المؤسسات المالية العربية. من خلال توفير بيئة مالية مستقرة وموحدة، يمكن للدول العربية تنسيق سياساتها المالية والاستثمارية، مما يعزز القدرة التنافسية للاقتصادات العربية على المستوى الدولي.

علاوة على ذلك، يعكس الدينار ألعربي الحسابي التزامًا جماعيًا من الدول العربية بتحقيق التكامل والوحدة. فهو ليس مجرد أداة اقتصادية، بل رمز للتعاون والتضامن في مواجهة التحديات المشتركة. هذا الالتزام يعزز الثقة بين الدول الأعضاء ويمهد الطريق لمزيد من التعاون في مجالات أخرى مثل التعليم والصحة والثقافة.

على الرغم من التحديات التي قد تواجه تعزيز استخدام الدينار العربي الحسابي، مثل الحاجة إلى تحديث البنية التحتية المالية وتنسيق السياسات النقدية، إلا أن الفوائد المحتملة تجعله استثمارًا ضروريًا للمستقبل. الإرادة السياسية والتعاون المشترك هما الأساس لتحقيق النجاح في هذا المسعى، وتجاوز العقبات لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود.

ختاما: إن تفعيل واعتماد الدينار ألعربي الحسابي يمثل فرصة حقيقية للدول العربية لتعزيز التكامل الاقتصادي وتحقيق الازدهار المشترك. من خلال توسيع نطاق استخدام هذه الوحدة الحسابية وتفعيل المقترحات الداعمة لها، يمكن للدول العربية بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لشعوبها، قائم على التعاون الاقتصادي والتضامن والوحدة.

*سياسي مستقل

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: التکامل الاقتصادی الدول العربیة للدول العربیة بین الدول

إقرأ أيضاً:

الصندوق العربي للمعونة الفنية يختتم دورته حول التفاوض وإدارة الأزمات

اختُتمت اليوم بالقاهرة أعمال الدورة التدريبية المتقدمة، التي نفذها الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الإفريقية لصالح عدد من الكوادر السودانية، وذلك برعاية كريمة من أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية.

وشهدت الجلسة الختامية للدورة التي استضافتها أعمالها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، حضور السفير كمال بشير نائب بعثة جمهورية السودان لدى جمهورية مصر العربية وجامعة الدول العربية، وخبراء البرنامج.

وخلال كلمته، جدّد السفير محند صالح لعجوزي، الأمين العام المساعد مدير عام الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الأفريقية، شكره العميق لأحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية على رعايته الكريمة لعقد هذه الدورة، وعلى إشرافه الشخصي على حفل الافتتاح، مؤكّدًا أن هذا الدعم يجسّد التزام الجامعة العربية بدعم السودان واستقرار مؤسساته خلال مرحلته الدقيقة.

وعبّر السفير لعجوزي عن تقديره البالغ للسفير عماد الدين عدوي، والسفيرة نرمين الظواهري مساعد وزير الخارجية أمين عام الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.

وقد شارك في تقديم محاضرات الدورة نخبة من القامات الدبلوماسية المصرية الرفيعة، وهم:

السفير محمد بدر الدين زايد، مساعد وزير الخارجية الأسبق.السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق.الوزير مفوض تامر عزام، بوزارة الخارجية المصرية.

وقدم هؤلاء الخبراء برنامجًا تدريبيًا متخصصًا ومتقدمًا في مجالات التفاوض وإدارة الأزمات، إدارة الشائعات، توثيق الانتهاكات، والدور الدبلوماسي في دعم جهود إعادة الإعمار والبناء، بمزيج من الخبرات الميدانية والأطر المهنية الحديثة.

وأشاد السفير كمال بشير - خلال كلمته بالدور الكبير الذي قام به مدير عام الصندوق في الإعداد والتحضير والتنفيذ، مثمّنًا الجهد، الذي بُذل لضمان تقديم برنامج تدريبي فعّال ومتكامل يلبي الاحتياجات الفعلية للكوادر السودانية.

أوضح السفير لعجوزي، أن المشاركين تلقّوا خلال الأيام الخمسة الماضية تدريبًا مكثفًا على الأدوات العملية والمهارية التي من شأنها دعم جهود السودان في استعادة عافيته، ووحدة مؤسساته، وتعزيز قدرته على مواجهة التحديات الراهنة.

أكد التزام الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الأفريقية — وبالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية — باستمرار تنفيذ برامج تدريبية أكثر تخصصًا وعمقًا خلال المرحلة المقبلة، إيمانًا بأهمية تنمية الموارد البشرية في مسارات الإصلاح والتنمية وإعادة الإعمار في السودان.

واختُتمت أعمال الدورة بتوزيع الشهادات على المشاركين الذين عبّروا عن تقديرهم الكبير لهذه المبادرة، مؤكدين أن محتوى الدورة شكّل إضافة نوعية لخبراتهم المهنية وأنهم يثمّنون عاليًا الجهود المبذولة لدعم الكوادر السودانية.

طباعة شارك جامعة الدول العربية الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الإفريقية أمين عام جامعة الدول العربية جمهورية السودان السودان أحمد أبو الغيط إعادة الإعمار الخارجية المصرية الدبلوماسية المصرية

مقالات مشابهة

  • "الشربيني" يشارك في المنتدي الوزاري العربي السادس للإسكان والتنمية الحضرية بالدوحة
  • مؤكدة الالتزام بدعمهم.. الجامعة العربية تحيي اليوم العربي للأشخاص ذوي الإعاقة
  • القمر الاصطناعي «813».. نموذج للتكامل العربي في بناء وتطوير المشاريع الفضائية
  • وزير الخارجية يبحث مع رئيس الوزراء الإماراتي أزمات الدول العربية
  • ممثل الهابيتات: الإسكان الاجتماعي الأخضر في مصر على طاولة منتدى الإسكان الحضري للدول العربية
  • المرأة العربية تعقد ورشة عمل إقليمية لمناقشة تطوير قوانين الأسرة
  • مصر وعدد من الدول العربية يؤكدون على الدور المحوري لـ"الأونروا"
  • الصندوق العربي للمعونة الفنية يختتم دورته حول التفاوض وإدارة الأزمات
  • لوقف التهريب للدول المحظورة.. إنفيديا تكشف عن أداة جديدة لتتبع الرقائق
  • انقلاب دولي على "الإخوان".. هند الضاوي: ترامب يعتبر الجماعة أداة للديمقراطيين